مخمسات من المدائح النبوية
ومن بديع نظم ابن الجنان رحمه الله تعالى هذا التخميس في مدح سيد الوجود، صلى الله عليه وسلم، وشرف وكرم (1) :
الله زاد محمدا تكريما ... وحباه فضلا من لدنه عظيما ... واختصه في المرسلين كريما ...
ذا رأفة بالمؤمنين رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما جلت معاني الهاشمي المرسل ... وتجلت الأنوار منه لمجتلي ... وسما به قدر الفخار المعتلي ...
فاحتل في أفق السماء مقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
حاز المحامد والممادح أحمد ... وزكت مناسبه وطاب المحتد ... وتأثلت علياؤه السؤدد ...
مجدا صميما حادثا وقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما شمس الهداية، بدرها الملتاح ... قطب الجلالة، نورها الوضاح ... غيث السماحة للندى يرتاح ...
يروي بكوثره الظماء الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما تاج النبوة، خاتم الأنباء ... صفو الصريح، خلاصة العلياء ... نجل الذبيح، سلالة العلماء ...
بشرى المسيح، دعاء إبراهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فخر لآدم قد تقادم عصره ... من قبل أن يدري ويجرى ذكره ... سر طواه الطين فهم نشره ...
معنى السجود لآدم تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما لله فضل المصطفى المختار ... ما إن له في المكرمات مجاري ... ولا مبار باختصاص الباري ...
بالحق قدم مجده تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
أوصاف سيدنا النبي الهادي ... ما نالها أحد من الأمجاد ... فالرسل في هدي وفي إرشاد ...
قد سلموا لنبينا تسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما آياته بهرت سنا وسناء ... وأفادت القمرين منه ضياء ... وعلت بأعلام الظهور لواء ...
فهدى به الله الصراط قويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما دنت النجوم الزهر يوم ولادته ... ورأت حليمة آية لسيادته ... وتحدثت سعد بذكر سعادته ...
فتفاءلوا نعم اليتيم يتيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما لما ترعرع جاءه الملكان ... بالطست فيها حكمة الرحمن ... فاستخرجا القلب العظيم الشان ...
منه وطهر ثم عاد سليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما كرمت مناشي أحمد خير الورى ... وجرى له القلم العلي بما جرى ... ما كان ذلكم حديثا يفترى ...
لكنه الحق الجلي رسوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ما زال برهان النبي يلوح ... يغدو به الإعجاز ثم يروح ... حتى أتاه بعد ذاك الروح ...
يوحي له وحي الإله حكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما شهدت له بمزية التفضيل ... سور وآيات من التنزيل ... وصلاة خالقه أدل دليل ...
فافهمه واسمع قوله تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما إن الرسول المعتلي المقدار ... لمؤيد من ربه القهار ... بالمعجزات جلت عمى الأبصار ...
وشفت من ادواء الضلال سقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما كم شاهد لمحمد بنبوته ... في أيد تأييد الإله وقوته ... فبذاك أعلى الله دعوة حجته ...
فمضت حساما صارما وعزيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما البدر شق له ليظهر صدقه ... والشمس قد وقفت تعظم حقه ... والمزن أرسل إذ توسل ودقه ...
فاخضر ما قد كان قبل هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
والماء بين بنانه قد سالا ... عذبا معينا سائغا سلسالا ... كنداه يمنح رفده من سالا ...
وينيل راجيه النوال جسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما بركاته أربت على التعداد ... كم أطعمت من حاضرين وبادي ... من قصعة أو حثية من زاد ...
رزقا كريما للجيوش عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
سجد البعير له سجود تذلل ... وشكا إليه بحرقة وتململ ... والشاة قال ذراعها: لا تأكل ...
مني فإني قد ملئت سموما ... صلوا عليه وسلموا تسليما والغصن جاء إليه يمشي مسرعا ... والصغر أفصح بالتحية مسمعا ... والظبية العجماء فيها شفعا ...
والضب كلم أحمدا تكليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما والجذع حن له حنين الوال ... يبدي الذي يخفيه من بلباله ... أفلا يحن متيم بجماله ...
يشتاق وجها للنبي وسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ما بالنا نسلو وحب حبيبنا ... يقضي ببث غرامنا ونحيبنا ... لو صح في الإخلاص عقد قلوبنا ...
لم ننس عهدا للرسول كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما أين الدموع نفيضها هتانا ... أين الضلوع نقضها أشجانا ... حتى نقيم على الأسى برهانا ...
لمتمم إرشادنا تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما أوليس هادينا إلى سبل الهدى ... أوليس منقذنا من اشراك الردى ... أوليس أكرم من تعمم وارتدى ...
أولم يكن أزكى البرية خيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ذاك الشفيع مقامه محمود ... ولواؤه بيد العلا معقود ... فإذا توافت للحساب وفود ...
قالوا: تقدم بالأنام زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فيقوم بالباب العلي ويسجد ... ويقول: يا مولاي آن الموعد ... فيجاب: قل يسمع إليك محمد ...
ونريك منا نضرة ونعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
أعظم بعز محمد وبجاهه ... أكرم به متوسلا لإلهه ... شربت كرام الرسل فضل مياهه ...
فغدت تعظم حقه تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما يا سامعي أخباره ومفاخره ... ومطالعي آثاره ومآثره ... ومؤملي وافي الثواب ووافره ...
إن شئتم فوزا بذاك عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما قلت: وكثيرا ما كنت أنشد هذه القصيدة بالمغرب في مجالس التدريس، وأضيف إليها قبلها أخرى لبعض أهل المغرب الذين لهم في منازل الأمداح النبوية مقيل وتعريس، وهي قصيدة ميلادية كأنما لم ينظمها مؤلفها إلا مقدمة لهذه القصيدة الفريدة، وهي:
اسمع حديثا قد تضمن شرحه ... روضا من الإيناس أينع دوحه
فيه الشفاء لمن تكاثر برحه ... وافى ربيع قد تعطر نفحه أذكى من المسك الفتيق نسيما ...
شهر حوى بوجود أحمد أسعدا ... بالمصطفى بين الشهور تفردا
يا ما أجل سنا علاه وأمجدا ... لولادة المختار أحمد قد غدا يزهو به فخرا تراه عظيما ...
يا من بأدمع مقلتيه يغتذي ... كم ذا تنادي حسرة: من منقذي
وتقول للزفرات: هل من منفذ ... بشرى بشهر فيه مولده الذي سر (2) الزمان علوه تعظيما ...
يا ليلة رفعت بأحمد حجبها ... لما دنا بعد التباعد قربها
وتطلعت للسعد فينا شهبها ... ضاءت لها شرق البلاد وغربها وتأنقت أرجاؤها تنعيما ...
أسدى إليك الدهر حسن صنيعه ... وحباك من غض الجنى ببديعه
وافى هلال محمد بربيعه ... فاعتز أمر الله عند طلوعه وغدا به دين الإله قويما ...
نظم الزمان بجيد عمرك دره ... فاشكر مآثره وواصل بره
وافاك بالسر المصون فسره ... واعرف لهذا الشهر حقا قدره فلقد غدا بين الشهور كريما ...
يا صاح جاءت بالأماني أسعد ... وأطل بالبشرى الكريمة مولد
هذا ربيع فيه أنجز موعد ... شهر كريم جاء فيه محمد صلوا عليه وسلموا تسليما ... ثم قلت أنا عند ختم درس " الشفا "، موطئا لقصيدة ابن الجنان المذكور ولعذب براعتها مرتشفا، ما نصه والأعمال بالنيات:
انشق أزاهر عن فنون رياض ... للعلم واكرع من عذاب حياض
واسق الرياض بذكره الفياض ... واحفظ كلاما للإمام عياض قد تممت أقسامه تتميما ...
لله روض منه أينع دوحه ... يجنى به من الكريم ومنحه
فهو الشفاء لمن تكاثر برحه ... مسك الختام به تعطر نفحه فشذاه في الأرجاء صار شميما ...
فاضت علينا من هداه عوارف ... زهر وأنوار وظل وارف
ونمارق مصفوفة ومطارف ... يا حسن ما أبداه فذ عارف درا بأسلاك الحديث نظيما ...
لم لا وبالملك الشفيع تشرفا ... خير البرية ركن أرباب الصفا
من أسعد الراجي وقصدا أسعفا ... طه النبي الهاشمي المصطفى صلوا عليه وسلموا تسليما ... وقد رأيت بعد وصولي إلى هذا الموضع من هذا الكتاب أن أذكر قصدية ابن الجنان المذكور في روي تلك القصيدة غير مخمسة مستقلة بنفسها، وهي قوله رحمه تعالى:
صلوا على خير البرية خيما ... وأجل من حاز الفخار
صلوا على من شرفت بوجوده ... أرجاء مكة زمزما وحطيما
صلوا على أعلى قريش منزلا ... بذراه خيمت العلا تخييما
صلوا على نور تجلى صبحه ... فجلا ظلاما للضلال بهيما
صلوا على هاد أرانا هديه ... نهجا من الدين الحنيف قويما
صلوا على هذا النبي فإنه ... من لم يزل بالمؤمنين رحيما
صلوا على الزاكي الكريم محمد ... ما مثله في المرسلين كريما
ذاك الذي حاز المكارم فاغتدت ... قد نظمت في سلكه تنظيما
من كان أشجع من أسامة في الوغى ... ولدى الندى يحكي الحيا تجسيما
طلق المحيا ذو حياء زانه ... وسط الندي وزاده تعظيما
حكمت له بالفضل كل حكيمة ... في الوحي جاء بها الكتاب حكيما
وبدت شواهد صدقه قد قسمت ... بدر الدجى لقسيمه تقسيما
والشمس قد وقفت له لما رأت ... وجها وسيما للنبي وسيما
كم آية نطقت تصدق أحمدا ... حتى الجماد أجابه تكليما
والجذع حن حنين صب مغرم ... أضحى للوعات الفراق غريما
جلت مناقب خاتم الرسل الذي ... بالنور ختم والهدى تختيما
وسمت به فوق السماء مراتب ... بمقام صدق عز فيه مقيما
فله لواء الحمد غير مدافع ... وله الشفاعة إذ يكون كليما
نرجوه في يوم الحساب، وإنما ... نرجو لموقفه العظيم عظيما
ما إن لنا إلا وسيلة حبه ... وتحية تذكو شذا وشميما
ولخير ما أهدى امرؤ لنبيه ... أرج الصلاة مع السلام جسيما
يا أيها الراجون منه شفاعة ... صلوا عليه وسلموا تسليما وهذه قصيدة بديعة مخمسة من كلام الشيخ الأستاذ أي العلاء إدريس بن موسى القرطبي (3) في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقف عليها أبو عبد الله ابن الجنان المذكور وقرظها بما سنذكره بعدها قريبا، وهي:
أهلا بكم يا أهل هذا النادي ... أهل اعتقاد الوعد والميعاد
أهدوا الصلاة إلى النبي الهادي ... وصلوا السلام له مع الآياد يندى نسيما مذكرا تسنيما ...
هو أول الشفعاء يوم المحشر ... وسواه بين تقدم وتأخر
بهت الحضور لهول ذاك المحضر ... والكل في الخطب العميم الأكبر قد هيمت ألبابهم تهييما ...
ذاك المقام الأشهر المحمود ... هو للنبي محمد موعود
فيه الشفاعة ذخرها موجود ... درك المراد وحوضه المورود فضل الكليم به وإبراهيما ...
عيسى وموسى والخليل مروع ... من هول مطلع هنالك يفظع
فيقال أحمد قل فإنك تسمع ... فيقوم يحمد ربه فيشفع فضلا من الرب العظيم عظيما ...
يا أمة المختار أنتم أمه ... والهول قد عم البسيطة يمه
والأنبياء سواه كل همه ... تخليص مهجته وليس يهمه من كان في الدنيا عليه كريما ...
صلى الإله على الذي صلى عليه ... عشرا بواحدة يزكيها لديه
وأراه في الدارين قرة ناظريه ... يا قاصدين إلى وصولكم إليه راجين من أرج القبول نسيما ...
لولا وصية صاحب التنزيل ... أن لا يقال له غلو القيل
قول الغلاة لصاحب الإنجيل ... لغلوت في التعظيم والتبجيل عظم المكانة يوجب التعظيما ...
طوبى لقلب قد تلالا إذ صفا ... بالسر منه قد تثبت إذ هفا
خطت به آيات حب المصطفى ... فغدا لصاحبه بذلك مصحفا يهدي إلى نهج النجاة قويما ...
فاقت عللا ذكراه إذ راقت حلى ... ملأ النبوة أمهم حين اعتلى
في ليلة الإسراء أعلى معتلى ... كتب الإله له التقدم في العلا وعليهم التفويض والتسليما ...
وكذاك يسلم في الشفاعة كلهم ... ومحلهم عند الإله محلهم
ظل النبي محمد هو ظلهم ... يمشون تحت لوائه فيدلهم يندى عليهم بهجة ونعيما ...
أوصافه من كل حسن أبهج ... العرف ينفح والسنا يتبلج
فتأرج الأرجاء منه وتبهج ... فاق الزواهر نورها يتوهج والزهر نفاح النسيم وسيما ...
طلق المحيا منهل للنائل ... أنحى على الدنيا بزهد كامل
هو مثل الدنيا بظل زائل ... لم ترضه حال النعيم الحائل ما حاول الترفيه والتنعيما ...
ما ورث المختار مال مؤمل ... إلا جواهر في الكتاب المنزل
أشهى لقلب الناظر المتأمل ... وأقر إعجابا لعين المجتلي من كل قيمة مقتض تقويما ...
وفقت يا من لم يخالف نصه ... حزت الكمال وليس تخشى نقصه
نهج الهدى قول النبي اقتصه ... بالوحي شرفه الإله وخصه شرفا على شرف السناء صميما ...
سبحان موح لا يحد له الكلام ... من قال ذات كلام خلاق الأنام
خلق فذلك آثم كل الأثام ... ذاك الذي في الدين ليس له ذمام إلا ذمام لا يزال ذميما ...
ضل الذي يبغي الهدى مما سواه ... وهوى به في كل مهواة هواه
من فارق الفاروق قد تبت يداه ... حيران لم يهد السبيل إلى هداه لا يعرف التحليل والتحريما ...
بالمدح مجد المصطفى يممته ... من حلي أوصاف له نظمته
لم أبلغ المعشار إذ أحكمته ... بعضا نسيت وبعضه ألهمته قلدته جيد الزمان نظيما ...
لو فزت بالإحسان من حسان ... وسحبت أذيالي على سحبان
أو أيدتني لسن كل زمان ... من كل ذي زعم عظيم الشان ما كنت بالمعشار منه زعيما ...
إدريس حفتك الحقوق حفوفا ... هلا خففت إلى الرسول خفوفا
وقريت بالعزم الهموم ضيوفا ... وشدوت أن هال الزمان صروفا مهلا كفاك معلمي التعليما ...
ثقة بفضل الواحد القهار ... ملك الملوك مصرف الأعصار
جعل النبي مكرم الآثار ... وأمده بالنصر والأنصار وأتم نعمته له تتميما ...
هل أجلون بصري بكحل سناه ... يا سعد من كحلت به عيناه
ظفرت يداه، وساعدته مناه ... لله ذاك الأفق ما أسناه كرم المحل فيقتضي التكريما ... ونص تقريظ ابن الجنان على هذه القصيدة هو قوله:
ما زال كل حليف ... لله أضحى وليا
وللعلوم خليلا ... وعن سواها خليا
يصوغ عقيان مدح ... للهاشمي حليا
ويوجب الحق فيه ... إيجابه الأوليا
ويقتفي في رضاه ... نهجا جليلا جليا
والكل أحظاه حظ ... فالفوز يلفى مليا
لكن إدريس منهم ... حاز المكان العليا ولا يخفاك أنه التزم في هذه القطعة ما لا يلزم من اللام قبل الياء، رحمه الله تعالى.
ولا بأس أن نورد هنا ما حضر من التخميسات الموافقة لتخميس ابن الجنان المذكور السابق أولا في البحر والروي والمنحى الذي لا يضل قاصده، وكيف لا وهو مدح (4) الجناب الرفيع العظيم النبوي.
فمن ذلك قول أبي إسحاق إبراهيم بن سهل الإسرائيلي الإشبيلي، فإن بعضا ذكر أنها من قوله لما أظهر الإسلام، وهي لا تقتضي رفع الريبة فيه والاتهام (5) :
جعل المهيمن حب أحمد شيمة ... وأتى به في المرسلين كريمة ... فغدا هواه على القلوب تميمة ...
وغدا هداه لهديهم تتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما أبدى جبين أبيه شاهد نوره ... سجعت به الكهان قبل ظهوره ... كالطير غرد معربا بصفيره ...
عن وجه إصباح يطل نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما أنس الرسالة بعد شدة نفرة ... منجى البرية وهي في يد غمرة ... محيي النبوة والهدى عن فترة ...
فكأنما كفل الرشاد يتيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
الله أوضح فضله فتوضحا ... والله بين حبه في " والضحى " ... والجذع حن له هوى فترنحا ...
والماء فاض بكفه تسنيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ريا الرواية عن علاه زكية ... نجواه ربانية ملكية ... أوصافه علوية فلكية ...
فإخال شعري عندها تنجيما (6) ... صلوا عليه وسلموا تسليما احتث في السبع الطباق براقه ... والأرض واجمة تخاف فراقه ... سبحان من أدنى سراه فساقه ...
شخصا على ملك الملوك كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فاشتم ريحان القلوب الطيبا ... ودنا فأسمع يا محمد مرحبا ... إني جعلتك جار عرشي الأقربا ...
إن كنت قبلك قد جعلت كليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما يا ليلة يجري الزمان فتسبق ... الحجب فيها والأرائج تفتق ... ما كان مسك الليل قبلك يعبق ...
بشرى محمد استفاد نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما حتى إذا اقتعد البراق لينزلا ... نادته أسرار السموات العلا ... يا راحلا ودعته لا عن قلى ...
ما كان عهدك بالغيوب ذميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صعد النجود وسار في الأغوار ... سمك السما طورا وبطن الغار ... متقسما في طاعة الجبار ...
ما أشرف المقسوم ولا تقسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما الشافع المتوسل المتقبل ... القانت المدثر المزمل ... وافى وظهر الأرض داج ممحل ...
فجلا البهيم به وأروى الهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما دفعت كرامته الزنوج عن الحرم ... ودعاه جبريل المنزه في الحرم ... وعزت له آيات نون والقلم ...
خلقا به شهد الإله عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما طاو يفيض الزاد في أصحابه ... غيث ولكن كان يستصحى به ... طابت ضمائر قلبه وترابه ...
منه بسر لم يكن مكتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما يا شوقي الحامي إلى ذاك الحمى ... فمتى أقضيه غراما مغرما ... ومتى أعانقه صعيدا مكرما ...
بضمير كل موحد ملثوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ومن ذلك قول بعض الوعاظ، وأظنه من أهل المشرق:
جل الذي بعث الرسول رحيما ... ليرد عنا في المعاد جحيما ... وبه نرجي جنة ونعيما ...
أضحى على الباري الكريم كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ما ضل عن وحي الإله وما غوى ... حاشا رسول الله ينطق عن هوى ... الصادق الثقة الأمين بما روى ...
قد نال من رب السماء علوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما وافى له الروح الأمين مبشرا ... نادى به يا خير من وطأ الثرى ... أجب المهيمن يا محمد كي ترى ...
ملكا كريما في السماء عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فأجابه المختار حين دعا به ...
رب السموات العلا لخطابه ... ركب البراق وقد أتى لجنابه ...
أمسى له الروح الأمين نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فمتى أرى الحادي يبشر باللقا ... ويضمه بان المحصب والنقا ... وأرى ضريح المصطفى قد أشرقا ...
مولى حليما لن يزال رحيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما وأقول للزوار قد نلت المنى ... يهنيكم طيب المسرة والهنا ... فاستبشروا من بعد فقر بالغنى ...
فالله زادكم به تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ثم الرضى عن آله الكرماء ... وكذاك عن أصحابه الخلفاء ... فهواهم ديني وعقد ولائي ...
قوما تراهم في المعاد نجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ومنها قول بعض فضلاء المغاربة رحمه الله تعالى:
يا أمة الهادي المبارك أحمد ... يهنيكم نيل الأماني في غد ... بمحمد فزتم ومن كمحمد ...
إن شئتم أن تدركوا التتميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
صلوا على البدر المنير الزاهر ... صلوا على المسك الفتيق العاطر ... صلوا على الغصن البهي الناضر ...
وتنعموا بصلاتكم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا على من بالنبوة زينا ... صلوا على من بالكمال تمكنا ... بمحمد فزنا بإدراك المنى ...
فضلا منحنا حادثا وقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا على البدر المنير اللائح ... صلوا على الهادي الحبيب الناصح ... صلوا على المسك الفتيق الفائح ...
للرشد فهم والهدى تفهيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا على من مجده قد أسسا ... والماء بين بنانه قد بجسا ... وأتت إليه سرحة حتى اكتسى ...
بفروعها إذ خيمت تخييما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا على من كان يبصر من قفا ... وعليه سلمت الجنادل والصفا ... والذئب قال صدقت أنت المصطفى ...
وشكا إليه بازل قد ضيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
صلوا على من قد شفى بالريق ... عين الضرير ولدغة الصديق ... وأعاد طعم الماء مثل رحيق ...
إذ مج فيه العنبر المختوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا على من بالملائك جيشا ... وغدت تظلله الغمام إذا مشى ... حرست سماء الله لما أن نشا ...
ليكون سر حبيبه مكتوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا عليه كل حين تربحوا ... وبهديه مهما اهتديتم تفلحوا ... والأجر يشملكم فجدوا تنجحوا ...
وإذا أردتم أن يكون عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا بجمعك معلى شمس الهدى ... صلوا على بدر يزين المشهدا ... صلوا عليه به الرشاد تمهدا ...
والذكر بين فضله تفخيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا بإخلاص على خير البشر ... صلوا على من فاق حسنا واشتهر ... ونمت فضائله وشق له القمر ...
ولكم دليل في علاه أقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
صلوا على من قد رأى الرحمانا ... بالقلب أو بالعين منه عيانا ... عن قاب أو أدنى مقام كانا ...
فخذ الفوائد كي تفاد علوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صلوا عليه كلكم لا تسأموا ... وتبركوا بصلاته وتنعموا ... فعليه صلى الأنبياء وسلموا ...
شرفا لهم إذ أمهم تقديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما يا حاضرين بلغتم كل المنى ... عن جمعكم من فضله ذهب العنا ... وإليكم والله قد وجب الهنا ...
بمحمد كرمتم تكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما قولوا برغم معاندين وحسد ... كي ترغموا أنفا لكل مفند ... صلى الإله على النبي محمد ...
أبدا وزاد لقدره تعظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما يا رب يا ذا المن والإحسان ... جد بالرضى والعفو والغفران ... للوالدين ومنشد الأوزان ...
والسامعين أنلهم تنعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
صلى عليه الله ما اجتمع الملا ... صلى عليه الله ما قطع الفلا ... صلى عليه الله ما انتجع الكلا ...
أبدا وما رعت السوام هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ومن ذلك قول الإمام العالم الشهير الأديب مالك بن المرحل المالقي ثم السبتي، وهي من غرر القصائد، وفيها لزوم ما لا يلزم من ترتيبها على حروف المعجم يجعلها بدأ ورويا على اصطلاح المغرب:
ألف: أجل الأنبياء نبيء ... بضيائه شمس النهار تضيء ... وبه يؤمل محسن ومسيء ...
فضلا من الله العظيم عظيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما باء: بدا في أفق مكة كوكبا ... ثم اعتلى فجلا سناه الغيهبا ... حتى أنار الدهر منه وأخصبا ...
إذ كان فيض الخير منه عميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما تاء: تبينت الهدى لما أتى ... فنفى الشريك عن القديم وأثبتا ... أحدية من حاد عنها قد عتا ...
وتلا كلاما للكريم كريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ثاء: ثوى في الأرض منه حديث ...
في كل أفق طيبه مبثوث ... داع بأنواع الهدى مبعوث ...
يتلو نجوما أو يهز نجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
جيم: جلا بسراجه الوهاج
ما جن من ليل الظلام الداجي
وسقى القلوب بمائه الثجاج ...
فأصارها بعد الغموم غميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما حاء: حمى دين الهدى بصفائح ... وسما بشم كالجبال أراجح ... من كل أزهر هاشمي واضح ...
لولا نداه غدا النبات هشيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما خاء: خبت نيران جهل شامخ ... آيات علم للرسالة راسخ ... من مثبت ماح ومنس ناسخ ...
قد خص بالذكر الحكيم حكيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما دال: دعا فأجاب كل سعيد ... وأتى بوعد صادق ووعيد ... حتى أقر الناس بالتوحيد ...
وتجنبوا الإشراك والتجسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ذال: ذباب حسامه مشحوذ ... للناكثين، وعهدهم منبوذ ... أما السعيد فبالنبي يلوذ ...
فيدال من ذل الشقاء نعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما راء: روينا عن ذوي الأخبار ... أن الندى والبأس مع إيثار ... بعض صفات المصطفى المختار ...
كم قد تقدم بالأنام زعيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما زاي: زعيم بالنزال عزيز ... وبليغ معنى في المقال وجيز ... فلقوله من فعله تعزيز ...
ولربما عاد الكلام كلوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما طاء: طويل السيف متسع الخطا ... رحب الذراع ومن يمد لهم سطا ... يردي العدا وإذا ارتدى متخمطا ...
يبري عذابا إذ ألام أليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ظاء: ظهير للعباد حفيظ ... حظ لدى رب العباد حظيظ ... حق له التأبين والتقريظ ...
ميتا وحيا ظاعنا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
كاف: كريم العنصرين مبارك ... متفرد بالجاه ليس يشارك ... فهو الذي بمقامه يتدارك ...
والهول يغدو مقعدا ومقيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما لام: له عقد اللواء الأحفل ... وله الشفاعة في غد إذ تسأل ... وإذا دعا فدعاؤه متقبل ...
حق الرحيم بأن يرى مرحوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما ميم: ملائكة الإله تسلم ... فوجا عليه إذ بدا وتعظم ... ويمر جبريل بها يتقدم ...
فيضاعف التعظيم والتكريما ... صلوا عليه وسلموا تسليما نون: نبي جاءنا بتبيان ... وبمعجزات أبرزت لعيان ... وبحسبه أن جاء بالقرآن ...
يشفي قلوبا تشتكي وجسوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما صاد: صفي للإله ومخلص ... ومقرب ومفضل ومخصص ... ذهب سبيك وزنه لا ينقص ...
قد طاب خيما في الورى وأروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ضاد: ضمين نصحه ممحوض ... ضافي القراءة بالعلوم يفيض ... إن غاض ماء البحر ليس يغيض ...
لما استمر زلاله تسنيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما عين: عزيز ذكره مرفوع ... في الأنبياء وقوله مسموع ... مشروح صدر حبه مشروع ...
من لا يدين بذاك كان ذميما ... صلوا عليه وسلموا تسليما غين غزا من زغ عنه ومن طغى ... وغدا يشب لمن طغى نار الوغى ... حتى أقامت من عصا بعد الصغا ...
وتقوم النار العصا تقويما ... صلوا عليه وسلموا تسليما فاء: فواتح سوؤة الأعراف ... وبراءة والرعد والأحقاف ... أحظته يالأقسام والأوصاف ...
فمتى توفي حقه منظوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما قاف: قوافي النظم عنه تضيق ... أيطيقه الإنسان ليس يطيق ... فالخلق في التقصير عنه خليق ...
ولو أنهم ملأوا الفضاء رقوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
سين: سلام كالنفيس تنفسا ... وقد اجتنى وردا وصافح نرجسا ... أهدى إليه في الصباح وفي المسا ...
بقصائد كادت تكون نسيما ... صلوا عليه وسلموا تسليما شين: شمائله الكريمة تعطش ... من كان من سكر المحبة يرعش ... لكن أضاع العمر فيما يوحش ...
فغدت ندامته عليه نديما ... صلوا عليه وسلموا تسليما هاء: هو الهادي الذي اقتدح النهى ... فتفكرت في ملك من رفع السها ... وقضى بحد للأمور ومنتهى ...
فأفادها النظر السديد عموما ... صلوا عليه وسلموا تسليما واو: وهي ركن التجلد، بل هوى ... لما ثوى في الترب من بعد التوى ... فحوى الضريح الرحب نجما ما غوى ...
أجرى من الدمع السجوم سجوما ... صلوا عليه وسلموا تسليما لام: لأجلك فاض دمعي جدولا ... فاخضر آس آساك إذ يبس الكلا ... يا خير من كلأ المكارم والعلا ...
وحمى الحمى ورمى فأعمى الروما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ياء:
يحييه ويسقيه الحيا ... رب العباد مجازيا وموفيا ... ومشرفا ومسلما ومصليا ...
يا مسلمين ورثتم التسليما ... صلوا عليه وسلموا تسليما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وشرف وكرم: سقطت من ق.
(2) ق: بز.
(3) هو إدريس بن محمد بن محمد بن موسى الأنصاري القرطبي، مال إلى العربية والآداب وأقرأ ذلك بقرطبة إلى أن تملكها الروم فخرج إلى سبتة وأقرأ هنالك؛ وكانت له مشاركة في النظم والنثر مع غلبة الانقباض عليه والصلاح؛ توفي آخر سنة 647(التكملة: 197).
(4) مدح: سقطت من ق.
(5) لم أجد هذه المخمسة منسوبة لابن سهل الإسرائيلي إلا في النفح، ولم ترد في ديوانه (ط. صادر 1967) .
(6) ق: تفخيما، وما أثبته أنسب.
الاكثر قراءة في العصر الاندلسي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة