الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن سعيد يصف الخطط الأندلسية
المؤلف:
أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر:
نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة:
مج1، ص:216-218
7/11/2022
1797
ابن سعيد يصف الخطط الأندلسية:
1 - الوزارة
وأما قاعدة الوزارة بالأندلس فإنها كانت في مدة بني أمية مشتركة في جماعة يعينهم صاحب الدولة للإعانة والمشاورة، ويخصهم بالمجالسة، ويختار منهم شخصا لمكان النائب المعروف بالوزير فيسميه بالحاجب، وكانت هذه المراتب لضبطها عندهم كالمتوارثة في البيوت المعلومة لذلك، إلى أن كانت ملوك الطوائف، فكان الملك منهم - لعظم اسم الحاجب في الدولة المروانية، وأنه كان نائبا عن خليفتهم - يسمى بالحاجب، ويرى أن هذه السمة أعظم ما تنوفس فيه وظفر به، وهي موجودة في أمداح شعرائهم وتواريخهم. وصار
(216)
اسم الوزارة عاما لكل من يجالس الملوك ويختص بهم، وصار الوزير الذي ينوب عن الملك يعرف بذي الوزارتين، وأكثر ما يكون فاضلا في علم الأدب، وقد لا يكون كذلك، بل عالما بأمور الملك خاصة.
[2 - الكتابة]
وأما الكتابة فهي على ضربين: أعلاهما: كاتب الرسائل، وله حظ في القلوب والعيون عند أهل الأندلس، وأشرف أسمائه الكاتب، وبهذه السمة يخططه (1) من يعظمه في رسالة. وأهل الأندلس كثيرو الانتقاد على صاحب هذه السمة، لا يكادون يغفلون عن عثراته لحظة، فإن كان ناقصا عن درجات الكمال لم ينفعه جاهه ولا مكانه من سلطانه من تسلط الألسن في المحافل والطعن عليه وعلى صاحبه. والكاتب الآخر كاتب الزمام، هكذا يعرفون كاتب الجهبذة، ولا يكون بالأندلس وبر العدوة لا نصرانيا ولا يهوديا البتة، إذ هذا الشغل نبيه يحتاج إلى صاحبه عظماء الناس ووجوههم.
[3 - الخراج]
وصاحب الأشغال الخراجية في الأندلس أعظم من الوزير، وأكثر أتباعا وأصحابا وأجدى منفعة، فإليه تميل الأعناق، ونحوه تمد الأكف، والأعمال مضبوطة بالشهود والنظار، ومع هذا إن تأثلت حالته واغتر بكثرة البناء والاكتساب نكب وصودر، وهذا راجع إلى تقلب الأحوال وكيفية السلطان.
[4 - القضاء]
وأما خطة القضاء بالأندلس فهي أعظم الخطط عند الخاصة والعامة، لتعلقها بأمور الدين، وكون السلطان لو توجه عليه حكم حضر بين يدي القاضي، هذا
(217)
وضعها في زمان بني أمية، ومن سلك مسلكهم، ولا سبيل أن يتسمى بهذه السمة إلا من هو وال للحكم الرعي في مدينة جليلة، وإن كانت صغيرة فلا يطلق على حاكمها إلا مسدد، خاصة، وقاضي القضاة يقال له: قاضي القضاة، وقاضي الجماعة.
[5 - خطة الشرطة]
وأما خطة الشرطة بالأندلس فإنها مضبوطة إلى الآن، معروفة بهذه السمة، ويعرف صاحبها في ألسن العامة بصاحب المدينة وصاحب الليل، وإذا كان عظيم القدر عند السلطان كان له القتل لمن يجب (2) عليه دون استئذان السلطان، وذلك قليل، ولا يكون إلا في حضرة السلطان الأعظم، وهو الذي يحد على الزنا وشرب الخمر، وكثير من الأمور الشرعية راجع إليه، قد صارت تلك عادة تقرر عليها رضا القاضي، وكانت (3) خطة القاضي أوقر وأتقى عندهم من ذلك.
[6 - الحسبة]
وأما خطة الاحتساب فإنها عندهم موضوعة في أهل العلم والفطن، وكأن صاحبها قاض، والعدة فيه أن يمشي بنفسه راكبا على الأسواق، وأعوانه معه، وميزانه الذي يزن به الخبز في يد أحد الأعوان، لأن الخبز عندهم معلوم الأوزان للربع من الدرهم رغيف على وزن معلوم، وكذلك للثمن، وفي ذلك من المصلحة أن يرسل المبتاع الصبي الصغير أو الجارية الرعناء فيستويان فيما يأتيانه به من السوق مع الحاذق في معرفة الأوزان، وكذلك اللحم تكون عليه ورقة بسعره، ولا يجسر الجزار أن يبيع بأكثر من دون (4) ما حد له المحتسب في
(218)
الورقة، ولا يكاد تخفى خيانته، فإن المحتسب يدس عليه صبيا أو جارية يبتاع أحدهما منه، ثم يختبر الوزن المحتسب، فإن وجد نقصا قاس على ذلك حاله مع الناس، فلا تسأل عما يلقى، وإن كثر ذلك منه ولم يتب بعد الضرب والتجريس (5) في الأسواق نفي من البلد. ولهم في أوضاع الاحتساب قوانين يتداولونها (6) ويتدارسونها كما تتدارس أحكام الفقه، لأنها عندهم تدخل في جميع المبتاعات وتتفرع إلى ما يطول ذكره.
[7 - خطة الطواف بالليل]
وأما خطة الطواف بالليل وما يقابل من المغرب أصحاب أرباع في المشرق فإنهم يعرفون في الأندلس بالدرابين، لأن بلاد الأندلس لها دروب بأغلاق تغلق بعد العتمة،ولكل زقاق بائت فيه، له سراج معلق وكلب يسهر وسلاح معد، وذلك لشطارة عامتها وكثرة شرهم، وإغيائهم (7) في أمور التلصص، إلى أن يظهروا على المباني المشيدة، ويفتحوا الأغلاق الصعبة، ويقتلوا صاحب الدار خوف أن يقر عليهم أو يطالبهم بعد ذلك، ولا تكاد في الأندلس تخلو من سماع دار فلان دخلت البارحة وفلان ذبحه اللصوص على فراشه وهذا يرجع التكثير منه والتقليل إلى شدة الوالي ولينه، ومع إفراطه في الشدة وكون سيفه يقطر دما فإن ذلك يعدم، وقد آل الحال عندهم إلى أن قتلوا على عنقود سرقه شخص من كرم وما أشبه ذلك، فلم ينته اللصوص.
__________
(1) ك: يخصه.
(2) ك: وجب.
(3) ق: وكان.
(4) ق ودوزي: أن يبيع بدون.
(5) التجريس: الفضح والتشهير.
(6) يتداولونها: سقطت من ق ط ج.
(7) ك: وإعيائهم.