x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

جريمة الترويج السمعي - المرئي الفاضح

المؤلف:  محمد صادق اسماعيل

المصدر:  الجرائم الالكترونية

الجزء والصفحة:  ص 254-267

23/9/2022

1187

أولا : مصطلح الترويج عبر الإنترنت

إن مصطلح الترويج له صبغة العمومية لكونه قد يكون بمقابل أو بغير مقابل، فهو كمصطلح أعم من مجرد البث. والترويج وإن كان مجانيا لا يعني إمكانية قيام الغير بملك منتجات ما، وإنما كل ما في الأمر أن انعدام المقابل إنما يعني انفتاح أو إمكانية وجود قدر من الحرية في استعمال الشيء أو المنتج.

ويمكن أن يتسع الترويج عبر الإنترنت كذلك ليشمل المحادثة الشفهية بأية وسيلة كانت كالتي تتم عبر الفيديو الرقمي أو البث الحي له بطريق الإنترنت أو بطريق الدوائر المغلقة كعرض الشهادة في المحاكم أو تناول موضوعات عامة عن بعد. ولعل أخطر مظاهر الترويج اسمعي المرئي هو أن يلحقه صفة الفضح فيما يصطلح عليه باللغة الإنجليزية بعبارة Cyber Audio - Visual Indecent، فمثلا القيام بالاتصال بالغير باستخدام الإمكانيات السمعية المرئية عبر الإنترنت، مع القيام بحركات أو إيماءات فاضحة، من الأمور التي يمكن أن تشكل جريمة ما هنا، ويزداد الأمر صعوبة حالة وجود نوع من التداول لمثل هذه الحركات السمعية المرئية الفاضحة، من خلال تسجيلها والقيام بتداولها عبر الإنترنت، والمشرع المقارن يهتم في صيغة تقليدية بمثل هذه الجرائم، من خلال التعامل بالفيديو في العالم المادي كما هو الشأن فيما هو مقرر في المادة ( 178/1 - عقوبات مصري) (1) التي امتدت إلى المعاقبة على حيازة شرائط فيديو مخلة بالآداب، سواء كانت هذه الحيازة بقصد الاتجار أو العرض بمقابل أو بدون مقابل (2). وهو الأمر المعاقب عليه في القانون الأمريكي بمقتضى القسم (18 2252 US Code Sec  )التي تعاقب على الاتجار والنقل Transporting والحيازة Possession لبرمجيات حاسوب تتضمن دعارة أطفال (3).

على أنه نتيجة لتنوع أساليب الترويج السمعي المرئي الفاضح عبر الإنترنت، ما بين بث صور فاضحة ووثائق مكتوبة إلى عرض مرئي مختلف الأحجام، إلى ملفات صوتية تروي قصصا جنسية. والغالب الأعم من هذه الأنماط والأنواع يتم بثه عبر شبكة المعلومات الدولية www. إلا أن البعض الآخر يتم ترويجه أيضا عبر الشبكة القديمة كالمجموعات الإخبارية Use net Groups . فقد قام المشرع المقارن بتطوير آلية تشريعه لكي تتواءم مع هذا الأمر كما هو الشأن في التشريع الإنجليزي الذي وسع من فكرة النشر العلني Publication لمواد فاحشة Obscene matter المقررة في قانون الفحش العلني لسنة 1959، بمقتضى قانون العدالة الجنائية والنظام العام لسنة 1994، لكي تشمل التداول بالحاسوب Computer Transmission لصور Images ونصوص  Text.(4).

ومن الأشكال ذات الخطورة الخاصة في الترويج السمعي المرئي الفاضح عبر الإنترنت ما تتمتع به هذه الأخيرة من طبيعة اتصالية، إذ يمكن أن يقوم الأشخاص في هذا المجال بتبادل الأحاديث الجنسية، وهو ما يطلق عليه عبارة Cybersex، حيث يكون الحديث بين أشخاص لا يعرف بعضهم البعض، وبحيث يختلف الحال هنا عن الاتصال الذي يجريه الشخص بعاهرات بطريق الهاتف كنوع من الخدمات الإباحية التي تقدم في العالم الغربي في هذا المجال. حيث يمكن لأي أن يقوم بتنظيم نشاط إباحي عبر الإنترنت، كترتيب مواعيد جنسية وكذلك اختيار الهدف الجنسي من خلال العرض المرئي والسمعي مع دفع قيمة ذلك. كذلك يتم عبر الإنترنت الترويج للرقيق الأبيض وتجارة القاصرات ودعارة الأطفال بقصد الاستخدام الجنسي Cyber Teen في الوقت الذي يستمر مرتكب هذه الجريمة في حالة تخف قد لا يكون من السهولة التعرف عليه، خاصة إذا كان يباشر نشاطه عبر المواقع المجانية أو من خلال المجموعات الإخبارية أو القائمة البريدية(5) .

ومن الوقائع الكبرى في مكافحة جريمة دعارة الأطفال تلك التي تعرف لدى الشرطة الإنجليزية، بعد تدخلها في يوليو 1995 فيها بمصطلح Operation Starburst، حيث اتخذ التحقيق فيه هذه العملية بعدا دوليا، لاسيما وأن الإنترنت في هذه الواقعة قد استخدمت كمجال الدعارة الأطفال وتوزيع صور فاضحة للأطفال، ولقد أدين في هذه الجريمة تسعة رجال إنجليز، كما تم الاستدلال على مجموعة أخرى عبر أوروبا وأمريكا الجنوبية وشرق آسيا وصل عدد المدانين في هذه الجريمة إلى سبعة وثلاثين شخصا(6). كما قامت المباحث الفيدرالية الأمريكية بالتحقيق في قضية أطلق عليها Innocent Images، وهو التحقيق الذي بدأ على إثر اختفاء طفل أمريكي، من ولاية مريلاند، في العاشرة من عمره. وهي القضية التي أدين فيها 161 شخصا. وفي العام 1997 كانت قضية Operation Rip Cord التي قامت بها المباحث الفيدرالية بالقبض على 1500 شخص من المشتبه فيهم بالتعامل في دعارة الأطفال عبر الإنترنت وبث صور فاضحة Child pornographers للقصر. ولقد قادت عمليات البحث والتقصي حول دعارة الأطفال عبر الإنترنت، في ألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، إلى الكشف عن مائتي ألف صورة من صور دعارة الأطفال، كما تمت مصادرة مائة وسبعة وثلاثين ألف حاسوب شخصي منزلي Home PC. وفي العام 1998 قام البوليس الإنجليزي بعملية كبرى أطلق عليها اسم Cathedral بالتعاون مع الشرطة في 21 دولة في أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة والبوليس الدولي الإنتربول لضبط حوالي مائة شخص ممن يتعاملون في دعارة الأطفال عبر الإنترنت.

وفي شهر أكتوبر 2000 قام المدعي العام الإيطالي بإحالة 1491 من الإيطاليين إلى القضاء، لكونهم قاموا بإنزال download صور دعارة أطفال Child pornography عبر الإنترنت، بعد أن قامت الشرطة الإيطالية بتفتيش ستمائة منزل، وبينهم تسعة أشخاص كانوا يتاجرون في دعارة الأطفال عبر روسيا. وتعد هذه الدعوى الأكبر في إيطاليا في ذلك التاريخ، حيث قام المدعي العام الإيطالي  Alfredo Ormanni  بإحالة 831 متهما إلى القضاء الجنائي، وتم استدعاء 660 من جنسيات أجنبية ويعتقد أن أغلبهم من روسيا وفرنسا وماليزيا(7).

ثانيا : جريمة الترويج السمعي المرئي الفاضح في التشريع المقارن

اهتمت التشريعات المقارنة بظاهرة الترويج السمعي - المرئي الفاضح، وبصفة خاصة موضوع دعارة الأطفال التي أخذت من المشرع المقارن اهتماما كاملا في هذا الإطار.

في الولايات المتحدة نشط الفقه والقضاء والتشريع في دراسة نظم القانون الأخلاقي و عملية نظمه في القانون الجنائي، على إثر الكارثة الحقيقية الممثلة في دعارة الأطفال عبر الإنترنت، وهي ظاهرة اعتبرت هناك خطرة على المثل القومية التي تقوم عليها دعائم المجتمع الأمريكي (8) لكون الإنترنت وسيلة تجعل ارتكاب مثل هذه الجرائم سهلا، أو بمعنى أكثر دقة تجعل من الممكن ومن ثم توفر المناخ الملائم للحصول على ضحايا في مثل هذه النوعية من الجرائم. ومثل هذا الأمر جعل الفقه والقضاء والتشريع في الولايات المتحدة يتجه إلى الاستمرار في دراسة دعارة الأطفال عبر الإنترنت - وذلك بإيعاز من البيت الأبيض الأمريكي في بيانه المؤرخ 1996/1/26 الذي صدر ردا على إلغاء القضاء الأمريكي لنصوص في قانون أخلاق الاتصالات لسنة 1996 المعدل للقانون الصادر في 1936 (9) .

ونتيجة لمبادرة البيت الأبيض المذكورة فإنه في عام 1998 أصدر الكونجرس الأمريكي القانون رقم 314-105 Public Law بشأن حماية الأطفال من التعدي الجنسي (10). ولقد تضمن هذا القانون حث النائب العام الأمريكي على التعاون مع الأكاديمية الوطنية للعلوم  مجلس البحوث الوطنية فيها، على إعداد دراسة متكاملة لبحث مدى إمكانية تفعيل القانون الجنائي في القضايا الأخلاقية، والتي أنتجها التعامل السلبي مع تقنية المعلومات الإنترنت. على أن يتم وضع هذا التقرير في خلال سنتين من تاريخ صدور القانون المذكور، ولقد تم وضع التقرير في العام 2000 متضمنا الخطوات الفعالة من الوجهة العلمية من قبل الأستاذين Herb Lin, PhD, Michele Kipke, PhD ، بالتعاون مع جهات أخرى ذات علاقة. ولقد وجد التقرير إن مشكلة الدعارة المصورة Pornography ذات أساس من ناحيتين، الأولى كونها تعد داخلة في نطاق اهتمام قسم اجتماعي له دور في المجتمع، حتى وإن كان سلبيا. أما الناحية الثانية فيتعلق بالتحديد القضائي لمصطلح الدعارة الذي يتخذ مفهوم يتسع ليشمل الطابع المتغير فيها vary widely من نطاق اجتماعي إلى أخر  Vary  by community (11).

ولقد أشار الباحثان في التقرير المذكور إلى أن المشكلة يتم النظر إليها من الزاوية العائلية والمدرسية، وفيها ينبغي أن يكون هناك دورا للعائلة والمدرسة في توعية النشء. ومن الزاوية الاجتماعية على مستوى الدولة وبحيث ينظر إليها كمشكلة تتعلق بـ ... سلوك مستهجن Inappropriate content يضم في إطاره كافة أنواع السلوك المستهجن الأخرى والتي يمكن ارتكابها سواء عبر الإنترنت أو غيرها(12)، ومن ثم يجب التعامل مع هذا السلوك المستهجن كظاهرة كلية ليس فيها تمييز فيما لو تمت عبر الإنترنت أو في العالم المادي. حتى في ظل المنطق السائد من حيث لزوم الأخذ في الاعتبار منطق الظروف الاجتماعية في كل بيئة، وفي هذا ما يناقض اتجاهات القضاء الأمريكي في عدم إمكانية حصر أنواع السلوك المستهجن لاختلاف الثقافات، حيث كان ذلك هو السبب في نقض القانون المذكور وبما يعد ذلك عودة إلى نهج قانون أخلاق الاتصالات لسنة 1996 المنقوض.

كذلك يجب الأخذ في الاعتبار ما هو مقرر في القانون الأمريكي من العقاب على توريد Import مواد فاحشة Obscene Material إلى داخل الولايات المتحدة حسبما هو مقرر في القسم 18 .US Code Sec 1462. وهذا النص الأخير يقتضي بالطبع أن تكون المواد الفاحشة قد تم إعدادها في خارج الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث تصل إلى داخل الحدود الإقليمية بعد ذلك. ومثل هذا النص يثير مشكلتين، إحداهما تبرز حين التعرض لتحديد المواد الفاحشة التي يمكن أن تكون عرضة لمساءلة القانون، وفق هذا النص، سيما وأن هناك درعا قويا ممثلا في مبدأ حرية التعبير (التعديل الأول للدستور الأمريكي) حتى وإن كان موقف المحكمة العليا الأمريكية هو أن التعديل الأول لا يحمي الفحش. وأما المشكلة الثانية فهي تتعلق بتحديد الدخول إلى الحدود الإقليمية حيث يسري القانون الأمريكي. ذلك أن هذه المواد إذا تم نقلها ماديا فإن ذلك لن يشكل مشكلة في انطباق القانون. وكذلك إذا تم توريدها باستخدام الحاسوب وتم إخراجها منه وتداولها في داخل الولايات المتحدة، إلا أن ما يمكن عده مشكلة يتعلق تحديدا بموضوع البث الآلي للمواقع الفاحشة، حيث أن بث موقع يتضمن مواد فاحشة من خارج الولايات المتحدة فإنه يصل آليا إلى داخل الولايات المتحدة، فهل يعد مثل هذا البث الآلي توريدا إلى داخل الولايات المتحدة؟

كذلك يحظر القانون الأمريكي تصدير Transport المواد الفاحشة ما بين الولايات أو إلى خارج الحدود الفيدرالية (18 1463 . (US Code Sec.

كذلك يجرم القانون الأمريكي تشغيل Employ القصر Minors أو دفعهم Induce إلى المشاركة في صور متحركة Visual depiction تتضمن حركة جنسية مباشرة، إذا كان التصوير قد تم باستخدام حاسوب عبر مؤسسات تجارية في الولايات أو في خارج الولايات المتحدة (18 2251 (US Code Sec.

كذلك يحظر القانون الأمريكي استخدام الحاسوب لبيع Sell أو نقل Transfer حق الوصايا على قاصر مع العلم بأن هذا القاصر سوف يتم استخدامه لإعداد صور متحركة تتضمن سلوكا جنسيا مباشرا (18 US Code Sec. 2251  A  ) كما يجرم القانون : الأمريكي استخدام الحاسوب لنقل Transport دعارة الأطفال Child pornography عبر الولايات أو عبر مؤسسات تجارية أجنبية (18 US. (Code Sec. 2252 & 2252 (A  أما في فرنسا فإن المادة (24-227) من قانون العقوبات الفرنسي الجديد تعد حجر الأساس في إطار دعارة الأطفال (14). حيث يعاقب معد مواقع دعارة الأطفال وفقا للمادة (24-227) في فقرتها الأولى من ذات القانون، أما الفقرة الثانية منها فتعاقب مستخدم الموقع. وأما قانون العقوبات البلجيكي فقد تضمن في المادة (383 bis  (منه المضافة بالقانون المؤرخ 13/4/1995 (15) العقاب على عرض   Expose وبيع  Vendu  وتأجير Loue وتوزيع Distribute أو دعم موقع مرئي Remi des supports Visuals لأوضاع جنسية ذات طابع فاحش  Pornographique، وذلك باستخدام قصر ممن لم يبلغوا السادسة عشر من عمرهم، ويعاقب كذلك معد مثل هذه المواقع وكذلك مستوردها(16).

وفي القانون الليبي توجد المادة (409- عقوبات) التي تعاقب على تحريض الصغار دون الثامنة عشرة على الفسق والفجور أو مساعدتهم على ذلك أو التمهيد لهم أو القيام بتسهيل ارتكاب مثل هذه الأفعال أو إثارتهم بأية طريقة كانت لارتكاب فعل شهواني أو قام بارتكابه أمامهم. وعلى الرغم من الغموض الكبير الذي يكتنف عبارة (بأية طريقة كانت) الواردة في النص، فإنه مع ذلك يمكن القول بتطبيق هذا النص جزئيا على أفعال الإثارة فقط، إذا كان الطفل على دراية بالجاني، فمثلا لا ينطبق هذا النص على أصحاب المواقع التي تقوم بترويج دعارة أطفال، حال قيامهم ببث عام دون تحديد للمجني عليه، وإنما يلزم أن يكون هناك جان محدد يقوم باستثارة طفل أو أطفال بعينهم. ذلك أن القانون أطلق العنوان للسلوك المادي المستخدم في جريمة إثارة الأطفال وحدها، والذي من الممكن أن يكون باستخدام الإنترنت عن طريق الاتصال بهم أو معهم والقيام بإرسال ملفات جنسية لهم وصور داعرة وحثهم عبر الاتصال المباشر والوسائل السمعية المرئية، التي برع في استخدامها النشء، بالقيام بأفعال جنسية. فمن الممكن هنا أن يقوم المجرم بإرسال ملف يتضمن ارتكابه لفعل شهواني لإثارة طفل أو مجموع أطفال، وبقصد حثهم على ارتكاب فسق وفجور، فيقوم الطفل بالاطلاع عليه، ففي هذه الحالة يكون الشخص قد ارتكب جريمة إثارة الأطفال أمامهم كما هي موصوفة في النموذج القانوني للجريمة. وقولنا هذا عائد إلى أن المشرع لم يسع إلى استنطاق الجاني لمظاهر إثارة الطفل بقصد ارتكاب فعل فاسق أو فاجر معه، وإنما معه أو مع غيره، فالجريمة المقصودة هنا في جريمة إثارة الأطفال وليس ارتكاب فعل شهواني معهم، فهذه الأخيرة يحكمها المادتان ( 408-407 - عقوبات ليبي) في حين مقصود المادة (409- عقوبات ليبي) هي استثارة الأطفال شهوانيا فقط، والمجرم يصل إلى تحقيق هذه النتيجة بأية طريقة كانت ومن ذلك القيام تمكين الطفل من برمجيات تتعامل مع ملفات تتضمن أفعالا فاسقة أو فاجرة وبحيث يمكن للطفل الاطلاع عليها في أي وقت (17).

على أن هذا النص يحتاج إلى تطوير جزئي في منطق التعامل مع الحركة Action، فممارسة فعل شهواني أمام طفل قد يلصق في ذاكرة الطفل، ويمكن أن يكون مؤشرا على استثارته ودافع إلى ارتكاب أفعال شهوانية، ليس بالضرورة مع الجاني ذاته، حيث من الممكن أن الجاني لم يكن يسعى إلى القيام بأفعال شهوانية مع الطفل ذاته، أو يكون قد قبض عليه أو يكون قد أصيب إصابة بالغة في حادث مثلا. ففي هذه الحالة تظل جريمة المادة (409- عقوبات ليبي) قائمة ويلزم تطبيقها على الجاني وإن كان يختلف في شأن طبيعة مدى اعتبار جريمة إرسال ملف أو رسالة إلى طفل صغير، بما يتوافق مع فكرة بأية طريقة كانت لاستثارته شهوانيا، ووجه الاختلاف ينحصر في تحديد طبيعة هذه الجريمة وفيما إذا كانت وقتية أم كانت من الجرائم المستمرة وهو أثر له المنطق التي تستمد منه حركة الزمن في العالم الافتراضي Cyber Time معاييرها وبحيث يحجب عنها مفهوم الحفظ والتسجيل المعتادين، فالاحتفاظ بملف في العالم الافتراضي، كما لو ظل الملف في البريد الإلكتروني للمجني عليه، لا يعني أنه محفوظ بذات الطريقة التي يتم بها الحفظ في القرص الصلب للحاسوب. وعندنا إن الاستمرار قائم بحيث يعد كل مرة يطلع فيها الطفل على الرسالة أو الملف المذكور تجعل حالة الاستمرار قائمة، لأن المشرع لم يتطلب أكثر من مجرد التحريض أو المساعدة سوى التمهيد أو الاستثارة أو أن يكون قد ارتكب أمامه بقصد دفعه إلى ذلك غريزيا دون أن يكون هناك تطلب لتحقق نتيجة محددة وهي قيام الطفل المذكور بارتكاب هذه الأفعال، فيكفي في هذا الشأن ارتكاب النشاط المادي المكون لهذه الأفعال المجرمة.

إن مسألة تحديد القيم الاجتماعية الاقتصادية من الموضوعات التي ينظر إليها في القانون المقارن على أساس كونها تمثل صلب الحدث الرئيسي في إطار تفاعل القانون مع المجتمع في كل دولة. ويهتم المشرع والقضاء في القانون المقارن بالقيم الاجتماعية الاقتصادية لأنها تعد نقطة الارتكاز في الدفاع عن حركة المصالح الاجتماعية الاقتصادية، حيث يكون تفسير المصلحة على ضوء المفهوم الاجتماعي الاقتصادي للوقائع الإنسانية.

ففي القضاء الأمريكي فإن المبدأ العام الذي يسير عليه هو النظر إلى تحديد المقياس الاجتماعي لتحديد الفعل الفاضح أو الفاحش Obscenity حيث كان القضاء الأمريكي قد وضع معيار الفحش في قضية .Miller v  .

1973 )  15, 413 U.S  California  بحيث يتم اختبار الفحش وفق البحث في معيار الرجل العادي Average Person وذلك – من ناحية - بتطبيق الضوابط الاجتماعية المعاصرة Contemporary community standards، والتي يمكن بمقتضاها النظر إلى أن العمل. ككل يؤدي إلى المتعة الشهوانية Prurient Interest، ومن ناحية أخرى النظر فيما إذا كان النشاط يصور Deplet أو يصف Describe بطريقة عنيفة Patently offensive السلوك الجنسي Sexual conduct  كما هو محدد في قانون الولاية. ومن ناحية ثالثة ينظر فيما إذا كان النشاط ككل ينقصه القيم الأدبية والاجتماعية والسياسية والعلمية(18) والحقيقة إن منطق القيم الاجتماعية يعد عامل ارتكاز حقيقي في تفسير القانون وفق احتياجات المجتمع ككل، ومثل هذا الأمر يقود إلى البحث في القيم الأساسية للمجتمع لبحث درجة الإجرام وتفسير العمل غير المشروع، وبما يؤدي ذلك إلى سلوك مذهب تفسير القانون بحسب المتعارف عليه في المجتمع. ومثل هذا الأمر يقود بالضرورة إلى مسألة المجتمع ذاته في القانون، وهي مسألة كنا قد تعرضنا لها حين التطرق إلى موضوع المجتمع الذي يلتزم بالدفاع عن حقوقه فيما سلف.

أما القانون الفرنسي فإنه يقرر في تشريعه أهمية جعل الأطفال القصر في موقع مراقبة مستمرة من قبل الأهالي، لاسيما السلطة الأبوية

والمنزلية، حيث يشير الفقه القانوني إلى ضرورة قيام القائم بالسلطة الأبوية Titulaires de l'autorite parentale  بدور رئيسي في مراقبة القاصر أثناء اتصاله بالإنترنت(19). وإذا تأملنا القانون الإنجليزي فإننا نجد في القضاء هناك كان له دور كبير في طرح مشكلة تطوير نصوص القانون الذي يتعلق بترويج مواد الدعارة باستخدام الحاسوب والإنترنت (20)، ولقد احتاج الأمر إلى تطوير تشريعين بداية هما قانون الفحش العلني لسنة 1959 The protection of Children act. ولقد تم تعديل هذه التشريعات بمقتضى قانون العدالة الجنائية والنظام العام السنة 1994 1994  The Criminal Justice & Public Order Act لكي يتلاءم مع لغة عصر المعلوماتية(21) .

____________

1- تنص المادة (1/178 عقوبات مصري) على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة.

2- طعن جنائي مصري رقم 3116 لسنة 55ق جلسة 1987/10/28 المكتب الفني المحكمة النقض المصرية السنة 38 صفحة رقم 878- ولقد أشارت المادة(1/2)   من قانون المطبوعات المصري رقم 20 لسنة 1936 (الوقائع المصرية العدد 23 في 1936/3/2 - موسوعات التشريعات العربية إلى أنه يقصد بالتداول بين المطبوعات أو عرضها لبيع أو توزيعها أو إلصاقها بالجدران أو عرضها في شبابيك المحلات أو أي عمل آخر يجعلها بوجه من الوجود في متناول عدد من الأشخاص. انظر: د. جميل الصغير، الأحكام الموضوعية، ، ص89.

3- USA v.Miller, App 11th Cir No.98-8228, Feb. 4-1999, Available onlineinMarch 1999 at: http://www.lp.findlaw.com/scripts/getcase.pl?navby=search&case .../988228man.htm

4- Conseil Federal suisse: Message concernant la modification du code penal suisse et du code penal militaire (Infractions contre cas d'infractions contre en sexuelle; prescription l'integrite l'integrite sexuelle des enfants et interdiction de la possession de pornographie dure) du 10 Mai 2000, P.7/2775.

5- لمزيد من التفصيل في هذه القضية انظر الموقع التالي:

http://www.leeds.ae.uk/law/pgs/vaman/watchmen.htm

6- Dr. Andrzej Adamski, op. cit at 223.                                                  

7- Martin Stone, Italians charge 1491 in online pedophile sting,

newsbytes, 30 Oct. 2000.                            

http://www.newsbytes.com/news/00/157391.html.

8-Herb Lin,  PhD hlin@nas.edu, Michele Kipke PhD mkipke@nas.edu – Tools and Strategies for protecting kids from pornography and their applicability to other inappropriate internet content, op. cit, P.1.

9-Reno v. ACLU, US Supp. 521 U.S. 844 (1997).

 10-  Protection of children from Sexual predators act of 1998 Title 9 section 901. US Code. Id at 422.

11- Herb Lin, PhD hlin@nas.edu, Michele Kipke, PhD mkipke@nas.edu – Tools and Strategies for Protecting Kids from Pornography and Their Applicability to other Inappropriate Internet Content, P.4.

12- Ibid.

13- USA v. Hay, App. 9th Cir. No. 99-30101, 24 Oct. 2000, Available online in Oct. 2000 at: http://laws.findlaw.com/9th/9930101.html.

14- Guillam Desgens – Pasanau, Au Centre des debat actuels: La protection des mineurs sur l'internet -24/7/2001. disponible enligne en Juillet 2001 a: http://www.droit-technologie.org/1.2.asp?actuid=1604298204.

انظر القانون رقم 468-98 المؤرخ  1998/6/17   بأن منع والمعاقبة على الجرائم وحماية القصر تعاقب كل من يقوم ببث مواقع دعارة أطفال.

15-  Sur le plan penal, deux infractions contenues dans le Nouveau Code Penal (NCP), ayant pour finalite la protection des mineurs, meritent, concernant le reseau Internet, une attention particuliere. Ainsi: - "le fait, en vue de sa diffusion, de fixer, d'enregistrer ou de transmettre l'image d'un mineur lorsque cette image presenteun caractre pornographique".

16- Thibault Verbiest – Pornographique e Internet: comment reprimer? 19 Mai 2001, disponible enligne en juin 2001 a: http://www.droit- chnologie.org/1.2.asp?actu.id=2099182987.

17- تنص المادة (409- عقوبات ليبي) على إنه "يعاقب بالحبس كل من حرض ص غيرا دون الثامنة عشرة ذكرا كان أو أنثي على الفسق والفجور أو ساعده على ذلك أو مهد أو سهل له ذلك أو أثاره بأية طريقة كانت لارتكاب فعل ش هواني أو ارتكبه أمامه سواء على شخص من نفس الجنس أو من الجنس الآخر. وتضاعف العقوبة إذا كان الجاني ممن ورد ذكرهم في المادة (407). كما تنص المادة (407- عقوبات ليبي) على أنه "1- كل من واقع آخر بالقوة أو التهديد أو الخداع يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشرة سنوات. 2- وتطبق العقوبة ذاتها على من واقع ولو بالرضا صغيرا دون الرابعة عشرة أو شخصا لا يقدر على المقاومة لمرض في العقل أو الجسم، فإذا كان المجني عليه قاصرا أتم الرابعة عشر ولم يتم الثامنة عشر فالعقوبة بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات. 3- وإذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما عنده أو عند من تقدم ذكره يعاقب بالسجن ما بين خمس سنوات وخمس عشر سنة. 4 وكل من واقع إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات". كما تنص المادة (408- عقوبات ليبي) على أنه "1- كل من هتك عرض إنسان بإتباع أحد الطرق المذكورة في المادة السابقة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات. 2- وتطبق العقوبة ذاتها إذا ارتكب الفعل ولو بالرضا مع من كانت سنه دون الرابعة عشرة أو شخصا لا يقدر على المقاومة لمرض في العقل أو الجسم، فإذا كانت المجني عليه بين الرابعة عشر والثامنة عشر كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة. 3- وإذا كان الفاعل أحد الأشخاص المذكورين في الفقرة الأخيرة من المادة السابقة تكون العقوبة مدة لا تجاوز سبع سنين. 4- وكل من هناك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس".

18- "The average person applying contemporary community standards' would find that the work, taken as a whole appeals to the prurient interest"; (2) it "depicts or describes, in a patently offensive way, sexual conduct specifically defined by applicable state law"; and (3) "the work, taken as a whole, lacks serious literary, artistic, political, or scientific value". Miller v. California, 413 U.S. Supreme Court.

19-Guillam Desgnes – Pasanau, op. cit., P.4.

20- R. v. Fellows & Arnold App. England, 1997, See: Paul Cullen QC - Computer Crime, op. cit., at 213.

21- Id.

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+