علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
إثبات الحاجة إلى علم الرجال كلّيّة بجعل القضيّة المهملة مسوّرة بسور الكلّية
المؤلف: محمد جعفر شريعتمدار الإسترابادي
المصدر: لب اللباب في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 57 ـ 61
7/9/2022
1836
(اعلم أنّ) كلّ مجتهد لا بدّ له في العمل بأخبار الآحاد من ملاحظة سندها بالرجوع إلى علم الرجال أم لا، بل يكفي تصحيح بعض معتمد لبعض آخر.
(و) اعلم أنّه اختلف العلماء في هذه المسألة، فقيل بالأوّل بناءً على أنّ الأصل تحصيل العلم أو ما في حكمه. ولمّا تعذّر العلم وما يقوم مقامه - أعني الشهادة والرواية، لعدم كون التصحيح خبرا، من جهة كونه نقشا لا لفظا، ومن جهة كونه- على تقدير كونه نبأ- دالا على التعديل التزاما باللزوم البيّن بالمعنى الأعمّ لا باللزوم البيّن بالمعنى الأخصّ، للاحتياج إلى ملاحظة الاصطلاح والعدالة وحرمة التدليس ونحوها، ولعدم الدليل على اعتبار الشهادة أو الرواية هنا يكتفى بالظنّ الأقرب، وهو الحاصل بعد البحث.
وأنّ قبول التعديل موقوف بعدم معارضة الجرح، وتحقّق هذا الشرط موقوف على تعيين الراوي، وذلك لا يتحقّق بمجرّد وصف الحديث بالصحّة، فلا يتحقّق شيء من أقسام التزكية، فلا بدّ من مراجعة السند والنظر في حال الرواة، ليؤمن من معارضة الجرح له، بأن يتفحّص عن معارضه بعد تعيين الراوي وتوثيقه، فإن وجد يعمل بما هو القاعدة في صورة تعارض الجرح والتعديل وإلا فيعمل به، كما أنّه لا يعمل بكلّ خبر حتّى يتفحّص عن معارضه كالعامّ قبل الفحص عن مخصّصه.
فإن قلت: إذا كان بناء العمل على الظنّ، فلا وجه للمنع، لحصوله بمجرّد تصحيح من يعتمد بقوله، واعتبار الأقوى مع عدم الدليل عليه متعذّر، فما من ظنّ إلا ويمكن أقوى منه، لكون الظنّ ممّا يقبل الشدّة والضعف إلى مرتبة العلم، مع أنّه غير منضبط، مضافا إلى أنّ الظنّ الحاصل من تصحيح بعض المعتمدين ربّما يكون أقوى من تعديل بعض.
قلت:
أوّلا: إنّ المعتبر هو الظنّ الثانويّ الباقي بعد الفحص وحصول العجز، لكون الأصل هو العلم. ولا شكّ في أنّه إذا لوحظ اختلاف العلماء في كثير من الرجال، الذين يحتمل كون ما نحن فيه منهم احتمالا قويّا، يضمحلّ الظنّ البدويّ، فلم يكن باقيا حتّى يكون معتبرا.
وتوهّم كون الإطلاق محمولا على ما هو المعتبر عند الكلّ، فاسد، إذ المتعارف في المحاورات العرفية التكلّم بمعتقدهم، مضافا إلى كون ديدن العلماء أيضا كذلك كما لا يخفى على المتتبّع.
فهذا التوهّم خلاف المشاهد، مع أنّ الصحيح عند الكلّ إنّما يتحقّق إذا تحقّق إخبار العدلين الموجب حصول المظنّة مع كون العدلين عادلين عند الكلّ.
وتوهّم لزوم العسر أيضا فاسد، لسهولة الرجوع إلى كتب الرجال.
وثانيا: أنّ التصحيح عند المتأخّرين مبنيّ على الظنّ والتعديل على القطع، واحتمال الخطأ في الظنّ أكثر فيحصل التزلزل، بخلاف التعديل فإنّ الاحتمال فيه أقلّ فيحصل الظنّ بالعدالة
مضافا إلى أنّ الظنّ بعد النظر ممّا يعتبره جميع من قال بأنّ التعديل والجرح من باب الظنون الاجتهاديّة دون الظنّ قبله.
ويحكى عن بعض الثاني، بناء على حصول المظنّة، وعدم الدليل على التفرقة، وقبح الترجيح بلا مرجّح، فالضرورة الملجئة إلى اعتبارها في الجملة من غير فرق كافية بعد ملاحظة ما ذكر، وهو كما ترى. وقيل: إن كان سند الرواية معيّنا معهودا بالذكر أو نحوه، كان الحكم بالصحّة تعديلا للراوي المعيّن وإلا فلا.
ولعلّ المراد أنّ الداعي- وهو التعديل في الأوّل- موجود، والمانع- وهو عدم الفحص- مفقود، فلا بدّ من القبول بخلاف الثاني.
وفيه أن يكون بناء التصحيح على الظنّ دون التعديل- مضافا إلى ما سيأتي- موجبا للتزلزل كما لا يخفى، فلا بدّ من ملاحظة كتب الرجال والفحص عن المعارض ليرتفع التزلزل.
نعم، إن حصل من اتّفاق جمع كثير من العلماء على تصحيح خبر على وجه حصل به الظنّ المعتمد المطمئنّ المركون إليه، لا يبعد كفايته، ولكن الأوّل مع ذلك أولى، لما مرّ، بل هو أقوى، لأنّ اعتبار التعديل بتصريح الاسم والإخبار بعدالة المسمّى ممّا لا خلاف فيه في الجملة، وإن كان جهة الاعتبار ممّا اختلف فيه.
واعتبار التصحيح ليس كذلك، بل لم أجد قائلا معتمدا له. مضافا إلى حصول التزلزل بعد ملاحظة ما ذكر، مع أنّ العلم باختلاف المصحّحين في الجملة. وإبهام موضع الاختلاف واحتمال كون كلّ خبر ذلك المبهم، وحصول الظنّ القويّ بل العلم القطعيّ بحصول الخطأ في بعض الأخبار المذكورة من أوّل الفقه إلى آخره، وفي بعض رواتها ولو في واحد منهم، بسبب اشتراك الاسم المحوج إلى ملاحظة القرائن الظنّيّة الرجاليّة ونحوها، ممّا يوجب حصول المظنّة في الجملة في بعضها، وكذا بسبب اختلاف الجرح والتعديل، وكذا بسبب اختلاف كون اللفظ دالا على التعديل ونحو ذلك.
واحتمال كون ذلك الخطأ أو ذلك المبهم في كلّ خبر احتمالا متساويا، يقتضي حصول التزلزل في أشخاص الخبر قبل ملاحظة كتب الرجال. وأيضا لو سلّمنا كون التصحيح إخبارا بتعديل الرواة، يكون هذا خبرا ظنّيا بالنسبة إلى الموضوع المتعدّد.
وجرح الرواة خبر قطعيّ ظاهرا بالنسبة إلى الموضوع الواحد، واحتمال الخطأ في الأوّل أكثر، ولا أقلّ من اقتضائه التزلزل.
وبالجملة فبعد ملاحظة ما ذكرنا لم يبق ظنّ معتمد إلا نادرا كالعدم، لو سلّمنا وجوده مع أنّه غير مراد- كما لا يخفى على المتأمّل المنصف- ولكن يصير النزاع حينئذ موضوعيّا وصغرويّا، وملاحظة عدم الدليل على الحجيّة بالنسبة إلى مبنى الظنّ الحاصل من التصحيح، بخلاف الظنّ الحاصل من التعديل فإنّ حجيّته بناء في الجملة قطعيّ، وحيث بطل ثاني الوجهين من الوجوه الثلاثة تعيّن الثالث.
واطلاق العلماء في جعل علم الرجال شرطا كسائر العلوم، التي هي شروط مطلقة لكلّ مجتهد- كالأصول والعربيّة -، تقتضي المنع في مقام التكلّم في الكبرى أيضا، فليتأمّل.
مضافا إلى أنّ العمل بالظنّ لا بدّ أن يكون بعد الفحص عن المعارض على وجه تحقّق به المعذوريّة عند العقلاء، بسبب لزوم التكليف بما لا يطاق والعسر ونحو ذلك، فإنّ كون ظنّ المصحّح بعده حجّة، لا يستلزم كون ظنّ المصحّح له أيضا كذلك، فلا بدّ له- أيضا- من الفحص، ليتحقّق شرط صحّة الاعتماد والحجّيّة. ولا شكّ أنّ الفحص مطلقا- سيّما على الوجه المذكور- لا يتحقّق إلا بالرجوع إلى كتب الرجال وبالجملة اتّضح ممّا أسّسنا بنيانه وشيّدنا أركانه وأورقنا أغصانه، من نفائس الأفكار وعرائس الأبكار، أنّ الطريق الحقّ الذي هو طريق المحقّقين وسبيل المحتاطين، عدم العمل بمجرّد تصحيح الأصوليّين وملاحظة كتب الرجاليّين.