x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : الأدب : الشعر : العصر الاندلسي :

بين دون بطره وأبي الوليد ابن الأحمر

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج1، ص:449-451

8-7-2022

1528

بين دون بطره وأبي الوليد ابن الأحمر

وبعد مدة ألب ملوك النصارى سنة تسع عشرة وسبعمائة على غرناطة، وجاءها الطاغية دون بطره (1) في جيش لا يحصى ومعه خمسة وعشرون ملكا، وكان من خبر هذه الوقعة أن الإفرنج حشدوا وجمعوا وذهب سلطانهم دون بطره إلى طليطلة، ودخل على مرجعهم الذي يقال له البابا، وسجد له، وتضرع، وطلب منه استئصال ما بقي من المسلمين بالأندلس، وأكد عزمه، فقلق المسلمون بغرناطة وغيرها، وعزموا على الاستنجاد بالمريني أبي سعيد

(449)

صاحب فاس، وأنفذوا غليه رسلا، فلم ينجع ذلك الدواء، فرجعوا إلى أعظم الأدوية وهو اللجأ إلى الله تعالى، وأخلصوا النيات، وأقبل الإفرنج في جموع لا تحصى، فقضى ناصر من لا ناصر له سواه بهزم أمم النصرانية، وقتل طاغيتهم دون بطره ومن معه، وكان نصرا عزيزا ويوما مشهودا.

وكان السلطان إذ ذاك بالأندلس الغالب بالله أبو الوليد إسماعيل ابن الرئيس أبي سعيد فرج بن نصر المعروف بابن الأحمر رغب أن يحصن البلاد والثغور، فلما بلغ النصارى ذلك عزموا على منازلة الجزيرة الخضراء، فانتدب السلطان ابن الحمر لردهم، وجهز الأساطيل والرجال، فلما رأوا ذلك طلبوا إلى طليطلة، وعزموا على استئصال بلاد المسلمين وتأهبوا لذلك غاية الأهبة، ووصلت الأثقال والمجانيق وآلات الحصار والأقوات في المراكب، ووصل العدو إلى غرناطة، وامتلأت الأرض بهم، فتقدم السلطان إلى شيخ الغزاة الشيخ العالم أبي سعيد عثمان بن أبي العلاء المريني بالخروج إلى لقائهم بأنجاد المسلمين وشجعانهم، فخرج إليهم يوم الخميس الموفي عشرين لربيع الأول.

ولما كانت ليلة الأحد أغارت سرية من العدو على ضيعة من المسلمين، فخرجت إليهم جماعة من فرسان الأندلس الرماة، فقطعوهم عن الجيش، وفرت تلك السرية أمامهم إلى جهة سلطانهم، فتبعهم المسلمون إلى الصبح، فاستأصلوهم، وكان هذا أول النصر.

ولما كان يوم الأحد ركب الشيخ أبو سعيد لقتال العدو في خمسة آلاف من أبطال المسلمين المشهورين، فلما شاهدهم الفرنج عجبوا من إقدامهم مع قلتهم في تلك الجيوش العظيمة، فركبوا وحملوا بجملتهم عليهم، فانهزم الفرنج أقبح هزيمة، وأخذتهم السيوف، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون ثلاثة أيام، وخرج أهل غرناطة لجمع الأموال، وأخذ الأسرى، فاستولوا على أموال عظيمة منها من الذهب - فيما قيل - ثلاثة وأربعون قنطارا، ومن الفضة مائة وأربعون قنطارا، ومن السبي سعة آلاف نفس حسبما كتب بذلك

(450)

بعض الغرناطيين إلى الديار المصرية، وكان من جملة الأسرى (2) امرأة الطاغية وأولاده، فبذلت في نفسها مدينة طريف وجبل الفتح وثمانية عشر حصنا فيما حكى بعض المؤرخين، فلم يقبل المسلمون ذلك، وزادت عدة القتلى في هذا الغزوة على خمسين ألفا، ويقال: إنه هلك منهم بالوادي مثل هذا العدد، لعدم معرفتهم بالطريق، وأما الذين هلكوا بالجبال والشعاب فلا يحصون، وقتل الملوك الخمسة والعشرون جميعهم، واستمر البيع في الأسرى والأسباب والدواب ستة أشهر، ووردت البشائر بهذا النصر العظيم إلى سائر البلاد.

ومن العجب أنه لم يقتل من المسلمين والأجناد سوى ثلاثة عشر فارسا، وقيل: عشرة أنفس، وقيل: كان عسكر الإسلام نحو ألف وخمسمائة فارس، والرجالة نحوا من أربعة آلاف راجل، وقيل دون ذلك.

وكانت الغنيمة تفوت الوصف، وسلخ الطاغية دون بطره وحشي جلده قطنا، وعلق على باب غرناطة، وبقي معلقا سنوات؛ وطلبت النصارى الهدنة، فعقدت لهم بعد أن ملكوا جبل الفتح الذي كان من أعمال سلطان فاس والمغرب، وهو جبل طارق، ولم يزل بأيديهم إلى أن ارتجعه أمير المسلمين أبو الحسن المريني صاحب فاس والمغرب، بعد أن أنفق عليه الأموال، وصرف إليه الجنود والحشود، ونازلته جيوشه مع ولده وخواصه، وضيقوا به، إلى أن استرجعوه ليد المسلمين، واهتم ببنائه و تحصينه، وأنفق عليه أحمال مال في بنائه وحصنه وسوره وأبراجه وجامعه ودوره ومخازنه، ولم كاد يتم ذلك نازله العدو برا وبحرا، فصبر المسلمون، وخيب الله سعي الكافرين، فأراد السلطان المذكور أن يحصن سفح الجبل بسور محيط به من جميع جهاته حتى لا يطمع عدو في منازلته، ولا يجد سبيلا للتضييق عند محاصرته، ورأى الناس ذلك من المحال، فأنفق الأموال، وأنصف العمال، فأحاط بمجموعه إحاطة

 (451)

الهالة الهلال، وكان بقاء هذا الجبل بيد العدو نيفا وعشرين سنة، حاصره السلطان أبو الحسن ستة أشهر، وزاد في تحصينه ابنه السلطان أبو عنان،ولما أجاز السلطان أبو الحسن المذكور إلى الأندلس، واجتمع عليه ابن الأحمر، وقاتلهم الطاغية، هزمهم في وقعة طريف، واستولى على الجزيرة الخضراء، حتى قيض الله من بني الأحمر الغني بالله محمدا الذي كان لسان الدين بن الخطيب وزيره، فاسترجعها وجملة بلاد كجيان وغيرها.

وكانت له في الجهاد مواقف مشهورة، وامتد ملكه واشتد حتى محا دولة سلاطين فاس مما وراء البحر، وملك جبل الفتح، ونصر الله الإسلام على يده، كما ستقف عليه في بعض مكاتبات لسان الدين - رحمه الله - في مواضع من هذا الكتاب، وسعد هذا الغني بالله من العجائب. وبقي ملك الأندلس في عقبه إلى أن أخذ ما بقي من الأندلس العدو الكافر واستولى على حضرة الملك غرناطة أعادها الله للإسلام، كما نبين إن شاء الله، وخلت جزيرة الأندلس من أهل الإسلام، وأبدلت من النور بالظلام، حسبما اقتضته الأقدار النافذة والأحكام (3) ، والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

 

__________

 (1) دون بطره (Don Pedro).

(2) ك: الأسارى.

(3) سقطت من ق ط ج.