x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

الخطأ الجوهري في الحكم

المؤلف:  حسين علاء قدوري

المصدر:  الصفة التمييزية لدى محاكم الاستئنافية في القانون العراقي

الجزء والصفحة:  ص71-82

26-5-2022

4345

الخطأ الجوهري هو مخالفة القانون و أوضاعه في إصدار الحكم أو في تحريره(1)، وقد نصت عليه المادة  (203/5)(2)  من قانون المرافعات المدنية العراقي، و أوضحت هذه الفقرة نصا عاها موجبا للتمييز وهو الخطأ الجوهري في الحكم، ولا يمكن حصر الأخطاء الجوهرية التي يمكن وقوعها في الحكم، وإنما يترك تقدير ذلك وتطبيقه للقضاء، وقد أوردت هذه الفقرة بعض الحالات التي تعد خطأ جوهريا في الحكم (3)، ونبين هذه الحالات كلا على حدة على النحو الآتي:

أولا- الخطأ في فهم الوقائع:

ان مسألة الخطأ في فهم الوقائع لم تكن موجودة في قانون المرافعات (رقم 88 لسنة 1956) الملغى، إلا أن المشرع وضعها عند إنشاء قانون المرافعات المدنية (رقم 83 لسنة 1969) النافذ بسبب أهميتها، ففهم الوقائع يعني التحقق من الوجود المادي للوقائع المدعاة (4)، إذ إن الوقائع هي كل ما يتعلق بالدعوى وما تحتويه من أدلة وإثباتات، ويقوم القاضي بمهمة فهم هذه الوقائع وإعطائها التكييف القانوني المناسب لها، وهذا الفهم يتعلق بالمنطق العقلي للقاضي، إلا أن الخطأ في هذا الفهم مقيد بالقانون، وفي حال أخطأ القاضي في هذا الفهم نقض حكمه.

فقاضي الموضوع حر في تقدير الأدلة التي يقدمها الخصوم، وفي تحصيل فهم وقائع الدعوى، إلا أنه ملزم باتباع قواعد الإثبات المبينة في القانون، فإن خالفها أو أخطأ في تطبيقها أو في تأويلها؛ كان حكمة معرضا للنقض؛ لأنه في هذه الحالة قد أخطأ في تطبيق القانون الذي وضع تلك القواعد، فالقاضي ليس حرا في تعيين من يكون عليه علبه الإثبات من المتداعين؛ بل هو مقيد بحكم القانون وخاضع لرقابة محكمة الطعن، ولا يجوز للقاضي أن يحصل فهم الوقائع إلا بالدليل القانوني الذي يجوز الاستدلال به، وبشرط أن يقع هذا الاستدلال على الوجه المبين في القانون، فيخضع في كل هذا الرقابة محكمة الطعن (5).

فالمنازعات التي ترفع أمام المحاكم إما أن تكون متعلقة بوقائع الدعوى، أو تكون متعلقة بتطبيق القانون وبيان حكمه، وإما أن تكون متعلقة بالوقائع والقانون معا، فمن غير المتصور وجود حد فاصل بينهما، ومثال ذلك: هل يجوز أولا يجوز الإثبات بشهادة الشهود في دعوى معينة؟ فهذه مسألة قانون، أما كون شهادة الشهود مطابقة للحقيقة أم لا فتلك هي مسألة الواقع التي يقرها القاضي حسب فهمه وتقديره، فهي سلطة تقديرية لقاضي الموضوع، وهي لا تعني التحقق من الوجود المادي لوقائع الدعوى، فلا تخضع لرقابة محكمة التمييز؛ لأنها ليست خطأ جوهريا في القانون (6).

ويتم تحديد التمييز بين الواقع و القانون من خلال تتبع مراحل صدور القرارات من قضاة الموضوع والتي يمكن فيها إثارة موضوع التمييز بين الواقع والقانون، وبين مرحلة تقدير وقائع الدعوى والتحقق منها، ثم مرحلة التكييف القانوني لهذه الوقائع، ثم تطبيق النتائج المستخلصة من القاعدة القانونية على وقائع الدعوى (7).

فهذه المنازعات التي ترفع تتألف من جميع ما يثيره الخصوم بينهم من نزاع في مسائلها الواقعية والقانونية كافة، وعلى قاضي الموضوع الذي يفصل في النزاع أن يتأكد من صدق وقائعها، ثم يطبق على ما ثبت صدقه؛ القاعدة القانونية المناسبة  (8)، فقاضي الموضوع يباشر عملين؛ عملا قانونيا تراقبه محكمة الطعن، و أخر موضوعا لا يخضع لهذه الرقابة، فعمله لا يقتصر على اختيار القاعدة القانونية وتطبيقها، وإنما له جانب موضوعي يكون إثبات هذا الجانب و استخلاصه داخلا في سلطته (9)

وعلى القاضي أن يتقيد أيضا بالقواعد الموضوعية في الإثبات؛ وهي القواعد التي تحدد طرق الإثبات والأحوال التي يجوز فيها الإثبات بكل منها (10)، فإذا خالف قاضي الموضوع هذه القواعد كان حكه معرضا للتمييز، ولا يكفي أن يطبق القاضي القواعد الموضوعية في الإثبات في فهم وقائع الدعوى؛ بل عليه ألا يخالف القواعد الإجرائية المتعلقة بإجراءات الإثبات، فمثلا لا يجوز للقاضي أن يتخذ أي إجراء من إجراءات الإثبات إلا بحضور الخصم إلا في حالة تم تبليغه ولم يحضر (11)..

ولا يكفي أن يتبع القاضي عند استخلاص الواقع في الدعوى القواعد الموضوعية والإجرائية التي فرضها القانون، بل على القاضي ألا يحكم استنادا إلى معلوماته الشخصية، وهي المعلومات التي تتعلق بوقائع الدعوى، والتي وصلت إلى علم القاضي بغير الطريق الذي رسمه القانون وهم الخصوم أنفسهم أو خارج نطاق الأدلة التي قدموها للسير في الدعوى وإصدار الحكم فيها، إذ لا يجوز له مخالفة ما هو ثابت في أوراق الدعوى من أدلة وإثباتات والحكم خلافا لها، وإلا حكمه خطأ في فهم الوقائع موجيا للنقض  (12).

وجدير بالذكر أيضا أن محكمة النقض في مصر لم تترك مسائل الواقع دون تعقيب من جانبها ؛ لأن هذه الرقابة قانونية وليست موضوعية، وتكون هذه الرقابة من خلال مراقبة التدريب في الحكم المطعون به؛ كأن تكون الوقائع كافية لتبرير الحكم، أو تكون التقديرات الواقعية منطقية (13).

فلمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر، إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون، بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تكون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح، وإلا كان حكمها قاصرا (14).

ويرى جانب من الفقه (15) أن المشرع العراقي أراد أن تمت رقابة محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية على فهم الوقائع في الحالات التي يكون فيها الخطأ في فهم الوقائع خطأ في القانون. .

ويذهب رأي إلى القول(16): إن المشرع عندما ودع من سلطة محكمة التمييز ومحاكم استئناف المناطق التمييزية؛ لأنه أراد أن تهتم بكيفية استعمال قاضي الموضوع لسلطته التقديرية في فهم وقائع الدعوى بينما يبرر البعض(17) خروج المشرع العراقي غير المألوف في أن محكمة التمييز أو محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية هي محاكم قانون، وهذا لا يمنع من أن تكون حارسة العدالة عندما ترفع ما يمكن أن تكتشفه من أخطاء في الحكم بسبب الفهم الخاطئ لوقائع الدعوى.

يتبين لنا أن محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف بصفتها التمييزية تراقب مسائل القانون، وتراقب الفهم الخاطئ لمسائل القانون من قبل قاضي الموضوع الذي حكم بها وفق سلطته التقديرية، وقد أحسن المشرع العراقي عندما وسع من صلاحية محكمة التمييز ومحاكم استئناف المنطقة بصفتها التمييزية في مراقبتها لمسائل القانون؛ لأن الخطأ في مسائل الواقع أو مسائل القانون هو واحد، وهو مخالفة القانون، ومحكمة التمييز أو محاكم استئناف المنطقة بوصفها تحرس القانون، فلزاما عليها رفع هذه المخالفة وإصلاح الحكم الذي احتوت عليه لكي تضمن سير العدالة وثقة الناس بالقضاء.

ثانيا- إغفال الفصل في جهة من جهات الدعوى:

أن الأصل في الحكم القضائي أن يكون فاص" للنزاع، ويكون سند الفصل في أية دعوى هو سبق الطلب فيها من الخصم، وبموجب هذا الطلب يحدد المدعي طلباته الأصلية في عريضة دعواه، وله أن يتقدم بطلبات عارضة أو حادثة، كما يرفع المدعى عليه طلبات خصمه، وقد يتقدم بطلباته المتقابلة، وعلى المحكمة أن تحصر جميع الطلبات والدفوع على ضوء ما عرض أمامها من أدلة وبيانات، ثم عليها إصدار الحكم منهية النزاع بين أطراف الدعوى وفاصلة في هذه الطلبات إما إيجابا واما سلبا (18).

وفي حال أغفل القاضي الفصل في طلب من طلبات الدعوى بديب السهو و عدم التركيز الذي يقع فيه القاضي فيؤدي إلى أنه يحكم في أحد طلبات الدعوى، كإغفال الحكم بالفائدة رغم طلبها ورغم الحكم بالدين، فيعد خطأ جوهريا موجبا للتمييز، ولكن إذا كان القاضي لم يفصل عمدا بهذا الطلب أو طلب أخر وبين في حكمه السبب الذي منعه من الفصل فيه ووجدته محكمة الطعن صحيحا فإن الحكم لا ينقضي لهذا السبب، ويعد الفصل الضمني في الطلب فعلا، وعدم الفصل في وسائل الدفاع أو في طلبات الدفع المقدمة لا يعني عدم الفصل في بعض طلبات الدعوى (19)، وفي حال اكتساب الحكم درجة البنات ولم يميز فإنه في هذه الحالة لا يمكن إقامة دعوى ثانية في الجزء الناقص من الدعوى (20).

أما بالنسبة للقانون المصري (21) فقد سار عكل القانون العراقي، فقد ذكر هذه الحالة في المادة (193) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري (22) ، إذ إن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيا على حاله ومعلقا أمامها، ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فائها الفصل فيه سهوا أو غلطا، ومن ثم فلا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في بعض الطلبات (23) ، ويشترط لتوفر هذه الحالة ثلاثة شروط (24).

أولا- أن يكون الطلب من طلبات الخصوم الموضوعية والختامية وقد قدم إلى المحكمة بصورة واضحة وطلب منها الفصل فيه، فلا يكفي أن يكون الطلب من وسائل الدفاع كطلب اتخاذ إجراء من إجراءات الإثبات، أو من الدفوع الشكلية أو الموضوعية، أو الدفع بعدم القبول؛ لأن إغفال شيء من ذلك يعد رفضا له من قبل المحكمة، وأن يذكر الطلب في بداية الخصومة وختامها، وإلا ع تنازلا عنه من قبل الطالب، وبالتالي لا يعد طلا مغفو عنه.

ثانيا- أن يكون إغفال المحكمة للطلب إغفالا كليا؛ أي لم تفصل فيه بأي شكل من الأشكال، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان عن سهو أو غلط، أما إذا كان عمدا فيكون الحكم قد تضمن قضاء صريحا أو ضمنيا في شأنه (24)، وتكون الوسيلة التظلم منه في الطعن في الحكم بإحدى طرق الطعن المناسبة.

ثالثا- أن تكون المحكمة قد أنهت الدعوى أمامها بحكم قطعي فاستنفذت به سلطتها في نظر النزاع في مجمله، وليس المحكمة الطعن أن تقبل الطعن المدفوع بالحكم المغل؛ لأنه يفوت درجة من درجات التقاضي .

 ثالثا- الفصل في شيء لم يدع به الخصوم أو القضاء بأكثر مما يطلبون 

تتحدد الدعوى بما تحتويه من طلبات، وعلى القاضي أن يتقيد بهذه الطلبات التي أوردها المدعي ودفوع المدعى عليه، فإذا خالف القاضي هذه الحدود وفصل في شيء لم يورده الخصوم، كأن يطلب الخصم من القاضي طلب تخلية داره فقط، فيحكم له بطلب التخلية و أجرة المثل، فيعد حكم القاضي خطأ جوهريا موجبا للتمييز ونقض الحكم (25) ، فالقاضي مقيد في الحكم بما يطلبه الخصم بعريضة دعواه نوعا و مدارا، لذا فإن الحكم بأكثر مما طلبه أو بغير ما طلبه الخصم فإن ذلك يعد خطأ جوهريا مبررا للتمييز  (26) .

أما في حال أصدر القاضي الحكم مدركا أنه قد قضى في حدود طلبات الخصم وكان قد ذكر في حكمه الوجه الذي استند إليه في حكمه، فإن هذا الحكم يكون صحيحا، ولا يعد قضاء بما لم يطلبه الخصوم إذا كان موافقا للقانون مثل الحكم بما لم يطلبه الخصوم، كأن يصدر الحكم بالفسخ و التعويض، في حين أن المدعي يطلب التنفيذ العيني أو العكس، وفي حال فوض المدعي المحكمة للحكم له بالتعويض فإن هذا التفويض يعني طلبه منها بأن تقضي بما تراه منقا مع قناعتها، وكذلك لا يعد رجها للتمييز إذا حكمت المحكمة بأقل مما طلبه الخصم؛ لأن ذلك معناه أنها رفضت بقية الطلب  (27) .

بينما الأمر يختلف في القانون المصري؛ إذ توجد هذه الحالة في الطعن بالتمام إعادة النظر؛ حيث نصت عليها المادة  (241/5) ، في حال كان حكم القاضي عن سهو أو غير قصد فإن التظلم يكون أمام المحكمة التي أصدرت الحكم بطريق إعادة النظر (28).

أما إذا كان حكم المحكمة عن إبراك وتعتمد في طلبات الخصم فإن حكمها يقبل الطعن بالنقض (29) ، ولا يتوفر الطعن بهذه الحالة إذا كان ما قضت به المحكمة له أساس في أوراق الدعوى القضائية، كما إذا كانت المحكمة رفضت طليا قضائيا كان معروضا عليها، ولو لم يطلب المدعى عليه في الدعوى القضائية برفضه، وكذلك إذا قضت المحكمة بأمر يتعلق بالنظام العام حتى لو لم يطلبه الخصم(30).

رابعا- الحكم على خلاف ما هو ثابت في محضر الدعوى أو على خلاف دلالة الأوراق والسندات المقدمة من الخصوم :

تعد محاضر الدعوى وما ثبت فيها من وقائع وأقوال وما قدمه الخصوم من وثائق لم يطعن بصحتها من السندات الرسمية، وتعد حجة على الناس كافة لا يجوز استنتاج وقائع على خلاف ما جاء فيها (31).

فالقاضي يحصل فهم وقائع الدعوى من كل ما دار في جلسات المرافعة ومن أقوال الطرفين المتداعين التي أثبتوها في لوائحهما المقمة المحكمة، وكذلك من الأدلة التحريرية التي يقدمانها لإثبات الدعوى أو الدفع، فإذا حصل الفهم أصدر القاضي حكمه، وفي حال إصدار الحكم مخالفا لما جاء بمحاضر الدعوى أو بلوائح الطرفين أو مخالفا للأدلة التحريرية المقدمة فإن حكمه يكون عرضة للتميز معيا بخطأ جوهري (32)، مثلا: إذا أثبت الحكم أن المدعى عليه قد اعترف بالدين في محضر الجلسة ولدى الرجوع لهذا المحضر وجد أن المدعى عليه قد أنكر الدين فإن الحكم يتعين نقضه لذكره وقائع غير صحيحة، 

خامسا- إذا كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض  (33):

منطوق الحكم هو أهم أجزاء الحكم القضائي، فقيه يتجدد قرار المحكمة، وعن طريقه يتم حسم المنازعات وإقرار الحقوق، وبمقتضاه يتم التنفيذ الجيري، وضده يوجه الطعن، ونتيجة له تستنفذ المحكمة التي أصدرته ولايتها، وبه تلتصق الحجية (34)، وقد جرى القضاء العراقي على إطلاق مصطلح الفترة الحكومية على منطوق الحكم (35) ، وتناقض المنطوق الموجب للتمييز هو التناقض الذي يتعر تنفيذهما معا، كما إذا قضت المحكمة في منطوق حكمها برفض دعوى الاستحقاق الأصلية وبإلزام الضامن، وفي نفس الوقت بالتعويض أو بقبول المقاصة، وفي نفس الوقت بإلزام المدين بالدين(36)، فيع الحكم عندها معيبا بخطأ جوهري موجب للتمييز والنقض، والأصل أن تكون الحجة المنطوق الحكم وحده، إذ هو الذي يشتمل على قرار المحكمة الفاصل في النزاع (37) .

أما إذا وقع تناقض بين منطوق الحكم و أسبابه فالأصل أنه لا تأثير التناقض الأسباب مع الفقرة الحكمية، إلا أن أسباب الحكم ومنطوقه يشكلان القاعدة القانونية للحكم، فالمنطوق نتيجة مترتبة على الأسباب، وبالتالي تجمعهما رابطة وثيقة، والخلل في هذه الرابطة يؤدي إلى التناقض بين المنطوق والأسباب، كما لو أن المحكمة ذكرت في أسباب الحكم عدم وقوع تجاوز من المدعى عليه على حقوق المدعي، ولكن في الوقت نشده تحكم عليه وفقا لطلب المدعي، فإن هذا التناقض يعيب الحكم، وبالتالي يتم تمييزه ونقضه (38) .

ولا يدخل ضمن هذه الحالة مجرد الأخطاء المادية الحسابية و الكتابية التي قد تلحق منطوق الحكم على نحو قد تظهره بأنه متناقض، والسبيل لتلافي هذه الأخطاء إنما إصلاحها من قبل المحكمة نفسها، وذلك بناء على طلب طرفي الدعوى أو أحدهما وفق المادة (167) من قانون المرافعات المدنية العراقي.

أما في مصر فإن هذه الحالة وردت ضمن طريق الطعن بالتماس إعادة النظر في المادة (241/6)، فإن كان التناقض واقعا في منطوق الحكم ذاته، كأن يكون القاضي قد قضى بأمرين يستحيل الجمع بينهما فإن الطعن بقرار القاضي في هذه الحالة يكون بالتماس إعادة النظر، بينما إذا كان التناقض قد وقع بين منطوق الحكم القضائي و أسبابه، أو بين أسبابه بعضها بعضا، أو بين منطوق حكمين قضائيين مستقلين، ففي هذه الحالات يكون الطعن با بالاستئناف وإما بالنقض حسب أحوال الدعوى(39).

سادسا- إذا كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية :

لكي ينتج الحكم القضائي آثاره القانونية التي يعتد بها سواء بالنسبة للخصوم أم للغير، فلا يكفي أن يكون صدوره من محكمة مختصة وفي خصومة قائمة بين طرفي الدعوى؛ بل لا بد من توافر ركن ثالث؛ وهو أن يصدر الحكم القضائي بالشكل المقرر في القانون؛ لأن الحكم عمل إجرائي مهم وخطير، وينبغي تنظيم إجراءات إصداره بما يضمن احترام حقوق كل من الادعاء والدفاع وتمنع القاضي من التحكيم في مصير الدعوى، وبالتالي تحقيق حسن سير العدالة (40) .

وقد نص قانون المرافعات المدنية العراقي في المواد من (154-163)  على الشروط التي يستلزم توافرها في الحكم القضائي، منها شكلة تتعلق بشكل الحكم وكيفية إصداره كضرورة اشتمال ديباجة الحكم على اسم الفاضي والمحكمة التي أصدرته وتاريخه وتوقيع القاضي على أصل الحكم ومسودته، وأخرى موضوعية تتعلق بوجوب تسبيب الحكم وإسناده إلى أمسي قانونية، فحجية الأحكام تنصرف إلى الأحكام الصادرة من المحاكم والتي تكون مستوفية لأركانها الأساسية التي حازت درجة البتات، وليس الأحكام التي فقدت أحد أركانها (41).

وبفقدان أحد أركان الحكم بعد باطلا موجيا للتمييز، فمن المهمات الصعبة على القضاة هي كتابة الحكم وتسبيبه ؛ لأنها تتطلب منه اقتناعا شخصيا منه واقتناع أصحاب الشأن بما اختاره من حكم، ولضمان تسبيب الأحكام يجب التحقق من أن القاضي قد اطلع على جميع وقائع القضية، واتصل علمه بجميع ما قدمه الخصوم من طلبات ودفوع، وكذلك التحقق من أن القاضي قد استخلص الوقائع الصحيحة من واقع الأوراق والأدلة المقدمة في الدعوى، وأيضا التحقق من أن القاضي لم يخل بدفاع جوهري من شأنه أن يغير وجه الحكم في الدعوى والتحقق من أن القاضي قد فهم المسائل القانونية للدعوى وكيفها تكييفا صحيا ورتب عليها الآثار القانونية، وبعد القضاء المدبب مظهرا لقيام القاضي بواجبه، وبه وحده يسلم من مظنة التحكم والاستبداد ويرتفع به الشك عن الشك والشبهات، فضلا عن أنه يمكن محكمة الطعن من الإشراف على صحة تطبيق القانون وتقرير المبادئ القانونية الصحيحة (42).

فالنظام العام لأحكام هي أن تكون مسبية، وإلا كانت باطلة، إلا أنه يستثنى من لزم تسبيب الأحكام المتعلقة بإجراءات الإثبات ما لم تكن متضمنة قضاء قطعيا، أو إذا كانت متعلقة بسير الدعوى (43)، وإذا تعددت الأحكام فيجوز أن يتناول الطعن التمييزي بعض هذه الأجزاء دون البعض الأخر، وينحصر نظر المحكمة عندئذ في الأجزاء التي شملها الطعن لون الأجزاء الأخرى(43).

فعند تسبب الحكم ينبغي ألا تغفل المحكمة عن ذكر دفاع الخصم، أو تكون قاصرة في ذكر دفاعه، مما يتغير معه وجه الرأي في الدعوى، ففي هذه الحالة يميز الحكم وينقض (45)، فعدم تسبيب الحكم تسبيبا كافيا يجعل محكمة الطعن عاجزة عن مراقبة صحة تطبيق القانون فيما ينسبه الطاعن الحكم المميز من مخالفة القانون أو غير ذلك من الأسباب، فيتعين عندها نقض الحكم المميز؛ لخلوه من الأسباب، أو لعدم قيامه على أساس قانون صحيح (46)

_____________

1- د. سعدون ناجي القشطيني، شرح أحكام المرافعات، ج1 الطبعة الاولى ، مطبعة المعارف بغداد 1972 ، ص387.

2- يطعن بالتمييز "إذا وقع في الحكم خطأ جوهري. ويعتبر الخطأ جوهريا إذا أخطأ الحكم في فهم الوقائع أو أغفل الفصل في جهة من جهات الدعوى أو فصل في شيء لم يدع به الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه أو قضى على خلاف ما هو ثابت في محضر الدعوى أو على خلاف دلالة الأوراق والسندات المقدمة من الخصوم أو كان منطوق الحكم مناقضا بعضه لبعض أو كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية".

3- القاضي، محمد شفيق العافي، أصول المرافعات والصكوك في القضاء الشرعي، الطبعة الثانية، مطبعة الإرشاد ، بغداد، 1999، ص 244 .

4- د. عبد الرزاق عبد الوهاب، الطعن في الأحكام بالتمييز في قانون المرافعات المدنية، دار الحكمة، بغداد، 1991 ، ص 102.

5- د. أحمد مليحي، أوجه الطعن بالنقض المتصلة بواقع الدعوى، مكتبة دار الفكر العربي، القاهرة، 1988، ص 84 وما بعدها 

6- جبار علوان شناوي، الطعن بالأحكام القضائية المدنية أمام محكمة التمييز - دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق جامعة النهرين، 2008 ، ص 42.

7- د. منصور حاتم محسن، د. هادي حسين الكعبي، الأمر الإجرائي للواقع و القانون في تحديد وصف محكمة التمييز، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية و السيادة، جامعة بابل، المجلد 1، العدد 1، 2009، ص 9

8- المسمار، حامد فهمي، د. محمد حامد فهمي، النقض في المواد المدنية والتجارة، لجنة التأليف و الترجمة والنشر، 1937 ، ص 129.

9- القاضي، عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1999، الجزء الرابع، الطبعة الثانية  المكتبة القانونية بغداد 2009 ، ص 41

10- نظر قانون الإثبات العراقي رقم 107 لمدينة 1979، الوقائع العراقية، العدد 28 27، 1979/9/3 ، المواد التي تتعلق بالأدلة الكذابة (23، 25، 28)، والإقرار مادة (59)، والشهادة المواد (76، 77، 78)، والقرائن القانونية والقضائية في المواد من (98-102)، وحجة الأحكام في المواد من (100-109)، واليمين في المواد (108، 115 ، 122).

11- القاضي، عبد الحمدين صباح صيوان الحسون، المورد القانوني، الطبعة الأولى، بدون سنة نشر ، 2011، ص 188 .

12- د. أحمد مليجي، الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الجزء الخامس، الطبعة الثالثة عنيز، نادي القضاة، 2016، ص 146.

13- د. أحمد السيد صاوي ، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، معدلا بالقانون رقم 76 لسنة 2007 - والقانون رقم 120 لسنة 2008  بإنشاء المحاكم الاقتصادية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2011 ، ص 1079

14- نقض مدني مصري، رقم 1986 لسنة 83 قضائية، 2019/6/20 . على الرابط الأتين

https://www.cc.gov.eg/judgment_single?id=111392098&ja=263642

قمت الزيارة في، 2020/9/20

15- د. عبد الرزاق عبد الوهاب، الطعن في الأحكام بالتمييز في قانون المرافعات المدينة، مصدر سابق، ص 201. د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية - دراسة مقارنة ومعززة بالتطبيقات القضائية، الطبعة الأولى، مكتبة السنهوري، بغداد، 2016 ، ص 485.

16- د. سعدون ناجي القشطيني، شرح أحكام المرافعات، ج1 الطبعة الاولى ، مطبعة المعارف بغداد 1972  ، ص 390.

17- محمود غانم بونس الأمين، الطعن تمييزا في الأحكام المدنية - دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون – جامعة بغداد، 2004، ص 46 .

18- د. سعدون ناجي القشطيني، شرح أحكام المرافعات، مصدر سابق، ص 390

19- القاضي، عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 13 لسنة 1999، الجزء الرابع، مصدر سابق، ص  42 .

20- قرار محكمة التميز، رقم 738/هيئة القضايا الإدارة 1980، 18/10/1980 ، مشار إليه لدى محمود غانم يونس الأمين، الطعن تمييزا في الأحكام المدنية - دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية القانون- جامعة بغداد، 2004 ، ص48 .

21- نصت المادة (193) من قانون المرافعات المدية و التجارة المصري رقم 13 لسنة 1968، على أنه: "إذا أغفلت  المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوع جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب و الحكم فيه .

22-  نقض مدني مصري، رقم 8302  لسنة 77 قضائية 20/11/2013 ، ، متاح على موقع محكمة النقض على الرابط الاتي:

  60729 = https://www.ca.gov.eg judgment_single?id=111162490&&ie

. تمت الزيارة بتاريخ 12/4/2019 .         

23- د. أسامة أحمد شوقي المليجي، الأحكام والأوامر وطرق الطعن عليها في ضوء قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1998 وتعديلاته، دار النهضة العربية، القاهرة، بدون سنة نشر، ص176 وما بعدها. المستشار. عبد الحميد المنشاوي، التعليق على قانون المرافعات المدنية والتجارية والإدارية، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2007، ص319

24-  ويضيف الدكتور أحمد أو الوفاء بأنه لا يجوز القاضي الموضوع قانونا أن يطرح ما يقدم إليه تقديما صحيحا من الأدلة أو الأوراق في حقوق الخصوم، بل عليه أن يورد في حكمه ستا يبرر هذا الطرح، فإذا لم يبرر فلن حكمه يكون باط. نظر د. أحمد أبو الوفاء نظرة الأحكام في قانون المرافعات، الطبعة الرابعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1980، ص 239 .

25- د. هادي حسين الكعي، هبة عبد الأمير حميد مهدي، فعالية محكمة التمييز على عنصر الواقع - دراسة مقارنة مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية، جامعة القادسية، العدد 1، المجلد 9، 2018، ص 61 .

26- د. أدم وهيب النداوي، المرافعات المدنية، الطبعة الثالثة، المكتبة القانونية، بغداد، 2011 ، ص 410

27- القاضي، عبد الرحمن العلام، شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 السنة 1969، الجزء الرابع، مصدر سابق، ص 42-43 .

28-  د. أحمد أبو الوفاء التعليق على نصوص قانون المرافعات، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2007 ، ص 1039

29- المستشار عبد الحميد المنشاوي، التعليق على قانون المرافعات المدنية والتجارية والإدارية، مصدر سابق، ص 446 .

30- د. محمود السيد عمر التحيوي، الطعن في الأحكام القضائية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007، ص162 .

31-  انظر قانون الإنبات العراقي رقم 107 الدقة 1979، المواد (21، 22)۔

32- د. عبد الرزاق عبد الوهاب، الطعن في الأحكام بالتمييز في قانون المرافعات المدنية، مصدر سابق، ص208 .

33- ان التناقض في منطوق الحكم بعد من الأخطاء الجوهرية ويستوجب نقض الحكم، قرار محكمة التمييز العراقية، رقم 3756 مرافعات/2008،2008/11/10 ، منشور على موقع مجلس القضاء الأعلى العراقي على الرابط الآتي:  993 https://www.hjc.iq/aview - تمت الزيارة بتاريخ، 2020/9/25

34-  د. أحمد هندي، أسباب الحكم المرتبطة بالمنطوق، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 1999، ص9

35- د. ضياء شيت خطاب، في القضاء، مؤسسة الخليج للطباعة والنشر، الكويت، 1984، ص 101.

36- المستشار . سيد حسين البغال، المطول في شرح الصيغة القانونية للدعاوى والأوراق القضائية، المجلد الذاتي، عالم الكتب، القاهرة، 1991، ص 415

37- د. محمود عبد علي حميد الزبيدي، النظام القانوني لانقضاء الدعوى الإدارية من دون الحكم بالموضوع دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المركز العربي، 2018، ص396

38-  د. ياسر باسم نفون، د. أجياد ثامر نايف الدليمي، الحكم المدني وحالات التناقض فيه - دراسة مقارنة، مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد 17، العدد ، 2010، ص 665، د. سعدون ناجي القشطيني، شرح أحكام المرافعات، مصدر سق، ص393، 394 

39- د. محمود السيد عمر التحيوي، الطعن في الأحكام القضائية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007 ، ص164-165 .

40- القاضي، عبد الستار ناهي عبد عون، الأحكام القضائية المدنية وتسبيبها ، مجلة جامعة تكريت للحقوق، السنة 8، المجلد 5، العدد 20، 2016، ص238 ۔

41- قرار محكمة التميز، رقم 556 /الهيئة العامة / 2013، 2013/1/30 ، مجلة التشريع و القضاة، السنة الخامسة، العدد الذات، ص 115

42- د. أحمد أبو الوفا، نظرية الأحكام، مصدر سابق، ص167-168.

43- د. حسام أحمد العطار، تدبيب الأحكام الفضائية "دراسة مقارنة في قانون المرافعات المصري والفرنسي"، مجله العلوم القانون و الاقتصادية، جامعة عين شمس - كلية الحقوق، المجلد 58، العدد 2، 2016، ص658

44- د. عصمت عبد المجيد بكر، شرح أحكام قانون المرافعات المدنية في ضوء أراء الفقه وأحكام القضاء، مكتبة الدمنهوري، بغداد، 2019 ، ص 904.

45- المستشار، أنور طلبة، المطول في شرح المرافعات المدنية و التجارية، الجزء السابع، نادي القضاة، القاهرة، 2016 ، ص 425 

46- د. عبد الرزاق عبد الوهاب، الطعن في الأحكام التمييز في قانون المرافعات المدنية، مصدر سابق، ص 215.