ثورة خامسة للعلويين ضد العباسيين
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج1، ص 188-191
4-11-2020
1103
ثورة خامسة للعلويين :
وفي عهد جعفر هذا أطلت على مكة ثورة جديدة من سلسلة ثورات العلويين، بعد ان مضى على اخر ثورة قبلها نحو نصف قرن ولا تبدو خطوط هذه الثورة واضحة المعالم الا اننا نستطيع ان نعرف ان اسم الثائر اسماعيل بن يوسف وان نسبه يرتفع الى الحسين بن علي بن ابي طالب وانه تولى مكة بالتغلب في سنة ٢٥١ بعد ان هرب منها جعفر مهزوما وانه اغتصب ما في خزائن الكعبة من الاموال.
وبعد ان وطد الثائر لنفسه في مكة اقام بها خمسين يوما، ثم زحف الى المدينة فتوارى عنه عاملها، ثم رجع الى مكة واستأنف حصارها حتى مات بعض اهلها جوعا وعطشا وبلغ الخبر ثلاث اواق بدرهم كما بلغ سعر الرطل من اللحم أربعة دراهم وشربة الماء ثلاثة دراهم ، ثم مضى الى جدة فاحتلها واغتصب اموال تجارها واصحاب المراكب فيها ، ثم وافى الموقف والناس بعرفة فافسد فيها وقتل من الحجاج نحو الف ومائة ونهب الناس فهرب الحجاج ولم يقف في عرفة احد سواه وجيشه ثم بعد انفصاله من عرفة رجع الى جدة مرة اخرى وعاث فسادا فيها.
وقد مات اسماعيل في عام ٢٥٢ بالجدري وماتت ثورته بموته دون ان نعرف اسبابا اخرى واضحة غير الجدري (١) وفي السنة نفسها عقد الخليفة المستعين بالله لابنه العباس على مكة والمدينة والبصرة والكوفة وباشر ذلك غيره.
وولى مكة بعده محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين دون ان يباشرها ويقول الفاسي (٢) ان المعتز ولى مكة عيسى بن محمد المخزومي ويذكر ابن الاثير ان المعتز انفذه مع محمد بن اسماعيل لحرب اسماعيل بن يوسف العلوي آنف الذكر.
ثم ولى مكة أحمد بن المنصور العباسي ويعرف بكعب البقر وولى في خلافة المهتدي علي بن الحسن الهاشمي في عام ٢٥٦ (٣).
ولما تولى الخلافة المعتمد العباسي كان اخوه الموفق يقيم في مكة في حكم المبعدين فقد نفاه اليها الخليفة المهتدي ففكر المعتمد في الاستعانة به فأرسل اليه يدعوه من مكة وولاه بوصوله بغداد الجزء الشرقي للمملكة بما فيه أرض الحرمين واستطاع الموفق أن يدعم نفوذه ويسيطر على أمور أخيه يعضده نفوذ الاتراك.
واذا كان مؤرخو مكة مجمعين على اعتبار الموفق من ولاة مكة فالواقع الذي يدل عليه سياق التاريخ انه لم يتولها مباشرة بل عقد له عليها فيما عقد له من بلاد الشرق في الوقت الذي ظل مقيما بالعراق يهيمن على مقدرات الدولة العباسية وينيب عنه في مكة من يتولى امارتها.
ويذكر ابن ظهيرة في الجامع اللطيف اسماء من تولى مكة في هذا العهد عهد المعتمد ولكن قرائن الحوادث تدل على ان هؤلاء الولاة لم يكونوا الا نوابا على امارتها لأن امارتها ظلت معقودة للموفق طيلة عهد المعتمد ونحن نورد اسماءهم فيما يأتي : محمد بن المتوكل وقد تولاها سنة ٢٥٧ وابراهيم بن محمد بن اسماعيل وقد كان في ولايتها نحو سنة ٢٥٩ ويذكر بعض المؤرخين اسماء الولاة في صورة تخالف ما نقلناه مما يتعذر معه التحقيق.
_______________
(١ و ٢ و ٣) راجع شفاء الغرام ٢ / ١٨٧ و ٢١٧
الاكثر قراءة في الدولة العباسية *
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة