ابن ابي اسحاق الحضرمي  					
				 
				
					
						
						 المؤلف:  
						د. محمد المختار ولد اباه					
					
						
						 المصدر:  
						تاريخ النحو في المشرق والمغرب					
					
						
						 الجزء والصفحة:  
						ص55- 57					
					
					
						
						27-03-2015
					
					
						
						9723					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				اتفق مؤرخو اللغة أن ابن أبي إسحق (هو أول من بعج النحو و مد القياس و شرح العلل) (1) فهو النحوي الأول الذي لم يقبل من العرب أن يخرقوا القواعد التي استقراها من كلامهم، و اعتبرها ثابتة و ملزمة، و هذا ما جعله يعيب على الفرزدق قوله:
و عضّ زمان يا ابن مروان لم يدعمن المال إلا مسحتا أو مجلّف 
فلم يرض ابن أبي إسحق عن رفع كلمة «مجلف» لأنها معطوفة على ما قبلها و لا يجوز غير نصبها، و اعترض على الشاعر نفسه قوله:
مستقبلين شمال الشّام تضربنا                     على زواحف نزجيها مخها رير 
و لقد غضب الفرزدق من هذا التلحين، و ما كان منه إلا أن أطلق لسانه في ابن أبي إسحق قائلا:
و لو كان عبد اللّه مولى هجرته                   و لكنّ عبد اللّه مولى مواليا 
و تقول بعض الروايات أن ابن أبي إسحق، لم ينكر على الفرزدق هجاءه أكثر مما أنكر عليه نصبه لكلمة «مواليا» في آخر البيت و التي كان من المفروض أن تكون مجرورة(2)، و لعل حرصه على الالتزام بالقواعد و مد القياس جعله يبحث عن تعليل الإعراب فقال إن التكرار يبيح حذف الواو في العطف مثل ما يقول الشاعر:
ص55
فإيّاك إيّاك المراء فإنّه                  إلى الشّرّ دعّاء و للشّرّ جالب(3)
و نراه أيضا يتحدث عن موانع الصرف، و عدم جوازه في «زيد» إذا كانت اسما لامرأة (4).و له حروف في القراءات، مثل تحقيق الهمزين في نحو (قرأ أبوك) (5)، و نصب المضارع بالواو، قوله تعالى: يٰا لَيْتَنٰا نُرَدُّ وَ لاٰ نُكَذِّبَ بِآيٰاتِ رَبِّنٰا وَ نَكُونَ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ ) (الأنعام – الآية 27) (6).
و كان ابن أبي إسحق قيما بالعربية، إماما في القراءة، فاعتبر في عهده أعلم أهل البصرة. و قال يونس عنه إنه هو و البحر سواء (7)،
لقد أخذ عن يحيى بن يعمر و نصر بن عاصم، و صحب ميمون الأقرع و روى عن أبي حرب بن أبي الأسود.
و أوضح الدكتور عبد العال أن قياسه لم يكن قياسا أرسطيا و لا أفلاطونيا، و إنما كان قياس فطرة و عقل، مثل ما قال عمر بن الخطاب لأبي موسى أن يعرف الأشياء و أن يقيس عليها (8).
و قد أورد أهل الفقه و الحديث أمثلة من أقيسة الرسول عليه الصلاة و السّلام.
منها جوابه لامرأة سألته هل تقضي صوم رمضان عن أمها، فقال: «أ رأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه؟» قالت «نعم» . قال: (فدين اللّه أحق بالقضاء). و منها جوابه لرجل قال له إن امرأته أتت بغلام أسود، فسأله النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن ألوان إبله، و بيّن له إمكان اختلاف لون الأولاد لعرق ينزع فيها. و قد أوضحنا في المقدمة نوع القياس الذي كان مستخدما في هذه المرحلة من تاريخ النحو، و كيف تطور فيما بعد.
و من إسهام ابن أبي إسحق مشاركته في مناظرات في النحو و اللغة تتناول أوجه القراءات مثل ما دار بينه و بين بلال بن أبي بردة في قراءة (بِمَلْكِنٰا) (طه -الآية 87) أو (بملكنا) ، فقد روى ابن أبي إسحق عن مجاهد ضم الميم و قرأ بلال بفتحها، فأجازهما أبو عمرو ابن العلاء و فضل قراءة بلال(9)، و ناظر أبا عمرو في الهمز(10). و لقد أتت
ص56
الروايات بأنه أملى كتابا في الهمز، هذا الكتاب يعتبر أول تأليف مستقل في النحو. كما أنه مختلف مع أبي عمر في قراءة بَرِقَ اَلْبَصَرُ (القيامة-الآية 7) . قرأها ابن إسحق بفتح الراء و أبو عمرو بكسره(11).
و من القراءات المنسوبة إليه، و المعروفة في الشواذ (يا بشري) (يوسف- الآية 19) و كذلك (فمن اتبع هدي) (طه-الآية 123) ، و أوضح ابن جني أنها لغة فاشية عند هذيل و استشهد بما روي عن قطرب و هو قول الشاعر:
يطوّف بي عكبّ معدّ                            و يطعن بالصّملّة في قفيّا 
فإن لم تثأرا لي من عكبّ                        فلا أرويتما أبدا صديّا(12) 
و لقد تابع يحيى بن يعمر في قراءة (مِنْ دُبُرٍ) (يوسف-الآية 27) بثلاث ضمات، و في نصبه «و يتوب إليه» ، و تابع ابن هرمز في قراءة (فَلاٰ رَفَثَ وَ لاٰ فُسُوقَ) (البقرة-الآية 197) بالفتح(13) و خالفه في قراءته (حَتّٰى يَقُولَ اَلرَّسُولُ) (البقرة-الآية 214) لأنه قرأها بالنصب، فجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه و منها قراءة (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) بالنصب(14)  (هود- الآية 78).
_______________________
(1) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 31.
(2) المصدر نفسه، ص 32.
(3) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 279.
(4) المصدر نفسه، ج 2 ص 242.
(5) المصدر نفسه، ج 3 ص 443. و المرد: المقتضب، ج 1 ص 158.
(6) المصدر نفسه، ج 3 ص 44. و الزبيدي: مراتب النحويين، ص 33.
(7) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 31.
(8) الحلقة المفقودة، ص 109.
(9) مجالس العلماء، ص 241.
(10) المصدر السابق، ص147.
(11) الحلقة المفقودة، نقلا عن مجالس العلماء.
(12) ابن جني: المحتسب، ج 1 ص 76، و مكي: مشكل إعراب القرآن، ج 1 ص 426، الحلقة المفقودة، ص 130.
(13) الحلقة المفقودة، ص 128 نقلا عن الكشف المكي.
(14) المصدر نفسه، ص 131.
				
				
					
					
					 الاكثر قراءة في  أوائل النحويين					
					
				 
				
				
					
					
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة