كتاب المقتضب (باب الإضافة وهو باب النسب)
المؤلف:
عبدة الراجحي
المصدر:
دروس في المذاهب النحوية
الجزء والصفحة:
1-03-2015
6042
اعلم أنك إذا نسبتَ رجلاً الى حي أو بلد أو غير ذلك ألحقتَ الاسم الذي نسبته إليه ياء شديدة(1)، ولم تخففها لئلا يلتبس بياء الإضافة(2) التي هي اسم المتكلم . وذلك قولك : هذا رجلٌ قيسيّ ، وبكري ، وكذلك كل ما نسبته إليه .
واعلم أن الاسم إذا كانت فيه ياءٌ قبل آخره ، وكانت الياءُ ساكنة ، فحذفها جائز ؛ لأنها حرفٌ ميت ، وآخر الاسم ينكسر لياء الإضافة ، فتجتمع ثلاث ياءات مع الكسرة ، فحذفوا الياء الساكنة لذلك .
وسيبويه وأصحابُه يقولون : إثباتُها هو الوجه . وذلك قولك في النسب الى سُليم سُلمي ، وإلى ثقيف ثقفي ، والى قُريش قُرشيّ(3) .
ص64
وإثباتُها كقولك في نُمير نُميري ، وقشير قشيري ، وعقيل عقيلي ، وتميم تميمي .
فإن كانت هاءُ التأنيث في الاسم فالوجهُ حذف الياء ، لما يدخل الهاء من الحذف والتغيير . وذلك قولك في ربيعة ربعي وفي حنيفة حنفي ، وفي جذيمة جذمي ، وفي ضبيعة ضُبيعي(4).
فأما قولهم في الخريبة خريبي ، وفي السليقة سليقي فهذا بمنزلة الذي يبلغ به الأصل ، نحو لححت عينه(5) (واستحوذ عليهم الشيطان)(6). والوجه ما ذكرت لك .
فإن كانت الياء متحركة لم تُحذف . وذلك قولك في حمير حميري ، وفي عثير عثيري .
ص65
___________________
(1) تردد القدماء في تسمية النسب بين مصطلحي (الإضافة) و (النسب) وهكذا سماه سيبويه ؛ فقال : باب الإضافة وهو باب النسب . وكانوا يسمون الياء المشددة التي تلحق المنسوب ياء الإضافة . وعلى ذلك فإنك تلحظ مما درست في كتاب سيبويه أن الإضافة كانت تطلق على ثلاثة أشياء ؛ الإضافة المعروفة ، وحروف الجر ، ثم النسب ، ثم استقلت الإضافة بعد ذلك بمعناها المشهور في كتب النحو .
(2) أي ضمير المفرد المتكلم حين يقع مضافاً إليه ؛ فهناك فرق بين كتابي ـ بيان ساكنة ـ بمعنى الكتاب الذي أملكه ، وكتابي ـ بياء مشددة ـ أي غير المسلم الذي يدين بكتاب غير سماوي .
(3) هذا تعليل لجواز حذف الياء الساكنة الواقعة قبل الحرف الأخير حتى لا تجتمع امثال كثيرة ، لان ياء النسب المشددة ياءان ، والكسرة التي قبلها من جنس الياء ثم هذه الياء الساكنة . والواقع أن النحاة يقصدون حذف هذه الياء على السماع ولذلك ينقل المبرد عن سيبويه قوله إن إثباتها هو الوجه ، نقول في النسب الى عقيل وردين رُديني.
(4) تحذف ياء فعيلة ـ بفتح فكسر ـ وتحذف معها تاء التأنيث ، وبشرط أن تكون عين الكلمة غير مضعفة ، وأن تكون صحيحة إذا كانت اللام صحيحة ، وكذلك ياء فعيلة ـ بضم ففتح ـ كالأمثلة التي قدمها المبرد . وأنت تلاحظ أن فعيلة تصير فعلي بفتح العين أي أن كسرة العين تنقلب فتحة بعد حذف الياء الطويلة التي تناسبها الكسرة .
على أن نص المبرد وكذلك عدد كبير من النحاة يؤكد أن حذف الياء هو الوجه أي واجب ، لكن تتبع الوارد من اللغة يدل على أن العربية لم تحذف هذه الياء دائماً وإنما حذفته إذا كان النسب الى أسماء القبائل والبلدان المشهورة ، أما الكلمات الأخرى فقد ورد منها عدد كبير دون حذف الياء . ونرى هذا الرأي جديراً بالاتباع ، ولذلك نفضل في النسب الى طبيعة طبيعي ، وإلى بديهة بديهي وهكذا .
(5) أي التصفت .
(6) المجادلة 19 .
الاكثر قراءة في كتاب المقتضب - للمبرد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة