x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : التاريخ والحضارة : التاريخ :

الأمور الضرورية للمؤرّخ

المؤلف:  السيد محمد الحسيني الشيرازي

المصدر:  فلسفة التاريخ

الجزء والصفحة:  ص 123- 130

19-4-2019

1376

الأمور الضرورية للمؤرّخ

من يريد استكشاف فلسفة التاريخ عليه أن يهتمّ بثلاثة أمور الصغرى، والكبرى، والنتيجة بأن تكون مفردات الصغرى صحيحة واقعية لا خيالية ناشئة عن الأهواء، والشهوات، أو الآلات، أو الاشتباهات، وأن تكون الكبرى صحيحة واقعية لا ناشئة عن الغلط والخطأ، وتكون النتيجة أيضاً صحيحة مترتّبة على هذه الكبرى وهذه الصغرى.

مثلاً: إذا قلنا إنّ العالم متغيّر، وكلّ متغيّر حادث، فالعالم حادث، يلاحظ أن تكون صغراه صحيحة بأن كان العالم متغيّراً، وأن تكون كبراه صحيحة بأن يكون كلّ متغيّر حادثاً حسب المنطق والدليل، وأن تكون النتيجة التي هي العالم حادث أيضاً مترتّبة عبـر اجتماع شرائط أحد الأشكال الأربعة على تلك الصغرى والكبرى، وإلاّ فإذا أخطأ الإنسان في أحد الثلاثة؛ لا يصل إلى الفهم الصحيح، الذي هو طريق إلى الواقع الصحيح.

وبعبارة أخـرى؛ يجب أن تكـون صورة القياس ومادّته مطابقةً للواقع وصحيحةً، فالصورة كما ذكرها علماء المنطق، والفلسفة، على أربعة أقسام مشهورة، والمادّة على ما ذكرها أيضاً هي على الأقسام الخمسة الصناعية، وكلّ الخلاف في العالم أخذا‌ً من المبدأ إلى المعاد، وإلى أكبر مجرّة، وأصغر ذرّة، إنّما حصل بسبب أحد هذه الثلاثة، أو أحد هذين الاثنين.

أمّا الاختلاف بسبب اختلاف المصالح؛ فليس من محلّ الكلام في شيء، إذ الاختلاف قـد يكـون اختلافاً فـي الواقع والجوهر، مثل إنّ زيداً طبيب أو ليس بطبيب، وأنّ عمراً عادل أو ليس بعادل، وقد يكون باختلاف المصالح مثل تضرّر مصلحة الطبيب والمريض؛ حيث مصلحة المريض تقتضي أن يراجع الطبيب ولو في نصف الليل، ومصلحة الطبيب تقتضي أن ينام في هذا الوقت وإلاّ تسبّب له المرض، فإنّ اختلاف مصالحهما هو الذي يسبّب التضارب، وكذلك اختلاف البائع والمشتري، إذ المشتري؛ مصلحته تقتضي شراء الشيء الرخيص، بينما مصلحة البائع تقتضي أن يعطي البضاعة غالياً أو فوق الرخص. وهكذا حال مصلحة الزوجين، وسائر الشركاء.

وقد نُقِلَ عن ابن سينا أنّه إذا قيلت له قضيّة صبّ القضيّة في الصغرى والكبرى، ولاحظ أنّهـا مـن أيّ الصناعات الخمس: البرهانيّات، أو المشهـورات، أو ما أشبه ذلك. ثمّ حكم بصحّتها أو سقمها وفسادها مطلقاً أو في الجملة.

ومن أظهر الأمثلة لذلك؛ من كانوا يمدحون يزيد أو يذمّونه، أو يمدحون الحجّاج أو يذمّونه، أو يمدحون الشيطان أو يذمّونه، فإنّ هناك فرقةً تعبُدُ الشيطان باعتباره طاووس الملائكة وأنّه أوّل العابدين، وباعتباره أنّه لم ينخدع بخدعة الله سبحانه وتعالى حسب تعبيرهم. حيث إنّ الله أراد تعليم آدم وحواء أشياء في حال سجود الملائكة فأمرهم بالسجود لكنّ الشيطان لمّا عرف ذلك أبى السجود، ولذا يعبّرون عنه بسيّد الموحّدين!. إلى غير ذلك من الأمور الغريبة المذكورة في التواريخ. وقد قال الشاعر في حقّ عليّ (عليه السلام):

كم بين مَن شكّ في خلافته*** وبين مَن قال إنّه الله

ولم تكن هذه الأمور خاصّة بالزمان السابق بل وحتّى في زماننا هذا، وهو زمان العلم والنور والذرّة والرحلات الفضائية، فقسمٌ كبير من الناس ينحدرون عن الجادّة بأبشع انحراف.

مثلاً: صدّام (1) وهو الشخص الذي تفوق همجيته همجية الحجاج (2) كما ذكرنا ذلك في البيانات المرتبطة بالعراق، نجد من يمدحه أشدّ المدح، ولا بأس أن ننقل هنا مقالة لأحد العراقيين والموالين له في مجلّة المجلّـة العربيـة في السابع عشر من جمادى الآخرة سنة 1408ه‍، وهذا نصّ المقالة:

يعدّ صدّام حسين أوّل قائد عربي منذ زمن الخلافة العباسيّة، ينجح في بناء دولة متقدّمة ومجتمع مرفّه، فالعراق قبل ثورته التي قادها كان فقيراً رغم ثرائه وكان 80% من شعبه حفاة أمّيّين، يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، فانقلب الوضع جذرياً، وتجلّى ذلك في محو الأميّة، واستئصال الأمراض الشائعة، والقضاء على الفقر، وما ينجم عنه أمراض اجتماعية معروفة، وتحقيق العدالة الاجتماعية بصورة نموذجية، وبناء جيش من العلماء، والمهندسين، جعلوا العرب قادرين ولأوّل مرّة في تاريخ العصر الحديث على دخول عصر التصنيع في مجالات معقّدة. إنّ هذه بعض وليست كلّ إنجازات صدّام حسين وهي وجوهاً تكفي لجعل كلّ عراقي يتمسّك بقيادة صدّام حسين. وعلى المستوى العربي تميّز صدّام حسين بأنّه صاحب مبدأ، ورسالة، وهؤلاء يتميّزون بثبات عليها، وعدم الوقوع في إغراءات الحياة العابرة، فإذا نظرنا إلى المسؤولين العرب الآن لوجدنا أنّ الرئيس صدّام يتميّز بالتمسّك بمسيرته وهو لن يتخلّى عن إيمانه بالقومية العربية وهو لم يقبل باسم السلام التخلّي عن 90% من الأراضي الفلسطينية التي احتلّت عام 1948م كما فعل بعض العرب، ولم يغيّر قناعاته بأنّ الصهيونية كانت وستبقى عدوّة العرب اللدود، وأن أميركا هي الداعم الأوّل لها، الأمر الذي يتطلّب مواصلة النضال ضدّ الصهيونيّة وأميركا، واعتبار ذلك معياراً للأصالة، والصواب، والحقّ. وقد ارتد أغلب الزعماء العرب عن شعارات وأهداف أعلنوا تمسّكهم بها، ففرّطـوا بمصالـح، وحقوق العرب. ونحن شعب لا يكره شيئاً بقدر كراهية المرتدّين، فتمسك صدّام برسالته مبعث حبّ وتقدير لدى العراقيين، وصدّام لم يتوقّف عند حدّ التمسّك بالمبادئ العروبية بل هو القائد الذي حوّل الشعارات إلى أعمال وهو الذي نقل الحرب إلى داخل فلسطين المحتلّة بإطلاق 43 صاروخاً هدمـت مرتكـزات نظريّـة الأمـن الإسرائيليـة، وأنهت أسطورة إسرائيل التي لا تقهر. وصدّام هو الوحيد الذي لم يرتعد من وحشية أميركا، ودخل الحرب العالمية الثالثة ضدّها ومعها اثنتان وثلاثون دولة، وخرج من الحرب منتصراً بعد أن أحرق الغزو العراق وزرع حكومة عميلة فيه، وذلك من أعظم انتصارات العرب في كلّ تاريخهم وكانت مظاهرات عشرات الملايين من العرب في المشرق والمغرب استفتاءً حرّاً أكّد أنّ صدّام يتمتّع بثقّة وتقدير الشعب العربي بعكس أغلب الحكّام العرب، وصدّام من وجهة نظر المواطن العربي العادي هو القائد العربي الوحيد الذي حرّر نفط بلده، وسخّره لخدمة شعبه، وأشقائه، لبناء دولة قويّة، متحضّرة، ومتطوّرة في حين أنّ آخرين سخَّروا هذه الثروة لبناء مجتمع استهلاكي ضعيف ولخدمة الأجانب.

وأمّا على المستوى العالمي، فإنّ صدّام مثَّل أنموذجاً واضحاً للبطولة في عصر الاستذلال والخضوع للديكتاتورية الأمريكية، فهو وحده من قال لا للهيمنة الأميركية وأردفها بفعل هزّ العالم وسيأتي أثره الإيجابي على مستقبله.

إنّني لا أؤيد صدّام، فكلمة تأييد هزيلة بل أنا مقاتل ثابت في جيش صدّام بصفتي عراقياً وعربياً أقدّس الإنجازات والأعمال وحيثما أدرت رأسي وجدت إنجـازاً عظيمـاً حقّقـه صـدّام، وتزداد صلتنا قـوّة بـه ونحن نلاحـظ أنّ الآخـرين بلا إنجازات وبلا ماضٍ ولا حاضرٍ، وتتقاذفهم رياح الضعف والصهينة.

وأخيراً لابدّ من القول إنّ العربي الأصيل هو الذي لا يكتفي بعداء الصهيونية وأميركا وحسب، بل ويختار الوقوف إلى جانب صدّام، وذلك معيار لا يخطئ أبداً، فحيثما وقفت أميركا والصهيونية لا يجوز لأيّ عربي أرضه محتلّة أن يصافحهما، وبخلاف ذلك تكون صداقة أميركا والصلح مع الكيان الصهيوني تَخَـلياً عـن الهـويّة والحقـوق والتحوّل إلى مخلوقات لا تمتلك الكرامة الإنسانية ولا احترام الذات، ومن لا يحترم ذاته لا يحترمه أحد.. إنّنا لكلّ ذلك نحبّ صدّام ـ انتهت المقالة ـ.

أقول: ولولا أنّ الواقعيّة تقتضي ذكر الأمثلة لكلّ جانب ما كان ينبغي لنا أن نذكرها هنا، ألم يذكر الله سبحانه وتعالى تهجّم الكفّار والمجرمين للأنبياء والمرسلين، فقد قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي هـو فـي القمّة مـن البشرية إطلاقاً: ((ساحر)) (3)، و ((كاهن)) (4)، و ((مجنون)) (5)، و ((مسحور)) (6)، إلى غيـر ذلك من الأوصاف. وهكذا ذكر سبحانه وتعالى مدح بعض الناس للطواغيت، أو مدح الطواغيت لأنفسهم حتّى قال أحدهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] (7) .

نعـم، إنّ أمثال هذا الكاتب ونحوه يستحقّون ما ذكره سبحانه وتعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: 206] (8)، فإنّ جهنّم هي خير علاج لهؤلاء المرضى.

وقد قال الحسن البصري(9): إنّه إذا جاء أهل العالم بمجرميهم في صف وجئنا بالحجّاج وحده في صفّ آخر لكُنّا جئنا بأكثر من جميعهم إجراماً(10). ومع ذلك نجد الحسن البصري هذا يقول ربّما سمعت خطبة الحجّاج في التقوى فبكيتُ بكاءً مرّاً فكاد أن يخدعني.

أقول: ذكر المؤرّخون أنّ الحجّاج كان ينصح الناس بالتقوى، ويأمرهم بالطاعة لله سبحانه وتعالى، وأنّ الدنيا لا اعتبار لها، وأنّ اللازم ألاّ يعصي الإنسانُ الله حتّى في أصغر صغيرة فإنّ وراءه جهنّم. ثمّ يبكي بكاءً مرّاً حتّى تتقاطر الدموع من لحيته. وكان يلبس عمّة كبيرة جدّاً وكان يقول في شعر له:

أنا ابن جلا وطلاّع الثنايا*** متى أضع العمّامة تعرفوني(11)

وصدّام أسوأ من الحجّاج بما نُقِلَ عنه (12)، وشاهدنا من أعماله في القتل، والتعذيب، ومصادرة الأموال، والانسياق وراء الشهوات بل إنّي لا أظنّ أنه جاء في العراق حاكمٌ أطغى من صدّام، وحتّى هولاكو(13) لمّا أحتلّ العراق ذهب إليه جماعة من العلماء طلبوا منه استثناء مدن الحلة، والنجف الأشرف، وكربلاء المقدّسة عن مذابح جيشه فَقَبِلَ منهم ذلك، و ترك الحلّة؛ لكونها مركزاً للعلماء، والنجف وكربلاء باعتبارهما مراكز عبادية، بينما نشاهد أنّ الأسوأ من المغول جعل كربلاء المقدّسة، والنجف الأشرف، والحلّة، مسرحاً لعمليّاته، وقتله، وسائر فضائحه، وقد ورد ذكر بعض ذلك في كتاب العراق بين الماضي والحاضر والمستقبل لجماعة من الكتّاب.

وعلى أي حال: فإنّ أي انحراف ولو بحجم صغير لا بهذا الحجم الذي تكاد السماوات يتفطّرن منه، وتنشق الأرض، وتخرّ الجبال هدّاً يوجب خللاً في فلسفة التاريخ التي نحن بصددها، والآية المباركة وإن كانت في الاعتقاد بغير الله سبحانه وتعالى، حيث قال سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: 88 - 93] (14)، إلاّ أنّ هذه الآيات والتي هي من أصول الدين تناسب أمثال صدّام الذي حارب أصول الدين وفروعه على حدّ سواء وإن كان ينطق بالشهادتين فهو من المنافقين الذين قال الله سبحانه وتعالى فيهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] (15)، فهو كاذب حتّى في ألفاظ الشهادة كما قال سبحانه وتعالى بالنسبة إلى المنافقين الذين {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] (16).

_______________

(1) لقد حول صدام العراق إلى جحيم لا يطاق، فالذي يسلم من السجن والتعذيب والقتل، لم يسلم من هدر كرامته، وقد قتل من الشعب العراقي خمسة ملايين وثمانمائة ألف إنسان عدا من قتل في حروبه، وأطيح به ولله الحمد في 9/4/2003م. عن صدام راجع كتاب (تلك الأيام) للمؤلف: ص79.

(2) الحجاج بن يوسف الثقفي، ولد في الطائف سنة 41ه‍ (661م)، وانتقل إلى الشام ودخل في خدمة الدولة الأموية ؛ فاشترك في الجيش الذي قاده عبد الملك بن مروان لقتال مصعب بن الزبير، وفي سنة 70 ه‍ (689م) ولاّه عبد الملك قيادة الجيش الذي أرسله لقتال عبد الله بن الزبير في الحجاز فسار نحو مكة وضرب الكعبة بالمنجنيق من جبل أبي قبيس وتغلب على ابن الزبير وصلبه، وظلّ بالحجاز حتى سنة 74ه‍ (694م)، ثم ولاّه عبد الملك ابن مروان الكوفة، وقتل سنة 95 ه‍ (714م) بعد أن سجن في دمشق، وعاش 53 سنة، يعدُّ من أسوأ عمّال بني أمية، أسهم في توطيد حكمهم، وقد وصف الحجاج نفسه كما عن ابن سعد في (الطبقات( ج6 ص66: (ما أعلم اليوم رجلاً على ظهر الأرض هو أجرأ على دمٍ مني(، وقد وصفه خير الدين الزركلي في كتابه (الأعلام(: (وكان سفاكاً سفاحاً باتفاق معظم المؤرخين(، وقال عنه اليافعي في (مرآة الجنان(: ( إنّ أكبر لذّته سفك الدماء(، اتّسم حكمه بالقتل والبطش، ومثال على ذلك فقد قال الحجاج لخالد بن يزيد ابن معاوية: (ولقد ضربت بسيفي هذا أكثر من مائة ألف، كلهم يشهد أنك وأباك وجدك من أهل النار( انظر مسالك الإبصار: ص123، كما ذكر المسعودي في (التنبيه والإشراف( ص318: (إن عدد من قتلهم الحجاج صبراً بلغ مائة وثلاثين ألفاً عدا من قتل في زحوفه وحروبه(، وفي (تاريخ الخلفاء( للسيوطي و(الإمامة والسياسة( لابن قتيبة، أن عبد الملك لما كتب إلى الحجاج يأمره بالمسير إلى العراقيين ويحتال لقتلهم، فلما دخل المسجد في البصرة وقد حان وقت الصلاة صعد المنبر فحمد الله ثم قال: (أيها الناس، إن الأمير عبد الملك قلدني بسيفين حين توليته إيايّ عليكم سيف رحمة وسيف عذاب ونقمة، فأما سيف الرحمة فسقط في الطريق، وأما سيف النقمة فهو هذا(، فجعل السيوف تبرى الرقاب فقتلوا من المسلمين بضعة وسبعين ألفاً حتى سالت الدماء إلى باب المسجد وإلى السكك. وقد ذكر الميرزا حبيب الله الخوئي في (منهاج البراعة(: ج3 ص 359 ما لفظه: (وأحصي من قتل بأمره ـ الحجاج ـ سوى من قتل في حروبه فكان مائة ألف وعشرين ألفاً ووجد في سجنه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة، ولم يجب على أحد منهم قتل ولا قطع، وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد لا سقف له، فإذا آوى المسجونون إلى الجدران ؛ يستظلون بها من حرّ الشمس، رمتهم الحرس بالحجارة، وكان طعامهم خبز الشعير مخلوطاً بالملح والرماد. وقريب من هذا المعنى في كتاب: (شجرة طوبى: ج1 ص128(، وقـال الشيخ عباس القمي في (وقائع الأيام(: (إنّ 15 ألف امرأة من سجنائه كن حافيات عاريات(. وقـد أذلّ المسلمين ؛ يقـول صـاحب كتـاب (أسد الغابة(: (عندما ولـي الحجـاج المدينـة ثلاثـة أشـهر، عبـث فيـها واستهـزأ بأصحـاب الرسـول (ص) وختـم علـى أعناقهم بالرصاص( ؛ لإذلالهم أمثال سهيل الساعدي وأنس بن مالك وختم في يد جابر بن عبد الله الأنصاري (. وقتل: كميل بن زياد وسليم بن قيس وقنبر مولى الإمام علي(ع) وسعيد بن جبير الذي كان عمره 99 سنة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابن أم طويل( ـ وهو من حواريي الإمام السجاد(ع) ـ بعد أن قطع يديه ورجليه. للمزيد من المعلومات عن جرائمه راجع كتاب (الشيعة والحاكمون) وكتاب (الشيعة في الميزان) لمحمد جواد مغنية.

(3) سورة يونس: الآية 2، سورة الزخرف: الآية 49، سورة الذاريات: الآية 39 و52.

(4) سورة الطور: الآية 29، سورة الحاقة: الآية 42.

(5) سورة الذاريات: الآية 39 و52.

(6) سورة الإسراء: الآية 47، سورة الفرقان: الآية 8.

(7) سورة النازعات: الآية 24.

(8) سورة البقرة: الآية 206.

(9) أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، ولد سنة 11ه‍ (633م) وقيل 21ه‍ (642م) كما عن المنجد في الأعلام وكما في موسوعة المورد: ج1 ص 68 وأقام في البصرة لذلك نسب إليها، ومات في البصرة سنة 110ه‍ (728م) يعتبره الصوفية من أوئل المتصوفة ويعتبره المعتزلة واحداً منهم باعتبار أن عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء من تلامذته، وقد ذكرت ترجمته في الجرح والتعديل: ج3 ص40، وميزان الاعتدال: ج1 ص527، ووفيات الأعيان: ج2 ص69، وسير أعلام النبلاء: ج4 ص563، وتهذيب التهذيب: ج2 ص263 والمنجد في الأعلام: ص236، والموسوعة الإسلامية: ج5 ص 265.

(10) وقد ذكر صاحب كتاب منهاج البراعة: ج3 ص358 عمّا اشتهر بين المؤرخين: (لو جاءت كل أمة بخبيثها وفاسقها وفاجرها وجئنا بالحجاج وحده لزدنا عليهم(، ولايخفى أن الحسن البصري قد عاشر الحجاج عن قرب، وعندما سمع بموته سجد لله شكراً قائلاً: (اللهم كما أمتّه فأمت عنّا سنته(

(11) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج20 ص 188.

(12) للتفصيل راجع كتاب (العراق دولة المنظمة السرية)، وكتاب (دولة الاستعارة القومية) لحسن العلوي، وكتاب ( الجنرالات آخر من يعلم( لسعد البزّاز، وكتاب (شبيه صدام) لميخائيل ـ مخلف ـ رمضان، وكتاب (من مذكرات حردان التكريتي)، وكتاب (شخصية الطاغوت( للسيد هادي المدرسي.

(13) هولاكو بن قان تولي بن جنكيز خان، أحد القادة المغول، الذي عرف بسطوته ودهائه وحبّه للحروب، احتل مصر سنة 654ه‍ (1256م) وبغداد سنة 656ه‍ (1258م) وأباحها أربعةً وثلاثين يوماً، وبلغ عدد القتلى فيها مليوناً وثمانمائة ألف، وقتل في هجومه على بغداد المستعصم العباسي، مات سنة 664ه‍ (1265م)، وخلف عدة أولاد منهم: أبغى، منكوتمر، أحمد، كنجو.

(14) سورة مريم: الآيات 88 - 93.

(15) سورة البقرة: الآية 14.

(16) سورة المنافقون: الآية 1.