ليست هنالك صفة أخلاقية إلا والصبر جزءا لا يتجزأ منها، إذ لا معنى للأخلاق الفاضلة كالشجاعة والكرم وحسن التعامل وغيرها، إلا إذا كان صاحبها يستديم عليها، ويصبر على نتائجها.
فكلما زاد صبر المرء كلما زاد قبوله للأمور، ومن ثم سعادته في الحياة.
والصبر من الصفات التي يمكن الحصول عليها وزيادتها، وذلك عن طريق الأمور التالية:
أولا: أن تفتح قلبك للزمن الذي تعيش فيه وإن لم تكن راغبا له:
إنك لا تستطيع أن تحمل ثلاثة هموم متراكمة في وقت واحد: هم الماضي، وهم الحاضر، وهم المستقبل. فلا بد أن تختار منها واحدا؛ فهل تختار هم الماضي الذي ذهب ولن يعود؟ أم هم المستقبل الذي لم يأت بعد ؟ إذن لم يبق سوى هم الحاضر.
إن الماضي والمستقبل لا وجود لهما إلا عندما تفكر فيهما، فهما من دنيا الآراء والأفكار، وليسا من الواقع والأحداث، فلماذا نجهد أنفسنا في صنع الحسرات على الماضي، أو على المستقبل؟!.
يقول أحد الكتاب: «إذا أردت أن تعيش سعيدا فعش يومك».
ثانيا: أن ننظر إلى الجانب المشرق من الحوادث:
يقول البعض: كيف تطالبنا بأن نعيش في الوقت الحاضر، بينما الوقت الحاضر قد يكون مثيرا لليأس والإحباط والقلق؟.
ألا نجد أحيانا أننا على موعد هام، فإذا بنا نتعطل في زحمة المرور مما قد يخسرنا الموعد وما يترتب على ذلك؟.
ولماذا لا تقول: «ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور ».
إن كثيرا من الحوادث التي تثير ضيقنا هي حوادث جميلة في حد ذاتها، ولكن نظرتنا إليها يجعلها في نظرنا وكأنها قبيحة.
إن الصبر حتما من الصفات الاكتسابية، وليس من المواهب التي لا دخل لإرادتنا فيها.
فمن يريد أن يصبر، فهو يستطيع أن يفعل ذلك، ومن لا يرغب في أن يصبر يقول: أنا لا أستطيع.
إن الصبر من صفات القلب التي يمكن زيادتها بدرجة كبيرة عن طريق الممارسة والتدريب المتعمد، وتتمثل إحدى الطرق المبتكرة التي تزيد من صبرك في أن تجعل لنفسك فترات تدريب فعلية، أي فترات من الوقت تضعها في عقلك للتدريب على فن الصبر، فالحياة ذاتها عبارة عن مدرسة يعتمد منهجها على الصبر.