من العادات الجميلة والمتوارثة في المجتمع العربي والإسلامي هو (إقراء الضيف) أي إكرامه وتوقيره، والضيوف صنفان: صنف لا تربطنا به قرابة؛ وصنف من الأقرباء والمعارف؛ ولكل صنف منهم مراعاة ومعاملة خاصة تنسجم مع عنوانه ومركزه ومقامه الاجتماعي؛ وقد أكدت الأخبار الشريفة الواردة عن النبي الأكرم وعترته على تهيئة النفس على تقبل الضيوف من أي صنف كانوا، وإن عدم إكرام الضيف يكشف عن نقص في الدين وضعف في الإيمان وخلل في السلوك والأخلاق؛ لأن استقبال الضيف والقيام بضيافته يكشف عن متانة العلاقات الاجتماعية، وانتشار الوئام والمحبة والسلام بين أفراد المجتمع؛ ولهذا نضع بين يديك جملة من الأخبار الشريفة المشفوعة بالبيان والتي تبين عظمة هذه الصفة وأهميتها من بين صفات مكارم الأخلاق والإيمان:
- إن إكرام الضيف يعد من علامات الإيمان ولوازمه؛ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).
- إن البيت الذي يتوافد عليه الضيوف هو بيت صاحب كرامة ومنزلة عند الله تعالى؛ لأن الضيف بمنزلة الهدية يبعثها الله –عز وجل- الى أصحاب ذلك البيت ليغفر لهم ويثيبهم ويزيد في رزقهم وتكثر بركتهم؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: (إذا أراد الله بقوم خيرا أهدى إليهم هدية، قالوا: وما تلك الهدية ؟! قال: الضيف ينزل برزقه، ويرتحل بذنوب أهل البيت؛ وإن البركة أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام؛ وكل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة.
- إن من جملة الأغراض التي لأجلها تطلب وفرة المال والدار الواسعة هو لاستقبال الضيوف وإكرامهم، وإطعام المساكين فيها، فهذا يعد من أنبل الصفات، وأفضل الطاعات والقربات؛ قال الإمام علي -عليه السلام - للعلاء بن زياد، لما رأى سعة داره -: (ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج؟ وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة : تقري فيها الضيف ، وتصل فيها الرحم ، وتطلع منها الحقوق مطالعها ، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة.. )، وقال -عليه السلام-: (من آتاه الله مالا فليصل به القرابة ، وليحسن منه الضيافة).
- تبادل الزيارة مع الضيف وتحقيق الألفة وتكرار التزاور؛ فإن جملة كبيرة من المجتمع صاروا ينظرون الى الزيارة كنوع من التكريم والتقدير، فمن الواجب رد زيارة الضيف وإشعاره بأنه كريم وله فضل المبادرة؛ فقد ورد حث كثير على التزاور؛ قال رسول الله -صلى الله عليه وآله- : (من زار أخاه في بيته قال: الله -عز وجل- له: أنت ضيفي وزائري، علي قراك وقد أوجبت لك الجنة بحبك إياه)؛ بل ورد الحث الى درجة بأن الزائر أخاه المسلم أعظم أجرا من المزور كما ورد عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله).
- ورد تأكيد من المشرع في إكرام الضيف الذي يتميز ببعض الخصوصيات النبيلة كأن يكون صديقا مؤمنا وأخا في الله أو كريما في قومه وصاحب شأن؛ قال الإمام الصادق -عليه السلام-: (من أتاه أخوه المسلم فأكرمه فإنما أكرم الله عز وجل) ؛ وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله-: (إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه)؛ وقال -صلى الله عليه وآله-: (ما من مسلم يدخل عليه أخوه المسلم فيلقي له وسادة إكراما له وإعظاما إلا غفر الله له).