بقلم: الشيخ ناصر مكارم الشيرازيّ.
يلزم التأكيد أنَّ الآية الكريمة: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: 8] لا تعني أنَّ اللّه سبحانه قد أودع عوامل الفجور والتقوى في نفس الإنسان، كما تصوّر بعضهم، واستنتج من ذلك دلالة الآية الكريمة على وجود التضاد في المحتوى الداخليّ للإنسان! بل تعني أنَّ اللّه تعالى علّم الإنسان هاتين الحقيقتين وألهمه إيّاهما، وبيّن له طريق السلامة وطريق الشر، ومثل هذا المفهوم ورد في الآية العاشرة من سورة البلد: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}.
بعبارة اُخرى، إنَّ اللّه سبحانه قد منح الإنسان قدرة التشخيص والعقل، والضمير اليقظ بحيث يستطيع أن يميّزَ بين «الفجور» و«التقوى» عن طريق العقل والفطرة، لذلك ذهب بعض المفسّرين إلى أنَّ الآية تشير في الحقيقة إلى مسألة «الحسن والقبح العقليّين» وقدرة الإنسان على إدراكهما.
ومن بين النعم الطائلة التي أسبغها اللّه على الإنسان تركّز هذه الآية على نعمة الهام الفجور والتقوى، وإدراك الحسن والقبح؛ لأنَّها من أهم المسائل المصيريّة التي تواجه حياة الإنسان (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير الأمثل: ج20، ص 236.