لقد كان لإمامنا علي بن الحسين السجّاد (عليه السلام) دور مهم بعد واقعة الطف تلك الفاجعة العظيمة التي قد أفجعت سكّان السماوات وسكّان الأرضين، التي اهتزّ لها عرش الرحمن، وتوشّح لها الوجود بالسواد؛ حزناً على أولئك الشهداء الأطهار الأخيار الأبرار (عليهم السلام) فبكت السماء ومن فيها، والأرض ومن عليها خلا الظالمين وأشياعهم، فقد وقف في وجه حكّام الجور الذين عاثوا في الأرض فساداً، وأبدعوا في الدين بدعاً، ونشر في ذلك المجتمع الذي كان غارقاً في بحر من الظلمات المعارف الإلهيّة والربّانيّة، فكان يحدّث الناس بمختلف علوم آبائه الطاهرين، من تفسير لكتاب الله، وحديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبيان الحلال والحرام، ومكارم الأخلاق، وغير ذلك من العلوم النافعة، وكان الدعاء من الوسائل التي اتّخذها الإمام (عليه السلام) لنشر تلك العلوم، ومن أهمّ ما وصل إلينا من دعائه، الصحيفة المعروفة بالصحيفة السجّاديّة المسمّاة بزبور آل محمد، وبإنجيل أهل البيت (عليهم السلام) وبأخت القرآن الكريم.
هذه الصحيفة الملكوتيّة تشتمل على مجموعة من الأدعية المأثورة عن إمامنا زين العابدين (عليه السلام) التي تسمو بقارئها إلى ملكوت السماوات، وتعتبر من الكنوز التي انطوت على حقائق ومعارف إلهيّة.
ولتسليط الضوء على هذا السفر الملكوتيّ نوجز ذلك في النقاط الآتية:
1 ـ من حيث السند:
يأتي سند الصحيفة السجّاديّة عن المتوكل بن هارون البلخيّ، وهو من أصحاب ورواة الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، الذي تمّكن من الحصول على نسخة منها عند اجتماعه بيحيى بن زيد الشهيد - وكانت بخط زيد (عليه السلام) - وقد قابل هذه النسخة مع نسخة أخرى كانت بخط الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، فروى نص الصحيفة، ومن بعده ابنه عمير، وتناقلها الرواة بعد ذلك طبقة عن طبقة حتّى بلغت حدّ التواتر.
2 ـ من حيث المحتوى:
تشتمل الصحيفة التي بين أيدينا على أربع وخمسين دعاءً، تستوعب جميع الأوقات والأحوال، فمنها ما يُقرَأ عند كلّ صباح ومساء، ومنها ما يُقرَأ في وقت معيّن كدعائه (عليه السلام) عند النظر إلى الهلال، أو حال معيّن كدعائه (عليه السلام) عند المرض. وألحق بها بعض الأدعية الأخرى.
3 ـ من حيث الأسلوب:
يلاحظ في هذه الصحيفة المباركة اهتمام الإمام (عليه السلام) بالصلاة على محمّد وآل محمّد؛ وذلك للتأكيد على ارتباط العترة الطاهرة المطّهرة برسول الله (صلى الله عليه وآله) ومنزلتهم العظيمة، التي حاول بنو أمية (لعائن الله عليهم) إخفائها بشتّى الطرائق والوسائل، ومنها: سب أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر والنيل منه، ومنع نشر فضائله، وتوعّد من يقوم بذلك بأشد أنواع العذاب.
لقد أراد بنو أميّة (عليهم لعائن الله) طمس معالم النهضة الحسينيّة وتشويهها، وإطفاء نور الله ولكن يأبى الله عزّ وجلّ إلّا أن يتمّ نوره، قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32].







وائل الوائلي
منذ 13 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN