عند سقوط أشعة الشمس على سطح الكرة الأرضية سواء اليابسة منها أو البحار فأن المياه تقوم بإمتصاص قسم من هذه الأشعة بشكل طاقة حرارية، كما أن قسما اخر منها يدخل في تبخير المياه التي تتحول الى غيوم وأمطار، وهناك قسم آخر ينعكس من على سطح المياه وينتشر في الجو، ومن مجمل الطاقة الشمسية الساقطة على البحار والمحيطات يهمنا هنا، ذلك الجزء منها الذي تمتصه المياه ويتحول الى طاقة حرارية تؤدي الى رفع درجة حرارة المياه على السطح، أما المياه الموجودة على أعماق مئات الأمتار فان تأثرها بالشمس قليل بسبب أن على الحرارة أن تخترق مسافات طويلة للوصول الى مياه الأعماق، ولذلك تبقى هذه الطبقات من المياه أبرد منها على السطح، وتتشكل بالتالي حالة من التدرج الحراري تتميز بإرتفاع درجة الحرارة على السطح فوق درجة الحرارة في الأعماق.
ويشير ظاهر الأمر الى أن هناك اختلافاً في طبيعة التدرج الحراري بين التدرج في البحار والتدرج في اليابسة فإن درجة حرارة الأرض تزداد مع ازدياد العمق، بينا نلاحظ أن الوضع في البحار والمحيطات مختلف اذ تنخفض درجة الحرارة مع ازدياد عمق المياه، ويعزي هذا الاختلاف الظاهري الى طبيعة العوامل المولدة للتدرج الحراري في كلتا الحالتين، فالتدرج الحراري في البحار والمحيطات ينشأ عن تأثير سقوط أشعة الشمس على المياه مما يؤدي الى تسخين طبقات المياه على السطح بينما تبقى الطبقات العميقة على درجات حرارة منخفضة لا تتأثر بأشعة الشمس، أو يكون تأثير أشعة الشمس قليلا جداً، أما الطاقة الجيوحرارية فهي تحدث بسبب المصادر الحرارية الموجودة في باطن الأرض وليس بسبب سقوط أشعة الشمس على اليابسة ، ومصادر الطاقة الجيوحرارية هذه تتشكل من اشعاعات المواد المشعة الموجودة في باطن الأرض ومن عوامل احتكاك الطبقات الأرضية بعضها ببعض وأسباب أخرى، اضافة الى ما تقدم علينا ملاحظة أنه بينما نتحدث في حالة البحار والمحيطات عن أعماق لا تصل الى أكثر من مئات قليلة من الأمتار فان حديثنا عن الطاقة الجيوحرارية يعني آلاف الأمتار.
ولكن لو نظرنا الى التدرج الحراري في الأرض في فصل الصيف مثلاً وعلى مسافة عشرات الأمتار فسوف نصل الى صورة مشابهة لما نراه في البحار والمحيطات، والسبب في ذلك يعود الى أن الطبقة الأرضية التي لا يتجاوز سمكها سوى عشرات الأمتار تتعرض الى ذات المصدر الحراري الذي يؤثر على البحار وهو الطاقة الشمسية.
من الجانب الآخر لو نظرنا الى ما يحصل في شمال العالم في فصل الشتاء لوجدنا أن سطوح البحيرات والأنهار وبعض البحار تتجمد بفعل البرد الشديد بينما لا تتجمد المياه في الأعماق، هنا نواجه حالة مختلفة تتميز بوجود درجة حرارة منخفضة على السطح بينما تكون درجة الحرارة في الأعماق أعلى نسبيا، عليه نستطيع أن نرى أن ما يحدد درجة الحرارة على السطح هو طبيعة الظروف المناخية السائدة في المنطقة، بينا تنحو درجة الحرارة في الأعماق الى أن تبقى شبه ثابتة على مدار العام، والسبب في ذلك يعود الى طبيعة انتقال الحرارة في المواد المختلفة والى الخصائص الحرارية لهذه المواد.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN