لم يغادر نبينا الحبيب محمد هذه الحياة حتى نهج لامته طريق نجاتها من الضلال فجعل الكتاب العزيز وعترته الطاهرين مرجعا لدينهم وهداة أمناء ليأخذوا بأيديهم الى سلامتهم في الدنيا والاخرة ... فكانت ذريّة النبي من ولد سيدة النساء وامام الاوصياء هم السبيل بعد السبيل والشموس الطالعة والبدور المنيرة للمؤمنين ... لقد اشرق نور الامام الخامس من أئمة هل البيت في غرة رجب من يوم الجمعة سنة ( 57 هـ ) على رواية ؛قبل استشهاد جده الإمام الحسين عليه السلام بثلاث سنين وقيل بأربع سنين كما أدلى عليه السلام بذلك وقيل بسنتين وأشهر.
فهو أحد أبناء الامام زين العابدين علي بن الحسين السجاد وامه السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، وزوجته السيّدة أُمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، أُمّ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام)، وله زوجات أُخر؛ وله منهنّ؛ سبعة أبناء : خمسة ذكور وبنتان.
لقب بالقاب كثيرة منها الشاكر والهادي واشهرها الباقر كما جاء في الاثر بان رسول الله (ص) لقّبه به على ما في خبر الصحابي جابر بن عبد الله الانصاري الذي اذاع هذا اللقب رواية عن النبي الاكرم كما هو مذكور في المصادر وبلّغه سلام النبي الاكرم اليه ...
قضى الامام الباقر طفولته في المدينة مع والده وجدّه كما و شهد واقعة عاشوراء في كربلاء ويحكى عنه قوله : "قتل جدي الحسين ولي أربع سنين وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت"
عاصر من حكّام بني أميّة الوليد بن عبد الملك، سليمان بن عبد الملك، عمر بن عبد العزيز، يزيد بن عبد الملك، هشام بن عبد الملك ...
أورد الشيخ المفيد في الإرشاد وصفا لمنزلته (ع) بقوله: وكان الباقر أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع) من بين إخوته خليفة أبيه علي بن الحسين ووصيه والقائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزهد والسؤدد، وكان أنبههم ذكراً وأجلهم في العامة والخاصة وأعظمهم قدراً، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر (ع)، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين وصار بالفضل به علَماً لأهله تضرب به الأمثال وتسير بوصفه الآثار والأشعار
لقد واكب الامام الباقر عصر نشوء المدارس التفسيرية والفقهية والعقائدية حيث بدأ في تلكم الفترة (ما بين 94 إلى 114 هـ ) ظهور الزعامات الدينية والمذهبية وتعدد الفرق الفقهية مثل الخوارج والمرجئة والكيسانية والغلاة حتى تكاثرت واتسعت دائرة المذاهب في عهد الامام الصادق عليه السلام أبان نشوء الدولة العباسية .
فبرز في تلك الفترة جمع من العلماء المهتمون في رواية الحديث والإفتاء، أمثال الزهري ومكحول وهشام بن عروة... وغيرهم
فكان الامام الباقر شمس الهداية لكل من قصده وما حضر موقفا درسيّا إلا واشرأبت له الاعناق وهوت له الافئدة وما جالسه احد الا وقام عنه مادحا وحامدا لشخصه الزكي ومنتفعا من علمه الغزير ومواعظه النّاجعة حتى قال قتادة البصري فقيه اهل البصرة يوما اليه : أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام أحد منهم ما اضطرب قدامك ، فقال له أبو جعفر أ تدري أين أنت أنت بين يدي { بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ } [النور: 36-37] فأنت ثمّ ونحن أولئك ؛ فقال له قتادة صدقت والله جعلني الله فداك ما هي بيوت حجارة ولا طين .
ويعد الامام الباقر احد الائمة المؤسسين للفقه الاسلامي الامامي فقد جاء عنه وعنه ابنه الامام الصادق سلام الله عليهما اكثر الاخبار والروايات التي تخص الفقه والاحكام الشرعية وكذلك في مجال التفسير والعقيدة
قال في حقه بعض من علماء المسلمين كابن حجر الهيثمي:
أبو جعفر محمد الباقر، سمّي بذلك من بقر الأرض أي شقّها، وأثار مخبآتها ومكامنها، فلذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف، وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة، أو فاسد الطوية والسريرة،...
وتحدّث عبد الله بن عطاء عن إكبار العلماء قوله: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي لتواضعهم له ...
أما الذهبي فقد كتب في وصف الإمام الباقر (ع) قائلاً: كان الباقر أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤود والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة
و حاور الامام الباقر بعض النّصارى حول عدّة موضوعات فكريّة وسجّل انتصارا عقائديا عليهم كما انه دخل في مناظرات مع بعض اكابر علماء الفرق الاسلامية واعلام المدارس العقائدية يكشف عن ملتبسات المسائل ويفك عقد الأفكار ويهدي الضلّال الى الحقيقة وقد تخرّج من مدرسته العظيمة جمع كثير من اصحابه وطلّابه كمحمد بن مسلم وجابر الجعفي وزرارة وغيرهم ؛ و يحكى ان رواة الحديث عنه بلغوا 462 رجلاً وامرأتين.... من كلماته المضيئة :-
- إن حديثنا يحيي القلوب .
- أوصيك بتقوى الله وإياك والمزاح فانه يذهب هيبة الرجل وماء وجهه ، وعليك بالدعاء لإخوانك بظهر الغيب فانه يهيل الرزق.
- وقد سُئل (ع) ما حق الله على العباد قال: أن يقولوا ما يعلمون و يقفوا عند ما لا يعلمون.
وهناك كُتب أُلفت عن حياته المباركة كأمثال "حياة الامام الباقر عليه السلام دراسة وتحليل" للشيخ باقر شريف القرشي ، وكتاب "معالم مشعّة من حياة الإمام الباقر" للدكتور حسين ابراهيم ... وغيرها من المدونات .







وائل الوائلي
منذ 13 دقيقة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN