بعض النَّاس يقولون لا داعي لتقييم الأفراد والحكم عليهم، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي خلقهم والمطلِّع على بواطنهم، لذا فلنترك الحكم على الأفراد إلى ذلك اليوم الذي لا تخفى فيه على الله خافية .
وهذه مقولة تنقض بالبحث حول النبي الأكرم -صلى الله عليه وآله- وأبي لهب، فلماذا التحدث عن النبي صلى الله عليه وآله- وأبي لهب، وقد قدم كلٌّ منهما على ربِّه
ولماذا نزلت سورة كاملة في القرآن الكريم حول أبي لهب
ونحن نقرأ دائماً:(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ)(1).
أبو لهب شخص هلك وانتهى أمره في الدنيا، فلماذا يقرأ سورة (المسد)
هذا أولاً، وثانياً: إنَّ البحث عن هذه الشخصيات ليس بحثاً عن أشخاص ماتت وانتهت، وإنَّما هو بحث عن رموزٍ تدعو إلى الحق، ورموز تدعو إلى الباطل، وبعبارة أخرى بحث عن رموز تحرك أفكار جيل اليوم والغد نحو الخير، أو نحو الشَّر؛ فالماضي يخطط لنا الحاضر، والحاضر يُبنى عليه المستقبل، فالبحث ليس حول أشخاص تاريخيين فحسب مثل أمير المؤمنين علي -عليه السلام- ومعاوية، والإمام الحسين عليه السلام-، ويزيد.. وغيرهم، وإنَّما هذه الأسماء تجسد خرائط للسير الفكري والعملي.
فالبحث عن الشخص بحث عن منهجه، وإذا كان معاوية حياً كان منهجه حياً أيضاً.
فهناك منهج يقتل الأبرياء، ويسفك الدماء ويحرق الأفراد المدنيين من أجل أن يتأمّر عليهم، ذلك هو معاوية، ومنهج يرى أن الإمرة بما هي هي لا تساوي نعالاً مرقعاً، أو لا تساوي ورقة في فم جرادة تقضمها ذلك هو أسد الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب-صلوات الله عليهما-..
الهوامش:
1. سورة المسد/ الآية: 1-2.