يسمى فيتامين د بفيتامين الشمس بسبب قدرة أجسامنا على تصنيعه عند تعرّض الجلد لأشعة الشمس، ولهذا الفيتامين المنحل بالدسم دورٌ في الحفاظ على صحة العظام وقوتها، إضافة إلى تحسين نمو الخلايا، ودعم المناعة.
لاحظ الباحثون وجود مستوياتٍ منخفضة من فيتامين د لدى كثير من المصابين بالاكتئاب، ما يقترح إمكانية إسهامه في حدوث الحالة، وسنتحدث في هذا المقال عن العلاقة المحتملة بين فيتامين د والاكتئاب.
فيتامين د والاكتئاب:
اكتشف الباحثون انخفاض المستويات المنتشرة في الدم من فيتامين د لدى كثير من المصابين بالاكتئاب، وهذا يوحي بإمكانية ارتباط هذين العاملين ببعضهما.
اقترحت بعض الدراسات ارتباط المستويات المنخفضة من فيتامين د في فترة الحمل باكتئاب ما بعد الولادة على وجه الخصوص، وهو أحد أنواع الاكتئاب التي تحدث بعد الولادة بأيام أو أسابيع أو أشهر.
على نحوٍ مشابه، وجد الباحثون احتمال وجود علاقة بين الاكتئاب والمستويات المنخفضة من فيتامين د لدى المصابين بالنقرس، وأذية النخاع الشوكي المزمنة، والسكتة الدماغية، والتصلب المتعدد.
من جهةٍ أخرى، أشارت بعض الدراسات المحدودة ذات الجودة العالية إلى تحسن أعراض الاكتئاب لدى مجموعات متنوعة من الأشخاص بعد تناولهم لمكملات فيتامين د.
لكن هذه الفوائد المحتملة غير واضحةٍ تمامًا على أية حال؛ إذ كشفت دراسة واسعة عالية الجودة شملت أكثر من 18000 شخص مصاب بالاكتئاب أن تناول 2000 وحدة دولية من فيتامين د يوميا لمدة خمس سنوات لم يسبب أي تغييراتٍ هامة في شدة الاكتئاب مقارنة بتناول دواء وهمي، وقد وجدت دراسات عدة غيرها أن تناول فيتامين د لم يؤثر في الاكتئاب أيضًا.
نظرًا لتضارب هذه النتائج، فنحن بحاجة إلى مزيد من البحث لتحديد العلاقة بين عوز فيتامين د والاكتئاب، ولمعرفة كيف يؤثر تناول مكملات فيتامين د في أعراض الاكتئاب.
عوامل الخطورة لعوز فيتامين د:
1- قلة التعرض لضوء الشمس:
يعدّ التعرض لضوء الشمس المصدر الأساسي لفيتامين د لدى معظم الناس، والبقاء في الظل يقلل من هذا التعرض، ما قد يسبب عوز فيتامين د.
تعتمد كمية التعرض لضوء الشمس على المناخ المحلي، ووقت التعرض من النهار، والوقت من السنة؛ إذ يميل الأشخاص الذين يملكون بشرةً ذات لون أفتح إلى إنتاج فيتامين د بسرعة تفوق إنتاجه لدى أولئك الذين يملكون بشرة داكنة.
2- النظام الغذائي:
لا يوجد كثير من الأغذية الغنية بالفيتامين د طبيعيًا، لكن يمكن زيادة المدخول الغذائي من هذا الفيتامين من خلال تناول مزيد من مصادره الطبيعية مثل:
 سمك السلمون.
 سمك الإسقمري.
 الأسماك الأخرى الغنية بالدهون.
 زيت كبد السمك.
 الدهون الحيوانية.
 المنتجات الغذائية المدعمة بفيتامين د مثل الحبوب وعصير البرتقال.
يوجد احتمال بعدم كفاية الوارد الغذائي من فيتامين د عند اتباع نظامٍ غذائي نباتي. تشمل المصادر النباتية لفيتامين د:
 أنواع الحليب النباتية وعصائر الفواكه، ومنتجات الحبوب المدعّمة.
 أنواع الفطور المتعرّضة للأشعة فوق البنفسجية UV لزيادة محتواها من فيتامين د.
3- اللون الداكن للبشرة:
ينتشر عوز فيتامين د ينتشر لدى ذوي البشرة السمراء أكثر من غيرهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
قد ينتج ذلك بسبب امتلاك الأشخاص ذوي البشرة الداكنة لكميات أكبر من صبغة الميلانين، ويبدو أن الميلانين يثبط إنتاج فيتامين د في الجلد.
4- العيش في أماكن بعيدة عن خط الاستواء:
أظهرت الدراسات زيادة احتمال انخفاض مستويات فيتامين د لدى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الشمالية من الكوكب.
قد يجب قضاء وقت أطول في الخارج لزيادة التعرض لأشعة الشمس في حال تعرض المنطقة للشمس لوقتٍ أقل.
5- البدانة:
يوجد رابط بين عوز فيتامين د وارتفاع مؤشر كتلة الجسم BMI حتى 30 أو أكثر، وبالمقارنة مع أشخاص بوزن معتدل فقد يحتاج المصابون بالبدانة إلى تناول مزيد من فيتامين د للوصول إلى المستويات التي يُنصح بها.
ينصح باستشارة أحد العاملين في المجال الصحي واختبار مستوى فيتامين د عند وصول BMI إلى 30 أو أكثر، لأنهم يستطيعون المساعدة على الوصول إلى خطة لزيادة مستواه، وغالبًا ما يصف الأطباء جرعة عالية من مكملات فيتامين د لعلاج حالة العوز.
6- العمر:
قد يسهم العمر في حدوث عوز فيتامين د، فمع التقدم بالعمر يصبح الجلد أقل قدرة على إنتاج فيتامين د، ويميل كبار السن أيضًا للتخفيف من تعرضهم للشمس، وقد يتبعون نظامًا غذائيًا يحتوي على كمياتٍ غير كافية من فيتامين د.
أعراض عوز فيتامين د والاكتئاب:
يعد كلٌ من الاكتئاب وعوز فيتامين د حالتين منفصلتين، ولكل منهما أعراض مختلفة. ينصح باستشارة الطبيب في حال مواجهة أعراض أي منهما.
أعراض عوز فيتامين د:
 آلام العظام.
 التعب أو النعاس.
 لشعور بالضعف والألم في العضلات والمفاصل.
أعراض الاكتئاب:
 مشاعر غامرة بالحزن واليأس والعجز.
 الأرق أو الإفراط في النوم.
 فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة في السابق.
 الخمول.
 نقص مفرط في الوزن أو زيادة الوزن.
 فقدان الشهية.
 مشاكل في التركيز.
 النسيان.
 فقدان الاهتمام بالنشاطات الجنسية.
 الصداع أو آلام الظهر.
 القلق.
 أفكار بشأن الموت أو الانتحار.
علاج عوز فيتامين د والاكتئاب:
يتطلب كل من عوز فيتامين د والاكتئاب علاجاتٍ مختلفة، لكن قد يساعد علاج عوز فيتامين د على علاج الاكتئاب، على الرغم من تضارب الأبحاث بشأن ذلك.
علاج عوز فيتامين د:
قد ينصح أحد العاملين في المجال الصحي بعلاج عوز فيتامين د وأعراضه بزيادة الكمية المتناولة منه، ويمكن الحصول على مزيد من فيتامين د من:
 تناول مكملات فيتامين د.
 زيادة التعرض لأشعة الشمس.
 تناول الأطعمة الحاوية على فيتامين د أو المُدعَّمة به.
علاج الاكتئاب:
يصف العاملون في المجال الصحي العلاج النفسي والعلاج الدوائي لعلاج الاكتئاب، ويمكن تطبيق هذه العلاجات لوحدها أو بالترافق مع تغييرات في النظام الغذائي اعتمادًا على الأعراض الموجودة وهدف المعالجة.
في حال كانت حالة الاكتئاب مرتبطة بعوز فيتامين د، فقد تساعد زيادة مدخول فيتامين د على تخفيف الأعراض.
ينصح باستشارة أحد العاملين في المجال الصحي بشأن خيارات العلاج الأنسب.
أسئلة شائعة عن فيتامين د والاكتئاب:
1- هل يؤثر فيتامين د في المزاج؟
أجل، لفيتامين د دور طفيف في تنظيم المزاج، على الرغم من عدم وجود إجابة واضحة بعد بشأن تأثيره في حالة الاكتئاب.
2- ما الكمية التي تؤخذ من فيتامين د عند الإصابة بالاكتئاب؟
يُنصَح بتناول جرعة يومية من فيتامين د تبلغ 600 وحدة دولية لمعظم الناس، ومن الآمن تناول حتى 4000 وحدة دولية من دون استشارة الطبيب بحسب المعاهد الوطنية للصحة. على أية حال، من الضروري التحقق من مستويات فيتامين د قبل تناول مكملات فيتامين د بجرعات عالية، ويُنصَح باستشارة أحد العاملين في المجال الصحي لتحديد الجرعة الأنسب لكل حالة.
3- ما الفيتامينات الأخرى المفيدة في حالات القلق والاكتئاب؟
تسهم بعض الفيتامينات والمعادن الأخرى في تخفيف القلق والاكتئاب مثل:
 الدهون من نوع أوميجا – 3.
 فيتامين C.
 المغنيزيوم.
 الحديد.
4- كيف يمكن الحصول على كمية كافية من فيتامين د في الشتاء؟
توجد طرق عدة للحصول على مزيد من فيتامين د في الشتاء مثل:
 المكملات.
الأطعمة الغنية بفيتامين د.
 مصابيح فيتامين د (مصابيح الأشعة فوق البنفسجية UV).
 قضاء الوقت خارج المنزل بقصد زيادة التعرض لأشعة الشمس عند الإمكان.
الخلاصة:
يعد فيتامين د أحد المغذيات الأساسية للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية، وقد وجدت الدراسات ارتباط المستويات المنخفضة من فيتامين د بالاكتئاب، وأن تناول مكملات فيتامين د قد يساعد على تحسين أعراض الاكتئاب لدى الأشخاص الذين يملكون مستويات منخفضة من هذا الفيتامين.
يسهل الحصول على فيتامين د لحسن الحظ، وذلك من خلال تناول المكملات، وقضاء مزيد من الوقت خارج المنزل، وإضافة الأطعمة الغنية بفيتامين د إلى النظام الغذائي.
في النهاية، يُنصَح باستشارة أحد العاملين في المجال الصحي في حال وجود أي من أعراض الاكتئاب.