أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-8-2017
1977
التاريخ: 10-9-2017
2683
التاريخ: 10-9-2017
848
التاريخ: 10-9-2017
747
|
لقد كان للعالم اللغوي(فرديناند دوسوسير) فضل التمييز بين مصطلحين للدراسة اللغوية، هما المنهج التطوري(diachronique) والمنهج التزامي(synchronique)، ويقصد بالأول البحث في الظواهر بحسب التطور الزمني المتعاقب " ولذا يقرن به مصطلح آخر هو: التاريخي(historique)، ويقصد بالآخر دراسة مختلف الظواهر في مدة زمنية محددة، ويطلق على هذا المنحى: الوصفي(descriptif)، إلا أن ثمة محاذير تجعل استخدام ما حدده دوسوسير هو الاكثر دقة، ومن ثم غذا متعارفاً عليه في الأبحاث اللغوية في المعاهد والمراكز العلمية(1) ". وكان العلماء قبل ذلك، اي ما قبل المحاضرات التي ألقاها هذا العالم ثم طبعت في كتاب مع مطلع هذا القرن(1915)(2)، يقبلون على الدرس التاريخي التطوري، ولا يكادون يغادرونه الى سواه، لذا فقد عرف علم اللغة هذا التيار وكثرت المباحث فيه، وإن لعلم الدلالة المتفرع منه نصيباً وافراً، والدارس فيه يجد الأبواب المفصلة ويتابع انماطاً من التحليل وإيراد التعليلات، ويعد القسم التطوري من الأقسام الناضجة والمستقرة، وتنعت احياناً بالتقليدية إذا ما قورنت بالنزعات ذات الاتجاه البنيوي، الذي لم يطوع بالدرجة الكافية في الدلالة(semantipuc)، بحيث تستخرج القوانين والأحكام العلمية كما ه الشأن
ص177
في علم الأصوات، وعلم وظائف الأصوات، وعلم التركيب اللغوي(3).
وإننا إذ نذكر جهد دوسوسير ههنا في توجيهه لعلم اللغة نحو مرحلة تنوعت فيها الجوانب ولم تعد قاصرة على تحكيم النظر التاريخي والاشتقاقي، إنما نقصد الى ابراز قدم النظرة التاريخية والتطورية، من ثم نسعى في دراستنا هذه لنحقق بعض التوضيح في حيز الدرس العربي القديم للتطور والتغير.
إننا بحاجة الى التعمق النظري في(التطور)، ثم إنشاء أبنية تفصل قضايا اللغة العربية القديمة والمحدثة، ومسائل الأدب في النتائج الشعري وفي الضروب النثرية منه، وهناك العديد من المشكلات الدائرة حول المعاجم ومناهجها، كل هذا يتطلب تركيزاً على موضوعات الدرس اللغوي الحديثة، واعتماد هذا المنهج منطلقاً لنا، ومحوراً أساسياً ؛ لأن أي تقدم سيؤسس على نتائجه ؛ فاللغة العربية تتميز بأنها(فصحى)، أي بمصطلح الأوروبيين(كلاسية مستمرة) مع تغير وتطور ضمن حدود لا تجاوزها، بينما الامر مختلف في معظم اللغات الحية، التي يمكن نظرياً أن تتغير صفحة وجهها بشكل يباين الثاني سابقة مباينة كبيرة تقربُ من أن تكون لغة أخرى(بعد أمد)، وإن أكثر العناصر اللغوية قابلية للتغير في اللغات الإنسانية هي دلالات المفردات، وذلك كما يقول(فندريس) في كتابه(اللغة): " فالمفردات على العكس من النظام الصوتي عند الفرد، لا تستقر على حال لأنها تتبع الظروف، فكل متعلم يكون مفرداته من اول حياته الى آخرها بمداومته على الاستعارة ممن يحيطون به ؛ فالإنسان يزيد من مفرداته، ولكنه ينقص منها أيضاً ويغير الكلمات في حركة دائمة من الدخول والخروج "(4) ويعد كلام فندريس هذا مقدمة للمفردات ودلالاتها في اللغة عامة.
ص178
ويحترز(جون ليونز) عندما يبسط تاريخاً لعلم الدلالة، فإنه يشير الى ابتكار مصطلح علم الدلالة بصورته الاخيرة(semantique) في أواخر القرن التاسع عشر، ولكنه يردف هذا بقوله: " ولا يعني تحدينا الذي نذكره أن الاهتمام بالدلالة والمعنى جديد، بل على العكس من ذلك فعلماء النحو عنو بمشكلات معاني الكلمات منذ أزمنة بعيدة وحتى اليوم بأكثر مما بذلوا العناية في وظائف التركيب، وهناك ما لا يحصى من المعاجم التي تتبعت الكلمات تاريخياً(5) ".
ولقد سبقت التساؤلات هذا الجدل القائم حول قضايا علم الدلالة البنيوية الجديدة، باحثة عن إمكانية صياغة مسائل الدلالة على هيئة علمية موضوعية متماسكة، كالتي وصل إليها علم الصوتيات وعلم التركيب اللغوي، ولا يطعن هذا الحوار وذاك التساؤل في الخطوات السابقة على استقلال العلم الجديد، فثمة اجتهادات وأعمال وأبحاث في الآماد القديمة عرفت طريقها واتخذت السمت الأخير، ونحن نفيد من النمو الحادث، ونعود لنفحص العمل القديم. وهكذا الشأن في اتجاهنا في هذه الدراسة، فإلحاحنا على تكوين(علم الدلالة العربي) لا يؤدي الى اننا نخلق أو نبتكر كل ما فيه، فهنالك مظاهر لتناول دلالي في كتب اللغة العربية، وكذلك في مصنفات ادبية عولجت فيها مشكلات المعنى، وزوايا دلالية كالتي نتجه إليها ولكن بملامح التجوهر العلمي الناضج، ولئن شئنا الدقة فقد نقول إن لدينا معطيات(لعلم الدلالة العربي) وخاصة في الجانب التطوري، وهذه هي مهمة هذا الفصل(والتالي له) بالدرجة الأولي: أي البرهنة على أن الكتب اللغوية والنقدية العربية طرقت مشكلة التطور الدلالي، وأن تفحصها يهدي الى أساليب تتطلب إعادة النظر في مدى فائدة التراث في فهم عصري للغة العربية ولأطوار حياتها.
ص179
وإن المعارف الأجنبية الحديثة تسدي إلينا النفع عندما نسترشد بها لاستخراج أدوات العمل الجديد ومناهجه من خلال التراث نفسه، والمزاوجة دائمة لا تقف عند أي من القطبين: الأصالة، وروح العصر ومعطياته التي تتقدم دوماً.
ص180
_______________
(1) john Lyons , Linguistique generale(introductions a la lrngwstique theonque ,, larousse paris 1970 p, p, 37 38.
(2) Ibid. p. 32 , cours de Linguwstique generale , F, de Saussure.
(3) georges moumn, lasemantique. 19, p, p, 47 , pierre gumraud la semantique p. 37..
(4) اللغة، فندريس 246-247، ترجمة الدواخلي وقصاص.
(5) J , Jyons , Linguistique generale p. 307.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|