المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



المأمون والامين والعباسيون  
  
1039   05:34 مساءً   التاريخ: 26-8-2017
المؤلف : السيد جعفر مرتضى الحسيني العاملي
الكتاب أو المصدر : الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ص156- 167
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الدولة العباسية / خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى / المأمون /

آمال المأمون وآلامه

العباسيون لا يرضون بالمأمون!

لا يشك المؤرخون بأن المأمون كان أجدر من الأمين، وأحق بالخلافة (1). بل لقد مر اعتراف الرشيد نفسه بذلك، لكنه اعتذر عن إسناده الأمر الأمين: بأن العباسيين، لا يرضون بالمأمون خليفة، وحاكما، رغم سنه وفضله وكياسته، وأنهم يرجحون أخاه الأمين عليه، قال الرشيد: «وبنو هاشم مائلون إلى محمد بأهوائهم، وفيه ما فيه.. إلى أن قال: فإن ملت إلى ابني عبد الله. أسخطت بني هاشم، وإن أفردت محمداً بالأمر، لم آمن تخليطه على الرعية الخ!!» ومر أيضاً قول الرشيد: «.. ولولا أم جعفر، وميل بني هاشم إليه [أي إلى الأمين] لقدمت عبد الله عليه..».

كما أن المأمون نفسه يقول في رسالته للعباسيين، المذكورة في أواخر هذا الكتاب: «.. وأما ما ذكرتم، مما مسكم من الجفاء في ولايتي، فلعمري ما كان ذلك إلا منكم: بمضافرتكم عليه، وممايلتكم إياه [أي الأمين]، فلما قتلته، تفرقتم عباديد، فطوراً أتباعاً لابن أبي خالد، وطوراً أتباعاً لأعرابي، وطوراً أتباعاً لابن شكلة، ثم لكل من سل سيفاً علي. ولولا أن شيمتي العفو، وطبيعتي التجاوز، ما تركت على وجهها منكم أحداً، فكلكم حلال الدم الخ..».

إلى آخر ما هنالك من النصوص الدالة على حقيقة الموقف السلبي للعباسيين ضد المأمون، وتفضيلهم أخاه الأمين عليه.

سؤال قد تصعب الإجابة عليه:

فما هو السر يا ترى؟ في عدم رضا العباسيين بالمأمون؟! ولماذا يفضلون أخاه أمين عليه؟!! مع أنه هو الأليق والأجدر والأحق بالخلافة!!.

إن الإجابة على هذا السؤال ربما تبدو لأول وهلة صعبة، وشاقة. ولكننا لن نستسلم لهذا الشعور، ولسوف نحاول الإجابة عليه، معتمدين على بعض ما بأيدينا من النصوص التاريخية، التي تلقي لنا ضوءاً كاشفاً على حقيقة القضية، وواقع الأمر: فنقول:

الجواب عن السؤال:

لعل سر انحراف العباسيين عن المأمون إلى أخيه الأمين يرجع إلى أن الأمين كان عباسياً، بكل ما لهذه الكلمة من معنى:

فأبوه: هارون.. وأمه: «زبيدة»، حفيدة المنصور، هاشمية (2)، والتي لو نشرت شعرها، لما تعلقت ـ على ما قيل ـ (3) إلا بخليفة، أو ولي عهد، والتي كانت أعظم عباسية على الإطلاق.

وكان في حجر الفضل بن يحيى البرمكي، أخي الرشيد من الرضاعة، وأعظم رجل نفوذاً في بلاط الرشيد.

وكان يشرف على مصالحه الفضل بن الربيع، العربي، الذي كان جده من طلقاء عثمان، والذي لم يكن ثمة من شك في ولائه للعباسيين.

أما المأمون:

فقد كان في حجر جعفر بن يحيى، الذي كان أقل نفوذاً من أخيه الفضل. وكان مؤدبه، والذي يشرف على مصالحه، ذلك الرجل الذي لم يكن العباسيون يرتاحون إليه بشكل خاص، لأنه كان متهما بالميل إلى العلويين. والذي كانت العداوة بينه وبين مربي الأمين، الفضل بن الربيع على أشدها، ذلك الرجل الذي أصبح فيما بعد وزيرا للمأمون، ومدبرا لأموره، وأعني به: «الفضل بن سهل الفارسي»، وقد مل العباسيون الفرس، وخافوهم. ولذا سرعان ما استبدلوهم بالأتراك وغيرهم..

أما أم المأمون. فقد كانت خراسانية غير عربية، وقد ماتت أيام نفاسها به، وحتى لو كانت على قيد الحياة، فإنها ـ وهي أشوه، وأقبح، وأقذر جارية في مطبخ الرشيد ـ لن تستطيع أن تكون مثل زبيدة عظمة، ونفوذا ولو قلنا إن موتها كان في مصلحة المأمون لما عدونا الحقيقة، كيف وقد بلغ من مهانتها ـ في نظر الناس ـ أن كان المأمون يعير بها.

فهذه زينب بنت سليمان. التي كانت عند بني العباس بمنزلة عظيمة، عندما لم يحضر المأمون جنازة ابنها، واكتفى بإرسال أخيه صالح من قبله، تغضب، وتقول لصالح: «قل له: يا بن مراجل، أما لو كان يحيى بن الحسين بن زيد، لوضعت ذيلك على فيك، وعدوت خلف جنازته.» (4).

والرقاشي الشاعر يمدح الأمين، ويعرض بهجاء المأمون، فيقول:

لــم تلده أمـة تعرف *** في الســوق التجارا

لا ولا حد، ولا خان *** ولا في الخزي جارا (5)

يعرض بالمأمون، وأن أمه كانت أمة تباع، وتشرى في الأسواق. بل إن نفس الأمين قد عير أخاه بأمه، فقال:

فـــاربع فــــإنك لست بــالمتطاول *** وإذا تطاولت الرجال بفضلها

تلقى خلاف هواك عند «مراجل» *** أعطاك ربك ما هويت وإنما

ما لست من بعدي إليه بواصل (6) *** تعلو المنابر كل يوم آملا

وقد أقذع في هجائه، حين كتب إليه أيام الفتنة بينهما بقوله:

بين الملأ في السوق هل من زائد *** يا بن التي بيعت بأبخس قيمة

إلا وفيــه نطفــــة مـــــن واحــــد *** ما فيك موضع غرزة من إبرة

فأجابه المأمون:

مستودعـــات وللأمـــاء أكفــــاء *** وإنما أمهات الناس أوعية

وطالما أنجبت في الخدر عجماء (7) *** فلرب معربة ليست بمنجبة

وأخيراً. فإن خير ما يصور لنا الحالة المعنوية التي كان يعاني منها المأمون، هو قول دعبل مخاطبا له:

قتلـــت أخــــاك، وشـــرفتك بمقعد *** إني مـــن القوم الـــذين سيــــوفهم

واستنقذوك من الحضيض الأوهد (8) *** شادوا بذكرك بعد طول خموله

مركز الأمين هو الأقوى:

وبعد كل ما تقدم. فإن ما لا بد لنا من الإشارة إليه هنا، هو:

قوة مركز الأمين، بالنسبة إلى أخيه المأمون، حيث قد كان للأمين حزب قوي جداً، وأنصار يستطيع أن يعتمد عليهم، يعملون من أجله، وفي سبيل تأمين السلطة له، وهم: أخواله، والفضل بن يحيى البرمكي، وأكثر البرامكة، إن لم يكن كلهم. وأمه: زبيدة، بل والعرب أيضاً.

وإذا ما عرفنا أن هؤلاء هم الذين كانوا يؤثرون على الرشيد كل التأثير، وكان لهم دور كبير في توجيه سياسة الدولة.. فلسوف نرى أنه كان من الطبيعي أن يضعف الرشيد أمام هذه القوة، وينصاع لها.

ومن ثم.. لتؤثر مساعيها أثرها. وتعطي نتيجتها في الوقت المناسب، فيجعل ولاية العهد من بعده لولده الأصغر سنا، وهو الأمين، ويترك الأكبر ـ المأمون ـ ليكون ولي العهد الثاني بعد الأصغر.

ولعل تعصب بني هاشم. وجلالة عيسى بن جعفر قد لعبا دوراً كبيراً في فوز الأمين بالمركز الأول في ولاية عهد أبيه الرشيد (9). هذا عدا عن الدور الرئيسي. الذي لعبته «زبيدة» في تكريس الأمر لصالح ولدها (10).

فيحدثنا المؤرخون: أن عيسى بن جعفر بن المنصور، خال الأمين جاء إلى الفضل بن يحيى، وهو متوجه إلى خراسان على رأس جيش، وقال له: «أنشدك الله، لما عملت بالبيعة لابن أختي، فإنه ولدك، وخلافته لك، وإن أختي زبيدة تسألك ذلك.. فوعده الفضل أن يفعل، وعندما انتصر على الخارجين هناك. بايع هو ومن معه من القواد والجند لمحمد (11).

رغم أن المأمون كان أسن من الأمين بستة أشهر، وعلى أقل الأقوال بشهر واحد.

وأصبح الرشيد حينئذٍ أمام الأمر الواقع، حيث إن الذي أقدم على هذا الأمر، هو ذلك الرجل. الذي لا يمكن رد كلمته، والذي له من النفوذ والسلطان، والخدمات الجلى، والأيادي البيضاء عليه، ما لا يمكن له، ولا لأحد غيره أن يجحده أو أن يتجاهله.

ويلاحظ هنا: أن عيسى بن جعفر قد ذكر أن أخته زبيدة، تسأله أن يقدم على هذا الأمر، وزبيدة التي تخطى باحترام كبير عند العباسيين، ولها نفوذ واسع، وتأثير كبير على الرشيد ـ زبيدة هذه ـ يهتم البرامكة جداً بأن تكون معهم، وإلى جانبهم، وذلك ليبقى لهم سلطانهم، ويدوم لهم حكمهم، الذي أشار إليه عيسى بقوله: «فإنه ولدك، وخلافته لك» فإن في هذا القول دليلاً واضحاً للفضل على سلامة وصحة ما يقدم عليه بالنسبة لمصالحه هو، ومصالح البرامكة بشكل عام. وبالنسبة لدورهم في مستقبل الخلافة العباسية.. وهو في الحقيقة يشتمل على إغراء وترغيب واضح بالعمل لهذا الأمر، وفي سبيله.

كما أن قول عيسى الآنف الذكر يلقي لنا ضوءاً على الدور الذي لعبته زبيدة في مسألة البيعة لولدها بولاية العهد. فهو يشير إلى أنها كانت قد استخدمت نفوذها في إقناع رجال الدولة بتقديم ولدها. هذا بالإضافة إلى أنها كانت تحرض الرشيد على ذلك باستمرار (12)، حتى لقد صرح الرشيد نفسه بأنه: «لولا أم جعفر وميل بني هاشم لقدم عبد الله على محمد، كما أشرنا إليه».

قال محمد فريد وجدي مشيراً إلى أن الرشيد لم يكن يريد جرح عاطفة زبيدة: «كانت ولاية الأمين بعهد من أبيه، قدمه على إخوته لمكان والدته، وكان الأحق بالتقديم المأمون لعلمه وفضله وسنه..» (13) وبعد.. فإننا لا نستبعد أنها كانت بالإضافة إلى ذلك قد استخدمت أموالها، من أجل ضمان ولاية العهد لولدها الأمين، ولعل مما يشير إلى ذلك قول الفضل بن سهل للمأمون: «وهو ابن زبيدة، وأخواله بنو هاشم، وزبيدة وأموالها.».

وأخيراً. فإن من المحتمل جداً أن يكون الرشيد ـ بملاحظة الدور الذي كانت تلعبه الأنساب في التفكير العربي ـ قد لاحظ سمو نسب الأمين على المأمون، وكان لذلك أثر في تقديمه له عليه، وقد ألمح بعض المؤرخين إلى ذلك فقال: «وفيها ـ أي في سنة 176 ه‍ ـ عقد الرشيد لابنه المأمون عبد الله العهد بعد أخيه الأمين. إلى أن قال: وكان المأمون أسن من الأمين بشهر واحد، غير أن الأمين أمه زبيدة بنت جعفر هاشمية، والمأمون أمه أم ولد اسمها «مراجل» ماتت أيام نفاسها به.» (14).

محاولات الرشيد لصالح المأمون:

ومن كل ما تقدم يتضح لنا حقيقة موقف العباسيين، وأهل بيت المأمون، ورجال الدولة من المأمون.. ويظهر إلى أي حد كان مركز أخيه قويا، ونجمه عاليا، وأنه لم يكن له مثل ذلك الحظ الذي كان لأخيه الأمين.

إلا أن أباه الرشيد، الذي كان يدرك حقيقة الموقف كل الادراك، قد حاول أن يضمن له نصيبه من الخلافة، فجعله ولي العهد بعد أخيه الأمين، وكتب بذلك العهود والمواثيق، وأشهد عليها، وعلقها في جوف الكعبة، ولا نعلم خليفة، قبله ولا بعده فعل ذلك مع أولياء عهده، من أولاده أو من غيرهم، رغم أن غيره من الخلفاء قد أخذوا البيعة لأكثر من واحد بعدهم.

كما أنه قد حاول بطرق شتى أن يشد من عضد المأمون، ويقوي مركزه في مقابل أخيه الأمين، لأنه كان يخاف منه على أخيه المأمون، فنراه يجدد أخذ البيعة للمأمون أكثر من مرة، ويوليه الحرب، ويولي أخاه السلم (15) ويهب المأمون كل ما في العسكر من كراع وسلاح. ويأمر الفضل بن الربيع، الذي كان يعرف أنه سوف يتآمر مع الأمين ـ يأمره ـ بالبقاء مع المأمون في خراسان. إلى غير ذلك من مواقفة، التي لا نرى حاجة لتتبعها واستقصائها.

مركز المأمون ظل في خطر:

ولكن رغم كل محاولات الرشيد فقد ظل مركز المأمون في خطر والكل كان يشعر بذلك، وكيف لا يعرف الجميع ذلك. ولا يشعرون به، وهم يرون الأمين يصرح بعد أن أعطى العهود والمواثيق، وحلف الأيمان، بأنه: كان يضمر الخيانة لأخيه المأمون (16).

لقد كان الكثيرون يرون بأن هذا الأمر لا يتم، وأن الرشيد قد أسس العداء والفرقة بين أولاده، «وألقى بأسهم بينهم، وعاقبة ما صنع في ذلك مخوفة على الرعية» وقالت الشعراء في ذلك الشيء الكثير. ومن ذلك قول بعضهم:

ودمع العين يطرد اطرادا *** أقول لغمة في النفس مني

ستلقي ما سيمنعك الرقادا *** خذي للهول عدته بحزم

يطيل لك الكآبة والسهادا *** فإنك إن بقيت رأيت أمراً

بقسمته الخلافة والبلادا *** رأى الملك المهذب شر رأي

لبيض من مفارقه السوادا *** رأى ما لو تعقبه بعلم

خلافهم ويبتذلوا الودادا *** أراد به ليقطع عن بنيه

وأورث شمل ألفتهم بدادا *** فقد غرس العداوة غير آل

وسلس لاجتنابهم القيادا *** والقح بينهم حربا عواناً

لقد أهدى لها الكرب الشدادا *** فويل للرعية عن قليل

وألزمها التضعضع والفسادا *** وألبسها بلاءا غير فان

زواخر لا يرون لها نفادا *** ستجري من دمائهم بحور

أغيا كان ذلك أم رشادا (17) *** فوزر بلائهم أبداً عليه

والمأمون وحزبه كانوا يدركون ذلك:

وبعد.. فإنه من الطبيعي جداً أن نرى أن المأمون وحزبه كانوا يدركون أن مركز المأمون كان في خطر، وأن الأمين كان ينوي الخيانة لأخيه. ولقد رأينا الفضل بن سهل عندما عزم الرشيد على الذهاب إلى خراسان، وأمر المأمون بالمقام في بغداد ـ رأيناه ـ يقول للمأمون: «لست تدري ما يحدث بالرشيد، وخراسان ولايتك، والأمين مقدم عليك. وإن أحسن ما يصنع بك أن يخلعك، وهو ابن زبيدة، وأخواله بنو هاشم، وزبيدة، وأموالها..» (18). وتقدم أيضاً قوله له: إن أهل بيته وبني أبيه، والعرب معادون له.

والرشيد أيضاً كان في قلق:

بل لقد صرح الرشيد نفسه بأنه كان يخشى من الأمين على المأمون، فإنه قال لزبيدة، عندما عاتبته على إعطائه الكراع والسلاح للمأمون: «إنا نتخوف ابنك على عبد الله، ولا نتخوف عبد الله على ابنك إن بويع.» (19).

هذا بالإضافة إلى تصريحات الرشيد السابقة، والتي لا نرى حاجة إلى إعادتها.

ولقد قال الرشيد، عندما بلغه ما يتهدد به محمد الأمين:

عليك يعود البغي إن كنت باغيا *** محمــــد لا تظلم أخـــــــاك فإنه

إذا مـــال بالأقوام لـم يبق باقيا (20) *** ولا تعجلن الدهر فيه فإنه

ومهما يكن من أمر، فإن الحقيقة التي لا يمكن الجدال فيها، هي أن الرشيد كان في قضية ولاية العهد مغلوبا على أمره، من مختلف الجهات. وكان يشعر أن ما أبرمه سوف يكون عرضة للانتقاض بين لحظة وأخرى، وكم كان يؤلمه شعوره هذا، ويحز في نفسه.. حتى لقد ترجم مشاعره هذه شعراً فقال:

غلبت على الأمر الذي كان أحزما *** لقد بان وجه الرأي لي غير أنني

توزع حتــــى صار نهبـــــاً مقسما *** وكيف يرد الدر في الضرع بعدما

وأن ينقض الحبل الذي كان أبرما (21) *** أخاف التواء الأمر بعد استوائه

على من يعتمد المأمون؟

وهكذا: وإذا كان أبوه قد استطاع أن يضمن له المركز الثاني بعد أخيه الأمين، وإذا كان ذلك لا يكفي لأن يجعل المأمون يطمئن إلى مستقبله في الحكم، وأن يأمن أخاه وبني أمية العباسيين، أن لا يحلوا العقدة، وينكثوا العهد، فهل يستطيع المأمون أن يعتمد على غيرهم، لو تعرض مركزه ووجوده لتهديد في وقت ما؟ ومن هم أولئك الذين يستطيع أن يعتمد عليهم؟! وكيف؟ وما هو موقفهم فعلاً منه؟! وكيف يستطيع أن يصل إلى الحكم، والسلطان؟! ومن ثم.. كيف يستطيع أن يحتفظ به، ويقوي من دعائمه؟!

إن نظرة شاملة على الفئات الأخرى في تلك الفترة من الزمن، لكفيلة بأن تظهر لنا أنه لم يبق أمام المأمون غير العلويين، والعرب، والإيرانيين. فما هو موقف هؤلاء منه، وأي الفئات تلك هي التي يستطيع أن يعتمد عليها؟ وكيف يستطيع أن يغير مجريات الأمور لتكون في صالحه، وعلى وفق مراده؟!.

هذا هو السؤال الذي لا بد للمأمون من أن يضع الحل والإجابة عليه، بكل دقة ووعي وإدراك. وأن يتحرك من ثم على وفق تلك الإجابة، وعلى مقتضى ذلك الحل.. .

____________

(1) ليس المراد هنا: الجدارة الحقيقية، التي قررها الله، وبينها محمد (صلى الله عليه وآله)، وإنما المراد الجدارة التي يفهمها هؤلاء، واعتاضوا بها عن حكم الله، وسنة نبيه..

(2) وفي الفخري في الآداب السلطانية ص 212، ومروج الذهب ج 3 ص 396، والنجوم الزاهرة ج 2 ص 159، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 303، وتاريخ اليعقوبي ج 3 ص 162: «أنه لم يتفق لخليفة عباسي أن يكون عباسي الأب والأم، غير الأمين»..

ولا بأس أيضاً بمراجعة: مختصر التاريخ ص 130، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة ج 1 ص 203، وابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص 243، وزهر الآداب ج 2 ص 993، طبع دار الجيل.

(3) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 306.

(4) الكامل لابن الأثير، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 230، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة المجلد الثاني جزء 4 ص 493.

(5) المعارف لابن قتيبة، طبع سنة 1300، والفخري في الآداب السلطانية ص 212.

(6) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 304.

(7) غاية المرام في محاسن بغداد دار السلام للعمري الموصلي ص 121.

(8) معاهد التنصيص ج 1 ص 202، ووفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ه‍. ج 1 ص 179، وتاريخ الخلفاء ص 324، والشعر والشعراء ص 539، 540، والغدير ج 2 ص 376، والعقد والفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 2 ص 196، وتاريخ التمدن الإسلامي، المجلد الثاني جزء 3 ص 115، وزهر الآداب طبع دار الجيل ج 1 ص 134، والكنى والألقاب ج 1 ص 331، وربيع الأبرار ج 1 ص 743.

(9) ابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص 245، والإتحاف بحب الأشراف ص 96.

(10) زهر الآداب طبع دار الجيل ج 2 ص 581.

(11) راجع تفصيل ذلك في: الطبري ج 10 ص 611، والنجوم الزاهرة ج 2 ص 76، والكامل لابن الأثير ج 5 ص 88، وأشار إلى ذلك أيضاً ابن خلدون في تاريخه ج 3 ص 218.

(12) النجوم الزاهرة ج 2 ص 81، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 290.

(13) دائرة المعارف الإسلامية ج 1 ص 606.

(14) النجوم الزاهرة ج 2 ص 84، وقريب منه ما في تاريخ الخلفاء للسيوطي.

(15) مروج الذهب ج 3 ص 353، والطبري حوادث سنة 186 ه‍.

(16) الوزراء والكتاب ص 222.

(17) الطبري حوادث سنة 186 ه‍.

(18) تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 229، والنجوم الزاهرة ج 2 ص 102، والكامل لابن الأثير، طبعة ثالثة ج 5 ص 127، والوزراء والكتاب ص 266.

(19) مروج الذهب ج 3 ص 353. ولعله إنما فعل ذلك أيضاً، من أجل أن يطيب خاطر المأمون، ويذهب ما في نفسه ـ وهو الأفضل، والأكبر سنا من أخيه ـ من غل وحقد وضغينة..

(20) ابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص 245، وفوات الوفيات ج 2 ص 269.

(21) ابن بدرون أيضاً ص 245، وزهر الآداب، طبع دار الجيل ج 2 ص 581، وفوات الوفيات ج 2 ص 269.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).