أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-1-2021
2440
التاريخ: 19-4-2016
7140
التاريخ: 24-5-2017
8854
التاريخ: 19-11-2019
2099
|
لقد اكدت دراسات العلماء والمفكرين الاسلاميين في تحليلهم للمسائل والقضايا التربوية، ان التربية: هي اداة للبناء المستمر وتشغيل الانسان والتي تثمر في بناء انسان مؤمن قوي، ومفكر ومسؤول وملتزم وواع، له القدرة اللازمة على تقييم البيئة ونقدها ويعمل بأوامر الدين ونواهيه في كل تصرف وسلوك وهي ترشد الانسان في مسيرته التقدمية والتكاملية نحو الله سبحانه واحياء فطرته فيه ، وتنمية ابعاده الوجودية باتجاه الحركة نحو الكمال اللامتناهي.
اجل ان التربية في الاسلام ترشد ادارة المجرى الارتقائي والتطوري للإنسان بالشكل الذي يوجهه نحو الله سبحانه، وهي التي تعمل على تهيئة الارضية المناسبة لرشده وتكامله الشامل وفوزه بالنجاح والفلاح، لا في الدنيا وحسب وانما في الآخرة أيضاً.
وعلى هذا الاساس أولت الشريعة الاسلامية المقدسة الناحية التربوية عناية كبيرة، واهتمت بها واعتبرتها من اهم العوامل الرئيسية في مجمل العملية البنائية الارتقائية التكاملية في الحياة الانسانية والاسلامية كما عملت على تنشيط وتفعيل التربية الصالحة في نشاطات الانسانية التربوية والاجتماعية لكي يسمو في حياته، ويساهم بجد وفعالية في ايجاد بيئة سليمة لحياة انسانية افضل وأسمى. وقديماً قالوا: (أنك ستأخذ باليد التي تعطي بها).
ولقد عملت الشريعة جاهدة من اجل خلق الفكر الانساني الايجابي في الفرد والاسرة والمجتمع والمربي والمعلم ـ باعتبارهم المحاور الرئيسية التي تتمحور عليها العملية التربوية ـ وبذر الخير والفضيلة والكمال وتحديد المسؤوليات والواجبات لتلك المحاور، وتبيانها للجميع ليعملوا وفقا لها، و يلتزموا بها ، لكي يرتقوا جميعا إلى آفاق التسامي التربوي، والكمال المعنوي وايجاد جيل الرشد والتكامل لان اللامبالاة وعدم الاحساس بالمسؤوليات التربوية الاجتماعية والاخلاقية يؤدي إلى الاختلال وعدم التوازن الفردي والاجتماعي والسلوكي وبروز الامراض الروحية والجمود في عملية النمو والبناء، والاخفاق في بلوغ حد الرشد والتكامل الفردي والاجتماعي لان من لم يزرع الخير والفضيلة في الحياة لم يحصد الخير والفضيلة فيها أبداً.
لذلك رعى الاسلام رعاية مميزة ما تعطيه ثمرات التربية الصالحة من عطاءات، لكي يتحقق مجتمع الفضيلة والكمال والتوازن فعمد إلى الاهتمام بالإنسان منذ ولادته وحتى نهاية عمره، وتربيته تربية تليق بمكانته السامية في الحياة لاسيما وانه خليفة الله في أرضه، ومسؤوليته الكبيرة في الحياة وأثره الفاعل في ايجاد التطور النوعي، وحصول التحولات في الحياة البشرية في كل المجالات، وعلى كافة الصعد والمستويات.
وقد فعّل الاسلام العامل التربوي في الحياة واذكى روح الدعوة إلى الله سبحانه في النفوس والعقول لعلاقتهما الوثيقة بالحالتين التربوية والاجتماعية، وتقدمهما وتكاملهما في الحياة الانسانية وازدهارها، لذا عمل بجد ونشاط في تربية الانسان طفلا كان ام كبيرا ذكرا كان ام انثى وفقا لمبادئه النبيلة، واخلاقه الكريمة وتربيته الملائمة للعقل والفطرة والحكمة وقد رسم الطرق المماثلة لذلك، لتقوية الايمان في النفوس والاستقامة في السلوك ليبقى الكيان الاجتماعي قوياً صالحا متماسكاً تسوده مفردات التربية الصالحة وعلاقات الاخوة الصادقة والروابط الانسانية المتينة.
ان اهتمام الاسلام بالعمليات التربوية واضح جدا من خلال مناهجه الفكرية، وقوانينه الاجتماعية ومبادئه الاخلاقية لأنها هي التي تضع الخطط السليمة لنمو الحركة الاجتماعية واستمرارها لولاها لما امكن ان تدوم أي حياة للفرد او الاسرة او المجتمع.
وقد اكد على ذلك العالم (جون ديوي) بقوله:
(ان وجود المجتمعات وبقاءها واستمرارها يتوقف على عملية النقل الثقافي، وهذا النقل يتم بانتقال عادات العمل والتفكير والشعور من الكبار إلى الناشئين، فتغير انتقال المُثل العليا والآمال والمطامح والآراء، إلى أولئك الوافدين عليها لا يمكن لحياة الجماعة ان تدوم ...)(1).
و(ان المكونات الاجتماعية والنفسية التي يكتسبها الانسان ناشئة عن التربية وبذلك كانت ضرورة للفرد والمجتمع على حد سواء)(2).
والحقيقة انه ليس من نافلة القول ما ذكره بعض المربين:
(انه لو انتقل سكان الكرة الأرضية إلى المريخ تاركين وراءهم اطفالهم الصغار ثم عادوا اليهم بعد عشرين عاما لوجودهم قطيعاً من البهائم)(3).
لذا اكد الاسلام على التربية الصالحة، لعلاقتها الوثيقة بالفرد والاسرة والمجتمع، وتقدمهم واستمرارية وجودهم الفاعل ونوعيتهم ومساعدتهم في تحقيق طموحاتهم واهدافهم المنشودة وهي اهم واقوم وظيفة للإنسان وقد ادرك قيمتها منذ بدء فجر حياته وما نشاهده اليوم من تحولات وتغيرات عجيبة في طول الزمان، وفي تاريخ البشر، إلا بفعل ما اوجدته المدارس التربوية في العالم.
فالإنسان لم يُخلق شريرا او شيطانيا في اصل خلقته ولو كان كذلك لذهبت مساعي جميع الانبياء والمصلحين والقادة التربويين والاجتماعيين ادراج الرياح، لذا رسم القرآن الكريم للإنسان ـ بوصفه اللبنة الاولى في بناء المجتمع وانه اكرم مخلوق في دنيا الوجود ـ مسار خطاه إلى التكامل بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق:6] {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم: 42].
اذن، ما على الانسان اذا أراد ان يكون لبنة صالحة في اسرة صالحة وفي مجتمع صالح ويسعى في حياته للعروج إلى حياة خالدة لا نهائية ونعيم دائم الا ان يستلهم من برامج الانبياء التربوية وخصوصا الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه واله) والائمة المعصومين (عليهم السلام) لأنهم مدرسة تربوية اصيلة وثقافة جامعة شاملة وذلك لكي تتقد في باطنه الامكانات الربانية والطاقات الفكرية والروحية والاجتماعية، والتي بواسطتها ينال الانتصار والكمال والنجاة والسعادة وتحقيق المجتمع الفاضل المنشود.
يقول (غوستاف لوبون)
(لقد عرفت الفلسفة بعد معاناة طويلة، ان لا طريق لها إلى ما وراء الطبيعة، وعلى هذا فلابد من اتباع اوامر الاطباء النفسانيين، العالمين بخصائص الروح الانسانية وهم يتكفلون بتكامله الروحي والمعنوي وهؤلاء الاطباء النفسانيون هم الأنبياء الالهيون ورسل الله تعالى، فهم الذين يعرضون على البشر ما يحملونه لإصلاحه من منبع الوحي والالهام من برامج السعادة كي يبلغوا به إلى كماله اللائق به)(4).
ومما لا شك فيه، ان الانسان قد جرت في تكوينه اكبر معجزة؛ لأنه ذو طبيعة ذات جانبين مادية وروحية واذا ما اريد اصلاحه ليكون عنصراً سوياً فاعلا في عمليتي التغيير والاصلاح في الحياة فلا ينبغي ان نفرط بجانب على حساب الجانب الآخر، وحتى لا يبقى وإلى الأبد، تحت
وطأة الضرورات البدائية.
ويقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
(ان بذوي العقول من الحاجة إلى الادب كما يظمأ الزرع إلى المطر)(5).
اذن، ينبغي اشباع الحاجات المادية والروحية للإنسان على حد سواء، والعمل على تهذيب الاثنين طبقاً للمعايير الطبيعية الفطرية، والضوابط الدينية، والمبادئ الاخلاقية والتربوية ليعتدل الانسان في سلوكه وتفكيره، وتوجهاته في الحياة ولكي تكون افعاله واعماله مفيدة ومرضية ومقبولة في الوسط الذي يعيش فيه.
وبديهي، ان اعمال الإنسان كلها إما أن تكون صالحة يثاب عليها، او طالحة يعاقب عليها. والقرآن الكريم يقول: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[الشمس: 9، 10].
فالجزاء يبتنى على اساس إمكانية تمييز الإنسان بين الخير والشر لذا فلا يجوز تبرئة المجرم بحجة انه يقع ضحية مفاسد المجتمع والقيادة المنحرفة الفاسدة وإن كانت المسؤولية كبيرة جدا التي تقع على عاتق المجتمع والقيادة والبيئة .
وعليه فلابد من معاقبة المجرم لحصانة الفرد والمجتمع من العداوة، ولأنها ضرورية جداً في خلق التوازن والعدالة والاستقرار في المجتمع الانساني، وحتى لا تبتلي الحياة الانسانية بالشرور والانحراف والمخاطر او تسري في روح التعدي وكسر هيبة القانون وتجاوز حدوده إلى سائر افراد المجتمع.
وقد كتب احد علماء النفس المعاصرين ما نصه:
(لقد اصبح من الثابت المتفق عليه لم يبق فيه اقل مجال للتشكيك، هو انه لا يوجد في البشر إنسان شرير بالذات نعم يوجد اناس مرضى النفوس)(6).
ولقد سبق القرآن الكريم علماء التربية والنفس، والفلسفة والاجتماع وكل النظريات الحديثة بأربعة عشر قرنا من الزمان عندما وصف جماعة المنافقين في شرهم واذاهم وحقدهم بانهم مرضى القلوب بقوله {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}[البقرة:10].
لذا ينبغي مساعدتهم في اصلاح نفوسهم، ومعالجة هذا المرض الذي يحملونه في قلوبهم عن طريق التربية الدينية، والنصح والتوجيه والارشاد لكي يكونوا اسوياء صالحين يساهمون في عملية البناء الاجتماعي والتهذيبي، وتقدم المجتمع وتطوره، وتكامله، وازدهاره.
وعلى كل حال فان المجتمع بحاجة ماسة إلى التربية الدينية على وجه الخصوص ـ لأنها تهدف إلى النمو الروحي والتهذيب النفسي، وتنمية السلوك وتعويد النفس على العادات الصالحة والاخلاق الفاضلة والمثل العليا.
وقد اكد علماء النفس والتربية والاجتماع هذه الظاهرة في بحوثهم ومقالاتهم فقالوا (ان الدين يمنح الانسان قوة الايمان والتعقل والبصيرة، وهذه القوى تشكل طاقات روحية تسعى إلى تدعيم الخير في قلوب البشر، وهذا أسمى وأنبل الغايات الإنسانية...) (7).
اجل، ان الدين هو الذي يحفظ الطفل وعموم الافراد والاسر والمجتمعات، من الشذوذ والانحراف والسقوط وهو الذي يطهر النفوس وينقذها من الانحلال، ويصونها من الانهيار واذا استحكم في النفس الانسانية اودع فيها قوة هائلة متماسكة تحول دون ارتكابها الجريمة، وتمنعها من الانحراف وتوحي لها فعل الخير والتسابق في ميادين البر والاحسان والفضيلة.
لذا فان التربية التي تصاغ وفق اساليب الاسلام النزيه الواقعي، ومبادئه التربوية والاخلاقية والتهذيبية تحقق للمجتمع والجيل الصاعد اعظم الانتصارات، وافضل التحولات في المدنية والحضارة لأنها تقضي على اسباب القلق وعوامل التمرد والجريمة كما تؤهل الإنسان للحياة الطبيعية الفاعلة في بيئته واسرته ومجتمعه.
بالإضافة إلى اثرها الفعال اجمع علماء النفس والتربية والاخلاق والاجتماع في تكوين الحياة العامة الآمنة المستقرة في دنيا الإنسان والظفر بحياة اجتماعية مهذبة ، تتوفر فيها عناصر الدعة والمحبة والاستقرار والحنان.
لذلك نرى عندما ابتعد المجتمع البشري عن شريعة السماء وضعف الوازع الديني ـ وخصوصاً في هذه العصور انتشرت الجرائم، وشاع الانحلال والتفسخ في الأسر والمجتمعات وتعاقبت المحن والفتن ويتبع بعضها بعضاً، فبُلي المجتمع الإنساني الكبير بكثير من المشاكل العويصة والحروب الرهيبة والانحرافات الاخلاقية والاجتماعية الخطيرة حتى طغت على العقول والنفوس فأصبحت تشكل عنصر خوف وهلع شديد للإنسان المعاصر وادخلتا المجتمعات والشعوب في نفق ضيق مظلم لا تدري ما هو مؤداه، فغدت المجتمعات والدول تأكل بعضها بعضا واضحت المجتمعات الصغيرة تحت رحمة من يفوقها حجما وقوة وهي تئن اثارها واخطارها وشرورها.
يقول الله سبحانه وهو اصدق القائلين:
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:251] والمراد بفساد الأرض: فساد من عليها. أي: فساد الاجتماع الانساني، كما في الميزان للعلامة الطباطبائي (قدس سره).
وهكذا يظهر بصورة شفافة وجلية، ان الدعوة إلى الدين الحق ينبغي ان يسير جنبا إلى جنب العملية التربوية والاجتماعية للإنسان لما في ذلك من اثر عميق في هذه الحياة من حيث الاخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة، والعادات الحسنة والتأثير الايجابي البليغ في النفس الإنسانية وان لم تجبها او تؤمن بها.
جاء في الميزان: ج2 ما نصه:
(فإن الدين منذُ ظهر... وانتحلت به امم وجماعات هامة، هو الداعي الوحيد الذي يدعو إلى الإيمان والأخلاق الفاضلة والعدل والصلاح... وهو يحكم في الاعتقادات والافعال جميعا ويدعو إلى اصلاح الجميع فلو كان في الدنيا خير مرجو او سعادة لوجب ان ينسب إلى الدين وتربيته ويشهد بذلك ما نشاهده من أمر الأمم التي بنت اجتماعها على كمال الطبيعة واهملت امر الدين والاخلاق فإنهم لم يلبثوا ان افتقدوا الصلاح والرحمة والمحبة وصفاء القلب، وسائر الفضائل الخلقية والفطرية مع وجود أصل الفطرة فيهم.
على أن التأريخ اصدق شاهد على الاقتباسات التي عملتها الأمم المسيحية بعد الحروب الصليبية، فاقتبسوا مهمات النكات من القوانين العامة الإسلامية فتقلدوها وتقدموا بها، والحال ان المسلمين اتخذوا وراءهم ظهرياً فتأخر هؤلاء وتقدم اولئك)(8).
أجل، تتقدم، وتتطور، وتتقوى مجتمعات اعدائنا والحاقدين علينا نتيجة عملهم بما اقتبسوا من علوم وقوانين إسلامنا، وبما سرقوه من تراثنا، وخبرات علمائنا ومؤلفاتهم في كل علم وفن، ونحن نترك مبادئ ومنهاج ديننا، ولم نتدبر قرآننا وسنة نبينا محمد (صلى الله عليه واله) واهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) ونهج بلاغة سيدنا وإمامنا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ونهمل تراثنا ونستجدي اخلاق ومناهج عدونا فيا للعجب العجاب؟!!!
وصدق من قال: لا يصلح هذا الزمان الا بما صلح به اوله، لان الجيل الذي عاش في عصر
النبوة، واغترف من علوم الرسالة ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام) استطاع ان يتقدم ويتطور، ويصنع حضارة مجيدة مزدهرة، وينشئ دولة عالمية لها باع طويل في كل علم وفن، ومن فنون الحياة وعلومها النافعة.
هكذا الإسلام الحقيقي ينور، ويطور من يعمل به، ويجعله منهاجا في الحياة، وقد جاء ليصنع أمةٌ، تحمل راية الدين والنظام الالهي في الوجود وتقود البشرية وتنقذها من الضلال والانحراف الذي يقود المجتمع إلى التحلل والتشرذم والسقوط وهو الذي يحقق الأهداف السامية في ظل التربية المهذبة، والتعاون المثمر، والمحبة الصادقة، التي يزرعها بين الإنسان واخيه الانسان في دنيا الحياة والوجود.
وإنه يقتضي مجتمعنا متعاونا ومتساوياَ ومهذبا في سبيل القيام بالتكاليف التربوية والاجتماعية وان التهذيب والبر والإحسان يشكلون اساس الأخلاق فيه وهي من برامجه الأصلية لديه، وهو الذي يصدع بصوت جهوري:
(من أصبح ولا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم)(9) و(لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (10).
نعم، ان مدرسة الاسلام الاصيل مدرسة محمد وأهل بيته الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين، هي مدرسة نوعية مستوعبة لجميع شؤون الصغار والكبار، والاسر والمجتمعات، ومهتمة بالتزكية والتربية النفسية والاخلاقية، وخلق الجيل المؤمن القوي، والمجتمع المهذب الفاضل الذي تسوده علاقات الاخوة، والقيم الإنسانية النبيلة.
وعليه فان التربية والتهذيب الذي ينشدهما الإسلام المحمدي الاصيل ويسعى إلى تحقيقهما في دنيا الوجود قد تجسدوا فعلا على ارض الواقع ايام الدولة الاسلامية في عهد الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه و آله) وطيلة سنوات خلافة وصيّه علي امير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام. حيث الايثار، والحب والحنان والشعور بالمسؤولية، والتحلي بالنبل والخلق الكريم والتزكية النفسية والعدالة والكرامة والحرية واحترام الراي ظاهراً للعيان، وسائدا في الحياة.
ولولا حملة النفوس المريضة، وأصحاب الافكار الشريرة وأهل الحسد والشقاق والنفاق والأنانية والمصالح الشخصية والانحراف والشذوذ، الذين سرقوا الشرعية ظلما وقهراً وزوراً ومكراً لبقت تربية الرسول محمد (صلى الله عليه واله) وأمير المؤمنين علي (عليه السلام) وسيدة النساء فاطمة (عليها السلام) وسيدَّي شباب اهل الجنة الحسين والحسين (عليهما السلام) والتسعة المعصومين من ذرية الحسين (عليه السلام) سائدة ومعمولاً بها إلى يومنا هذا بصورة رسمية ولاستفادت البشرية اكثر فاكثر، هدايةً، وعلماً، وتهذيباً، وسمواً، وتطوراً، وتكاملاً...
ولكن قاتل الله المجرمين والكافرين والمنافقين والمنحرفين، شذاذ الآفاق وحملة الاوزار، دعاة البغي والجور عبيد الدنيا، والهوى والدرهم والدينار ، الذين تربّعوا على دست الحكم والسلطنة، فجعلوا الحياة دولاً وعبيد الله خولًا، فتعساً لهم وتباً...!! فطغى الانحراف وانتشرت التربية الفاسدة.
نعم، إن الحزب القرشي المنافق، والحزب الأموي الباغي، قد تقاسما الادوار الاجرامية والخيانية والانحرافية لطمس مبادئ مدرسة اهل البيت التربوية ومنهاجها التهذيبية، وطرقها الاصلاحية، والبنائية.
إلا أن (الحق يعلو ولا يُعلى عليه) وان خلت الساحة منهم سلام الله عليهم أجمعين حينا نتيجة
المكر، والبغي والظلم والتآمر الفظيع والمتواصل.
إلا ان هذا النزر اليسير من اشعاعات مدرسة اهل البيت التربوية، والتهذيبية والتوجيهية، والمناقبية، قد أنارت الدنيا، وأضاءت الحياة الإسلامية والإنسانية على حد سواء. ولولا مكر الماكرين، وخبث الحاقدين وفساد الملوك الأمويين والعباسيين، وآخرين أمثالهم، لما وصلت الانسانية لما هي عليه اليوم من تهافت فكري، وسقوط اخلاقي وتشرذم اجتماعي وفساد تربوي في مؤسساتها المختلفة، ومنظماتها العديدة...
وكرَد فعل صحيح وعلاج ناجح شاف يجب الرجوع إلى شريعة السماء إلى دين الله الخالد الإسلام الأصيل المحمدي، النزيه الواقعي والالتزام بأوامره ونواهيه والاعتصام بمبادئه الاخلاقية، ومناهجه التربوية والروحية، والسير على خطاه من اجل الخلاص من هذا الشقاء، والوصول إلى الاستقرار والتكامل والرخاء وتحقيق التوازن وانسانية الانسان في الحياة.
طوبى لمن له عقل واع، وضمير حي، ونفس منفتحة، يتدبر فيما يقرأ، ويتفكر فيها و يسمع ويرى، ويلتزم بها ينفع لينقذ نفسه واهله ومن حوله ويغدو مركز اشعاع وهداية وخير واحسان لكل ابناء جنسه وامته، والله الموفق للصواب، والهادي لكل خير وهو القائل: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:69].
_____________
1- الديمقراطية والتربية :( ص3 )عن النظام التربوي في الاسلام.
2- الاسس الاجتماعية للتربية (ص 3 – 5)
3ـ رسالة الاخلاق (ص24)
4ـ غرر الحكم (ص224)
5ـ الوعي التربوي: ص19
6ـ رسالة الأخلاق : ص47
7ـ مجالات في علم النفس: ص45
8ـ الميزان: ج2، ص154ط . الأعلمي بيروت.
9ـ حديث نبوي شريف عن أصول الكافي.
10ـ حديث نبوي شريف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|