x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
عن فطرة (وجود الله)
المؤلف: الأستاذ مظاهري
المصدر: تربية الطفل في الاسلام
الجزء والصفحة: ص136 ــ 145
2023-10-18
1121
بحثنا اليوم بحث اجتماعي مفيد ارجو ان يلتفت اليه جيدا الجميع خاصة النساء، ان العالم اليوم الذي يعرف بعصر التمدن بل في واقع الأمر ليس كذلك انما هو عصر التوحش. وان كان علينا تعيين اسماً محترماً له يجب ان ندعوه عصر التوتر واضطراب الفكر والقلق والهم والغم وعصر الحيرة واليأس من الحياة حيث تسيطر هذه الحالات على الناس في هذا العصر. ونراها بين الجميع خاصة عند النساء وبين الشباب حيث قد بلغت هذه الحالات ذروتها وتدفع ملايين الأشخاص في كل عام في البلدان المتحضرة إلى الانتحار، حيث يلجأ اليائس من الحياة التائه فيها الى الانتحار وتشير الاحصاءات ان الآلام والهموم منتشرة بكثرة في تلك البلدان حتى ان الملايين من الألمان يستعملون أقراصاً للنوم وكذلك في امريكا وبريطانيا. وأخذت تنتشر قليلاً في ايراننا. ويعتقد أكثر اطباء النفس ان ثلثي الأمراض النفسية ناتجة عن ذلك. وان اساس الجنون وضعف الأعصاب من هذا التوتر والاضطراب والحيرة واليأس من الحياة. فما العمل مع هذا الوضع الحالي. ويجب القول ما دواء هذا المرض الاجتماعي المستشري؟!
يقول بعض العلماء المتخصصين في هذا المجال اي اطباء النفس ان الدواء الوحيد هو الإيمان الراسخ في القلب. الجميع يعتقد ان لا حل لديهم ولا دواء الا ان يرتبط الانسان بالمسجد والمنبر، هناك يقولون الارتباط بالكنيسة والقرآن يؤيد هذا. يقول القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) ان كنت تريد. ان تتخلص من الاضطراب والقلق والحيرة واليأس من الحياة عليك فقط بالأيمان الراسخ في القلب يقول القرآن: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، فان كنت تذكر الله وترسخ ذلك في قلبك ورأيت نفسك في حضور الله عزوجل فسيصبح الله اعتمادك وملجأك في جميع الصعاب وستتخلص من التوتر والاضطراب وستحصل على السكينة والوقار والاطمئنان: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62]، يؤيد كثيراً على ان محبي الله والذين علاقتهم قوية به عزوجل فانهم لا يتحسرون على الماضي ولا يخافون من المستقبل لأن الانسان اذا اغتم يغتم على الماضي واذا كان متوتراً او مضطرباً عن المستقبل وهذه الأمور لا يعاني منها المؤمن كما يقول القرآن والأفضل من ذلك ما جاء في سورة الأنعام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنعام: 81]، يعني اي شخص أحق ان يكون قلبه آمن لا يتخلله غم ولا هم اي قلب يستحق ان يفرغ من التوتر والاضطراب واليأس من الحياة ؟ يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]، الذين يملكون الايمان العاطفي والمرتبطين بالله والمسجد والمنبر والذين يمنعهم ايمانهم من ارتكاب المعاصي والذنوب فانهم أحق بالأمن وهؤلاء هم الذين كلما طالت حياتهم كان ذلك افضل لهم. وأخيراً كما يقول الامام الجواد (عليه السلام): (الثقة بالله ثمن لكل غال وسلم إلى كل عال)(1). اي ان الايمان هو الذي يصنع الحياة ويحث الانسان وينشطه ويهبه الصبر والاستقامة والشجاعة ويخلص من القلق والتوتر.
يقول أحد العظماء: كانت الطيارة قد اتجهت من طهران إلى بغداد. وكان في داخلها اربعين شخصاً وما ان اقتربت من بغداد حتى اعلنت الخطر بداخلها. حيث لم تنفتح الدواليب وأخبروهم ان عليها ان تعود إلى طهران او تدور حول مطار بغداد إلى ان ينتهي بنزينها عندها تحط على الأرض تلقائياً او يقضى عليها. وكنت جالساً بهدوء انظر الى الجميع وقد ذهب لونهم واضطرب حالهم. وضجوا بالبكاء. فسألني الجالس إلى جنبي وقد بهت لونه: هل انت أطرش. فأجبته بالنفي فقال: الم تسمع ما قالوا قلت بلى قال ألا تخف فأجبته (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) وعندما جلست في الطائرة قلت بسم الله وعندما اقلعت قرأت آية الكرسي، إذا كان موتي قد قدر وان لم يكن مقدراً بعد فان بسم الله وآية الكرسي ستنجيني حتماً. فلماذا يخاف. وقد سرت شجاعتي اليه والى الآخرين فأخذوا يوصونني إذا مت فاذهب إلى المكان الفلاني وقل لعائلتي كذا وكذا وكنت اقول لهم إذا متنا فسوف نموت جميعا وإذا عشنا سنعيش جميعاً.
وعندما وصلنا إلى مطار بغداد وجدنا انهم قد هيأوا الاسعافات والأمبولانس والأطباء وجميعهم ينتظرون ارتطام الطائرة بالأرض. عندها اضطرب الجميع وبدأوا بالنحيب وقد بهت لونهم. فأعلنوا الخطر مرة ثانية ان البنزين قد انتهى فاربطوا الأحزمة يضيف هذا الشخص: لم يكن لدى أحدهم القدرة على ربط الأحزمة فربطت أحزمة الجميع ومن ثم حزامي. ومن ثم بدأ اعلان الخطر وارتطمت الطيارة بالأرض الا ان أحدنا لم يصب بأذى كنت اول شخص يخرج منها، بينما اخرجوا الجميع الى الاسعافات وقد اوقع بهم الخوف. وهذا معنى رواية الامام الجواد (عليه السلام): (الثقة بالله ثمن لكل غال وسلم إلى كل عال).
أيها الآباء والأمهات إذا كنتم تريدون ان يفلح ابناءكم في حياتهم ويكونوا نشيطين فأحيوا الايمان في روحهم واجعلوهم يعتقدون بالله في قلوبهم. وان يعتقدوا ان لا ملجأ في هذا العالم الا الله عزوجل. ايها السيد الوالد ان كنت تريد ان يصبح ابنك انساناً فاعلا في المجتمع مفخرة لك فرسخ الايمان في قلبه. ولن يؤمن مستقبله تفكيرك بدنياه والفتاة التي يسيطر عليها التوتر والاضطراب والقلق فمهما كانت تملك من ثروة او زوجاً جيداً الا ان هذه الحياة موت تدريجياً وسيكون القصر سجناً بالنسبة لها.
حتى ولو هيأت ثروة لابنك وبنيت له قصراً ان لم يكن له علاقة قوية بالله (عز وجل) فسيتملكه القلق والتوتر وتصبح الحياة ظلاماً بالنسبة له وموتاً تدريجياً. لا أقول الا تفكر بمستقبل ابناءك. بل اقول بالإضافة الى هذا والأهم من هذا ان تجعل ابناءك متدينين وأن تحي الغريزة الدينية والفطرة الالهية لديهم. عندها لن يكون للخوف مجالاً في حياته. يقول الصادق (عليه السلام): (من خاف الله عز وجل أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله عز وجل أخافه الله من كل شيء)(2).
إذا كنت تريد ان تهب لابنك شخصية مرموقة في المجتمع وان تكون ابنتك عزيزة عند زوجها فاسعى ان يكونوا متدينين لقد قال الامام المجتبى (عليه السلام) وهو يحتضر لجنادة (يجب أن تجعل الامهات هذه الرواية في جهاز بناتهم) ويجب ان يكتبوها بماء الذهب وينصبوها في المحال التجارية والبيوت قال لجنادة: (جنادة: من اراد عزاً بلا عشيرة وغنى بلا مال وهيبة بلا سلطان فلينتقل عن ذل معصية الله الى عز طاعته)(3)، ترون بعض الأحيان ان هناك اشخاصاً يحبونهم الناس، او يهابونهم؟ فمن أين ذلك؟.
عندما ارادوا ان يقبضوا على استاذنا الأعظم وأخذه الى طهران مع أنهم كانوا قد راقبوا الأوضاع جيداً في طهران الا أن وضعاً عجيباً كان مسيطراً عليهم. يقول الامام: لقد كانوا يرتجفون من الخوف وحتى عندما طلبت منهم ان انزل للصلاة خافوا من ذلك ولم يقبلوا وبعد الاصرار تيممت من زاوية السيارة على التراب وصليت وانا جالس في السيارة ورأيتهم يرتجفون فأخذت اطمئنهم لماذا تخافون وما يملك هذا المعمم لتخافوا منه.
ما هذه الأبهة؟ والعزة؟. ومن اين هذه العزة العالمية التي يملكها مرجع تقليدكم؟. انها من الارتباط بالله عزوجل وصلاة الليل والمناجاة والدعاء وخدمة المجتمع بإخلاص وقضاء حاجة المسلمين. حتى ان الرفق بالحيوان في سبيل الله يؤثر. وكلما قويت العلاقة بالله تزداد هذه الأبهة وهذه العزة وأخيراً إذا كنت تريد ان تسعد ابنتك في حياتها وتكون فعالة نشيطة يجب ان تؤمن بالله. جميع علماء الأخلاق والنفس يقولون ان الحياة قسمين:
الحياة في القصر مع زوج جيد وسيارة وحقوق كافية هذا نوع من الحياة. وحياة أخرى على بساط عادي لكن سعيدة والجميع قد اجمعوا ان الحياة الأولى لا تصنع انساناً ولا تحث على النشاط عكس الحياة الثانية حقيقة ان افضل المعيشة ان يعيش الانسان على حصير في بيت يستأجره ويأكل خبز الشعير لكن يكون نشيطاً صديقاً مع زوجته وليس لديه هم وغم ولا يخشى من المستقبل فهذا احسن ما يستمتع به الانسان اما ان يكون مهموماً مغموماً لا يتفق مع زوجته ويعيش في قلق دائم من المستقبل حتى لو كان يعيش في القصر ويأكل ما لذ وطاب فان هذا الأكل يصبح كالدواء والسم ويسبب له التقرح في معدته وامعاءه الى ان يموت فان كنتم تريدون ان تحصلوا على الحياة السعيدة النشيطة حيث لا قلق من المستقبل ولا حزن على الماضي وحيث الشجاعة يجب ان تؤمنوا بالله، هذا لا يعني الايمان الذي في اسفار صدر المتألهين وليس بالأيمان الذي يحصل من الفلسفة وعلم الكلام بل الايمان الذي يحصل من المسجد والمحراب ومن صيام شهر رمضان المبارك والصلاة في اول وقتها: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].
انظر الى الايمان الذي يحصل من العبادة كم تصبح فيه شجاعاً وتقضي به على القلق والاضطراب والهم واليأس والضياع في الحياة وجميع هذه الأمور. بعض الأحيان لا يعرف (الانسان) لماذا قد أحاط الهم بقلبه، وتملكه اليأس. عندما يفكر لا يعرف السبب يجد ان لديه ثروة كبيرة وأبناء وبيتاً يملك كل شيء لكنه لا يعرف ما سبب همه؟. فعدم الارتباط بالله يجلب الاضطراب تلقائياً: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].
اي ان الحياة من دون الله حياة متلازمة مع الذنوب المظلمة الموحشة وليست الحياة ان تزيد الاضاءة في بيتك فأنت مخطئ وليست الحياة المؤنسة ان يكون لديك ابناء أكثر وان يكون بين يديك. لا، فان هذا قد يوحش الانسان، بعض الأحيان الحياة المؤنسة هي التي يرتبط فيها الانسان بالله عز وجل والحياة تضيء عندما يترسخ نور الايمان في القلب ولا شيء يمكن ان يخطفك، حياة بلا خوف ولا وجل.
عبرتان من التاريخ
جلس هشام بن عبد الملك بعد ان أنهى أعماله في المسجد الحرام وامر ان يبحثوا له عن أحد اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليتحدث معه فذهبوا وعندما عادوا قالوا لم نجد أحد من الصحابة بل من التابعين، وهم تلامذة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) او ممن أدرك صحبتهم. فسأل من هو قالوا: طاووس اليماني. فذهبوا لإحضاره فوجدوه يصلي فقالوا له: ان هشام طلب احضارك، فسألهم لماذا فأجابوا: لا ندري فقد طلب احضارك. قرر طاووس ان يقضي على هشام مع انه لم يكن يملك عدة ولا عدد ولكنه قرر ذلك وعندما حضر الى خيمة هشام بن عبد الملك المزخرفة وقد اصطف الحواشي حوله وقد تهيئ للتحدث إلى طاووس تقدم طاووس بحذائه نحوه من دون ان يستأذن ووضع حذاءه على فراشه ثم قال كيف حالك يا هشام فاضطرب هشام وسأله: ماذا فعلت؟ فأجابه ماذا فعلت؟ فقال: لقد قمت بأخطاء عديدة كان عليك ان تخلع حذاءك خارج الخيمة فلن يسرقها أحد ولقد وضعتها على فراشي قال طاووس ماذا بعد؟. لقد جلست من دون اذني وعندما سألتني عن حالي لم تقل يا أمير المؤمنين على الأقل قل يا بن مروان؟. فرد طاووس عليه: لدي جواب على جميع ذلك. بالنسبة للحذاء الذي وضعته على سجادتك فهذا يتعلق بالله فلدي سجادة أصلي عليها وكلما اردت ان أصلي اضع حذائي عليها، على سجادة الله ولم يعترضني الله حتى الآن على فعلي هذا، لذا لا ارى ان في ذلك اشكال. واما عن جلوسي من دون استئذان أني سمعت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال إذا كان مسلماً جالساً وآخر يقف أمامه إذا كان ذلك يعد ذلة له فإن الله سيكبه على منخره في جهنم ولم أرد ان تكب في جهنم لذلك جلست فسأله ولماذا لم تقل يا أمير المؤمنين ولا يرونك كذلك. فكيف لي ان اكذب وأدعوك كذلك. والأمر الرابع من جهلك. فاذا قلت يا هشام لأن القرآن الكريم يدعو الظالم بكنيته مثل {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1]، ولكن عندما يذكر الصالحين يذكرهم باسمهم مثل موسى، عيسى، شعيب، ابراهيم. ولقد احترمتك وقلت يا هشام وليس يا ابن مروان.
عندئذٍ طلب هشام من طاووس ان ينصحه، فقال سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: إذا ظلم أحداً بقدرته الآخرين سيجرونه يوم القيامة بزناجير من نار الويل له ثم الويل له ثم قام وخرج من دون ان يستأذن، فمن اين اتت هذه القدرة الروحية التي نجد مثيلها كثيراً في التاريخ.
جاء سعد بن وقاص على رأس جيش ليستولي على إيران حيث التقى الجيشان في القادسية وكان جيش إيران مجهزاً بقيادة رستم الذي كان معروفاً بالشجاعة. نظر رستم إلى جيش المسلمين وتملكته أبهتهم لذلك بعث إلى سعد بن وقاص ان أرسل شخصاً اتحدث اليه لأرى ماذا تقولون. فأرسل سعد جندياً عادياً. وعندما جاء رأى رستم في خيمة مجللة فعلم ان الايرانيين يريدون ان يتفاخروا بجاههم وثرائهم فاتخذ قراره في نفسه. وتقدم نحو الخيمة وربط حصانه بعمود الخيمة المحللة واتكئ على رمحه ودخل بوقار وطمأنينة. تخيلوا ان يدخل عربياً على قائد جيش يتألف من مئات آلاف الأشخاص يحيط به الحواشي والحرس. يقول كامل بن الأثير انه كان يتقدم بهدوء ويضرب برمحه على فرش الخيمة فيمزقها. فتقدم نحو رستم من دون تعظيم او سلام ورفع طرف البساط وجلس على الأرض فسأله رستم: لماذا لم تجلس عليه. قال لا نحب الجلوس عليها.
وقد اورد بعض المؤرخين جواباً آخراً قاطعاً: قال انه ليس ملكنا اليوم وبعد عدة ايام عندما يصبح ملكنا سنجلس عليه. فسأله: لماذا أتيتم قال: جئنا ننقذ المسلمين ونقتلع جذور الظلم جئنا لنقول ان جميعنا عباد الله ولا يحق لفريق ان يحكم ويظلم ويستضعف الآخرين. فقال رستم: حسنا هل تمهلنا عدة ايام لنفكر بماذا تقول؟ فأجاب نعم. فسأله رستم وهل انت قائد الجيش لتعطي الجواب فأجاب المسلم: لا أني مسلم والاسلام يقول ان العسكري يمكنه ان يمهل ثلاثة ايام. فقال رستم: ثلاثة ايام قليل. فرد عليه المسلم. ان المهلة في الاسلام ثلاثة ايام وبعدها اما يعود الاسلام وكل شيء لكم هذا البساط وإيران والقصر. ونعود نحن او ان نقضي عليكم بالحرب. ويخرج بحزم من الخيمة. فمضى ثلاثة ايام لم يكن رستم ليريد القتال الا ان حواشيه خدعوه وأجبروه على ذلك.
وانتصر عليه المسلمين منذ الهجوم الأول. (من أراد عزاً بلا عشيرة.. وهيبة بلا سلطان فلينتقل عن ذل معصية الله إلى عز طاعته).
اوصيكم ايها الآباء والامهات ان تسعوا لكي يصبح ابناءكم متدينين، ان يصلوا اول الوقت وأن لا يكون هناك معاصي في حياتهم. حاولوا ان تتصالحوا مع الله (عزوجل) فانهم يفلحون بذلك. ورغبوهم بالمنبر والمحراب.
لقد قلت وقال الآخرين حتى غير المسلمين وعلماء الأخلاق والنفس قالوا انهم أحصوا الجرائم فوجدوا ان أكثر مرتكبيها من الذين لا علاقة لهم بالمنبر والمحراب حققوا بذلك ان شئتم، أحصوا جرائم المجرمين والجناة في إيران ستجدون ان خمسة وتسعين في المئة من مرتكبيها هم الذين لا يصلون ولا يعرفون المسجد. قد يقع الانسان في حفرة قد لا يتمكن أحد من انقاذه منها.
لقد شاهدنا على شاشة التلفزة ما قاله أحد الضباط المحترمين ان الجرائم في ايران تقل كثيراً في شهر رمضان المبارك وقد تصل احياناً إلى الصفر في الأيام المقدسة كيوم عاشوراء والواحد وعشرون من شهر رمضان المبارك، لماذا؟. لأنه في هذه الأيام يأتي الى المحراب ويستمع الى ما يقال على المنبر ولا علاقة له في هذه الأيام بالشرطة والجرائم ولا السرقة ولا ينظر والعياذ بالله إلى النساء فاسعوا ان يتعلقوا بالمسجد والمنبر.
ايها العجوز عندما تقدم إلى المسجد اصطحب ابنك معك. وخذ الى البيت كتب دينية ايها الأب ايتها الأم علموهم الرسالة العملية حثوهم على مطالعة الكتب الأخلاقية والتفسير و.. ورغبوهم بذلك. اعمل على ان يتعلقوا بالله عز وجل وبالنبي (صلى الله عليه وآله) وبالقرآن وأهل البيت (عليه السلام). ان كنت ترجو السعادة لنفسك ولأبنائك فعليك بذلك. والا فان الحياة من دون الله مظلمة، الحياة من دون صلاة حياة تعيسة في الدنيا والآخرة. ولأني لا أقرأ تعزية فسأقول لكم رواية ارجو ان ينتبه لها الآباء والأمهات وخاصة الشبان الأعزاء.
هناك اختلاف في تفسير معنى {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1]، في سورة العصر. يقول الإمام الخميني أن {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1]، يعني الإمام صاحب الزمان (عجل تعالى فرجه الشريف) أي عصارة عالم الخلقة فإن معنى {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1]، قسماً بإمام الزمان. وهناك معان أخرى قد وردت في {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1].
يقول فخر الرازي في تفسيره الكبير: المقصود بالعصر اي صلاة العصر ثم ينقل رواية، والمقصود هو هذه الرواية، يقول للشباب.
جاءت امرأة كالمجنونة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالت يا رسول الله لدي كلام خاص فذهب الأصحاب وقالت: يا رسول الله إني امرأة محصنة وقد زنيت وحملت من الزنا ثم خنقت الطفل في خابية الخل ثم بعته إلى الناس.
ما أعظم هذا الذنب. فزنا المحصنة اثم كبير وقتل النفس وحق الناس!! فأخبرها الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الحكم ثم اضاف شيئاً اتعلمين لماذا وقعتِ في هذه الحفرة؟ العياذ بالله، بعض الأحيان لا يريد الانسان ان يقع لكنه يكر في منحدر الذنب وتتراكم الذنوب إلى ان يصل إلى أسفل السافلين.
فقال لها (صلى الله عليه وآله): (اني ظننت انكِ تركتِ صلاة العصر)(4). اي ان الذي يصلي لا يقع في هذا الفخ.
ايها الآباء والامهات! ان كانت ابنتكم لا تصلي فستقع في فخ لا ينقذها منه أحد وان كان ابنكم لا يكترث للصلاة او يقطع في اداءها او يقضي صلاة الصبح فان حياته ستكون مظلمة، مظلمة!
هناك شاباً عزيزاً في ثانوية علوي في طهران كان قد كتب في مذكراته أحد ايامي المظلمة ذلك اليوم الذي استيقظ فيه عند الصباح وأرى الشمس قد اشرقت على ان أقضي صلاتي.
انه يوم اسود ومظلم ذلك اليوم الذي قد يفطر فيه ابناءك او يقضون صلاة الصبح والعياذ بالله حتى لو كنت مليونيراً بل مليارديراً وسعيت ان تزوج ابنتك أفضل زوج، فان يومها يكون أسوداً مظلماً حين لا تصلي فالعزة ليس بالمال والحياة المرفهة والحياة السعيدة لا تأتي الا من الايمان فحسب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ البحار، مجلد78، ص364.
2ـ المصدر السابق، مجلد70، ص381.
3ـ المصدر السابق، مجلد78، ص192.
4ـ تفسير كبير فخر الرازي ذيل سورة العصر.