المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التآكل ومواد الإنشاء
17-5-2016
لم يذكر النبي ما يدل على تعيين الوصي من بعده لا بلفظ الوصية ولا بمشتقاتها
17-11-2016
NUMBER
2023-12-19
اثار اضراب الموظف العام
7-8-2017
مظاهر شخصانية السلطة
29-3-2017
السيد عماد الدين محمود الحسيني المرعشي اللاهوري
8-2-2018


حذار من الوحدة وسوء الظن المطلق  
  
2221   11:52 صباحاً   التاريخ: 19-4-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص145ـ147
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /

يجب على كل مرب ان لا يسمح مطلقا لمن يشرف على تربيته وتعليمه ، ان يعيش حياة الوحدة والانزواء والانزعاج من الاصدقاء الاسوياء الاوفياء ، لان ذلك يؤدي إلى تقوية الشعور بظن السوء في النفس البشرية، مما يسبب في النتيجة توقف النمو العاطفي والاجتماعي للإنسان، فتتبدل احلامه الوردية، وروح المعايشة السليمة إلى ضنك مؤذٍ وكابوس موحش، وإحساس شديد بالعجز، وبهذا الصدد يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام).

(من لم يحسن ظنه استوحش من كل احد)(1).

نعم ، ان كل من يسيء الظن بعموم الاصدقاء والافراد، ولا يحسن ظنه بواحد منهم، فانه ينطوي على نفسه، ويستوحش من الناس ويفر منهم، وبهذا الفعل فقد ارتكب حماقة كبيرة، وخطا فادحا؛ لان الانسان اجتماعي بالطبع كما يقول علماء الاجتماع.

وعلى هذا الاساس يجب على المربي ان يقوي الشعور بحسن الظن في نفوس المتعلمين صغارا كانوا ام كبارا تجاه الاخرين، وان يشجعهم على انتقاء الاصدقاء الطيبين، والعيش معهم حياة الاعتدال في الحب، والموازنة في الصداقة والابتعاد عن كل افراط وتفريط فيها لان الحياة المستقيمة المطمئنة تستوجب ذلك كله ولا يمكن الاستغناء عنه مطلقاً.

يقول احد علماء النفس المعروفين والمدعو : (شناختر) بهذا الصدد ما نصه :

(يجب على كل واحد ان يختلط مع الاخرين، ويأمل ان يكون بين المجتمع محبوباً سعيدا محظوظاً ملفتاً للنظر، ولكن حينما لا تقضى هذه الحاجات، يخيل إلى النفس ان الفرار من الناس اسهل من المعايشة معهم. في حين ان الحقيقة غير هذا فلو كان الفرار من المعايشة والمعاشرة يسكن الالم بصورة مؤقتة لم يكن ليقضي الحاجة الغريزية والميل الطبيعي فينا، فهو لا يعالج الداء...

وللانزواء والفرار من الناس مراتب ودرجات قد تصل إلى حد ان يترك الشخص اصدقاءه واسرته والعالم كله ويعتزلهم في ناحية خائبة خاسراً، ولكن من حسن الحظ ان اكثر الناس غير الاجتماعيين لا يصلون إلى هذه الدرجة من سوء الظن والتشاؤم والاعتزال)(2) .انتهى.

واعتقد ان من الامور الهامة التي تجنب الانسان سوء الظن وبالتالي التشاؤم والاعتزال هو ان يثق الانسان بنفسه وقدراته وفعالياته في المجتمع، وهذا لا يحصل الا باللجوء إلى الله سبحانه، والتمسك بشرعه الحكيم والايمان به ايمانا خالصا من الشوائب، وتنفيذ مفردات الدين النقي في التعامل مع الآخرين وكل جوانب الحياة.

إن الدين الاصيل المحمدي يجعل الانسان ينضوي تحت منطوق هذه الآية الشريفة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:10] وتحت منطوق هذا الحديث الشريف الوارد عن امير المؤمنين علي (عليه السلام): (الناس صنفان : اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق) ما اجمل هذه النظرة الانسانية العظيمة!

فالإسلام الحنيف يجعل الانسان يحسن ظنه بالآخرين ويحملهم على سبعين محملا، وينقي سريرته ويدفعه إلى التعاون مع الناس والتفاؤل بالحياة، وتجسيد: (خير الناس من ينفع الناس) فيغدو انسانا اجتماعياً متعاونا على سبل الخير له ولغيره. فعلى المربين ملاحظة ذلك والاهتمام به...

________________

1- غرر الحكم : 712.

2- انظر : رسالة الأخلاق : ص327.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.