أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2017
2867
التاريخ: 14-11-2017
3159
التاريخ: 23-12-2015
3900
التاريخ: 23-3-2022
1632
|
يستنتج مؤلف كتاب حضارة العرب من دراسته لأوضاع العرب الجاهلية أن العرب كانوا أصحاب حضارة عريقة سبقت الإسلام بقرون فالقصور الضخمة الّتي أقاموها في مختلف نقاط ومناطق الجزيرة العربية والعلاقات التجارية الّتي كانت لهم مع ارقى شعوب الأَرض شواهد قوية على تمدنهم وحضارتهم الغابرة لأن قوماً أنشأوا المدن العظيمة ـ قبل الرومان بقرون كثيرة ـ وكانت علاقاتهم بارقى واكبر شعوب الأرض وثيقة لا يمكن عدهم همجاً وشعباً بلا حضارة ثم إنه يستدل ـ في موضع آخر من كتابه ـ على حضارة العرب الغابرة بآدابهم ووحدة وكمال لغتهم إذ يقول : ولو كان التاريخ صامتاً إزاء حضارة لقطعنا ـ مع ذلك ـ بوجودها قبل ظهور محمَّد بزمن طويل ويكفي لتمثّلها أن نذكر أنه كان للعرب آداب ناضجة ولغة راقية.
والحق أنَّ الآداب واللغة من الاُمور الّتي لا تأتي عفواً وهي تتخذ دليلا على ماض طويل وينشأ عن إتصال اُمة بأرقى الامم اقتباسُها لما عند هذه الاُمم الراقية من التمدن إذا كانت أهلا لذلك .
وقد خَصَّصَ المؤلفُ المذكور صفحات عديدة في كتابه لإثبات حضارة عريقة وعظيمة للعرب قبل الإسلام معتمداً في ذلك على ثلاث اُمور :
1 ـ وجود لغة راقية.
2 ـ وجود علاقات مع الامم الراقية.
3 ـ وجود قصور وأبنية ضخمة وفخمة في اليمن كما يصفها المؤرخان المسيحيان المعروفان هيردوتس و ارتميدور اللذان كانا يعيشان قبل المسيح بقرون وقدامى المؤرخين المسلمين كالمسعودي , لا كلام في أنه كانت هناك في بعض مناطق الجزيرة العربية بعضُ حضارات ولكن الأدلة الّتي استند اليها المؤلفُ المذكورُ لا يمكن ان تكون شاهداً ودليلاً على وجود الحضارة في جميع نقاط الجزيرة العربية أبداً.
صحيح أن تكامل اللغة يسير جنباً إلى جنب مع غيره من مظاهر المدنيّة ولكن لا يمكن ان نعتبر اللغة العربية لغة مستقلة وغير مرتبطة باللغات الاُخرى اي العبرانية والسريانية والآشورية والكلدانية لأن جميع هذه اللغات ـ حسب ما يؤيده ويؤكده المتخصصون في علم اللغات ـ كانت ذات يوم ـ متحدة الأصل وقد تشعبت من لغة واحدة وفي هذه الحالة يحتمل أن تكون اللغة العربية قد حققت تكاملها عبر اللغة العبرانية أو الآشورية وبعد تكاملها أصبحت لغة مستقلة أي ان الآخرين أسهموا في تكميلها كما أنه لا شك أنّ وجود علاقات تجارية مع الاُمم والشعوب الراقية هو الآخر دليل على الحضارة والمدنية إلاّ أنه هل كانت جميع مناطق الجزيرة العربية تملك مثل هذه العلاقات أم إن اكثرها كانت محرومة من ذلك؟ هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فان وجود علاقات بين حكومتين في الحجاز وهما : الحيرة وغسان وبين حكومتي الفرس و الروم لا يدل أبداً على وجود حضارة في المنطقتين الحجازيتين إذ أن جميع هذه الحكومات كانت متصفة بالعمالة فان الكثير من البلاد الافريقية هي اليوم من مستعمرات الدول الاوربية ومع ذلك لا توجد فيها أية مؤشرات ولا أية مظاهر من الحضارة الغربية الواقعية.
طبعاً لا يمكن إنكار حضارة سبأ ومأرب اليمن العجيبة لأنه مضافاً إلى ما جاء حول هذه الحضارة في التوراة وما نُقِلَ عن هيردوتس وغيره كتبَ المؤرخ المعروفُ المسعودي عن مأرب يقول : إن ارض سبأ كانت من أخصب أراضي اليمن وأَثراها وأغدقها واكثرها جناناً وغيطاناً وأفسحها مُروجاً بين بُنيان وجسد مقيم وشجر موصوف ومساكب للماء متكاثفة وأنهار متفرقة وكانت مسيرة اكثر من شهر للراكب المجدّ على هذه الحال وفي العرض مثل ذلك وانّ الراكب أو المارّ كان يسير في تلك الجنان من أولها إلى أن ينتهي إلى آخرها لا يرى جهة الشمس ولا يفارقه الظِلُ لاستتار الارض بالعمارة والشجر واستيلائها عليها واحاطتها بها فكان أهلها في اطيب عيش وارفهه وأهنا حال وارغده وفي نهاية الخصب وطيب الهواء وصفاء الفضاء وتدفُّق المياه وقوة الشوكة واجتماع الكلمة ونهاية المملكة ... فذلّت لهم البلاد واذعن لطاعتهم العباد فصاروا تاج الارض .
وخلاصة القول أن هذه الدلائل لا تدل على وجود حضارة في كل مناطق الجزيرة العربية وخاصة منطقة الحجاز الّتي لم تذق طعم الحضارة أبداً حتّى أن غوستاف لوبون نفسه يعترف بهذه الحقيقة إذ يقول : ان جزيرة العرب نجَتْ من غزو الأجنبي خلا ما أصاب حدودها الشمالية وإن عظماء الفاتحين من مصريين وأغارقة ورومان وفرس وغيرهم ممن انتهبوا العالم لم يَنالوا شيئاً من جزيرة العرب الّتي أوصدت دونهم أبوابها .
وعلى فرض صحة كل ما قيلَ عن وجود حضارة شاملة في جميع مناطق الجزيرة العربية فانه يجب القول بان القدر المسلَّم في هذا المجال هو انه لم يبق أي اثر من هذه الحضارات في منطقة الحجاز إبان طلوع الإسلام وبزوغ شمسه وهي حقيقة يصرح بها القرآن الكريمُ إذ يقول تعالى : {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103].
وينْبغي هنا أن نقف عند القرآن الكريم قليلا فانه خير مرآة تعكس أحوال العرب وأوضاعهم بدقة متناهية وبشمولية ماوراءها شمولية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|