أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2017
3561
التاريخ: 29-4-2017
2309
التاريخ: 20-4-2017
2228
التاريخ: 31-10-2020
2416
|
لمحة تاريخية واجتماعية: تفاوت آراء العلماء عن قدم الحضارة المصرية , ويكاد يتفق كثيرون على أن ثقافة المصريين في العصر الحجري الحديث لم تضارعها ثقافة أخرى في العالم , فقد ترقت صناعة الأدوات الحجرية وتهذبت ووصلت إلى درجة عالية من الحدة والصقل ودقة الصنع .
ويرجع ماسبيرو فجر المصريين الأوائل إلى ما بين 10,000 - 8,000 سنة قبل الميلاد, على أن التاريخ المدوّن عن مصر يبدأ من عام 4241 ق.م (1). ويقول برستد: إن وادي النيل سكنته أقوام ترجع إلى حوال 18،000 سنة قبل الميلاد .
من أي الأجناس المصريون؟ ومن أين جاؤوا ؟ سؤالان محل نقاش كذلك. ويُرجع ول ديورانت نقلاً عن ثقات في التاريخ القديمة أن غزاة وفدوا أو هاجروا من غرب آسيا وجاؤوا معهم بثقافة أرقى من ثقافة البلاد, وتزاوجوا مع هؤلاء السكان الأقوياء, وأنجبوا سلالة هجينة كانت مطلع حضارة جديدة. ثم أخذت هذه السلالات تمتزج امتزاجاً بطيئاً حتى تألف من امتزاجها فيما بين عامي 4000-3000 ق.م شعب واحد هو الشعب الذي أوجد مصر التاريخية.
ويقسم تاريخ مصر القديمة إلى ثلاثة دول (2): الدولة القديمة, والوسطى, والحديثة. وعاش الأقوام حول شاطئ النهر منقسمين أقساماً, لكل منها شاعر واحد ورئيس واحد وإله واحد, ثم اتحدت هذه الأقسام بمرور الزمن وكونت مملكتين إحداهما في الشمال والأخرى في الجنوب. ثم جاء الملك مينا فوحد المملكتين, واتخذ عاصمة له في منف, وبدأ بذلك عصر الأسر في مصر القديمة. واستمرت الدولة القديمة من 3500 ق.م إلى 2631 ق.م وشملت الأسر الست الأولى, واعقبتها فترة من الفوضى. ثم جاءت الدولة الوسطى في 2375 ق.م ــ 1800ق.م، وشملت الأسر من الحادية عشرة إلى الرابعة عشرة. وبطرد الهكسوس على يد أحمس بدأ عصر الدولة الحديثة, أو عصر الامبراطورية من 1580 ق.م إلى 1100 ق.م , ويشمل الأسر من الثامنة العشرة إلى العشرين .
أما من الناحية الاجتماعية فقد انقسم المجتمع المصري القديم إلى عدة طبقات متفاوتة في المجد والشرف. وقد كان الفرعون المؤله وعائلته وكبار رجال البلاط على رأس المجتمع المصري القديم. يليهم الكهنة وبعض النبلاء الذين يشكلون الطبقة الأولى أشرف الطبقات وأعلاها جاهاً وغنى وسلطاناً ونفوذاً في البلاد. وقد كانت تملك ثلث الأراضي المصرية معفاة من الضرائب. والطبقة الثانية طبقة الجند والقادة العسكريين, وقد كان لكل فرد منهم قطعة من الأرض معفاة من الضرائب. وهي تقارب الطبقة السابقة في النبل, ثم الطبقة الثالثة وتتألف من زراع ورجال الملاحة, والصناع والتجار, والعمال, ثم الموالي وهم من أسرى الحرب عادة (3) .
ـ الدين :
المصريون القدامى من أكثر الأمم القديمة تعبداً وتديناً, ويظهر ذلك واضحاً في معابدهم ومقابرهم, ففي العصور الموغلة في القدم عبد المصريون مظاهر الطبيعة المختلفة تأثراً بالبيئة التي عاشوا فيها كالشمس والنيل, ثم عبدوا الأرض والسماء والقمر والنجوم, وكل كائن له تأثير ظاهر قوي في حياتهم. وتقربوا إليها بالعبادة وتقديم الهدايا والقرابين. وكانت الشمس أعظم آلهتهم على الاطلاق, وكذلك كثر عبّادها واختلفت أسماؤها فسميت: رع , وآمون وهور وفتاح, وتوم, وأوزيريس. ومن أقوالهم في تحيتها: (تحية لك أيها السائح المنير الدائر في فلكه, تحية لك يا أعظم الآلهة ويا رب الأرباب)(4).
وبعد ذلك في زمن ما قبل التاريخ عبد المصريون الحيوانات المختلفة: الثور والعجل والباشق والقط والكلب والتمساح... الخ , وقدسوها اتقاء لشرها أو طلباً لرضاها لما تجلبه من خير. أما في العصور التاريخية فقد اعتقد المصريون بأن أرواح الآلهة تحل فيها. ولم تكن هذه الآلهة عامة بين الناس, بل كانت خاصة, لكل إقليم إلهه الخاص به. وقد غالوا في احترامها وعبادتها وحمايتها, وكانوا يتزلفون إليها بتقديم الطعام والشراب وكل ما تحتاج إليه .
ثم عبد المصريون آلهتهم بعد أن مثلوها على شكل أصنام مختلفة, فمنها ما صورته إنسان ومنها ما صورته كالحيوان, أو رأس إنسان وجسد حيوان...الخ .
ولم يكن المصريون يعتقدون أن هذه التماثيل مجرد رموز للآلهة, بل اعتقدوا أن الآلهة تحل فيها.
ثم عبد المصريون أرواح موتاهم في عصر الأهرام, وكانوا يزينون قبورهم بكل أدوات الزينة والأسلحة وصنوف الطعام والشراب, وكانوا يعتقدون أن الميت المكرّم يرتفع إلى درجة الآلهة.
وانتهت بعض العقول الكبيرة في مصر في عهودها الأخيرة إلى ديانة التوحيد مؤمنين أن الآلهة التي تملأ المعابد والمقابر ما هي إلا مظاهر لإله واحد عالم بصير حي, وباق لا شبيه له يحكم السموات والأرض, ولا تدركه العيون .
وقد آمن المصريون القدامى بالبعث بعد الموت, وبخلود الروح, والثواب والعقاب في الدار الآخرة, كما اعتقدوا أن الأرواح تعود فتسكن الأجساد من جديد, لذا اهتموا بالتحنيط وبناء الأهرام لحفظها .
ـ التربـية :
أهدافها: كان الهدف من التربية الفرعونية ثقافياً ودينياً ومهنياً. فقد كانت تسعى إلى تأكيد سيطرة الحاكم ورجال الدين من ناحية, وتعليم الأفراد الذين يستطيعون القيام بالأنشطة المختلفة كخدمة الحكومة أو المعابد أو القيام بالأنشطة المهنية والفنية المختلفة من ناحية اخرى(5).
وكانت المدارس في مصر القديمة لا تعلّم إلا أبناء الطبقة العليا, ذلك أن عامة الناس كانوا يقومون بتدريب أبنائهم وأقاربهم على شؤون الحياة منذ الصغر, وإن كان ذلك لم يمنع ذوي القدرات العليا من أبناء الشعب من فرض التعليم في هذه المدارس .
ـ مراحلها ومناهجها (6) :
1ـ المرحلة الأولية (4-10) سنوات: كان التعليم في المرحلة الأولية يتم بأساليب مختلفة منها أن الأب يقوم بدور المعلم, وإما أن يرسل بالتلميذ إلى منزل أحد المربين ليعيش في منزله ويلقنه الخبرات المختلفة, وإما أن يذهب إلى المدرسة فيتعلم فيها. وقد كانت المدرسة تسمى (بيت التعليم), ومنهاج الدراسة يشتمل على الدين وآداب السلوك والقراءة والكتابة والحساب والسباحة والرياضة البدنية .
2ـ المرحلة الثانوية (10ـ 15) سنة: يتم الانتقال من المرحلة الأولية إلى المرحلة الثانوية بعد امتحان يؤديه الطالب, وفيما يتم تعليمه كتابة الحروف والرسم والمحاسبة والانشاء الأدبي والجغرافيا العملية. كما يقوم الطالب بنسخ بعض الكتب المعروفة ليتمكن من اقتباس أسلوب الكتابة . وفي مرحلة تالية يقوم الطلاب بكتابة الموضوعات الإنشائية مع إطلاق العنان لخيالهم .
3ـ التعليم العالي والجامعات: أما التعليم العالي في مصر القديمة فكان مقره المعابد, التي كانت بمثابة جامعات هذا العصر. ومن أشهر جامعات مصر القديمة جامعة أون بعين شمس, ومعبد الكرنك في طيبة ومعابد ممفيس, وأدفو وتل العمارنة. وكان يغلب على الدراسات العليا طابع الدراسة التقنية والمهنية, حتى الأدب نفسه كان يدرس لغايات عملية وهي اكتساب الصيغ اللغوية والقدرة على التعبير ليتمكن المتعلم من كتابة النصوص القانونية والتجارية. وقد عرف المصريون التخصصات المختلفة؛ فكان هناك الكتاب والمهندسون والأطباء والكهنة وغيرهم يتلقون إعداداً مناسباً لكل منهم. أما الدراسات اللاهوتية فكانت تقتصر على الكهنة فقط , وهم الذين كان يسمح لهم بمعرفة الاسرار المتعلقة بهذه الناحية. أما الأسرار الخطيرة فلم يكن يسمح بالاطلاع عليها إلا لأولياء العهد وكبار الكهنة, والنابهين منهم .
طرقها وأساليبها: غلب على تعليم القراءة والكتابة استخدام الأشكال التقليدية في التدريس وأهمها التقليد والتكرار, فكان المعلمون يكتبون للأطفال نماذج يحاكونها باستخدام الأقلام والألواح الخشبية, ويجتهدون في ذلك حتى إذا نجحوا انتقلوا إلى الكتابة على أوراق البردي أما في تعلم المهن فقد اتبعوا نظام التلمذة المهنية. حتى بالنسبة للكتاب فقد كانوا يمضون بعض الوقت في المكاتب الرسمية. أما الأدب فكان يعلم بطريقة الحفظ والاستظهار, وخاصة الأدب الديني. أما مناقشة النصوص الدينية وشرحها فكانت حقاً مقصوراً على كبار الكهنة. ولذلك فقد اعتمدت طريقة تدريسها على الحفظ الآلي.
وكان النظام في المدارس قاسياً إذ كان الجَلْدُ شائعاً إذا ما أهمل التلاميذ أو قصرّوا في إداء الواجب. وكانوا يلجؤون في الأمور البسيطة إلى التوبيخ والتأنيب , وفي الأمور العظيمة إلى حبس المخالف مدة وصلت إلى ثلاثة أشهر (7) .
المعلمون والتلاميذ: كان الموظفون الحكوميون يعلمون التلاميذ مبادئ الكتابة والإشراف على نسخ المواد المكتوبة التي يقوم بنسخها التلاميذ, أما ما فوق ذلك من تعليم فقد كان الكهنة يقومون به بالإضافة إلى تعليمه الدين والمحافظة على التراث الديني, فقد كانوا يدرسون العلوم المختلفة والرياضيات وغيرها.
أما بالنسبة للتلاميذ, فقد اقتصر التعليم على الذكور وحدهم وعلى نسبة ضئيلة منهم ولا سيما في مراحل الدراسة العليا, بسبب النظام الصارم والشدة التي أشاعت الخوف والإرهاب في نفوس التلاميذ. وأما الإناث فلم يسمح لهن بدخول المدارس, ولكن بنات الطبقة الراقية كنَّ يدرسن المناهج الأولية نفسها التي يدرسها الذكور على أيدي مدرسين خصوصيين, رغم ما تمتعت به المرأة المصرية من مركز ومكانة رفيعة وحرية كاملة (8) .
موارد التعليم: سيطرت السلطات الرسمية والدينية سيطرة كاملة على المدارس وإن لم تنص القوانين على ذلك, بل تحكم العرف في إبقاء هذه السيطرة. ويبدو أن مصاريف الدراسة كانت قليلة جداً سواء في المدارس العامة أم في كليات المعابد. فكان الأهل يمدون أبناءهم بالطعام حتى يصل إلى صفوف مهنة الكاتب ، وبعدها تصرف له وجبات مجانية من المخازن الملكية(9).
إسهامات المصريين في العلوم وفي فن التعليم: برع المصريون القدامى في فن البناء والهندسة ولا تزال الأهرامات شاهداً على ذلك, كما برعوا في ميدان الفلك والرياضيات, فقاسوا مساحات كثيرة من الأشكال وحجومها, ورسم فلكيوهم خرائط النجوم وتجمعاتها وقاسوا طول السنة المؤلفة من 365 يوماً قبل الكلدانيين. اما في فن التعليم فقد استخدموا طرقاً حسية في تعليم العدّ والحساب, كما استخدموا الأشكال في تعليم الهندسة, وندين لهم في انشاء اولى المكتبات العامة(10) .
وأخيراً نستطيع القول إن التربية الشرقية القديمة كانت جامدة ومحافظة تعتمد على الحفاظ والتكرار , ولا تؤمن بالتجديد والابداع , وتحد من نمو الفردية .
_________________
1ـ سعد مرسي أحمد وسعيد اسماعيل علي , مرجع سابق , ص74-76 .
2ـ سعد مرسي أحمد وسعيد اسماعيل علي , مرجع سابق , ص74-76 .
3ـ مصطفى أمين , تاريخ التربية , الطبعة الثانية , مطبعة المعارف بمصر , القاهرة 1926 , ص13 – 14 أيضاً . عبد الله عبد الدايم : التربية عبر التاريخ , مرجع سابق ص47 .
4ـ مصطفى أمين , تاريخ التربية , المرجع السابق , ص14 – 17 .
5ـ محمد منير مرسي , تاريخ التربية في الشرق والغرب , عالم الكتب , القاهرة , 1980 , ص33 .
6ـ محمود عبد الرزاق شفق , منير عطا الله سليمان , تاريخ التربية , الطبعة الثالثة , دار القلم الكويت , 1968 , ص5 – 13 . أيضاً , وهيب سمعان , الثقافة والتربية في العصر القديم , دار المعارف بمصر , القاهرة , 1961 , ص 65-68 .
7ـ مصطفى امين , تاريخ التربية , مرجع سابق , ص22 . أيضاً : سعد مرسي أحمد وزميله , تاريخ التربية والتعليم , مرجع سابق , ص83 .
8ـ سعد مرسي وزميله , المرجع السابق , ص89 – 90 .
9ـ سعد مرسي وزميله , المرجع السابق , ص89 – 90 .
10ـ عبد الله عبد الدايم , التربية عبر التاريخ , مرجع سابق , ص41 – 51 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|