المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



اهمية الحب في تربية الابناء  
  
7555   01:40 مساءً   التاريخ: 12-2-2017
المؤلف : د. صالح عبد الكريم
الكتاب أو المصدر : فن تربية الابناء
الجزء والصفحة : ص128-132
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية النفسية والعاطفية /

لاحظت من خلال الممارسات الاكلينيكية في العيادة النفسية ان العامل المشترك بين اغلب المشكلات النفسية هو غياب الحب الحقيقي، لا سيما المشكلات النفسية والسلوكية لدى الاطفال المراهقين، حيث يفتقد الاطفال المشكلين للحب في محيط الاسرة وللحب الحقيقي بينهم وبين الوالدين او على الاقل فقدان قدرة الوالدين للتعبير عن الحب، كما لاحظت ان الاطفال السعداء  الاصحاء نفسيا هم المحبوبون الذين يصلهم حب الوالدين ويشعرون به، وهم من تربوا على الحب وولدوا في محيط اسري يتسم بالحب، وتأكدت ان الحب افضل اسلوب لتربية الابناء، وان الحب افضل علاج لكل المشكلات النفسية والسلوكية للأطفال والمراهقين والشباب والراشدين المسنين، وتأكد لي انه اذا كان غذاء الجسد هو الطعام والشراب، واذا كان غذاء العقل هو القراءة، واذا كان غذاء الروح هو الايمان فغذاء النفس ودواؤها هو الحب الحقيقي.

فالإنسان يحتاج للحب في كل مراحل عمره حتى وهو جنين، فالجنين يتأثر بانفعالات الام واكتشف العلماء ان الجنين في بطن الام يضحك ويبكي ويستمع الى نغمة الاصيل الذي يسعد به وهو دقات قلب امه وذلك عن طريق السائل الأمنيوسي، كما ان الرضيع يحتاج الى الحب مثل احتياجه الى الطعام والشراب والهواء، ولقد قام علماء النفس قديما بدراسة عملية اثبتت ذلك حيث تم تصميم هيكلين على هيأة شمبانزي ووضعوا في الهيكل الاول طعاما وفي الهيكل الثاني مدفأة وأتوا بشمبانزي حقيقي ووضعوا بجواره الهيكلين ولاحظوا ان الشمبانزي الصغير يذهب الى الهيكل الشمبانزي الكبير الذي يحتوي على الطعام مرات قليلة لكنه معظم الوقت يجلس داخل هيكل الشمبانزي الذي توجد بداخله المدفأة، فهو يحتاج المدفأة طوال اليوم في حين يذهب للطعام اوقاتا قليلة، ومن ثم توصلوا الى ان الطفل يحتاج الحب والدفء كثيراً في حين يحتاج للطعام قليلاً، لا سيما وان اطفالنا لديهم ترمومتر دقيق لقياس درجة حرارة الحب ، وهم يميزون بين الحب الحقيقي والحب الزائف.

واذا كان الطفل يحتاج للحب لنموه النفسي والعقلي والانفعالي والاجتماعي الا انه يحتاج للحب لنموه الجسمي، واكتشف علماء النفس ان هناك اضطراباً يصيب الاطفال المحرومين من الحب  واطلقوا عليه (القزم العاطفي) حيث وجدوا ان هناك بعض الاطفال نموهم الجسمي بطيء ويتسمون بضآلة الجسم مقارنة بالعمر الزمني لهم، واكتشفوا ان السبب الذي يكمن خلف ذلك الاضطراب هو نقص الحب وعدم النشأت في جو أسري يتسم بالحب.

انواع الحب ... للأبناء

تتعدد انواع الحب المرتبط بالأبناء فمنها ما هو سوي وهو الحب الذي يؤدي الى الصحة النفسية للأبناء ... وهو الحب الذي يبنى ولا يهدم ، وهناك العديد من انواع الحب غير السوية ومنها :

1ـ الحب المشروط :

وهو ان يحب الوالدين الابن بشرط ان يكون جيداً، مطيعا، متفوقا ، وبشرط ان يفعل كذا، وكأن لسان حال الوالدين يقول للابن ( ان فعلت كذا .. احبك وان لم تفعل كذا  لن احبك)، وهو نوع من الحب المشروط بشرط ، ولكن الحب السوي لا يكون مشروطا بأي شرط، فالوالدان يحبان ابنهما لأنه ابنهما، .. مهما فعل ومهما لم يفعل.. لأنه هدية الله لهما.

2ـ الحب النرجسي :

وهو نوع من الحب الغير السوى للأبناء لأنه يتسم بحب الذات وليس حب الابن ، وهنا الوالد لا يرى الا ذاته ، كما يتسم ذلك الحب بالتمركز حول الذات وليس التمركز حول الاخر، ويظهر في تكرار قول الاباء (انا عملت لك كذا وكذا) ويظهر كذلك في اسقاط رغبات الوالدين على الابن فيختارون له نوع التعليم مثلا وعليه ان ينفذ رغباتهم وليس رغباته هو... وان لم يتم اعلان عن ذلك ظاهريا، ويظهر من خلال فرض ارادة الاب على الابن ليكون صورة مكررة منه.. بل يكون هو.. صورة الاب .. وليس ذاته.

3ـ الحب الزائد :

وهو نوع من الافراط والمبالغة في الحب، وهو نوع من الحب يفسد أكثر مما يصلح ، حيث تلبي الام كل رغبات الابن بشكل فوري اي دون تأجيل، وعدم تدريب الابن على ارجاع الاشباع  وتحمل شيئاً من الضغوط، وبذلك ينشأ شخصية مدللة واعتمادية ولا يستطيع الاستقلال ، ويظل طوال حياته يقوم بدور التابع، ولأنه لم يعتاد على بعض المواقف المحبطة والضاغطة في الحياة فإنه يفشل وينهار أمام الصعاب ؛ لأنه لم يتدرب على مواجهتها من قبل ، ولا يتحمل النقد تماما حيث لم يعاقب من قبل ، فهذا النمط من الحب الزائد يجعل الابن ينفصل عن الواقع الحياتي الحقيقي، فالطبيعي ان التربية السوية يتم من خلالها إعداد الابن في بيئة تكون نموذجا مصغرا لطبيعة الحياة الخارجية فالحياة ليست ( حضنا دافئا دوما) كحضن الام المحبة بإفراط.

وقد يخفي هذا الحب الزائد وراءه كراهية لا شعورية للابن لأنه ربما لم تكن ترغب الام في مجيئه، وربما حملت به على غير رغبتها ، وربما بمجيئه حرمها من طموح معين... ومن ثم تقوم عملية دفاعية لا شعورية وتسمى ( التكوين العكسي) بالدفاع ضد الانهيار (الأنا).. بالدفاع ضد قلق الام حيث يتم من خلال هذه العملية عكس شعور الكراهية للابن ـ الذي يؤلمها ـ بشعور الحب الزائد ليغطي مشاعر الكراهية وكلما تسربت مشاعر الكراهية زاد الحب، ومن ثم تهدأ وتتوازن نفسياً.

ولكن الحب الحقيقي هو الحب المتوازن دون افراط ولا تفريط ، وأرى ان الحب مثل الغذاء ان كثر سبب (تخمة) وان قل سبب ( سل ، وفقر دم، وانيميا) والحب مثل الدواء ان قل فقد مفعوله وان زاد أمات، وبالتالي يجب ان نقنن جرعات الحب للأبناء فان قلت اصابت الابناء ( بضمور عاطفي) ان صلح التعبير ، وان زادت أفسدت الابناء.

4ـ الحب المرضي :

وهو التعلق المرضي بالابن ، حيث تشعر الام بالقلق الشديد اذا ما فارقها الابن، ولذا تتعلق به تعلقا مرضياً ، ولا تستطيع الحراك بدونه، وربما ينام معها حتى سن الطفولة المتأخرة، حيث لا تستطيع حتى الانفصال عنه وقت النوم، ولقد شكت لي بعض الامهات ذات يوم ان ابنها لا يتركها أبداً ، وشكت اخرى ان ابنتها لا تريد مفارقتها حتى ان الابنة ترفض الذهاب للمدرسة ووافقت الام على رغبة ابنتها ، والحقيقة.. ان هؤلاء  الامهات يتعلقن تعلقا مرضيا بأبنائهن.. وليس العكس ولكنهن يسقطن رغبتهن على الابناء.. ومن ثم يرونهم هم الذين يتعلقون بهم، حتى ان الام وكأنها تمنت ان تترك ابنتها المدرسة حتى لا تفارقها لحظة، وحينما نطقت الابنة بذلك ـ مثلما يرغب معظم الابناء ـ وافقت الام سريعاً لان تلك الرغبة وافقت رغبة الام.

5ـ الحب الخانق :

وهو نوع من التحكم في كل تصرفات الابن، وينطبق على ذلك النوع المثل القائل (ومن الحب

ما قتل) حيث يقتل هذا الحب الحرية والاستقلال والابداع لدى الابناء.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.