أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2019
1477
التاريخ: 7-2-2017
2002
التاريخ: 4-12-2016
2006
التاريخ: 4-7-2021
9497
|
ولما لم يجد (صلى الله عليه وآله وسلم) من ينصره ويدافع عنه، ويمنعه خرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة، وذلك في ليال بقين من شهر شوال من السنة العاشرة من المبعث فأقام بها عشرة أيام، وقيل شهرا، فعمد إلى ثقيف بالطائف وتوجه إلى ساداتهم، لعله يجد النصرة والمنعة فيهم؟! وكان هناك أخوة ثلاثة، عبد ياليل وحبيب ومسعود أبناء عمرو، فعرض عليهم نفسه، وشكا إليهم حاله والبلاء الذي أصابه، فما أجابوه إلا بالتهكم والسخرية اللاذعة، ولم يلق منهم أي سند ولا عون، بل أفشوا في قومهم ما قالوه له (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأغروا به سفهاءهم، وجهالهم وصبيانهم، فقعدوا له بالطريق الذي يمر منه صفين، فلما مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهم رجموه بالحجارة حتى أدموه، وأدموا رجله. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما كنت أرفع قدما، ولا أضعها إلا على حجر، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى شج في رأسه شجاجا. وخافوا على أحداثهم وشبابهم من الاستماع إليه والإيمان به. فقالوا: يا محمد اخرج من بلدنا والحق بما شئت من الأرض. وكان لعتبة وشيبة ابنا ربيعة حائط في الطائف - أي بستان - ولما مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرب من الحائط وجلس في ظله ليستريح، وهو بأسواء حالة مرت عليه، رفع يديه إلى السماء داعيا: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة (1)، من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك . فلما شاهد عتبة وشيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الحالة رقا له فأرسلا بيد غلام لهما - وهو نصراني – واسمه عداس طبقا فيه عنب فلما قدمه له تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنقودا منه وقبل أن يأكل سمى باسم الله فتعجب الغلام. وقال: لأول مرة أسمع في بلدكم تذكرون اسم الله على الطعام. فسأله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أين أنت؟ قال: من نينوى. قال له: من بلد العبد الصالح يونس بن متى، فتعجب وقال من أين عرفته؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هو أخي، فهو نبي وأنا نبي، فلما سمع عداس هذا الكلام أسلم من فوره، وآمن برسالته. فقال عتبة وشيبة: ما أسرع ما أفسد الغلام وسحره. فانصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه زيد بن حارثة من الطائف راجعا إلى مكة، وهو محزون مكروب لم يستجب له أحد، لا رجل ولا حتى امرأة.
فلما وصل نخلة ونزل بها (2)، قام يصلي من الليل، فصرف الله إليه نفرا من الجن، وهم سبعة من أهل نصيبين، فاستمعوا إليه وهو يصلي ويقرأ شيئا من القرآن، فلم يعبأ بهم، حتى نزلت عليه سورة الأحقاف فقرأ منها: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: 29] (3)، كما أخبرنا بذلك القرآن المجيد. ثم قال زيد بن حارثة: يا رسول الله كيف تدخل عليهم؟ يعني قريشا في مكة وهم أخرجوك؟ فقال: يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا، وإن الله سبحانه ناصر دينه، ومظهر نبيه، حتى انتهى إلى جبل حراء قرب مكة، فأرسل رجلا من خزاعة إلى مطعم بن عدي فسأله: ادخل في جوارك؟ فقال: نعم، ثم دعا مطعم بنيه وقومه، فقال: تلبسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت، فإني أجرت محمدا، فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة ومعه زيد بن حارثة، حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فطاف به، وقام مطعم بن عدي على راحلته ونادى، يا معشر قريش إني قد أجرت محمدا، فلا يهجه أحد منكم، فانتهى رسول الله إلى الركن، فاستلمه، ثم صلى ركعتين، وانصرف إلى بيته، ومطعم بن عدي وولده مطيفون به. ولما دخل مكة، ومنع من المشركين بجوار مطعم بن عدي واستقر بها جعل يخرج بالمواسم ويقف على رؤساء القبائل، فيقول: يا بني فلان - اي منهم - إني رسول الله إليكم، يأمركم أن تعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، وكان يسير خلفه عمه أبو لهب، فيقول: لا تطيعوه!! ثم أتى كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله عز وجل فأبوا عليه، وكذا أتى كلبا في منازلهم فدعاهم فلم يقبلوا منه، كما أتى بني حنيفة في منازلهم فدعاهم فردوا عليه أقبح رد. وهكذا كان يدور حول مضارب القبائل يبلغهم رسالة السماء، فلم يقبل منه أحد، لكن هذه الدعوة تركت الأثر العميق في نفوس من دعاهم.
___________
(1) وفي رواية: وصلح عليه أمر الأولين والآخرين.
(2) الظاهر أنها قرية معشبة في الطريق.
(3) الأحقاف الآية: 29.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|