المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

التفريق
25-03-2015
Drawing Resonance Forms
30-6-2018
من عوامل تكون الفرق الاسلامية الاجتهاد في مقابل النص
24-05-2015
الكرفس
11-4-2017
البحتري
7-10-2015
الظواهر الجوية الكهربائية وآثارها العسكرية - العاصفة الرعدية - الآثار العسكرية- عمليات الحرب النفسية
17-5-2021


توازن الجانب الروحي والجسدي  
  
8522   01:43 مساءً   التاريخ: 2-2-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص93-96
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

من الحقيقة بمكان ان توازن الروح والجسد، وحفظ التوازن بينهما، يشكل اهم عامل من عوامل نجاح الانسان وسعادته في الحياة ؛ لان الافراط او التفريط في احداهما على الاخر ، يؤدي في كل الاحوال إلى الخروج عن دائرة الفطرة الانسانية السليمة ومن المعلوم ان الانسان يتكون من جسد وروح، وعليه فهنالك نوعان من الرغبات في داخله احدهما الرغبات المادية وثانيهما الميول المعنوي فمن اراد النجاح والسعادة يوازن بينهما ومن اخل برغبه من رغباته الفطرية فانه يفقد من سعادته بقدر ما اهمل من رغباته وعليه يجب تعادل الروح والجسد.

ولذلك فشلت جميع الانظمة والمبادئ الوضعية، والنظريات الفلسفية، والمادية في تحقيق الاستقرار، والتوازن، والسعادة للبشرية لأنها لم تتوقف على ايجاد التعادل بين الرغبات المادية والكمالات الروحية للإنسان ولم تحقق التوازن بينهما البتة.

اما الاسلام الحنيف، فهو المبدأ الوحيد الذي حفظ التوازن بين الروح والجسد وأعطى لكل منهما حقهُ المشروع، من دون افراط او تفريط وقد استطاع ان يربي المسلمين على الاهتمام البالغ بالروح والكمال والاخلاق، والعناية التامة بالجانب المادي واللذائذ الطبيعية المشروعة وهكذا تمكن الاسلام من تحقيق السعادة لبني الانسان في الحياة.

لذا يجب على المربي او المعلم عندما يقوم بعمله من تربية وتعليم للأطفال وغيرهم ان يزودهم بهذه الرؤية الاسلامية الصحيحة ليضعها الجميع نصب اعينهم ويعملوا بها اثناء مسيرتهم التربوية والتعليمية والحياتية، لينعموا بالاستقرار الفكري والاطمئنان النفسي والرضا الروحي والجسدي.

وبالتالي تحقيق التكامل والتوازن والسعادة في الحياة.

ولقد كان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار سلام الله عليهم اجمعين إذا لاحظوا افرطا أو تفريطا في سلوك الناس او الاصحاب في جانب مادي او معنوي صححوا ذلك الخطأ على الفور واهتموا بتقويم ذلك الانحراف، حرصا منهم (عليهم السلام) على تنقية الاسلام مما يُلصق به فعل العابثين من الجاهلين، وحفاظاً على مصلحة المسلمين وعموم البشر، وإسعادهم.

ومثالاً على ذلك، كان في البصرة أخوان هما علاء بن زياد الحارثي، وأخوه عاصم وكانا يُحبان أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) حباً شديداً، وكان سلوك علاء يختلف عن سلوك اخيه عاصم، لأنه كان مفرطا في حب الدنيا وجمع المال على العكس تماما من اخيه عاصم الذي طلّق الدنيا واهتم بالعبادة وتحصيل الكمالات الروحية فقط ، وطبعا إن الاخوين معا قد وقعا في المحذور وانحرفا عن الجادة المستقيمة والصراط السوي.

وفي يوم من الأيام جاء أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لعيادة علاء لمرض الم به، وما ان استقر به الجلوس (عليه السلام) حتى التفت إلى سعة عيش علاء وإفراطه في العمل من اجل المادة فقط، فخاطبه (عليه السلام) قائلاً:

وماذا تصنع يا علاء بهذه السعة المفرطة من العيش؟ إنك إلى تحصيل سعادتك المعنوية أحوج فاسعَ في ذلك الجانب ايضاً...

ثم قال (عليه السلام) قولاً معناه: اللهم الا ان تكون عملت ذلك كله لتمهيد طريق السعادة المعنوية، لتتمكن من استقبال الضيوف، وإطعام الطعام، وصلة الارحام، وقضاء حوائج الناس، وأداء حقوق اخوانك.

لقد أثر هذا الدرس البليغ، بأسلوبه الهادئ المتين في علاء كثيراً وجاشت به العواطف للشكوى في تفريط اخيه، فقال :

أشكو إليك عاصم بن زياد

قال: وما له ؟

قال : لبس العباء وتخلى عن الدنيا

قال: عليّ به

وبعد ان حضر عاصم بين يدي الإمام (عليه السلام) وبّخه قائلاً:

( يا عُدي نفسه ـ تصغير عدو ـ لقد استهام بك الخبيث، اما رحمتَ اهلك وولدك أ ترى الله احل لك الطيبات وهو يكره ان تأخذها انت اهون على الله من ذلك...)

إلا أن عاصما يعلم بزهد الإمام (عليه السلام) فانبرى يسأل:

(... يا أمير المؤمنين : هذا انت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال (عليه السلام) إني لستُ كأنت... إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا انفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيغ بالفقير فقره... )(1).

هذا هو المنهج الاسلامي في حكمته واستقامته.

وهذا هو اسلوبه في التربية وتعديل الانحراف، وتسوية الاخطاء على يد أمير المؤمنين (عليه السلام) وهكذا هم قادته المبدئيون في التربية وتقويم الانحراف وهذا هو اهتمامهم البالغ والفوري في التربية والتهذيب ومعالجة الاخطاء، وتقويم السلوك والبيان والتوضيح والتوجيه من اجل تحقيق السعادة كل ألوان الخير للفرد والامة والدولة...

_____________

1ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج11، ص32. يتبيغ : يهيج به (تبيغ الدم بصاحبه أي هاج به).

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.