أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-6-2022
1747
التاريخ: 2024-01-10
917
التاريخ: 15-8-2017
3419
التاريخ: 8-11-2018
2293
|
من الحقيقة بمكان ان توازن الروح والجسد، وحفظ التوازن بينهما، يشكل اهم عامل من عوامل نجاح الانسان وسعادته في الحياة ؛ لان الافراط او التفريط في احداهما على الاخر ، يؤدي في كل الاحوال إلى الخروج عن دائرة الفطرة الانسانية السليمة ومن المعلوم ان الانسان يتكون من جسد وروح، وعليه فهنالك نوعان من الرغبات في داخله احدهما الرغبات المادية وثانيهما الميول المعنوي فمن اراد النجاح والسعادة يوازن بينهما ومن اخل برغبه من رغباته الفطرية فانه يفقد من سعادته بقدر ما اهمل من رغباته وعليه يجب تعادل الروح والجسد.
ولذلك فشلت جميع الانظمة والمبادئ الوضعية، والنظريات الفلسفية، والمادية في تحقيق الاستقرار، والتوازن، والسعادة للبشرية لأنها لم تتوقف على ايجاد التعادل بين الرغبات المادية والكمالات الروحية للإنسان ولم تحقق التوازن بينهما البتة.
اما الاسلام الحنيف، فهو المبدأ الوحيد الذي حفظ التوازن بين الروح والجسد وأعطى لكل منهما حقهُ المشروع، من دون افراط او تفريط وقد استطاع ان يربي المسلمين على الاهتمام البالغ بالروح والكمال والاخلاق، والعناية التامة بالجانب المادي واللذائذ الطبيعية المشروعة وهكذا تمكن الاسلام من تحقيق السعادة لبني الانسان في الحياة.
لذا يجب على المربي او المعلم عندما يقوم بعمله من تربية وتعليم للأطفال وغيرهم ان يزودهم بهذه الرؤية الاسلامية الصحيحة ليضعها الجميع نصب اعينهم ويعملوا بها اثناء مسيرتهم التربوية والتعليمية والحياتية، لينعموا بالاستقرار الفكري والاطمئنان النفسي والرضا الروحي والجسدي.
وبالتالي تحقيق التكامل والتوازن والسعادة في الحياة.
ولقد كان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار سلام الله عليهم اجمعين إذا لاحظوا افرطا أو تفريطا في سلوك الناس او الاصحاب في جانب مادي او معنوي صححوا ذلك الخطأ على الفور واهتموا بتقويم ذلك الانحراف، حرصا منهم (عليهم السلام) على تنقية الاسلام مما يُلصق به فعل العابثين من الجاهلين، وحفاظاً على مصلحة المسلمين وعموم البشر، وإسعادهم.
ومثالاً على ذلك، كان في البصرة أخوان هما علاء بن زياد الحارثي، وأخوه عاصم وكانا يُحبان أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) حباً شديداً، وكان سلوك علاء يختلف عن سلوك اخيه عاصم، لأنه كان مفرطا في حب الدنيا وجمع المال على العكس تماما من اخيه عاصم الذي طلّق الدنيا واهتم بالعبادة وتحصيل الكمالات الروحية فقط ، وطبعا إن الاخوين معا قد وقعا في المحذور وانحرفا عن الجادة المستقيمة والصراط السوي.
وفي يوم من الأيام جاء أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لعيادة علاء لمرض الم به، وما ان استقر به الجلوس (عليه السلام) حتى التفت إلى سعة عيش علاء وإفراطه في العمل من اجل المادة فقط، فخاطبه (عليه السلام) قائلاً:
وماذا تصنع يا علاء بهذه السعة المفرطة من العيش؟ إنك إلى تحصيل سعادتك المعنوية أحوج فاسعَ في ذلك الجانب ايضاً...
ثم قال (عليه السلام) قولاً معناه: اللهم الا ان تكون عملت ذلك كله لتمهيد طريق السعادة المعنوية، لتتمكن من استقبال الضيوف، وإطعام الطعام، وصلة الارحام، وقضاء حوائج الناس، وأداء حقوق اخوانك.
لقد أثر هذا الدرس البليغ، بأسلوبه الهادئ المتين في علاء كثيراً وجاشت به العواطف للشكوى في تفريط اخيه، فقال :
أشكو إليك عاصم بن زياد
قال: وما له ؟
قال : لبس العباء وتخلى عن الدنيا
قال: عليّ به
وبعد ان حضر عاصم بين يدي الإمام (عليه السلام) وبّخه قائلاً:
( يا عُدي نفسه ـ تصغير عدو ـ لقد استهام بك الخبيث، اما رحمتَ اهلك وولدك أ ترى الله احل لك الطيبات وهو يكره ان تأخذها انت اهون على الله من ذلك...)
إلا أن عاصما يعلم بزهد الإمام (عليه السلام) فانبرى يسأل:
(... يا أمير المؤمنين : هذا انت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال (عليه السلام) إني لستُ كأنت... إن الله فرض على أئمة الحق أن يقدروا انفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيغ بالفقير فقره... )(1).
هذا هو المنهج الاسلامي في حكمته واستقامته.
وهذا هو اسلوبه في التربية وتعديل الانحراف، وتسوية الاخطاء على يد أمير المؤمنين (عليه السلام) وهكذا هم قادته المبدئيون في التربية وتقويم الانحراف وهذا هو اهتمامهم البالغ والفوري في التربية والتهذيب ومعالجة الاخطاء، وتقويم السلوك والبيان والتوضيح والتوجيه من اجل تحقيق السعادة كل ألوان الخير للفرد والامة والدولة...
_____________
1ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد: ج11، ص32. يتبيغ : يهيج به (تبيغ الدم بصاحبه أي هاج به).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|