أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-04
1092
التاريخ: 1-2-2017
1746
التاريخ: 14-1-2017
3940
التاريخ: 2024-01-21
1069
|
الدين في جزيرة العرب :
ان آيات القرآن الكريم تشير الى ارباب العرب وآلهتهم ورموزها من اصنامهم واوثانهم , والقرآن ( احسن القصص ) وفيه الكفاية :
قال عز وجل : {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: 4 - 7].
واذا كانت ايران قد اتخذت الزرادشتية (المجوسية ) دينا رسميا لها طلبا للاستقلال العقائدي عن الروم المسيحية, وهما في حرب دؤوب , فطبيعي ان تحاول ايران نشر عقيدتها الثنوية بالإلهين : اله الخير واله الشر بين الشعوب المغلوبة المستعمرة لها من حولها , فتتفشى المجوسية في بعض القبائل العربية من تميم والبحرين وعمان واليمن ونحن نعلم ان المجوس وثنيون يؤمنون بالهين يدبران العالم فللخير يزدان وللشر اهريمن ولهما رمزان فليزدان الخير النور , ولاهريمن الشر الظلمة .
اما اكثر العرب في الجاهلية فكانوا وثنيين يؤمنون بقوى الهية كثيرة منبثة في مظاهر الطبيعة , وبقوى خفية كثيرة في بعض الحيوانات والنباتات وحتى الجمادات , فكانوا يتعبدون لأصنام وحتى اوثان كثيرة اتخذوها رمزا لتلك الالهة ومنها الكواكب والنجوم .
فكان عرب الجنوب في اليمن يرجعون بآلهتهم الى ثالوث مقدس هو :القمر , واسمه عند المعينيين (اوائل الالف الاول قبل الميلاد) ود , وكان الههم الاكبر , وهو الزوج الذكر , ولذلك لفظه مذكر وتليه الشمس , وهي اللات , وفيها تا الاناث , ولذا اعتبروها زوجة القمر ولذلك لفظها مؤنث الهات اخرى رمز عن بعض النجوم او بعض مظاهر الطبيعة او بعض الطيور , وكانوا قد بنوا عليها الهياكل ويقدمون لها القرابين ويقوم عليها كهنة ذوو نفوذ كبير وقوافل التجارة والهجرة كانت متبادلة بينهم وبين عرب الشمال العدنانيين او النزاريين الحجازيين فحملوا دينهم معهم اليهم .
واشار القرآن الكريم الى عبادتهم للشمس في قوله سبحانه حكاية عن الهدهد من طيور سليمان بن داود , اذ تفقدها وكان الهدهد غائبا فلم يره ( فمكث غير بعيد ) اذ جاء , ({فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } [النمل: 22، 24] ويضيف القمر في آية اخرى تخاطب العرب المشركين : { لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ} [فصلت: 37] .
ومن قبل اضاف اليهما الكوكب فيما حكاه عن خليله ابراهيم (عليه السلام ) قال {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: 76] ولعله كان عشتر ( الزهرة ) , ولعل الليلة كانت من اواخر الشهر القمري اذ يظهر القمر متأخرا فبدا بالكوكب ثم قال : {فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ} [الأنعام: 77] فالليلة كانت من اوائل العشر الاخيرة من الشهر القمري اذ يظهر القمر متأخرا ثم يأفل ولا يبقى حتى الصباح , ولما بزغت الشمس صباحا {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ} [الأنعام: 78] ولعله بهذا يعترض على تقديمهم للقمر (الاصغر) على الشمس (الاكبر) {فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 78].
ولعل شرك هؤلاء الصابئة البابليين هو منشأ شرك اهل اليمن ثم الحجاز اما الهدهد فطبيعي ا نه انما اهتدى اليهم نهارا فوجدهم يسجدون للشمس , ولم يذكر القمر والزهرة ولم ينفهما.
وقد اشار القرآن الكريم اليها بأسمائها المعينية اليمنية لدى النزاريين الحجازيين مع خمسة آلهة اخرى لهم , في آيتين من سورتين هما قوله سبحانه: { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19، 20] ثم اشار الى انوثتهما لديهم فقال: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى } [النجم: 21].
والآية الاخرى من سورة نوح وعن لسانه (عليه السلام) {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } [نوح: 21 - 23] ثم لم يجعلها اناثا بل ذكرها في الضمير اليها فقال: {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} [نوح: 24] ثم حكى دعا نوح عليهم قال : {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} [نوح: 24] .
اذن فلغة ( ود ) رجعت الى اقدم من المعينيين باليمن (اوائل الالف الاول ـ ق م ) والى اقدم من قوم ابراهيم ببابل العراق (اوائل الالف الثالث ق م) الى ما قبل الطوفان (اوائل الالف الرابع ق م ) ومن حيث المكان قرب مكان ابراهيم ببابل العراق في الكوفة ولذلك نقل الطوسي في ((التبيان)) عن الضحاك وابن زيد وقتادة عن ابن عباس قال : هذه الاصنام المذكورة كان يعبدها قوم نوح ثم عبدتها العرب فيما بعد .
ونقله الطبرسي في ((مجمع البيان)) وفي تفصيله نقل عن ابن عباس ايضا قال : نحت ابليس خمسة اصنام وحمل الكفار فيما بين آدم ونوح على عبادتها , وهي : ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر فلما كان الطوفان دفن تلك الاصنام وطمها بالتراب فلم تزل مدفونة , حتى اخرجها الشيطان لمشركي العرب :
فاتخذت قضاعة ودا فعبدوه بدومة الجندل , توارثوه حتى صار الى كلب .
واخذ بطنان من طي يغوث فذهبوا به الى مراد فعبدوه زمانا, ثم ان بني ناجية ارادوا ان ينزعوه منهم ففروا به الى بني الحرث بن كعب , فجاء الاسلام وهو عندهم .
واما يعوق فكان لكهلان (اليمن) ثم توارثوه حتى صار الى همدان (اليمن) فجا الاسلام وهو فيهم .
واما نسر فكان لخثعم (اليمن) يعبدونه .
وسواع كان لآل ذي الكلاع (الحميري اليمني) يعبدونه .
وفي كيفية حمل ابليس لأولئك الاوائل على عبادتها نقل عن محمد بن كعب القرظي قال : هذه اسماء قوم ممن كان بين آدم ونوح صالحين , فلما ماتوا ونشا نسلهم بعدهم قال لهم ابليس : لو صورتم صورهم , ففعلوا وكانوا يقدسونها , فلما ماتوا ونشا نسلهم بعدهم قال لهم ابليس : ان الذين كانو اقبلكم كانوا يعبدونها , فعبدوها فكان ذلك مبدا عبادة الاوثان .
اما الآيات فقد اشارت الى ان عبادتها كانت مكرا مكره اصحاب الاموال والاولاد, ولعله لاستثمار الضعفاء منهم ولعل في الفصل بين الالهة وهذه الاصنام في قوله: { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا} [نوح: 23] اشارة الى ا نهم جعلوا هذه الاصنام رموزا للالهة لا نفسها.
ثم نقل الطبرسي عن قتادة قائمة بنسبة اكثر من هذه الاصنام الخمسة الى قبائل العرب قال :
ان اوثان قوم نوح صارت الى العرب , فكان ود بدومة الجندل وسواع برهاط لهذيل وكان يغوث لمراد (اليمن) وكان يعوق لهمدان (اليمن)وكان نسر لآل ذي الكلاع من حمير (اليمن) وكان اللات لثقيف, واما العزى فلسليم وغطفان وجسم ونضر وسعد , واما مناة فكانت لفديد , واما اساف ونائلة وهبل فلأهل مكة : كان اساف حيال الحجر الاسود , وكانت نائلة حيال الركن اليماني وكان هبل في جوف الكعبة ونقل عن الواقدي قال : كان ود على صورة رجل , وسواع على صورة امراة ويغوث على صورة اسد ,ويعوق على صورة فرس, ونسر على صورة نسر من الطير.
ويقال ان اللات كانت صخرة مربعة بيضا بنت عليه ثقيف بيتا ,وكانت قريش وجميع العرب يعظمونه وكعبتها هي كعبة الطائف ولذلك نرى في اسمائهم : وهب اللات وعبد شمس .
وكانت مناة ـ الهة الموت والآجال والاعمار والاقدار ـ صخرة منصوبة على ساحل البحر بين مكة والمدينة في هذيل وخزاعة , وكان الاوس والخزرج يحجون الى مكة ويقفون مع الناس المواقف الثلاثة ولكنهم لا يحلقون رؤوسهم , ولا يرون تمام حجتهم الا ان ينصرفوا الى مناة فيحلقوا رؤوسهم عندها .
وكانت العزى شجرة بوادي نخلة شرقي مكة الى الطائف لغطفان , حتى قطعها الاسلام .
ومن ثنويتهم في وثنيتهم ما تدل عليه معاني: يعوق ويغوث وسواع ,ففي الاخير ما يدل على انه كان اله الهلاك والشر , وبإزائه يعوق اي يكون عائقا عنه , ويغوث اي يغيث منه ولعلها في اصلها مقتبسة من ثنوية المجوسية , ولا سيما ا نهم كانوا يقدمون قرابين النيران , ويوقدونها لاستمطار السماء والاستسقاء , وعند عقد ايمانهم واحلافهم .
وكان هبل من عقيق احمر على صورة انسان , يده اليمنى من ذهب والقداح امامه , فاذا اختصموا في امر او ارادوا سفرا او عملا اتوه فاستقسموا بالقداح عنده فما خرج انتهوا اليه وعملوا به , ومنه , فعل عبد المطلب لذبح ابنه عبد اللّه ومنها للزواج , ومنها للمواليد , فاذا شكوا في مولود اهدوا اليه هدية ثم ضربوا بسهام الازلام (القداح ) فان خرج (الصريح ) كان الوليد صريحا في نسبه واما اذا خرج (ملصق) دفعوه .
ومن الاصنام المشهورة : ذو الخلصة, وهو صنم خثعم وبجيلة وازد السراة , وكان صخرة بيضا عند منقوطة (مروة) منقوش عليها كهيئة التاج ,وكان في تبالة وله بيت يحجون اليه ولا يخفى ان تركيب اسم الصنم (ذو الخلصة ) يمني وكعبتها هي الكعبة اليمانية .
وكان في حاضرة امارة النبط (ق 3 م ـ ق 2 م ) في ((سلع )) كما جاء في التوراة : او ((بطرا)) كما هو اسمها لدى اليونان ولعله ترجمة يونانية لسلع العبرية او السريانية معبد كبير لصنمهم ذي.
اله الخصب والخمر وقال الكلبي في كتابه ((الاصنام )) : واستهترت العرب في عبادة الاصنام, فمنهم من اتخذ بيتا , ومنهم من اتخذ صنما , ومن لم يقدر على بناء البيت ولا اتخاذ الصنم اتخذ حجرا من الحرم او مما استحسن ثم طاف به كطوافه بالبيت , فكان الرجل اذا سافر فنزل منزلا اخذ اربعة احجار فنظر الى احسنها فاتخذه ربا وجعل الثلاثة الاخرى اثافي لقدره فاذا ارتحل تركها وكانوا يذبحون وينحرون عندها ويتقربون بذلك اليها .
ومن تقديسهم لدماء ذبائحهم القرابين لهياكل الاصنام والاوثان ينصبون لديها احجارا هي النصب والانصاب, يصبون عليها دما ذبائحهم التي يتقربون بها الى الهتهم , فالأنصاب والازلام كانت من لوازم الاوثان والاصنام في كلام اللّه تعالى : ( والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) .
وكان لها سدنة وحجاب وبجانب سدنة البيوت المقدسة كان هناك كهان يدعون ا نه سخر لهم طائف من الجن يسرق لهم السمع فيعرفون منهم ما كتب اللّه للناس في الواحهم , رجالا ونسا.
فممن عرف من رجالهم : سطيح الذئبي , وسلمة الخزاعي , وسواد بن قارب الدوسي , وشق بن مصعب الاغاري , وعزى سلمة , وعوف بن ربيعة الاسدي .
ومن الكاهنات : كاهنة ذي الخلصة , والكاهنة السعدية , والكاهنة الشعثاء , والزرقاء بنت زهير وطريفة الكاهنة امراة عمرو بن عامر وكان قد يلتحق ببعضها بغايا ايضا, ويسمون الذي يخبر الكاهن :الرئي .
ولذلك فهم كانوا يؤمنون بالجن ويخافونها ويتعبدونها ويجعلون بينها وبين اللّه نسبا , و ان كانت هي مظاهر الشر عندهم , وكما كانوا يجعلون الملائكة بنات اللّه وهي مظاهر الخير والرحمة : {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 100] ولعلها من ثنوية هؤلاء الوثنيين متسربة اليهم من ثنوية المجوس ايضا.
صحيح ان كثيرا من هؤلاء كانوا يعدون الجن والملك والارواح والاوثان والاصنام من شفعائهم عند اللّه كما حكى القرآن الكريم {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] لكنها لم تكن للنجاة من النار بل {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا } [مريم: 81] و {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ } [يس: 74].
ذلك ا نهم كانوا لا يؤمنون ببعث ولا نشور : {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] و {وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [الأنعام: 29] و { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [يس: 78] فلم تكن قرباهم للنجاة من النار.
نعم كان حجهم الاعظم الى الكعبة الابراهيمية وقد بقي فيهم منه ومن حجه بعض السنن مزيجا بالبدع الجاهلية : منها اشهر الحج المعلومات الحرم :رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم , فكانت فرصة لبعدائهم عن الاماكن المقدسة للوصول اليها دون ان تمس نذورهم , فكانوا فيها يتجرون ويميرون ويقيمون اسواقهم كسوق عكاظ.
ويقول ابن حبيب في ((المحبر)): كانوا يلبون , فكانت قريش تقول :لبيك اللهم لبيك , لا شريك لك الا شريك هو لك , تملكه وما ملك تخاطب اساف .
وكانت تلبيتهم لود: لبيك اللهم لبيك , لبيك معذرة اليك .
وكانت تلبيتهم للا ت:لبيك اللهم لبيك , كفى بيتنا بنيه, ليس بمهجور ولا بليه, لكنه من تربة زكيه , اربابه من صالحي البريه.
وكانت تلبيتهم للعزى : لبيك اللهم لبيك , لبيك وسعديك ما احبنا اليك .
وكانت تلبيتهم لذي الخلصة : لبيك اللهم لبيك , لبيك بما هو احب اليك ((217)) .
فالحمس من قريش وكنانة وخزاعة يطوفون بثيابهم , والحلة يطوفون عرايا.
ويصور الازرقي في كتابه ((اخبار مكة )) طواف العريان فيقول : يبدا بأساف فيستلمه ثم يستلم الركن الاسود , ثم يجعل الكعبة عن يمينه ويطوف سبعا فاذا ختم استلم الحطيم او ركن الحجر الاسود ثم استلم نائلة فختم طوافه , ثم يخرج فيجد ثيابه فيلبسها ويمضي .
وقد فصل الكلبي المؤرخ الشهير المتوفى في 206 ه ديانات العرب قبل الاسلام فقال :
((ان حمير كانت تعبد الشمس وكنانة كانت تعبد القمر وقيس كانت تعبد الشعرى , ولخم كانت تعبد المشتري , وطي كانت تعبد نجمة السهيل ,واسد كانت تعبد العطارد , وتميم كانت تعبد الدبران , وبنو مليح كانوا يعبدون الجن , واكثر العرب الاوثان والاصنام .
وان اول من جاء بها الى مكة هو : عمرو بن لحى , وكانوا في اول امرهم يقولون {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] ثم راوا فيهم قوة دون قدرة اللّه , فكانوا يتمسحون بها اذا ارادوا السفر , واتخذوا من احجار الصحراء اصناما يعبدونها كما يتخذون عددا آخر منها اثافي لقدورهم كانوا يرون انهم بالقربان للأوثان يجلبون رضاها , فاذا قربوا لها قربانا تلطخوا بدمائه , وكانوا يتقاسمون بالأزلام عندها , وهي سهام اصطلحوا على بعضها انها امر وعلى بعضها الاخر انها نهي, فيعملون كما تخرج لهم , وقد اصبحت الكعبة بيتا مركزيا للأوثان اكثر من ثلاثمائة وستين, منها اللات والعزى ومناة ,اللاتي كانت قريش تزعم ا نها بنات اللّه تعالى فتعبدها واللات بدورها ام سائر الالهة وكان مقرها بالطائف , واما مناة فهي رب الاعمار والآجال , ومقرها بين مكة والمدينة )).
ازلام العرب :
قال تعالى : {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3].
قال القمي في تفسيره للنصب : ان قريشا كانوا يعبدون الصخور فيذبحون لها و((الازلام)) كانوا يعمدون الى الجزور فيجزئونه عشرة اجزاء ,ثم يجتمعون عليه فيخرجون سهاما عشرة : سبعة لها انصبا وثلاثة لا انصباب لها , فالتي لها انصبا هي : الفذ والتوأم , والمسبل , والنافس ,والحلس , والرقيب , والمعلى , فالفذ له سهم , والتوأم له سهمان , والمسبل له ثلاثة اسهم,والنافس له اربعة اسهم , والحلس له خمسة اسهم , والرقيب له ستة اسهم , والمعلى له سبعة اسهم .
والتي لا انصبا لها هي: السفح , والمنيح , والوغد وكان ثمن الجزور على من لم يخرج له من الانصباب شي وهذا قمار , حرمه اللّه عز وجل .
وقد عقد اليعقوبي في تاريخه فصلا خاصا بعنوان ((ازلام العرب)) قال فيه : ((وكانت العرب تستقسم بالأزلام في كل امورها , وهي القداح , ولا يكون لها سفر ولا مقام ولا معرفة حال الا رجعت الى القداح .
وكانت القداح سبعة : فواحد عليه ((اللّه عز وجل )) والاخر ((لكم ))والاخر ((عليكم )) والاخر ((نعم )) والاخر ((منكم )) والاخر ((من غيركم ))والاخر ((الوعد)).
فكانوا اذا ارادوا امرا رجعوا الى القداح فضربوا بها ثم عملوا بما تخرج القداح , لا يتعدونه ولا يجوزونه وكان لهم امنا على القداح لا يثقون بغيرهم .
وكانت العرب اذا كان الشتاء ونالهم القحط وقلت البان الابل استعملوا الميسر بالأزلام, فضربوا بالقداح وتقامروا عليها الا ان قداح الميسر عشرة : سبعة منها لها انصب , وثلاثة لا انصب بها فالسبعة التي لها انصب يقال لأولها ((الفذ)) وله جز واحد, و((التوأم)) وله جزان ,و((الرقيب )) وله ثلاثة اجزاء, و((الحلس)) وله اربعة اجزاء, و((النافس)) وله خمسة اجزاء, والثلاثة التي لا انصب لها يقال لها : المنيح والسفيح والوغد.
فكانت الجزور تشترى بما بلغت ولا ينقد الثمن , ثم يدعى الجزار فيقسمها عشرة اجزاء , فاذا قسمت اجزاؤها على السواء اخذ الجزار الراس والارجل , ثم احضرت القداح العشرة , واجتمع فتيان الحي, فاخذ كل فرقة على قدر حالهم ويسارهم وقدر احتمالهم , فيأخذ الاول الفذ والثاني التوأم وكذلك سائر القداح على ما سمينا منها.
فاذا عرف كل رجل منهم قدحه دفعوا القداح الى رجل اخس لا ينظر اليها معروف ا نه لم يأكل لحما قط بثمن ويسمى ((الحرضة))يؤتى ((بالمجعول)) وهو ثوب شديد البياض فيجعل على يده , ويعمد الى ((السلفة)) وهي قطعة من جراب فيعصب بها على كفه لئلا يجد مس قدح يكون له في صاحبه هوى فيخرجه , ويأتي رجل فيجلس خلف الحرضة يسمى ((الرقيب)) ثم يفيض الحرضة بالقداح فاذا نشز منها قدح استله ((الحرضة)) فلم ينظر اليه حتى يدفعه الى ((الرقيب)) فان خرج من الثلاثة الاغفال التي لا نصيب لها رد من ساعته, وان خرج اولا ((الفذ)) اخذ صاحبه نصيبه وضربوا بباقي القداح على التسعة الاجزاء الاخر , فان خرج التوأم اخذ صاحبه جزاين وضربوا بباقي الاقداح على الثمانية الاجزاء الاخر , فان خرج المعلى اخذ صاحبه نصيبه وهو السبعة الاجزاء التي بقيت .
ووقع غرم ثمن الجزور على من خاب سهمه وهم اربعة : صاحب ((الرقيب)) و((الحلس)) و((النافس)) و((المسبل)) ولهذه الاقداح ثمانية عشر سهما فيجزا الثمن على ثمانية عشر جزا ويأخذ كل واحد من الغرم مثل الذي كان نصيبه من اللحم لو فاز قدحه .
وان خرج ((المعلى)) اول القداح اخذ صاحبه سبعة اجزاء الجزور ,وكان الغرم على اصحاب القداح التي خابت , واحتاجوا ان ينحروا جزور اخرى , لان في قداحهم المسبل , وله ستة اجزاء ولم يبق من اللحم الا ثلاثة اجزاء فان نحروا الجزور الثانية, وضربوا عليها القداح فخرج ((المسبل)) اخذ صاحبه ستة اجزاء الثلاثة الباقية من الجزور الاولى وثلاثة اجزاء من الجزور الثانية, ولزمه الغرم في الجزور الاولى ولم يلزمه في الثانية شي لان قدحه قد فاز وبقي من الجزور الثانية سبعة اجزاء فيضرب عليها بقداح من بقي , فان خرج ((النفاس )) اخذ صاحبه خمسة اجزاء ولم يغرم من ثمن الجزور الثانية شيئا , لان قدحه قد فاز , ولزمه الغرم من الاولى وبقي جزان من اللحم ,وفيما بقي من القداح ((الحلس )) له اربعة اجزاء , فيحتاجون ان ينحروا جزور اخرى لتتمة اربعة .
وان نحروا الجزور الثالثة وفاز ((الحلس)) اخذ صاحبه اربعة اجزاء :جزاين من الجزور الثانية وجزأين من الجزور الثالثة , ولم يغرم من الجزور الثالثة شيئا فان قدحه قد فاز ويبقى ثمانية اجزاء من الجزور الثالثة , فيضرب بباقي القداح عليها حتى يخرج قداحهم وفقا لأجزاء الجزور , فهذا حساب غرمهم الثمن .
وربما كانت اجزاء الحم موافقة لأجزاء القداح فلا يحتاجون الى نحر شيء، وانما تنحر الجزور اذا قصرت اجزاء اللحم عن بعض القداح، فأن عاد بعض من فاز قدحه ثانية فخاب، غرم من ثمن الجزور التي خاب قدحه منها على هذا الحساب فان فضل من اجزاء اللحم شي وقد خرجت القداح كلها , كانت تلك الاجزاء لأهل المسكنة من العشيرة , فهذا تفسير ((الميسر)).
وكانوا يفتخرون به ويرون ا نه من فعال الكرم والشرف , ولهم في هذا اشعار كثيرة يفتخرون بها .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|