المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الحاجة إلى الدين / في تربية الطفل  
  
2435   01:10 مساءً   التاريخ: 30-1-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص386-390
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

لكي ينشأ الطفل سليما مستقيما فاضلاً يجب ان يُربى تربية دينية؛ لان أشد ما يحتاج اليه الانسان هو الدين ولا شك ان هذه الحاجة تنبثق من أعماقه وانه بحاجة إلى الدين في كل ادوار حياته بدءا من طفولته وحتى شيخوخته.

وكذلك فهو يحتاج إلى الدين في كل مفردات حياته الفردية والجماعية لان التعاليم الدينية الحقيقية الواقعية تفتح الطريق امام حياة شريفة فاضلة كريمة حيث إن اوامر الدين ونواهيه تصب كلها في تحقيق السعادة للإنسان لا في الدنيا فحسب وانما في الاخرة ايضا لأنها من لطف الله وكرمه وعطفه واحسانه لبني البشر.

فالله سبحانه وتعالى يحب بني الانسان لأنهم عياله يريد لهم السعادة والاستقامة كما في الحديث الشريف : (البشر عيال الله).

وهو الذي وهب وجودهم وكيانهم لذلك فهو يأمرهم وينهاهم من اجل مصلحتهم وخيرهم واسعادهم وليس اشباعا لحاجة عنده سبحانه البتة، حاشاه جل شانه وتنزه عن ذلك وتعالى علواً كبيراً.

ومن الجدير بالذكر، ان الدين لم يكن في يوم من الايام كما يعتقد البعض من الناس انه جاء ليحرك عقول البشر او يسلي نفوسهم او يحل مشاكلهم النفسية ليس الا بل انه جاء ليساهم مساهمة فعالة في تطوير الحياة وتقدم الانسان، والاخذ بيده تنحو تحقيق الغايات الشريفة والاهداف النبيلة، والمقاصد الحياتية الكريمة لعموم البشر على حد سواء في هذه الحياة.

لذلك فالتربية الدينية تحتل اهمية كبيرة جدا في الحياة الانسانية لأنها الركيزة المهمة والاساس المتين لسعادة الانسان، والجدار الفولاذي الذي يقف حائلا دون انحراف الانسان عن جادة الحق والفضيلة وارتكاب انواع الخطايا والجرائم والآثام والشذوذ.

إن التربية الدينية هي الطريق الامثل في تحقيق الكمال وتنمية الفضيلة في العمق الانساني وترسيخها وهي العامل الاعظم في زرع بذور الاستقامة واتباع الحق والسير على صراط الحقيقة والصواب، والابتعاد عن الأوهام والتشكيك وسبل الشرك والضلال والبدع والخرافة وامراض النفس.

لذا يكون من واجب الواجبات على الاباء والمربين ان يربوا الاطفال دينيا وعقائدياً بكل ما اوتوا من معرفة وثقافة بهذا الخصوص، حتى لا يسلك الاطفال طريقا منحرفا يؤدي بهم إلى الهاوية والسقوط والخسران المبين.

اجل ان الطفل من حقه ان يتربى دينيا وعقائدياً وان الاب مسؤول مسؤولية كبيرة في هذا المجال، وليس له عذر في ذلك مطلقاً، والقرآن الكريم ما زال يصرح بقوة:

(قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) والذي يتقاعس عن تأدية هذا الواجب المقدسة او يقلل من شأنه واهميته يرتكب خطأ كبيرا في حق نفسه وطفله ومجتمعه الذي يحتاج إلى اناس اسوياء اقوياء مؤمنين ملتزمين بدينهم ويخافون ربهم لكي ينمو ويتطور ويحقق غاياته النبيلة واهدافه المنشودة).

ـ انسجام تعاليم الدين مع الانسان وفطرته :

لقد أثبت العقل والنقل وتجربة الحياة الواقعية ان التعاليم الدينية ترتبط ارتباطا وثيقا مع الفطرة الانسانية وتنسجم معها وتتلاءم مع ارادة الانسان والكلام المأثور عن الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) يؤكد ذلك تأكيدا قويا حيث يقول (صلى الله عليه واله): (بعثت بالشريعة السمحاء) و(انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق).

لو لم تكن الشريعة الاسلامية التي بشر بها النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) منسجمة مع الفطرة التي جبل عليها الانسان، متطابقة مع نفسه وارادته ومراحل حياته وتطوره، لما كلف بها وباتباعها وغدت شرطا في براءة ذمته وسلامة موقفه تجاه ربه في يوم قيامته.

إذن فلا مجال هناك لحدوث أي تناقض او تنافر بين الفطرة الانسانية والشريعة الالهية التي ضحى من اجلها الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين.

فالطفل تتوفر فيه الارضية الملائمة والاستعدادات المناسبة لقبول التعاليم الدينية، لذلك نراه يقلد والديه في صلاتهما وهو ابن خمس سنوات وربما اقل او اكثر من ذلك قليلاً، وقد يفعل ما يفعلانه في اكثر الاحيان مجرد تقليد ليس الا لذلك يكون من الواجب على الوالدين والمربين ان يستغلوا هذا الاستعداد وهذه الارضية عند الطفل وتوجيهه نحو الدين وتشويقه له، وتشجيعه على تأدية تعاليمه وشعائره وترغيبه لها.

وبناءً على ذلك يصبح التعليم الديني من الوظائف الهامة التي تقع على عاتق الوالدين والمربين ولكن بشرط اتباع الاسلوب التدريجي ومقتضيات الحكمة والحاجة في ذلك، مع مراعاة التشويق والترغيب لكي لا يشعر الطفل بالتثاقل والملل وهنا ملاحظة هامة ينبغي الاشارة اليها والتأكيد عليها وهي:

يجب أن يكون التعليم الديني مركزاً وبعيداً عن الحشوية واللغوية وشاملا لجميع الموضوعات التي لها علاقة وثيقة بالعقائد والاحكام والعمل، وملائماً مع المستوى العقلي والادراكي والاستيعابي للطفل.

اجل ان المسؤولية الملقاة على الاباء والمربين كبيرة جدا في هذا الجانب وفي غيره من الجوانب الاخرى وخصوصا في عملية البناء العقلي والذهني للطفل لكي ينشأ سليما في فكره واعتقادات فلا تضله الوساوس والخزعبلات والاوهام، ويكون متمكناً في الدفاع عن نفسه ومعتقداته أمام الشذوذ وحالات الانحراف والضلال.

يقول الامام ابو عبد الله الصادق (عليه السلام) في هذا المورد مقولة جميلة هي: (بادروا اولادكم بالحديث قبل ان يسبق اليهم المرجئة).

وقطعا ان سبق المرجئة واهل البدع والضلال والانحراف باملاء الحديث على الاطفال يسبب لهم كارثة لا تبقي ولا تذر لذلك امر الامام (عليه السلام) الآباء بأخذ زمام المبادرة في ذلك وسبق الاخرين من دعاة الافكار المنحرفة والهداية.

اذن يجب تعبيد طرق الهداية والايمان والرقي للأطفال من قبل الاباء والامهات والمربين ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، أي يجب ان يكون الوالدان والمربون قدوة لهم في الايمان والاسلوب والسلوك والاهداف والالتزام بالدين وكل مبادئ الخير والفضيلة حتى تؤتي عملية التربية والتعليم آكلها الجيد وثمارها الحسنة.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.