أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-19
917
التاريخ: 22-11-2016
1600
التاريخ: 22-11-2016
1481
التاريخ: 24-5-2017
991
|
الكارثة:
ولما ضعف أمر العرب المسلمين في الأندلس، بسبب تفرّقهم واختلافهم وتنازعهم، غزاهم الإسبانيون، وأخرجوهم من الأندلس مدينة بعد مدينة. ولا أريد أن استصغر من شأن الغزاة الإسبان وأعمالهم، ولكن إذا حلّلناها نرى أنّها لا تشتمل على شيءٍ من الخوارق، إذ أُعلنت الحروب الصليبية - أي الغزوات الدينية - وكانت من الفظاعة والقسوة مثل الحروب الصليبية التي غزا فيها البابا أنسنت الثالث الألبجينيين (1)؛ فالصلبان التي يزيّن الأمراء والجنود صدورهم بها من الإنكليز والفرنسيين والقشتاليين، كانت هي الإذن في إطلاق العنان للنفوس الأمارة بالسوء في النهب والسلب والأعمال الوحشية (2).
تقدّم الصليبيون، وهم مزيج من كلّ جنس إلى قرطبة وإشبيلية في القرن الثالث عشر الميلادي، ومن ذلك العهد أخذت قرطبة التي كانت في علياء المجد، تتقلّص وتتضاءل حتى صارت قرطبة التاسع عشر الميلادي قرية حقيرة. ودمّر هؤلاء الصليبيون كلّ آية من آيات العرب المسلمين في الأندلس وإن دقّت، كما دمّروا ذكريات فنونهم، حتى سوَّوْا كلّ ذلك بالتراب. نعم، بقيت هناك منارة صغيرة ولكنّها فخيمة، تسمى: (جيرالدا)، لتخبر العالم ماذا خسره في الأندلس. وقد عمد أولئك الهمج إلى الآلات العلميّة فحطموها وجعلوها رميماً، لأنّهم كما قال سكوت: "كانوا يعتقدون اعتقاداً جازماً، أنّ تلك الآلات خطرة، ويظنّون أنّها آلات جهنّمية لأعمال السحر واستخدام العفاريت". وأخرجوا الكتب، وكانت لا تحصى كثرةً، وجعلوها أكواماً في الأزقّة، وأوقدوا فيها النيران. وأسلمت القصور المشيدة الجميلة والحدائق البهيجة لأيدي الخراب والضياع. ولما رأى الملك الإسباني أنّه ليس له قصر ملكيّ في المدينة التي كانت أكثر المدن مساكن عالية وقصوراً فخيمة، أفاق مِن سِنته، وبعث في طلب الصنّاع المتفننين والعَمَلة من العرب المسلمين، فبنوا له: "الكزر" القصر الذي نزوره اليوم، وحجارته مثل المقصورة المسماة "مقصورة السفراء"، تخبرنا أن العرب المسلمين كانوا يعرفون كيف يعيشون.
استراح الإسبانيون قرنين كاملين إلى جوار العرب المسلمين، وبقي الشعبان عائشين في سلم وأمان كالأخوين، وكان الإسبانى بطبعه يحبّ أن يعيش مع جيرانه في سلام، ويعظّم الشعب الذي كان يراه بالغاً ذروة العبقرية. ولكنّ القسيسين الذين بلغوا في العصبية الحضيض الأسفل، كانوا يضادون ذلك الميل، فما زالوا يفتلون للحكام في الذروة والغارب، ويحرضونهم على عدم التسامح في المدن النصرانية الجديدة مع القوم الذين كانوا هم بناتها وهم مزيِّنوها، وأخيراً نجحوا في مطلبهم، وهو أنّ كلّ مسلم يوجد في بلدانهم يُخَيَّر بين أمرين: إما التّعميد والتنصر، وإمّا الجلاء (3)، فاختار العرب المسلمون الجلاء فراراً بدينهم وشعبهم، ليعيشوا في جوّ أمانٍ واطمئنان، فنشأت منهم مملكة في غرناطة عدد نفوسها ثلاثة ملايين نسمة، وكان ذلك في القرن الخامس عشر الميلادي، وهو من مخازي الأمم النصرانية، فالبلاد التي نشاهدها اليوم في غاية الفقر والخراب، كانت هي فردوس أوروبة في أيام العرب المسلمين.
وقد جلب العرب المسلمون مياهاً كثيرة من الجبال وأعالي الأنهار، بسبب علمهم ونشاطهم اللذين ليس لهما نظير، فوصلت الفلاحة والغرس بذلك إلى أوج رقيهما. قال اسكوت: "لقد فاقت في علوّ قدرها وأهميتها في نتاجها العملية، جهود جميع الأمم المتقدمة والمتأخرة"، ومقابلة زراعة العرب المسلمين بما كانت عليه أوروبا من البؤس والعدم على وجه العموم، تجعل لها أعظم وقع في النفس. والنتيجة أنّ الأقوات كانت كثيرة ورخيصة في الأندلس، وكانت أنواعاً مختلفة، وصارت غرناطة مثل قرطبة غنيّة وجميلة جداً، وكانت جنّات الكرم والتوت الواسعة تؤتي أهلها أحسن الخمور وأجود الحرير. وكانت الفُرَض (4) التي وراء الجبال على المحيط، تمدّهم بجميع الطُّرف ومواد النعمة والرفاهية النادرة التي كانت توجد في قرطبة، وكانت الصناعات العربية الإسلامية أيضاً في أوج ارتقائها، وكانت هناك مقادير عظيمة من الجواهر تجعل فيها من الزينة والزخرفة ما لا يأتي عليه الوصف، وكان ذلك الزخرف في الأسلحة البديعة والحلل الفاخرة والأثاث النفيس.
ومن حسن الحظ، بقي قصر الحمراء الملكيّ ليرينا الجلالة والتأنّق والإبداع في فنون العرب المسلمين الأندلسيين، وحتى هذه الدرّة، أصابها ما أصابها على يد الإسبانيين، وكانت سائرة في طريق الخراب، لولا أنّ بقية أوروبا وأمريكا أجبروهم على أن يستبقوا شيئاً من الحياء. وحتى في هذا اليوم يجد فيها الإنسان لفظ: "أرض عبقر" حين يخرج من دهليزها المظلم إلى عرصة الأسود، فيرى سواري المرمر الدقيقة كأغصان البان، ويتملّى بالنظر إلى سطور الأساطين المستقيمة وسقوفها المصبوغة بالألوان الزاهية، إذا نظرت إليها خلتها زرابي أعجمية مرقّشة، أو رياض أزهار بهيجة، قد اشتبكت فيها أشجار الصناعة العجيبة. ولها طنوف مشرفة، قد أُفرغت في قوالب بديعة، يحار الواصف في وصفها. أمّا جدرانها ففيها من الترقيش العربيّ والتشجير والزخرف والأمثال والحِكَم المسطورة بأجمل شكل يذهل العقول ويروّع الناظرين. ولكن ينبغي لنا أن نتصورها في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين، حين كانت الثياب التي تُرى فيها كلّها من الحرير الخالص، وحين كانت جدرانها تتلألأ بالألوان اللازورديّة والأرجوان والذهب، وحين كان الآس والأترج والورد، ومباخر الفضة يحترق فيها عود الطيب تفعم جوّها بالروائح الطيبة. وكانت على الجبل المجاور لها وسهوله الواسعة الأرجاء عشرات الألوف من القصور الفخام التي لا تقل جمالاً وإبداعاً في الذوق عن الحمراء، إلاّ أنها أقلّ تلألؤاً بالذهب والفضة والجواهر. قال سكوت: "ماذا عوّضنا الغازي الصليبي القشتالي الهمجي عن تلك القصور؟ وأيّ فائدة يجنيها النوع البشري من وراء تخريبها؟! فليجب عن هذا السؤال أولئك الذين يمجدون طرد (الكفار) من أوروبة" وكان الإسبان قد حشدوا جنداً عظيماً. أما العرب المسلمون فقد نقص عددهم من ثلاثين مليوناً إلى ثلاثة ملايين. ولم يكن ملك الإسبان فرديناند (5) وملكتها إيزابيلا (6) عديمي شهامة وعظمة كشهامة العرب المسلمين وعظمتهم فقط، بل لم يكن لهما شيء من المروءة العامة والحياء. أغار هذا الملك على أموال العرب المسلمين، فنهبها وتركهم يموتون جوعاً، وبذلك قهرهم وألجأهم إلى التسليم. حتى المسيحية الليدي تشارلتون بونج، رقّ قلبها لما أصاب العرب المسلمين، فقالت في ص: (190) من كتابها تذكر العهود والمواثيق التي أعطاها الإسبانيون للعرب المسلمين والشروط التي اشترطها العرب المسلمون عليهم ما نصّه: "تكون غرناطة حرماً آمناً لكلّ من يلتجئ إليها من المسلمين من جميع الأقطار، ويكون لأبي عبد الملك (الملك) ضيعة في أرض البشرَّات (البوجارا)، وأنّ جميع السكان حتى الذين أسلموا من النصارى يكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم وبيوتهم وسلاحهم وخيلهم، ولا يُسَلِّمون إلاّ أسلحتهم النارية، وأن يتمسكوا بشريعتهم وعاداتهم ولغتهم ولباسهم، وأن تكون مساجدهم مصونة من أيّ استعمال في غير عبادتهم. وأن دعاويهم تفصل على أيدي قضاتهم المحكمين من قِبَل الحكّام الإسبانيين، وأنّهم يؤدون لملك قشتالة من الخراج مثل ما كانوا يدفعونه لملوكهم لا غير، وأنهم يعفون من دفع الخراج مدة ثلاث سنين، ليستجمعوا ويستردوا ما فقدوا من أموالهم بسبب الحرب والحصار" (7).
ثم أخذت المؤلفة النصرانيّة المسكينة تتململ في سائر ما بقي من صفحات كتابها، من أجل غدر الملك والملكة الإسبانيين ونقض عهودهما التي أعطياها العرب المسلمين، إذ لم تشعر الملكة الناسكة بوجوب معاملة العرب المسلمين بمقتضى الشرف، بل لم تشعر إلاّ بشيءٍ واحد، وهو أنّه يجب أن تؤسس: "مملكة نصرانية"، كاد الناس يتميّزون من الغيظ كيف يتولّى عليهم حاكم محمّدي كافر! أخذ من المسلمين أحد مساجدهم، وجعل كنيسة: "وكان ذلك نقضاً للعهود" كما قالت المؤلفة النصرانية، ونفى المسلمين وعوملوا بأقسى معاملة بربريّة.
ولم ينجح القسيسون في تنصير العرب المسلمين، مع أنّهم أحرقوا مصاحفهم وكتبهم كلّها علانية، وجُعل أمر المسلمين من الوجهة الدينية إلى رئيس أساقفة طليطلة "المقدس" زيمنس. وباختصار فقد نقض كلّ سطر من سطور المعاهدة، وغدر الإسبانيون وأهانوا عهودهم، فهاجر قسم عظيم من المسلمين تاركين وراءهم كل ما يملكونه، ورحلوا إلى إفريقيّة، ولكنّ القسم الأعظم بقوا هناك ينافقون بإظهار النصرانية، ومَن لم يقبل النفاق منهم صاروا عبيداً للنصارى الغادرين. ثم جاءت المحنة: "محاكم التفتيش" فحرم عليهم كلّ شيءٍ من أمور دينهم، حتى الاغتسال في حماماتهم، ونهبت مئات من بيوتهم وطردوا من البلاد التي مدّنوها وعمروها، ولم يبق منهم هناك إلاّ العجزة الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، فكانوا يسجدون للمسيح في الملأ، ويبصقون عليه في خلواتهم، لأن الكاثوليكيين لم يحسنوا معاملة المسلمين، ولم يكن لهم علم، فكانت أعمالهم وأقوالهم ناشئة عن الجهل المطبق، بعيدة عن التحقيق والعدل.
يقول ستانلي لين بول المؤرِّخ اليقظ، بينما كان زيمنس (8) رئيس محاكم المحنة في إسبانيا يصدر أوامره بمنع المسلمين من الاستحمام، واختيار صفة الوسخ التي يتصف بها مستعبدوهم (9)، كان نصف أهل أوروبة يرفضون دعاوى الفاتيكان، ويتخذونها سُخرياً، وكان العلماء يضعون العلم الحديث.
ذلك ما ذكره جوزف ماك جب في كتابه حضارة العرب في الأندلس، وما ذكره معروف التفصيل في المصادر العربية القديمة والحديثة، ولكنني آثرتُ أن أقتبس ما ذكره هذا المؤلِّف المسيحي وغيره من المؤلفين المسيحيين، لأنّهم مسيحيون يتحدّثون عن جرائم الإسبانيين المسيحيين في التخريب والتدمير واكتساح الحضارة والظلم والقتل والنهب والسلب والتنصير قسراً، خلافاً لما فعله العرب المسلمون بالإسبانيين النصارى أيام الفتح الإسلامي للأندلس، فما أكرهوا أحداً على اعتناق الإسلام، ولا ظلموا أحداً ولا خانوا عهداً، وتركوا أهل إسبانيا النصارى يمارسون عبادتهم بحرية في كنائسهم، وكان بإمكانهم في أيام الفتح ألاّ يتركوا إسبانياً واحداً يصر على التمسك بالمسيحيّة، ولكنهم لم يفعلوا، إذ: ((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ)) (10).
وهذا هو الفرق العظيم بين المسلمين إذا حكموا وقدروا، وبين غيرهم إذا حكم وَقَدَر، كأنّ الشاعر حَيْصَ بَيْص أرادهم بقوله:
حَكَمْنَا فكانَ العفوُ مِنّا سَجِيّةً... فلما حكمتم بالدم أبطحُ
فحسبكُم هذا التفاوت بينَنا... وكلّ إناء بالذي فيه يَنضح
وليس من الممكن اتِّهام الأمريكي جوزف ماك جب بالافتراء على بني جنسه ودينه والانحياز للعرب المسلمين، لذلك آثرت اقتباس أقواله في هذه الدراسة.
وحريّ بي أن أنقل تلك العبارة الموجزة القويّة، التي يُجمل فيها الدكتور (لي)، وهو من أحدث الباحثين في هذا الموضوع، مأساة العرب المتنصرين، إذ يقول في مقدمة كتابه: "إنّ تاريخ الموريسكيين (11) لا يتضمّن فقط مأساة تثير
أبلغ عطف، ولكنه أيضاً خلاصة لجميع الأخطاء والأهواء التي اتّحدت لتنحدر بإسبانيا في خلال قرن، من عظمتها أيام شارل الخامس، إلى ذلّتها في عهد كارلوس الثاني" (12).
ويعلّق الناقد الغربيّ الحديث على موقف الإسبانيين من العرب المسلمين بقوله: "ولو نفِّذت هذه العهود (العهود التي قطعت لمسلمي غرناطة) بولاء، لتغيّر مستقبل إسبانيا كلّ التغيير، ولجمع الامتزاج الرفيق بين الأجناس، ولغاض الإسلام مع الزمن (13)، ولتفوّقت المملكة الإسبانية في فنون السلم والحرب، وتوطّدت قوّتها ورخاؤها. ولكنّ ذلك كان غريباً على روح العصر الذي انقضى، وأفضى التعصب والجشع إلى المطاردة والظلم، وأنزلت الكبرياء القشتالية بالمغلوبين ذلّة مروّعة، فاتّسعت الهوّة بين الأجناس على كرّ الزمن، حتى استعصى الموقف، وأدّى إلى علاجٍ كان من جرائه أن تحطّم رخاء إسبانيا" (14).
وعلى نفسها جنت براقش، فقد كانت الأندلس بالمسلمين أستاذة الدول الأوروبية علماً وحضارةً وفكراً، وصناعة وزراعة وثراء، فأصبحت إسبانيا بدونهم في الدرك الأسفل من دول أوروبا علماً وحضارةً وفكراً، وصناعة وزراعة وثراء، وكانت الأندلس أقوى دولة أوروبية بالمسلمين، فأصبحت من بعدهم أضعف دولة أوروبية على الإطلاق، وقد خُيِّل للذين طردوا المسلمين وشردوهم وفتكوا بهم في الأندلس أنّهم أحرزوا على الإسلام نصراً حاسماً، ولكنّهم تيقّنوا بعد أن سبق السيف العَذَل، أنهم أحرزوا على أنفسهم لا على الإسلام نصراً حاسماً، وأنّهم خرّبوا بلادهم بأيديهم جهلاً وتعصباً وغروراً.
والدرس الذي ينبغي أن نتعلّمه من مأساة الفردوس المفقود، أنّ المسلمين انتصروا بعقيدتهم الراسخة ووحدتهم الصلبة؛ فلمّا تهاونوا بعقيدتهم، وتفرقوا شيعاً، خسروا بلادهم وخسروا أنفسهم وذلّوا.
ذلك ما ينبغي أن نتعلّمه من مأساة الفردوس المفقود، ولا ينبغي أنْ ننساه أبداً.
_______________
(1) نسبة إلى (البجنس Albigens) ، وكانوا خوارج على الدين المسيحي ومبتدعين فيه في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وكانت عقيدتهم مشبعة بالزهد والتقوى، ولكنهم كانوا يخالفون القسيسين، وينقمون عليهم ما كانوا يرتكبونه من الفساد، فاتّحد القسِّيسون وفي مقدمتهم البابا، وعذّبوهم أشدّ العذاب، وكانت غاية هؤلاء القسيسين الاستيلاء على الماديات من متاع الحياة الدنيا لا غير، ونصبوا مجازر ذبحوا فيها خلقاً كثيراً وقتلوهم تقتيلاً فظيعاً. وكان الألبجينيون قد أخذوا بشيءٍ من المدنية، ولكن المذهب الكاثوليكي وقف عقبة كئوداً في طريقهم، وكان البابا أنسنت الثالث المغرور، قد أعلن الحرب الدينية عليهم، فظهرت حينئذٍ صفحة من أفجع صفحات التاريخ، وأبرزت العصبية نفسها في أفظع صورة وأحلكها، وقتلوا آلافاً من أولئك المساكين. ومن المعلوم أنّ الألبجينيين دافعوا عن أنفسهم دفاع المستميت، ومع أنّ الكنيسة حشدت جميع قواها عليهم، فقد خسرت كثيراً من العَدَد والعُدَد، حتى كسرت شوكتهم وأحرقت منهم مائتين في يوم واحد، وأصبح تاريخهم أحلك صفحة في العصور المظلمة.
(جوزف ماك جب في كتابه: حضارة العرب في الأندلس ص: 64).
(2) يعني أنّه بمجرد حمل الصليب والتوجّه لغزو المخالفين، يحلّ للغازي كلّ شيء يريده فيمن يغزوهم، والصليب يشفع له وينقذه من آثامه وظلمه.
(جوزيف ماك جب في كتابه: حضارة العرب في الأندلس ص: 65).
(3) ويناسب هذا المقام، ما ورد في كتاب: (ماذر أمريكا = أمريكا الأم) للدكتور بوز الهندي، فيما نقله عن القسيس الأمريكي: (كيلكي Gilkey) من أكابر علماء أمريكا، وهذا معناه: "هل نحن الأمريكيين نصارى حقيقة، أم الشرقيون هم النّصارى حقاً؟ نرى أنّ الشرقيين يؤمنون بالمسيح ويتبعون أوامره، ويستنكفون عن اتباع مذاهب الغربيين، فيجب علينا معاشر الأمريكيين إما أن نثبت إدعاءاتنا، وإما نتركها نهائياً، لأننا نرى في الشرق أنّ الأجنبي يعامل بكل لطف واحترام، ويبذلون كلّ جهد في إسعافه بما يحتاج إليه. وكم منا يعامل الشرقيين كما ينبغي أن يعامل به البشر".
(جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس ص: 66).
(4) تعرف عند العامة بالموانئ.
(5) فرديناند الخامس ( Ferdinand) ملك قشتالة وليون (1452 - 1516 م) تزوج بابنة عمه ايزابيلا سنة 1459 م، وكانت ابنة الملك هنري الرابع، وإنما تزوج بها ليتخذ ذلك وسيلة إلى نيل الملك بلا مشقة. ولما مات الملك المذكور اجتهد فرديناند أن ينادي بنفسه ملكاً، ولكن ايزابيلا كانت داهية مكارة، فرأى فرديناند أنّه لا يتمكّن من إخضاعها، فاتفق معها على أن يتشاركا في الحكم، وكانت أخلاقه سيئة، يدل على ذلك أعماله الرذيلة التي ملأ بها حياته، وكان يفخر أنّه خدع لويس الثاني عثر ملك فرنسة اثنتي عشر مرة. كما نقض عهده الذي أعطاه إلى كريستوف كولومبوس. ومن المحقق أنّه كان كلما عقد معاهدة مع أي شخص كان يترك فيها ألفاظاً يمكنه أن يتّخذها وسيلة لنقض العهد. وكان يضطهد العلماء الذين لا يوافقونه، ويغتالهم، (أنظر جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس ص: 68).
(6) إيزابيلا ( Isabella) 1415-1504) ملكة قشتالة، استولت على الملك سنة 1474 م، داهية مكّارة متعصبة، بذلت جهدها في تجديد المحنة. وتعذيب المسلمين، وارتكبت خطايا كثيرة باسم الدين. وأما أحوالها الخاصة فلا تغبط عليها، لأنها كانت تفخر بأنها لم تغتسل في حياتها إلاّ مرتين: يوم ولادتها سنة 1415 م، وليلة عرسها سنة 1459 م، وغُسِّلت حين ماتت سنة 1504 م، فتمت لها الغسلة الثالثة، والحقيقة أنها لم تغتسل بإرادتها إلاّ مرة واحدة، وهي في ليلة عرسها، لأنّ غسلها يوم ولادتها وغسلها يوم وفاتها ليس من عملها. أنظر جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس (69).
(7) أنظر التفاصيل في نفح الطيب (2/ 615 - 616) وأنظر النص الإسباني في: نهاية الأندلس (230 - 239).
(8) زيمنس ( Ximens) (1437 هـ-1517م) كان رئيس الأساقفة، وفي أوائل أيامه وقعت عداوة بينه وبين المطران الكبير في طليطلة، فحبس مدة من أجل مكايده، ثمّ تعيّن قسيساً خاصاً لسماع اعترافات إيزابيلا، وكان يتظاهر بالزهد والتقشف والورع الكاذب، ولما استولى فرديناند وإيزابيلا على غرناطة، دَعَواه ليكون في خدمتهما هناك، وهو الذي أشار عليهما بالكيد للمسلمين والغدر بهم، ولم يقتصر على إتلاف جميع النسخ التي ظفر بها من القرآن، بل كان يتلف كلّ ما وصلت إليه يده من الكتب العلمية والأدبية، وهو الذي أمر بنصب محاكم المحنة (التفتيثس) وتعذيب المسلمين تعذيباً كاد يحدث ثورة. وحينئذٍ ظهر بمظهره الحقيقي، فاخذ يعيش عيشة الملوك. حتى إنه لما مات فرديناند، قام زيمنس ونصب نفسه نائباً للملك شارل، لأنّه كان غائباً. وتمتع برئاسة الوزارة عشرين سنة، ثم عزل، فمات غماً من أجل عزله. وكان قاسي القلب، شديد الحقد لكل مَن يخالفه الرأي، ولو كان من أهل دينه. وكان رئيساً لمحاكم التفتيش، فقتل ألفين وخمسمائة شخص، وتحمّل إثم دمائهم في ذمته، ولا شك أنّ أعماله القاسية أحدثت ثورة، ولكنه قضى عليها بمكره. وكان لا يستنكف أن يكون قائداً للجيش بنفسه، متى اقتضت المصلحة ذلك، أنظر جوزف ماك جب - حضارة العرب في الأندلس ص: 73.
(9) نظافة البدن التي كان الأقدمون يعتنون بها كل الاعتناء، أُهملت كلّ الإهمال بعد انقراض دولة الروم، حتى أنّ أهل أوروبا لم يكونوا يغتسلون إلاّ في أحوال خاصة، وناهيك اْنّهم كانوا يفرضون الغسل على مَن يريد الدخول في جماعة (تايتس) وهم أمراء الحروب الصليبية، ولذلك كانوا يسمونهم: فرسان الحمّام. وكان الملوك والملكات يقتدون برعاياهم في عدم النّظافة، حتى أنّ الملك العظيم لويس الرابع عشر لم يغتسل قط، بل كان يكتفي بالإدِّهان بالعطور، ولم تكن توجد حمّامات في قصور الأمراء والأغنياء، إلاّ في القرن التاسع عشر الميلادي، أنظر جوزف ماك جب حضارة العرب في الأندلس ص: 73.
(10) سورة البقرة - الآية: 256.
(11) الموريسكيون Morisques: هم النصارى الذين تدينوا بدين الإسلام عن رضى وطيب خاطر، بعد دخول المسلمين إلى الأندلس، فلمّا تغلّب المسيحيون على المسلمين وأرادوا إعادتهم إلى ملّتهم الأولى، فضّلوا الهجرة إلى بلاد الإسلام في المشرق والمغرب. أمّا كلمة: (مستعرب Mozarabe) ، فكانت تطلق على المسيحيين الذين كانوا يعيشون تحت سلطة المسلمين، وكانوا مع ذلك يستعملون اللّغة العربية في جميع شئونهم العادية. أمّا كلمة: (مُدَجَى Mudejar) فتطلق على المسلمين الذين كانوا يعيشون تحت نفوذ المسيحيين، أنظر مقال: مع المورسكيين في بلاد الغربة - محمد محي الدين المشرقي، العدد 249 من مجلة دعوة الحق المغربية. ص:31 - 1405 هـ.
(12) نهاية الأندلس (4) محمد عبد الله عنان - طّ - 1378 هـ - القاهرة.
(13) Dr. Lea: The Moriscos, p. 22
(14) في ذلك نظر، ولا أتفق مع رأي المؤلف في هذا.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|