x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : التاريخ الاسلامي : الدولة الاموية : الدولة الاموية في الاندلس : احوال الاندلس في الدولة الاموية :

احوال العرب في اسبانيا بعد الفتح

المؤلف:  د خليل إبراهيم السامرائي - د عبد الواحد ذنون طه - د ناطق صالح مصلوب

المصدر:  تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس

الجزء والصفحة:  ص313-321

22-11-2016

658

بدأ العرب عملية فتح الأندلس في عام 92 هـ، واستكمل فتحها عام 95 هـ وبدأ العصر الإسلامي الأول فيها، والذي يعرف باسم عصر الولاة (95 - 138 هـ). شهد هذا العصر كثيراً من الحملات العسكرية التي سارت إلى الشمال لإخضاع المتمردين الإسبان، أو العبور وراء جبال البرتات لوضع حد لهجوم الفرنجة، أو فتح أراضٍ جديدة وراء هذه الجبال.

وتميز هذا العصر بعدم الاستقرار السياسي بسبب المنازعات القبلية الكثيرة فيه، والذي أدى إلى تعاقب أربعة وعشرين والياً لحكم هذه الولاية (1)، فأدى هذا الأمر إلى عدم استقرار المجتمع الأندلسي في هذا العصر، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أكثر الداخلين إلى الأندلس في هذه الفترة كانوا جنوداً وحكاماً، اهتموا بالأمور السياسية والعسكرية بالدرجة الأولى.

ومع ذلك فقد عرفت الأندلس في عصر الولاة نوعاً من الثقافة، كانت اللبنة الأولى لبناء صرح حضارة العرب فيها. فقد دخل الأندلس في فترة الولاة مجموعة من الصحابة والتابعين، رافقوا عمليات الفتح أو بعدها (2)، وكان واجبهم الأول بعد الجهاد تفقيه الناس بأمور الدين، وتخطيط المساجد في أمهات المدن الأندلسية المفتوحة، والتركيز على علوم الدين واللغة أولاً (3). ويبدو لنا أن أماكن التعليم في هذا العصر كانت لا تتجاوز حلقات المساجد أولاً، والكتاتيب التي ورد لها ذكر في أواخر عصر الولاة ثانياً (4).

وفي هذا العصر ظهرت البوادر الأولى للأدب العربي المتمثل في الشعر والنثر والخطابة، فهناك أبيات من الشعر نُسبت إلى فاتح الأندلس الأول طارق بن زياد منها:

ركبنا سفيناً بالمجاز مقيَّرا ... عسى أن يكون الله منّا قد اشترى (5)

ونسب إليه الخطبة المشهورة: "أيها الناس، أين المفر... "، فلو صحت نسبة هذين النصين إلى طارق بن زياد، لقررنا أن هذين النصين كانا أول أدب عربي ظهر في الأندلس خلال عصر الولاة، إلا أن الشك يدور حول نسبة هذين النصين إلى طارق بن زياد، وقد قدم بعض الباحثين دراساتهم في هذا المجال (6).

إلا أن بعض المصادر حفظت لنا بعض الشعراء في عصر الولاة ونماذج من شعرهم، ويأتي في طليعتهم: أبو الأجرب جعونة بن الصمة الذي هجا الصميل بن حاتم زعيم القبائل القيسية ومن ثم مدحه بعد ذلك، وكذلك بكر الكنائي، وقد سأل أبو نواس عباس بن ناصح عندما التقى به في العراق عن هذين الشاعرين وعن نماذج من شعرهما.

ومن شعر جعونة:

ولقد أراني من هواي بمنزل ... عال ورأسي ذو غدائر أفرعُ

والعيش أغيــــد ساقط أفنانه ... والمــــاء أطيبه لنـــا والمرتع (7)

ومن شعراء هذا العصر أيضاً، الوالي أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي 125

- 128 هـ/ 743 - 746 م، والذي كان يلقب بعنترة الأندلس (8)، ومن شعره:

فليت ابن جواس يخبر أنني ... سعيت به سَعْيَ امرئ غير عاقلِ

قتلتُ به تسعين تحسب أنهم... جذوع نخيل صُرِّعت في المسايل

ولو كانت الموتى تباع اشتريته ... بكفي وما استثنيت منها أناملي (9)

هذه النماذج البسيطة من الشعر قالها شعراء مشارقة وفدوا إلى الأندلس، فهولا يتناول المدح والهجاء والفخر والحماسة على غرار شعر المشرق، ولا أثر للأندلس على هذه النماذج التي قيلت، سوى أنها قُرئت في أرض الأندلس ليس إلا.

وبجانب الخطبة المنسوبة إلى طارق بن زياد، فإن ظروف العصر تتطلب الخطب الحماسية أولاً في مجال الحروب الجهادية أو في مجال الحروب القبلية، كما أن دعاة الإسلام في الأندلس يتطلب الأمر منهم إلقاء الخطب الدينية في أيام الجمعة أو أوقات الدعوة ثانياً (10).

والكتابة كانت ضرورية تقتضيها ظروف الفتح وإدارة البلاد، وإعطاء المواثيق وكتابة المعاهدات. ومن أشهر كتابات هذا العصر عهد موسى بن نصير إلى تُدمير، وعهد بنبلونة، ورسالة يوسف الفهري آخر ولاة الأندلس إلى عبد الرحمن الداخل (11). ومن أشهر كتاب هذا العصر خالد بن يزيد كاتب يوسف الفهري، وكذلك أمية بن زيد الذي دخلَ الأندلس مع جنود بلج بن بشر، واتصل بخالد بن يزيد فجعله كاتباً معه (12).

وكانت الخصائص الفنية لهذا النثر هي خصائص النثر المشرقي نفسه الذي كان معروفاً في عصر بني أمية، فهو يميل إلى الإيجاز، ويعنى بقوة العبارة أكثر من عنايته بتجميلها، ثم خلوه من المقدمات الطويلة (13).

وفي الوقت نفسه لم يتوفر لفاتحي الأندلس التأثر بالثقافة القوطية المحلية، نظراً لضعف هذه الثقافة، وضيق أفقها، واقتصارها على المجال الديني بصورة خاصة. إضافة إلى أن ظروف الأندلس السياسية في عصر الولاة، أوجدت فيها جواً لا يلائم أي تقدم في مضمار الثقافة، لانهماك الناس بالمنازعات الكثيرة التي سيطرت على مسرح الأحداث، لذا اقتصر اقتباس الأندلسيين من الثقافة في هذا العصر على ما هو ضروري من المشرق العربى، لتمشيه أمور الحياة وفق أحكام الدين الإسلامي. أما في مجال العلوم الصرفة، فكان أهل الأندلس منذ الفتح حتى بداية عصر الإمارة يعتمدون في الطب على كتاب مترجم من كتب المسيحيين يقال له الإبرشيم (المجموع - الجامع) (14).

من المعروف أن الحضارة الأندلسية لم تنشأ فجأة، بل مرت في أدوار مختلفة، وخضعت لمؤثرات حضارية مشرقية تربطها بالوطن الأم باعتبارها جزءاً منه، كما خضعت أيضاً لمؤثرات حضارية محلية بحكم البيئة التي نشأت فيها (15).

ففي عصر الولاة كانت الأندلس تابعة للسيادة الأموية سواء في بلاد الشام أم في قرطبة، ولهذا كان من الطبيعي أن تتأثر بالمظاهر الحضارية الشامية جميعاً، وهو ما يسمى بالتقليد الشامي:

فمن الناحية الدينية، اعتنق الأندلسيون في هذه الفترة مذهب الإمام الأوزاعي (عبد الرحمن بن يحمد الأوزاعي 88 - 157 هـ) (16)، الذي كان من المجاهدين الذين رابطوا في مدينة بيروت لصد غارات العدو البيزنطي البحرية، ولهذا اهتم مذهبه بالتشريعات الحربية وأحكام الجهاد، وهذا الاهتمام كان يناسب وضع الأندلسيين في هذه الفترة من حياتهم القائمة على حروب الجهاد، ولهذا اعتنقوا هذا المذهب.

وتختلف الروايات حول العالم الأول الذي نقل مذهب الأوزاعي إلى الأندلس فترجح بين القاضي الغرناطي أسد بن عبد الرحمن (توفى عام 150 هـ) وصعصعة بن سلام الشامي الأندلسي (توفى عام 192 هـ أو 202 هـ) (17) أما الحياة الأدبية في الأندلس في هذا العصر فقد كانت صدى لحياة الشام الأدبية، فالشعر الذي قاله أشهر شعراء هذه الفترة - كان يحاكي شعر الفرزدق والأخطل وجرير بالمشرق (18).

وإذا أخذنا بالتقسيم السياسي لعصر الإمارة 138 - 316 هـ حسب منهج الدكتور أحمد بدر (19)، وهو على الترتيب الآتي:

1 - عصر التأسيس 138 - 172 هـ/ 756 - 788 م (عصر عبد الرحمن الداخل).

2 - عصر التوطيد 172 - 206 هـ/ 788 - 822 م (عصر هشام الأول 172 - 180 هـ، وعصر الحكم بن هشام 180 - 206 هـ).

3 - عصر الاستقرار والازدهار 206 - 273 هـ/ 822 - 886 م وهو عصر عبد الرحمن الأوسط 206 - 238 هـ وعصر ابنه الأمير محمد 238 - 273 هـ.

4 - عصر الحرب الأهلية، 273 - 300 هـ/ 886 - 912 م، وهو عصر الأمير المنذر بن محمد 273 - 275 هـ وعصر الأمير عبد الله بن محمد 275 - 300 هـ، نرى أن الملامح الشامية للحضارة العربية دخلت الأندلس في عصر الولاة وعصر التأسيس من عصر الإمارة، وأن الملامح الحجازية دخلت في عصر التوطيد من عصر الإمارة، كما أن الملامح العراقية دخلت في عصر الاستقرار والازدهار من عصر الإمارة وما تلاه من عصور (20).

أما التأثير الحجازي، فبدأ في عصر التوطيد، ولعل السبب الذي أدى إلى ضعف التأثير الشامي على الأندلس هو أن سليمان وعبد الله من أولاد الداخل قد تمردوا على أخيهم الأمير هشام، وكان وراءهما الحزب الشامي في الأندلس، فلما انتصر الأمير هشام على إخوانه، هربوا إلى شمالي أفريقية، وضعف الحزب الشامي بالأندلس، فنتج عن ذلك ضعف شأن التأثير الشامي الذي سيطر على الأندلس، وبذلك نجد الأندلسيين، وبخاصة أميرهم، يبحثون عن آفاق حضارية جديدة غير الشامية، فاهتدوا إلى الملامح الحجازية.

وكان الحجاز في القرن الثاني للهجرة مركزاً حضارياً هاماً للفنون والموسيقى، والعلوم الدينية، ففي مجال الفنون، ظهرت الممارسات الموسيقية الأولى في الحجاز وهي عبارة عن الموسيقى العربية الأصلية الممزوجة بالمؤثرات الفارسية والبيزنطية نتيجة حركة الفتوحات العربية، وكان هناك تنافس بين مكة والمدينة في هذا المجال. وسرعان ما انتقل هذا الفن إلى الأندلس عن طريق الجواري والمغنين الذين رحلوا إلى الأندلس ونقلوا معهم هذه المظاهر الحضارية. وفي المقدمة تأتي المغنية (عجفاء) التي أثارت إعجاب الأندلسيين في عهد الأمير هشام، ويأتي بعدها الثنائي الغنائي الحجازي (علون وزقون) في عهد الأمير الحكم (21).

أما في مجال العلوم الدينية، فقد كانت المدينة المنورة مركز العلوم الدينية، وقد توج نضوج هذه العلوم وجود الإمام مالك بن أنس فيها (توفي عام 179 هـ) صاحب كتاب الموطأ الذي يعني (السهل الواضح)، وقد ذاعت شهرة الإمام مالك في العالم الإسلامي، فأقبل الأندلسيون على اعتناق مذهبه في عهد الأمير هشام. وشاع هذا المذهب في الأندلس بعد أن استهوى الأمير هشام ومن حوله من الفقهاء ورواد الحديث، تاركين مذهب الأوزاعي. والروايات تعزو هذا التحول إلى الإعجاب المتبادل بين مالك والأمير هشام، هذا الإعجاب الذي جسده الفقهاء الأندلسيون تلاميذ مالك، دون أن يرى أحدهم الآخر (22). بالإضافة إلى التعاطف بين الأمير هشام ومالك الناجم عن عداوة الاثنين للعباسيين، إذ ساند الإمام مالك ثورة محمد ذي النفس الزكية في المدينة عام 145 هـ ضد الخليفة العباسي المنصور، وقد أفتى مالك بجواز تحلل المسلمين من بيعة المنصور، ولذا لقي عناء كبير من العباسيين (23).

كذلك لا يُنسى دور علماء الأندلس الذين رحلوا إلى الحجاز ودرسوا على يد الإمام مالك، فنقلوا مذهبه إلى الأندلس، وفي مقدمتهم أبو عبد الله زياد بن عبد الرحمن اللخمي (توفي عام 204 هـ أو قبلها) والملقب ب (شبطون) الذي أدخل مذهب مالك إلى الأندلس، وأخذه عنه يحيى بن يحيى الليثي (عاقل الأندلس) كما لقبه الإمام مالك.

وتذكر الروايات أن يحيى بن يحيى أخذ عن الإمام مالك بالذات وروى عنه الموطأ، وتعتبر روايته من أصح الروايات (24). ويليه عيسى بن دينار الفقيه المشهور، وعبد الملك بن حبيب السلمي الذي أخذ من طبقة أصحاب مالك وعاد إلى الأندلس ليدون كتاب الواضحة (25).

وتعلل الروايات أن الشبه الكبير بين طبيعة أهل المغرب والأندلس وطبيعة أهل الحجاز، من حيث البساطة، كان من أسباب انتشار المذهب المالكي في مغرب العالم الإسلامي. ولهذا إن عقلية أهل المغرب والأندلس كانت تغلب عليها نزعة أهل الحديث، وجانبوا نزعة أهل الرأي والقياس (مذهب أبي حنيفة) (26).

ولم يقف الأمر عند انتشار المذهب المالكي في الأندلس في هذه الفترة فقط، بل تعداه إلى انتشار قراءة أهل المدينة للقرآن - وبالذات قراءة نافع بن عبد الرحمن (توفي عام 169 هـ) (27) للقرآن (قارئ أهل المدينة) في الأندلس. وينسب إلى الغازي بن قيس إدخال هذه القراءة على عهد الأمير الداخل، وقد امتدح الإمام مالك هذه القراءة.

وكذلك قلدت الأندلس الحجاز في تنقيط القرآن وتشكيله (28). وحاول المذهب الحنفي طرق أبواب الأندلس، إلا أن ولاة الأمر فيها وبخاصة الأمير هشام أغلقوا الأبواب دون دخول هذا المذهب (29).

أما الأدب الأندلسي في فترة التأسيس والتوطيد، فسار على النهج التقليدي المشرقي من فخر وحماسة ومدح، إلا أنه أيضاً ظهرت بوادر أوليات الأدب الأندلسي، فهناك التجديد الموضوعي، وتزعمه الشاعر أبو المخشي عاصم بن زيد العبادي، الذي يتحدث في شعره عن محنته حين فقد بصره، فعبر عن هذه المحنة تعبيراً إيحائياً بسيطاً مؤثراً، وذلك حيث ذكر زوجته وخضوعها للأعداء بسبب فقدان عائلها لنور عينيه، وهذا ما يسمى بالتجويد الفني:

خضعت أم بناتي للعدا ... إذ قضى الله بأمر فمضى

ثم أخذ الشاعر يجسم محنة فقدان البصر، فيجعل من يصاب بها:

وإذا نال العمى ذا بصر ... كان حياً مثلُ ميت قد ثوى (30)

أما الأمير عبد الرحمن الداخل فكان شاعراً مقلداً، إلا أنه ركز على الجانب العاطفي عند وصفه للنخلة بشعره المعروف (31). ومن شعراء هذا العصر أيضاً الأمير الحكم بن هشام الذي وصف بالبلاغة والفصاحة وغلب على شعره الجانب الحماسي والعاطفي (32). أما الشاعر عباس بن ناصح الثقفي فكانت له رحلة مشرقية، وبعد رجوعه إلى الأندلس عينه الأمير الحكم على قضاء الجزيرة الخضراء مع شذونة، واشتهر شاعرنا هذا بالمدح والفخر وتناول أحياناً الزهد (33).

وحسانة بنت أبي الحسين التميمية، فهي أولى الشواعر الأندلسيات، وشعرها مزيج من الرثاء والشكوى والمدح وطلب العون، فهو شعر يتسم بالتجويد الفني والتركيز العاطفي (34).

واستمر النثر في هذه الفترة يسير على الأسلوب نفسه، الذي سار عليه في عصر الولاة، فمن نماذج النثر: خطب الأمراء يحثون بها أصحابهم وجنودهم على القتال، ووصايا الأمراء لأولادهم، ومن أشهر الكتاب في هذه الفترة فطيس بن عيسى، وخطاب بن زيد، اللذان كانا كاتبين للأمير هشام ثم لابنه الأمير الحكم، وكذلك حجاج العقيلي كاتب الحكم (35).

وإذا كان الشاعر عباس بن ناصح الثقفي ذا شهرةٍ أدبية، فشهرته العلمية تعادل شهرته السابقة، فقد كان بارعاً في الهندسة والفلك والفلسفة (36).

ونبغ في عهد الأمير الحكم أبو القاسم عباس بن فرناس، الذي برع منذ فتوته في الفلسفة والفلك والكيمياء، وهو أول من استنبط في الأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وضع آلة فلكية تعرف بالميقاتة لتعريف الوقت، وحاول الطيران كما هو مشهور (37). وعاصره أيضاً يحيى بن الحكم الغزال، وبالرغم من اشتهاره بالشعر، إلا أنه كان عالماً بالفلسفة والفلك، وله أرجوزة طويلة في أبواب العلم لم تصلنا (38)، واشتهر هذان العالمان في عصر الأمير عبد الرحمن بن الحكم، أي فترة الازدهار.

وفي فترة الاستقرار والازدهار من عصر الإمارة 206 - 273 هـ هبت رياح التأثير العراقي الذي ازدهر في هذه الفترة لعوامل كثيرة، على الأندلس، وفي الوقت نفسه توفرت في الأندلس عوامل جذب لهذه الحضارة، منها: رغبة الأمير عبد الرحمن الأوسط 207 - 238 هـ في ترك سياسة الإنعزال عن العراق التي سار عليها آباؤه، وأن يساير حركة الإزدهار الحضاري التي اشتهرت بها بغداد، ففتح أبواب الأندلس أمام التيارات العراقية. بالإضافة إلى بروز مظاهر الترف والرفاه في المجتمع الأندلسي بسبب الإزدهار الاقتصادي الأندلسي، مع الأخذ بنظر الاعتبار إقبال أهل الأندلس على الحياة الفكرية بسبب الاستقرار السياسي وما تبعه من نشاط اقتصادي (39).

_______

(1) هيكل، الأدب الأندلسي، ص 58 - الحجي، المرجع السابق، ص 207 وما بعدها.

(2) ينظر، المراكشي، المعجب، ص 19 - 10 - المقري، نفح الطيب، ج 2، س 51 وما بعدها

- هيكل، المرجع السابق، ص 60 - 61 - الحجي، المرجع السابق، ص 149 وبعدها.

(3) صاعد، طبقات الأمم، ص 62.

(4) كريم عجيل حسين، الحياة العلمية، ص 208، ص 223.

(5) المقري، نفح الطيب، ج، ص 124.

(6) الحجي، المرجع السابق، ص 57 وبعدها - هيكل، المرجع السابق، ص 69 وبعدها، السامرائي، "طارق بن زياد بين الخطبة وإحراق السفن" مجلة آفاق جامعية.

(7) ينظر، ابن سعيد، المغرب، ج 1، ص 131 - 132 - المقري، نفح الطيب، ج 2، ص 156 - الضبي، بغية الملتمس، ص 261 (رقم، 626).

(8) الضبي، بغية الملتمس، ص 276 - رقم (686)، الحميدي، جذوة المقتبس، ص 200 رقم (402) - مجهول، أخبار مجموعة، ص 56 - 60.

(9) الحميدي، المصدر السابق، ص 200 - 201 - ابن القوطية، تاريخ افتتاح الأندلس، ص 18 - 19.

(10) ينظر، ابن عذاري، البيان، ج 2، ص 34 - مؤلف مجهول، أخبار مجموعة، ص 61 - هيكل، المرجع السابق، ص 65.

(11) ينظر، الحميري، الروض المعطار، ص 62 - 63 - العذري، نصوص عن الأندلس، ص 4 – 5 السامرائي، الثغر الأعلى، ص 86.

(12) ابن عذاري، البيان المغرب، ج 2، ص 45 - 46.

(13) هيكل، المرجع السابق، ص 66 - 67.

(14) أحمد بدر، دراسات في تاريخ الأندلس، ج 1، ص 169 - 170 - سالم، قرطبة، ج 2، ص 207.

(15) العبادي، المرجع السابق، ص 316.

(16) ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 3، ص 127.

(17) ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، ج 1، ص 74 (رقم 239) - الذهبي، العبر في خبر من غبر، ج 1، ص 309.

(18) ينظر، ابن الأبار، الحلة السيراء، ج 1، ص 37 - 47 - السامرائي، "أثر العراق الحضاري على الأندلس"، ص 6.

(19) دراسات في تاريخ الأندلس، ج 1، ص 72 وما بعدها.

(20) السامرائي، "أثر العراق الحضاري"، ص 2.

(21) المقري، نفح، ج 3، ص 130 - سالم، قرطبة حاضرة الخلافة، ج 2، ص 86.

(22) إبراهيم بيضون، الدولة العربية في إسبانيا، ص 224 - بروفنسال، حضارة العرب في الأندلس. ص 43.

(23) المسعودي، مروج الذهب، ج 3، ص 340 - ابن الأثير، الكامل، ج 5، ص 532.

(24) ابن فرحون، الديباج المذهب، ج 2، ص 352 - عبد البديع، الإسلام في إسبانيا، ص 40.

(25) ابن الفرضي، المصدر السابق، ج 1، ص 260 - 271 (رقم 816) - ج 1، ص 203 (رقم 610)، ج 2، ص 180 (رقم 1556) - أحمد أمين، ظهر الإسلام، ج 3، ص 48 - 49 أحمد بدر، المرجع السابق، ج 1، ص 173.

(26) العبادي، المرجع السابق، ص 326 - 327 - أحمد أمين، المرجع السابق، ج 3، ص 29.

(27) عياض، ترتيب المدارك، ج 3 - 4، ص 348 - الزبيدي، طبقات النحويين، ص 254 – حازم غانم، الحياة العلمية، ص 168.

(28) ابن الفرضي، المصدر السابق، ج 1، ص 345 (رقم 1015) الحميدي، المصدر السابق، ص 324 (رقم 748) - ابن القوطية، تاريخ، ص 25.

(29) العبادي، المرجع السابق، ص 327 - 328.

(30) هيكل، المرجع السابق، ص 86 وبعدها.

(31) ابن عذاري، البيان، ج 2، ص 60 - المقري - نفح، ج 2، ص 76.

(32) ابن عذاري، البيان، ج 2، ص 79 - 80.

(33) المقري نفح، ج 1، ص 161 - هيكل، المرجع السابق، ص 105 - 106.

(34) أيضاً. ج 1، ص 488 - أيضاً، ص 107 وبعدها - سالم، قرطبة، ج 2، ص 170 - بالنثيا، تاريخ، ص 57.

(35) ابن عذاري، البيان، ج 2، ص 68 - هيكل، المرجع نفسه، ص 110 - 113.

(36) عنان، دولة الإسلام، ج 1، ص 252 - سالم، قرطبة، ج 2، ص 161.

(37) ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، ص 296 (رقم 881).

(38) محمد صالح البنداق، يحيى بن الحكم الغزال، ص 28.

(39) السامرائي، "أثر العراق الحضاري"، ص 9 وما بعدها - سالم، قرطبة، ج 2، ص 161.