انصراف الأئمة (عليهم السلام) عن الجانب السياسي وعدم سعيهم لإقامة الدولة والحكم |
1348
09:09 صباحاً
التاريخ: 17-11-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2016
1254
التاريخ: 17-11-2016
1440
التاريخ: 17-11-2016
1344
التاريخ: 16-11-2016
1120
|
الجواب :
ما استشكله البعض من انصراف الأئمة (عليهم السلام) عن الجانب السياسي وعدم سعيهم لإقامة الدولة والحكم فجوابه يتضح من خلال النقاط التالية :
آ ـ ان الأئمة (عليهم السلام) انصرفوا الى اعمال تعتبر أهم ملاكا من إقامة الحكم عند التزاحم وهى بيان أحكام الدين ومعارفه، أي تدبير الجهة العقلية والمعرفية عند الناس وهي مقدمة على تدبير الابدان، واضح أن نشر الدين وبيان الاحكام تعم منفعته جميع المسلمين في كافة الازمنة، بينما تدبير الحكم وإقامة الدولة يفيد الاجيال المعاصرة لتلك الحقبة فقط فإذا دار الأمر بين النفع والفائدة الاطول زمانا مع آخر ذي فائدة اقصر زمانا فالتقديم للأول.
ب ـ ان المجمتع الاسلامي قد توسع بشكل كبير في القرنين الاول والثاني وانفتح على حضارات مختلفة واختلط بأمم متعددة مما اثار جملة كبيرة من الاسئلة والاستفسارات والشبهات التي احتاجب الى اجوبة شافية دامغة لكل ما يمس الدين الحنيف، وقد عجزت الاذهان العادية التي تنهل من العلوم الكسبية عن الاجابة عليها واحتاجت الى من يكون له علم لدني يجيب عنها، خصوصاً ان الحركة المسيحية واليهودية لم تألوا جهداً على ضرب الإسلام فكرياً وعقائديا بعد أن عجزت عن الاطاحة به عسكرياً، فقامت ببث التشكيك في معارف القران والجبر والتفويض وتجسيم الله عز وجل ومعاجز النبي (صلى الله عليه وآله) و...
جـ ـ ان إقامة الحكم ورئاسة الامة وظيفة مشتركة بين القائد والأمة فاذا لم تتمثل الامة للواجب الملقى على عاقتها من رجوعها الى الامام المعصوم فإنه لا يجب على الامام اجبارهم على ذلك. وقد تخاذلت الامة عن القيام بواجبها فاتجه الامام الى الوظيفة الاخرى.
ـ ان الائمة لم يغفلوا الجانب السياسي البتة، وكانوا لا يفوّتون الفرصة من حين لآخر لإثبات أحقيتهم بالخلافة. فالإمام الكاظم (عليه السلام) عندما حج هارون الرشيد وزار المدينة وجعل الاخير يسلم على الرسول: السلام عليك يا بن العم. قال (عليه السلام) في السلام: السلام عليك ياجداه. للإشارة الى ان المشروعية اذا كانت بالاقربية فإنا اقرب اليه منكم. وغيره من مئات الوقائع التي رصدها التاريخ لهم (عليهم السلام) مع سلاطين بني أمية وبني العباس.
ـ ان الائمة (عليهم السلام) كانوا يمارسون نوعاً من الحكومة الخفية ويأمرون وينهون شيعتهم ومن هذه المواقف:
أ ـ نهي الكاظم (عليه السلام) لصفوان عن ايجار جماله ـ والتي كانت له أكبر مؤسسات النقل في العالم الاسلامي آنذاك ـ للدولة الحاكمة آنذاك.
ب ـ جباية الاموال في ذلك الزمان من الأمور المختصة بالدولة، ومع ذلك فانهم (عليهم السلام) كانت تجبى إليهم الأخماس والزكوات، واتفاق الفقهاء على أنه مع حضور الامام لا تبرأ ذمة شخص إلا بتسليمها للإمام (عليه السلام) . لما كان علي بن يقطين يدفع زكاته للإمام الكاظم (عليه السلام) مع كونه وزيراً للسلطان العباسي، حتى ان جواسيس بني العباس خاطب يوما هارون بما مضمونه هل للمسلمين خليفتان تجبى لكل منهما الاموال، وان الثاني هو موسى بن جعفر عليهما السلام، وان معه من شيعته عشرات آلاف السيوف تنصره. مما ينذر الخليفة العباسي بتنامي نفوذ الكاظم (عليه السلام) في المجتمع الإسلامي.
ب ـ نصب الوكلاء في المناطق المختلفة وهؤلاء يرجع اليهم الناس في كل من معرفة الأحكام وفي خصوماتهم القضائية وفي كل توابع ولواحق القضاء من انفاذ الاوقاف والوصايا وتقسيم المواريث وادارة اموال القصّر وأخذ القصاص أو الديات وغيرها.
وكان النصب على نحو نصب خاص ونصب عام ونجد أن فقهاء الشيعة يجعلون المناصب ثلاثة: الافتاء ـ القضاء ـ المرجعية، حيث يرون لكل منها شروطاً تختلف عن الاخر وقد تتداخل بعضها وهذا التفصيل استفيد من روايات الائمة (عليهم السلام) فعن تقرير يرفعه أحد عيون الجاسوسية للدولة العباسية ـ يرويه لنا الكشي في كتابه الرجالي ـ يصف الشيعة في الكوفة انهم على ثمان طوائف أحدها زرارية بن أعين والاخرى مسلمية اتباع محمد بن مسلم وهشامية اتباع هشام بن الحكم وبصيرية أتباع ابي بصير وهذا يذكر في الحقيقة تعداد الجماعات الشيعية التي ترجع الى فقهاء الرواة عن الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام) كما نجد أن الائمة قد أجازوا اقامة الحدود بما يتناسب مع هذه الحكومة الخفية كالأب على ابنه والزوج على زوجته والسيد على عبده.
جـ ـ الممانعة من الجهاد الابتدائي مع السلطة الاموية والعباسية كما في رواية زين العابدين (عليه السلام) في الرواية المعروفة عندما اعترض عليه أحد أقطاب العامة قائلا تركت الجهاد وخشونته ولزمت الحجج وليونته والله تعلى يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ... هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة: 111] فأجابه (عليه السلام) اكمل الآية فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112] فقال (عليه السلام) : إذا وجدت من هذه أوصافهم من المجاهدين فحينها لا ندع الجهاد والقتال"، وهو (عليه السلام) يشير الى أن الفتوحات التي تقوم الدولة بها حينذاك هدفها لم يكن نشر الاسلام بل جني الغنائم وتحصيل الجاه والاموال والجواري...
د ـ ما ورد في رواية ابن حمزة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من احللنا له شيئاً اصابه من أعمال الظالمين فهو له حلال وما حرمناه ذلك فهو له حرام.
وهذه ممارسات ولائية حكومية في تحليل ما يؤخذ من السلطة الجائرة التي كانت تقوم بجباية الاموال من خراج وزكاة ومقاسمة.
هـ ـ الاشراف على تولي المناصب في الدولة القائمة من قبل بعض الشيعة حتى يسهل ادارة امور الشيعة. كما في الامام الصادق (عليه السلام) مع داود الزربي والكاظم (عليه السلام) مع علي بن يقطين، والصادق (عليه السلام) مع النجاشي في توليه للأهواز والامام الرضا مع محمد بن اسماعيل بن بزيع.
و ـ الاذن لأصحابهم في التصدي للفتيا.
ز ـ تقنينهم لبعض التشريعات الولائية التي هي مقتضيات منصب الحاكمية وليست تشريعات ثابتة. فكما في احياء الموات والأمور الخاصة بها، والتفويض الخاص بالأراضي هو نوع من الممارسة الولائية وليس تشريعاً ثابتاً بدليل ما في بعض الروايات المشيرة الى أنه عند ظهور الحجة (عليه السلام) سوف يتغير هذا النظام في الاراضي.
حـ ـ اعفاؤهم شيعتهم من اعطاء الخمس في بعض الموارد وفي بعض السنين كما في رواية علي بن مهزيار عن الجواد (عليه السلام) . وما ورد عن الباقر (عليه السلام) في تقنين نظام التضمين وعدم ضمان الاجير.
ط ـ حث الشيعة على التمسك بالأحكام الخاصة بالمذهب من التولي والتبري، وعدم الولاء للسلطة الحاكمة وعدم مشروعيتها، من قبيل التقية، ومتعة الحج والنساء، واقامة الاحكام الفقهية الخاصة في الاعمال اليومية. وحث الامام الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) لأصحابه على اقامة الجمعة فيما بينهم.
وبنظرة استقرائية لأحد المجاميع الروائية القديمة أو لكتاب الوسائل مثلاً يجد الناظر مشجرة كاملة في الابواب الفقهية المروية لممارسات الأئمة (عليهم السلام) في المجال التنفيذي الولائي والقضائي فضلاً عن التشريعي، فرسم صورة كاملة عن انشطة الحكومة الشرعية في كل المجالات التي تقوم بدورها في الخفاء عن الظهور أمام السلطة الظاهرية آنذاك.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|