أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
1625
التاريخ: 17-9-2016
1584
التاريخ: 17-9-2016
1915
التاريخ: 2023-04-29
1194
|
في نفس الوقت الذي سقطت فيه أسرة بابل الأولى تقريبًا, أخذت جموع متتالية من رجال القبائل الجبلية الواقعة في شرق نهر دجلة تهبط إلى السهول لمهاجمة بلاد بابل، وقد استطاعت "بعد انسحاب الحيثيين" أن تكون دولة قوية عرفت باسم الدولة الكاشية "kassites" أو دولة بابل الثالثة ومع أن حكمها يعد أطول احتلال شهدته أي دولة قديمة؛ إذ استمر نحوًا من 430 سنة "1595-1162 ق. م." إلا أن معلوماتنا عنه قليلة نظرًا لضآلة الوثائق التاريخية عنه.
ويتميز عصر هذه الدولة بحدوث الكثير من الغزوات والقلاقل في منطقة الشرق الأدنى القديم، وقد كثرت السلطات المتنازعة على السيادة الدولية في أثنائه وكانت بعض القوى الجديدة تظهر ثم لا تلبث أن تختفي لتحل محلها قوى أخرى، وهكذا نجد دولة البحر في جنوب العراق والكاشيين في الوسط والأشوريون في الشمال والشمال الشرقي؛ وبينما كان الأشوريون يجاهدون في الانفصال عن الكاشيين نجدهم لا يلبثون أن يخضعوا للميتانيين. ومن جهة أخرى كان الميتانيون ينافسون الحيثيين الذين استطاعوا القضاء على دولة بابل الأولى والسيطرة على شمال العراق وسورية واتسعت إمبراطوريتهم تدريجيًا حتى اصطدموا بالمصريين في عهد الدولة الحديثة, التي كانت حينئذٍ تسيطر على أكثر مناطق العالم القديم المعروفة، أما عيلام فإنها لم تتمكن من أن تعيد قوتها مباشرة بعد أن قضى عليها حمورابي، وفي نهاية هذا العهد تعقدت العلاقات الدولية وتبادل الملوك الرسائل وقامت بينهم المعاهدات والمصاهرات الدولية.
وقد اختلف المؤرخون في أصل الكاشيين ولم يصلوا إلى رأي في هذا الصدد، وكل ما نعرفه عنهم هو أنهم جاءوا من منطقة في وسط جبال زاجروس كما أشرنا، وما أن احتلوا بابل حتى تأثروا بالحضارة البابلية ووحدوا بين آلهتها وبين آلهتهم، وقد حكم منهم في بابل 36 ملكًا كان أولهم الملك جنداش "Gendach".
وقد نجح الكاشيون في القضاء على مملكة البحر في جنوب العراق(1)؛ وبذلك ثبت نفوذهم في بابل، وتشير وثائق وخطابات تل العمارنة(2) إلى وجود علاقات ود وصداقة بين أمنحتب الثالث والملك الكاشي المعاصر له(3)، ولم يستمر عهد الكاشيين طويلًا بعد ذلك؛ لأن الأشوريون في الشمال أخذوا يحتكون بهم حينما أرادوا توسيع مملكتهم لأن دولة ميتاني ودولة الحيثيين كانتا تقفان لهم بالمرصاد من الغرب ومن الشمال، ولذا لم يكن أمامهم سوى الاتجاه في توسعهم إلى الجنوب؛ فهجموا على دولة بابل الكاشية وتمكنوا من ضمها إليهم؛ إلا أن الانتصار الأشوري لم يستمر طويلًا؛ لأن العيلاميين كانوا قد استعادوا قوتهم الخاصة في عهد ملكهم "شيلاق - أنشو شناق" الذي استطاع أن يخضع كثيرًا من الأقطار المجاورة لسلطانه(4)، وقد أخضع بابل وأنهى حكم الأسرة الكاشية ولكن ذلك لم يدم طويلًا, إذ انتقل الحكم فيها إلى أسرة قوية من أمراء أيسين تعرف باسم "الأسرة البابلية الرابعة" أو "أسرة أيسين الثانية" وبلغ من قوتها أنها كانت تتدخل في شئون أشور الداخلية، وفي نفس الوقت أخذت عيلام في التدهور فانتهز "نبوخذ نصر الأول" ملك بابل فرصة ضعفها وهاجمها بمساعدة أحد أمرائها وانتصر عليها؛ إلا أن هذا الانتصار لم يكن هزيمة حقيقية لعيلام ولم يحقق نتائج بعيدة المدى.
وما لبثت الأوضاع أن تغيرت بعد ذلك لظهور قوة أشور؛ فكان على خلفاء نبوخذ نصر أن يكافحوا لا من أجل المحافظة على الأراضي الأجنبية التي امتلكوها فحسب, بل ومن أجل حماية أنفسهم أيضًا، ومع كل فقد انتصر الملك الأشوري "أشوردان" على بابل وجعل على عرشها أحد الآراميين(5)، ولم تنعم بلاد النهرين عامة وبابل بصفة خاصة بالهدوء والاستقرار بعد ذلك؛ إذ عمت الفوضى والحروب في أرجائها فترة طويلة؛ ففي بابل حكم سبعة ملوك كونوا بها ثلاث أسرات: أسس الأولى منها "أسرة بابل الخامسة" أحد الكاشيين من مواليد مملكة أرض البحر, وأسس الثانية "السادسة البابلية" آرامي، أما الثالثة "السابعة البابلية"؛ فقد أسسها عيلامي, وما أن تولت العرش أسرتها الثامنة إلا وانحدرت إلى الهاوية وجرد الآراميون عاصمتها من كل نفوذ خارج حدودها, حتى إنها لم تتمكن من إقامة الاحتفالات الدينية التي كانت تنتقل فيها تماثيل الآلهة بين العاصمة وأمهات المدن البابلية في بداية كل عام وأصبح ملوكها مجرد أسماء في قائمة، ومن المحتمل أن بعض القبائل الآرامية استقرت بين حوض نهر دجلة الأدنى وحدود عيلام, وكان من بين هؤلاء الكلدانيون الذين تمكنوا من الإغارة على سومر, ثم قدر لهم أن يبعثوا النهضة إلى بابل من جديد بعد نحو 300 سنة. ويمكن اعتبار سقوط الأسرة الكاشية الحاكمة في بابل نقطة مهمة في تاريخ بلاد النهرين؛ ولكن أهميتها لا تقاس بالنسبة لما جرى من أحداث في الشرق الأدنى خلال القرن الثاني عشر ق. م.؛ فقد اختفت مملكة الحيثيين في آسيا الصغرى وتضعضعت قوة مصر وأصبحت فريسة للانقسامات الداخلية, واستقر الفلسطينيون في كنعان؛ بينما كان موسى يقود شعبه إلى الأرض الموعودة, والرحل الآراميون يهددون الأمراء السوريين وملوك أشور, وفي الغرب البعيد كان اليونان الدوريون يغيرون على شبه الجزيرة الهيلينية، وهكذا تحرك الهندو أوروبيين ثانية إلى غربي آسيا؛ حيث نشروا استعمال الحديد وبدءوا صفحة جديدة في تاريخ الإنسانية وأحدثوا سلسلة من الحركات الجنسية والسياسية كان لها أثرها السريع في تغيير معالم الشرق الأدنى.
__________
(1) انظر أعلاه 368 وما بعدها.
(2) عاصمة إخناتون, انظر ص178.
(3) الملك "كادشمان خاربي" على الأرجح.
(4) Ghirshman, Iran, "Pelican A 239". Pp, 66-67.
(5) ثالث خلفاء نبوخذ نصر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|