المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6680 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
التركيب الاقتصادي لسكان الوطن العربي
2024-11-05
الامطار في الوطن العربي
2024-11-05
ماشية اللحم في استراليا
2024-11-05
اقليم حشائش السافانا
2024-11-05
اقليم الغابات المعتدلة الدافئة
2024-11-05
ماشية اللحم في كازاخستان (النوع كازاك ذو الرأس البيضاء)
2024-11-05

الحسين بن عمر بن يزيد
29-8-2016
التخصيص
10-9-2016
مدينة اوغاريت وبابل
20-6-2019
‏تصنيع مركبات البروم
10-10-2016
الخصائص العامة لكوكب بلوتو
20-11-2016
المحيط المفعم بالطمأنينة
27-6-2016


السومريون  
  
2462   06:50 مساءاً   التاريخ: 11-9-2016
المؤلف : عادل هاشم علي
الكتاب أو المصدر : البنية الاجتماعية في العراق القديم
الجزء والصفحة : ص15-28
القسم : التاريخ / اقوام وادي الرافدين / السومريون /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-9-2016 2455
التاريخ: 17-12-2020 3658
التاريخ: 12-9-2016 2823
التاريخ: 12-9-2016 2890

عند الحديث عن حضارة بلاد الرافدين من قريب أو من بعيد ، لا بد من الإشارة إلى أهم الأقوام التي صنعت هذه الحضارة ، وبالتالي فان السومريين يحتلون مركز الصدارة بالنسبة للأقوام التي سكنت العراق القديم ، فضلاً عن الأقوام المختلفة الأخرى .

يرجع الفضل في ظهور اسم السومريين في كتب التاريخ الى العلماء المختصين باللغات القديمة.

اصل التسمية:

تم العثور على لغة مسمارية جديدة تختلف عن اللغة الأكدية ، اعتقدوا بأنها لغة خاصة بالكهنة تستعمل في الطقوس الدينية (1) ؛ كما هو الحال بالنسبة الى انواع الخطوط في الحضارة المصرية . إلا أن بعد فحص وتدقيق قام به الاستاذ يوليس اورت 1869 تم تحديد تسمية هذه اللغة وأصحابها السومريين وربطها مع لغات معاصــــرة مثل التركيــــــة والفنلندية والهنغاريــــــة لوجــــود صفة الإلصــــــاق ( Agglutinative) في تلك اللغات(2).

عاش السومريون في الجزء الجنوبي من السهل الرسوبي لبلاد الرافدين وقد جاءت تسميتهم من اسم بلاد سومر ، وهي المنطقة التي سكنوها وقد أطلقوا عليها اسم ( كي إن كي KI-EN-GI) التي تعني حرفيا ارض سيد القصب(3). وهناك من يرى ان مصطلح KI-EN-GI يرجع الى اسم قديم من أسماء مدينة نفر والتي تعد من اهم المدن السومرية كونها مركز العبادة واحتوائها على معبد الاله ( انليل ) ؛ في حين يذهب آخر الى ان المصطلح هو مقطع مركب يتألف من الكلمات (ki = بلد ) و( انكي = الإله انكي اله مدينة اريدو ) ليصبح المعنى كاملا ارض أو بلد الإله انكي(4).

في حين اسموها الأكديون مات شوميريم ( mat sumerim) والتي تقابلها بالسومرية كلمة  KA-LAM)) التي تعني بلاد السومريين(5). في حين اطلق التوراة على تلك المنطقة اسم (سهل شنعار )(6).

اصول السومرييون:

لقد ظهرت دراسات عدة حول اصل السومريين ، منها ما يستند الى اللغة واخر الى الآثار الفخارية او الهياكل العظمية على ان الاخير لم يوصل الباحثين الى أي نتيجة كون أن السلالات البشرية المعروفة ( المعاصرة ) لا تمت بالجنس السومري بأي صلة مباشرة(7).

واذا ما تركنا الآراء الضعيفة التي حاولت مناقشة اصل السومريين فأننا نجد هناك عدة اراء ترجع اصل السومريين الى اماكن ومناطق مختلفة هاجروا منها باتجاه الجزء الجنوبي من بلاد الرافدين معتمدين على ادلة منها مادية واخرى كتابية .

إن اصل السومريين ومسألة توقيت استيطانه في الجزء الجنوبي للسهل الرسوبي في بلاد الرافدين ، هي قضية معقدة تعارضت فيها الآراء واختلف الباحثين حول إمكانية وجود رأي ثابت مما جعل بعض الباحثين يطلقون على هذه المسالة التاريخية ( المشكلة السومرية ) ، ويمكن تلخيص هذه المشكلة ببعض الاسئلة منها : من أين جاء السومريين ؟ ومتى ؟ أم هم السكان الاصليين في المنطقة ؟ هذه الاسئلة اصبحت موضع نقاش بين الباحثين ، فعلى الرغم من الاكتشافات الاثرية الحديثة ، الا ان الاسئلة باقية دون اجابة حاسمة تحظى بقبول الجميع ، وكل ما تم طرحه في هذا المجال جملة افتراضات متباينة غالى البعض منهم في طرح أفكاره حول هذا الموضوع ؛ ويمكن تلخيص هذه الآراء من خلال استعراض المهم والبارز فيها وهي كالآتي :

* هناك من لاحظ ان السومريين يستعملون في لغتهم لفظة ( كـــُر kur) بمعنى جبل او بلاد ؛ والجبل من المظاهر الطبيعية غير المتوفرة في بيئة السومريين في جنوب بلاد الرافدين ، مضافاً الى ذلك ظهور المصطبة ( الزقورة ) التي صارت المعابد تبنى فوقها كشكل يوحي الى الحياة الجبلية(8) ؛ كما لاحظ بعض الباحثين ان السومريين اهتموا برسم الاشكال الجبلية العالية والحيوانات الجبلية على الاختام الاسطوانية ، كما نعتت بعض الإلهة نعوت حيوانات جبلية مثل وعل الابسو الذي كان يطلق على الالة( انكي = أيا) . وكل هذه الملاحظات باجتماعها دفعت البعض الى القول بان السومريين نزحوا من مناطق جبلية الى السهل الرسوبي في العراق وصولا الى سواحل الخليج العربي(9).

* وهنا من لاحظ التشابه بأسلوب الصناعة والشكل في الفخار الملون في العراق وبالأخص فخار العـــُبيد وفخار إيران فجعل ذلك سببا يستند اليه في ارجاع السومريين الى جهة الشرق وتحديدا الى أواسط آسيا(10) ؛ وان السومريين جاءوا على شكل موجتين ، الاولى عن طريق البحر الى الخليج العربي ، والثانية سلكت الطريق البري من خلال ايران وكان ذلك مع مجموعة اخرى من الاقوام نفسها هاجرت بعد ذلك الى وادي السند(11).

* وقريبا من هذا الرأي يرى الاستاذ صموئيل نوح كريمر ان السومريين اقوام بدوية نزحت مما وراء القوقاز او مما وراء بحر قزوين واندفعوا على مناطق غرب ايران في فترات العــُبيد واوائل فترة الوركاء ، وقد نجحوا في اقتباس الحضارة التي امتدت حتى ايران ( عيلام ) – على حد قولة ، ثم استطاعوا بخفة الحركة البدوية في الاندفاع منذ الربع الاخير من الالف الرابع قبل الميلاد الى جنوب العراق مسيطرين عليه تدريجيا خلال فترة حضارة الوركاء(12).  

* وافترض رأي اخر ان السومريين هاجروا من منطقة ما تقع في مــــا بين شمال الهند وبين أفغانستان وبلوخستان وقد اعتمد أصحاب هذا الراي(13) على تشابه الطرز الفنية والمادية بين حضارة وادي الهند وبلاد الرافدين ، فضلا عن العلاقةً العرقية بين اقوام سهول السند ( هرابا وموهنجدارو) وبين السومريين والتي رافقتها تأثيرات متبادلة في الجانب الثقافي والتجاري لاسيما في صناعة الاختام الاسطوانية في فترة الألف الثالث قبل الميلاد(14).

* ويعرض الاستاذ هاري ساكز رأيا اخر يستند الى فكرة الاغريق عن الرجل السمكة ( اوانس oannes) الذي خرج من البحر وعلم البشر فنون الحضارة ، وربطها مع الاله انكي ( ايا ) اله مدينة اؤيدو والتي تعد اقدم مستوطن في جنوب بلاد الرافدين(15) ؛ كل هذا من اجل ارجاع اصل السومريين الى البحر أي انهم جاءوا من الخليج العربي حامين معهم مقومات الحضارة(16). يضاف الى ذلك اعتقاد السومريين بان جزيرة دلمون (البحرين) كانت تمثل جنتهم الفردوس الإلهي كما جاء ذلك في أساطيرهم ذات المضمون الديني(17) ؛ لذلك فان هناك من يرى بانها تمثل مركزا حضاريا سومريا اقدم من مدينة اريدو وهذا الامر يدفع البعض الى القول بان السومريين دخلوا الى جنوب بلاد الرافدين عن طريق البحر ( الخليج العربي ) (18),هناك من يعتبر فخار دور الوركاء الحضاري ذو الالوان الحمراء والرمادية ، والذي يشابه الفخار الذي عـُثر عليه في شمال سوريا وفلسطين، دليلا على ان السومريين نزحوا من جهة الغرب او من الشمال الغربي وصولا الى المنطقة الجنوبية من العراق(19).

تعدى البعض مناطق إيران وشمال سوريا وحوض نهر السند فأرجع اصل السومريين الى هنغاريا ، وهذا الرأي جاء متضمنا في كتاب ( الأعجوبة السومرية ) للدكتور بندل ، والذي اسرد عشرات من المفردات السومرية والذي اوجد لها المؤلف طريقا للوصول الى ما يوازيها في اللغة الهنغارية معنا ولفظاُ . وهذه الفرضية أثارت دهشة الباحثين لاسيما الدكتور فاضل عبد الواحد الذي اثبت وصول الكثير من المظاهر السومرية الى بلدان الشرق والغرب في العصور التاريخية لبلاد الرافدين(20).

اما الوجه الثاني للمشكلة السومرية فهو يرتبط بالآراء التي تؤيد بان السومريين ليسوا هم السكان الأصليين للمنطقة. وقد أيد هذا الراي اساتذة عدة منهم الاستاذ سبايزر والاستاذ مورتكات والاستاذ غلب يتزعمهم الأستاذ بينو لاندسبيركر وهو صاحب هذا الراي الذي طرحه في مقالته " بدايات الحضارة في بلاد وادي الرافدين "(1944) . وقد وفـِق الباحث في الحصول على نسخة مترجمة من هذه المقالة(21) ، يمكن من خلا استعراض أهم الأسس والأدلة التي استند إليها الأستاذ لاندسبيركر في رأيه هذا وهي كما يلي :-

1) يفترض الاستاذ بيركر بان مسيرة الحضارة الإنسانية في بلاد الرافدين بعد الطوفان قد اعيقت وتوقفت بسبب كارثة غير معروفة ، الامر الذي جعل هذه الحضارة تنحدر تدريجيا حتى وصلت الى مرحلة بدائية ، ثم بعد ذلك استأنفت مسيرة تلك الحضارة حتى وصلت الى المستوى الرفيع في العصور التاريخية اللاحقة والتي مثلها السومريون ؛ على انه لا يؤكد فيما اذا كانت هذه الحضارة قد بدأت في بلاد الرافدين وتطورت ، أو انها كانت قد نشأت في احدى البلدان ثم انتقلت الى بلاد سومر(22). وهذا يعني ان هناك اقوام سبقت السومريين في بلاد الرافدين كانوا قد أنشئوا حضارة متقدمة وتوقفت هذه الحضارة لسبب ما ، ثم جاء بعد ذلك الاقوام الجدد (السومريون) واستأنفوا المسيرة الحضارية لكن بشكل سومري صرف ، وان هذه الحضارة (حسب رأي الأستاذ) كانت متواصلة في مسيرتها ومبتدئة من اصول السومريين البربرية(23).  

2) اعتبر الاستاذ بيركر الدور الحضاري المعرف بدور العــُبيد ، بانه حضارة متكاملة وقائمة بذاتها لشعب لا ينتسب الى السومريين ، وذلك لأسباب عدة منها العثور على كميات كبيرة من الفخار المميز عن فخار الادوار الحضارية اللاحقة ، كذلك افتقار سكان هذه الحضارة (العــُبيد) الى المواد الأولية كالأحجار والمعادن، المواد الاساسية للبناء ، أدت الى الافتراض بان الحضارة الراقية التي ظهرت فيما بعد ، كانت قد نشأت في سفوح الجبال ثم انتقلت الى سهول الانهار في الجنوب ؛ حيث مثلت الطبقة الأثرية السادسة لدور الوركاء الحضاري الولادة الفعلية لها ، لما اتصفت به من عمارة ذات مستوى فني رفيع يغلب عليها طابع الفخامة فضلا عن التميز الواضح في حفر الأختام الاسطوانية والإنجاز الكبر الذي ميزهم في هذه المرحلة هو الاهتداء إلى بدايات الكتابة(24).

3) ان اهم ما يستند الية الاستاذ لاندسبيركر في اثبات عدم كون السومريين اقدم المستوطنين في البلاد ، وكذلك عدم كونهم مبتكري الحضارة المدنية ، هو تحليل اللغة السومرية ؛ حيث يستعرض قائمة بأسماء وحـــرف وصناعات زراعية مهمة ، واول ما يقدم من ادلة هو اسماء المدن القديمـــة مثل أور Urim  ، لارسا larsa  ، أدب Adab ، لكش Lagas ، زمبار Zimbar (= سبار Sippar) والتي يعتقد فيها الأستاذ بأنها راجعة الى لغــة الأقوام الأصليين . ويضيف إلى ذلك التشابه بين اسم المعبود ورمزه في بعض الحيان الذي يعزوه الى تسمية هؤلاء الأقوام لقبائلهم باسم طوطمهم ؛ لغرض تميزها عن بعضها. وهكذا فانه يستنتج بان هؤلاء المستوطنين اقوام سبقوا السومريين في المنطقة اطلق عليهم اسم ( الفراتيون الاوائل)(25) ؛ بالمقابل فأنه اطلق على وبالاعتماد على التحليل اللغوي ايضا ، على السكان الاصليين لبلاد آشور اسم ( سكان دجلة الاوائل )(26).

4) ان القاعدة اللغوية التي بنى عليها الأستاذ بيركر تحليله اللغوي ، هي ان كلمات اللغة السومرية في الغالب الاعم تكون أحادية المقطع في حين ان الكلمات التي حللها جاءت محتوية على مقطعين أو أكثر ، لذلك فانه اعتبر تلك المفردات تعود الى لغة الفراتيين الأوائل ويمكن استعراض هذه المفردات كل على حدا وحسب ما جاء في المقالة(27)   :-  

ENGAR            حارث

NUKARIB           بستاني

SIPAD                 راعي

KABAR                            

NAGAD UDUL       أصناف من الرعاة     

 

NUHALDIM          طاهي

SUHADAK            سماك

SIMUG                 حداد

NAGAR                نجار

TIBIRA                مــُعدن

ISBAR                  حائك

ASGAB               اسكافي

ASLAG            منظف الملابس

PUHAR               فخار

SIDIM                 معمار

KURUSDA      مسمن العجول

5) يشير الاستاذ بيركر لاى ان وضوح ظاهرة تقسيم العمل المدني التي بدأت مع الانجازات الحضارية للفراتيين الاوائل ، حيث ان هذه المهن كانت من ابتكارهم وقليل منا قد استبقيت للسومريين وهي الحرف ذات المستوى الرفيع والتي لها علاقة واضحة بنشاط السومريين الفني والتي تبرز من خلال الكتابة وباقي الأمور الثقافية التي تتعلق بها ؛ مشيرا بذلك الى  المهارات التي مارسها الفراتيون الاوائل كإنتاج الطحين وتسمين الماشية وصناعة العطــــــــور وغيرها ضمن ما اسمــــــاه ( بالتقسيم المدنــــي للعمل Urban division of labor )(28).

هذه هي اهم الخطوط العامة لرأي الاستاذ لاندسبيركر وقد اضاف عليها الاستاذ ( غلب Glib) في دراسته المستفيضة " السومريون وعلافتهم العرقية مع الأكديون " اذا اطلق على ( الكارثة) التي انهت حضارة الفراتيون الاوائل ، حسب راي الاستاذ بيركر ، أسم ( فترة الانقطاع الحضاري Culture break) وأضاف اسماء مدن اخرى الى قائمة المدن بلغ عددُها ثلاثة وعشرين مدينة معللا دخول  اسماء هذه المدن في اللغة السومرية الى التغييرات الصوتية الجذرية التي طرأت على تلك الاسماء مع مرور الوقت(29).

يرد الاستاذ فاضل عبد الواحد على رأي الاستاذ بيركر بادله لغوية وتاريخية وبواقعية تاريخية ففيما يخص الجانب اللغوي يرى الاستاذ فاضل عبد الواحد بان اللغة السومرية منذ اكتشافها والى وقت قريب تعد لغزاً صعبا لذا فان البحث في الكلمات الدخيلة على اللغة السومرية ليس بالأمر السهل . وعليه فقد تبين ان بعض اسماء الحرف التي قرأها لاندسبيركر لم تكن دقيقة مثل كلمة تاجر= DAM-GARA وكلمة راعي NA-GA-D والتي ظهرت بانها كلمات سومرية وكذلك الحال بالنسبة الى كلمة SHU-KA بمعنى صياد وهي كلمة سومرية بحتة تتكون من مقطعين   SHU بمعنى يد  ، KA  بمعنى سمكة ، وبذلك يكون المعنى ماســـــك السمكـة (صياد) . وكذلك بعض الحرف التي اعتبرها سومرية وظهر بانها تعود الى اصل اكدي وذلك بحكم التعايش والاستعارة اللغوية بين الاكديين والسومريين(30).

اما اسماء المدن والتي اعتقد الاستاذ بيركر بانها غير سومرية وعائدة الى اقوام آخرين ، فلا يوجد لهذا الراي ما يدعمه ، اذ ان بداية تدوين اللغة السومرية في حدود 3500 قبل الميلاد لا يعني بأنها لم تكن محكيه ومتداولة في المنطقة ( بلاد سومر ) قبل هذه الفترة(31) . لذا فقد يكون بعض أسماء هذه المدن قد استعيرت من لغات اخرى بحكم الجوار والعلاقات التجارية والثقافية ، اذ ترى ان هناك أسماء نقلاً عن فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة  ، ص 142, لبعض الأشجار والنباتات الجبلية غير الموجودة في بلاد سومر ، لذلك فلابد ان تكون مستعارة من مناطقها الأصلية(32).   

ونرى ان المميزات الحضارية في فترة عصر العــُبيد كانت سبب في اعتقاد بيركر وبعض الباحثين بان هناك اقوام جديدة قد دخلت الى المنطقة ؛ وان المستجدات على هذه المسارات الحضارية مرت بفترة انقطاع حضاري . وهذا الامر يرفضه الاستاذ فاضل عبد الواحد ويعده تواصلا حضاريا من دور العــُبيد ونمو المظاهر العمرانية والفنون ، لاسيما وان سكنى جنوب العراق كانوا يمتلكون نفس التراث الفني والمعتقدات الدينية والتكنيك الصناعي ؛ فالمعابد مثلاً استمرت بشكلها المنحدر من دور العــُبيد ثم تطورت واصبحت تبنى على مصطبة (زقورة) لإعطائها طابع السمو والرفعة . وكذلك الاختام تدل على نضج علمي في صناعتها أملته الظروف والتجربة العلمية(33). ويمكن ان نضيف قول الاستاذ ( ماكس مالوان ) " ان السومريين كانوا موجودين في البلاد قبل ان تشهد لهم وثائقهم المكتوبة"(34).

اما راي الباحث في اصل السومريين ، فأنه يختلف مع كثير من هذه الآراء اذ من المعروف عن السومريين هم اقوام سكنوا الاهوار والأحراش وقد سموا بلادهم - كما مربنا – بارض سيد القصب ، ومن المعروف ايضاً عن بيئة الاهوار بانها بيئة صعبة وقاسية ومن الصعوبة العيش فيها لما تتميز به من وجود المستنقعات وتكاثر القصب الذي يعيق حركة الطرق والمواصلات بصورة عامة ؛ فضلاً عن صعوبة السكن في منازل عائمة في الماء ( جبيشة ) الى غيرها من الأمور الحياتية الصعبة الموجودة في بيئة الاهوار والتي يصفها الأستاذ ادوارد كييرة بأنها تمثل استمراراً واضحاً لما كان موجودا منذ بداية السكن والاستقرار فيه إلى يومنا هذا(35).

هذه البيئة القاسية تجعل من الصعب على الإنسان العادي ان يتعايش معها بسهولة فيكيف الامر اذا كانوا اقوام مهاجرين من منطقة جبلية او من بيئة صحراوية ؟ اذ ليس من المعقول ان تنزح الاقوام من مناطق جبلية باردة وسهول خضراء الى مناطق اهوار ومستنقعات وأحراش ! كما ان تلك الاقوام التي نحت من الجبال قد مرت ، اثناء هجرتها نحو بلاد سومر ، بكثير من الاراضي المنبسطة والصالحة للزراعة والملائمة للعيش اكثر بكثير من بيئة بلاد سومر . وكذلك الامر اذا افترضنا ان الاقوام هذه الاقوام قد جاءت من بيئة صحراوية او من مناطق البادية .

لذا فان الباحث يفترض بان السومريين هم السكان الاصليون للمنطقة ، وانهم قد اسسوا بدايات حضارتهم في بيئة الاهوار والمستنقعات وما جاورها ، بدليل ان اقدم استيطان في بلاد سومر هو في مدينة أريدو (أبو شهرين ) وهي منطقة تعج بالبطائح فضلا والتي أصبحت فيما بعد ميناء بلاد سومر ، كما ان إله المدينة (انكي = أيا) اله المياه العميقة ، قد اوجد الكثير من فنون الحضارة- حسب اعتقاد القوم – التي أقامها السومريون حتى مجيء الطوفان(36) والذي تذكرة المصادر المسمارية(37) إلى جانب معظم الأديان السماوية والوضعية(38).

ومن المتفق علية بان الطوفان قد حدث في بلاد سومر وقد حمل بطل الطوفان(39) معه في فــُلكه(السفينة) عدداً من الناس(السومريون) فضلاً عن أصناف أخرى من المخلوقات والمقومات الأساسية للحضارة ، وقد استقرت السفينة بعد الطوفان على قمة جبل(40).

ان استقرار السفينة على الجبل (بغض النظر عن مكانه)يفيد بان يطل الطوفان وشعبه السومري قد استقروا في منطقة جبلية ، وبما ان السومريين قد اعتادوا على العيش في بيئة(بطائحية) تختلف تماما عن بيئة الجبال، فقد نزحوا رجوعاً الى مناطقهم الاصلية (بلاد سومر =ارض سيد القصب) ؛ وربما في أثناء رجوعهم ومسيرتهم من المنطقة الجبلية قد يكون البعض منهم استقر في المناطق السهلية او مناطق البادية او غيرها من المناطق التي مروا بها اثناء رجوعهم .

المهم ، ان السومريين قد رجعوا الى أرضهم وبيئتهم واهوارهم بهجرة او بهجرات متقطعة مستأنفين الحياة وبناء الحضارة مرة اخرى ؛ هذا العودة -اي رجوع السومريون الى ديارهم- قد صوره بعض الباحثين على انه نزوح اقوام جديدة الى بلاد سومر استقرت في المناطق والمدن المختلفة واقامت حضارة بدائية جديدة ساهمت في ارساء القواعد الاساسية للحضارات اللاحقة وهو امر قد تبين لنا نقاط ضعفه مسبقا .

إذن ، فان السومريين هم اول من سكن بلاد سومر (جنوب العراق ) وهم السكان الاصليين للمنطقة ؛ خرجوا من البلاد إثر الطوفان العظيم الذي بدأ في احدى مدنهم (شروباك= تل فارة) واستقروا في منطقة جبلية لم يتأقلموا معها كونهم اقوام اعتادت على العيش في بيئة الاهوار والبطائح ، وهي بيئة صعبة جداً على غير سكانها الاصليين ، وحتى عليهم ايضاً .

ويمكن ان نستدل على ذلك مثلا بهجرة الاموريين التي توقفت على مشارف بلاد سومر كونهم (الاموريين ) وجدوا في بلاد سومر ارض صعبة العيش ولا يمكن التأقلم معها والاستقرار فيها لذلك فانهم فضلوا مناطق بلاد اكد وبابل والمناطق الشمالية لبلاد سومر(41).

ونستشهد هنا أخيراً بتساؤل للأستاذ فاضل عبد الواحد : " لماذا لم تحصل هجرات سومرية اخرى في العصور اللاحقة ؟ أليس من المنطق ان ياتي ممن بقى منهم في موطنه الاصلي وراء اصحابهم بعد ان استقروا ونجحوا في مكانهم الجديد ؟ "(42).

وعلى اية حال فان السومريين اقاموا حضارة قوية وعريقة امتدت تأثيراتها الى عموم منطقة الشرق الادنى القديم ، كبلاد عيلام وسوريا القديمة ( بلاد الشام ) وما يجاورها من مناطق حضارية ،   ليس كما يزعم البعض بانها بقيت مقتصرة على النصف الجنوبي من العراق ولم تنتشر في كل أرجائـــه وان حدودها انما وصلت بأبعدها الى منطقة الفرات الاوســــــط الشمـــالي (الجزيرة الفراتية)(43).

________________

(1) سامي سعيد الأحمد : السومريون وتراثهم الحضاري ، ص 41 .

(2) الإلصاق عبارة عن القدرة على تكوين ألفاظ ذات معان جديدة بلصق كلمتين او اكثر مثلا تصاغ كلمة (لوكال) السومرية والتي تعني املك من كلمة ( لو  = رجل ) و ( كال = عظيم ) ، طه باقر : مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ، ص 95 .

(3)  -Halloran ,John . A: Sumerian lexicon (Version 3.0) http://www.sumerian.org/. p.p.12.18.20

(4) جورج رو : العراق القديم ، ص 585 .

(5) Halloran ,John . A: Sumerian lexicon, p.100.

(6)  سامي سعيد الاحمد : العراق القديم ، ج1 ، ص 226 .

(7) فاضل عبد الواحد علي : من ألواح سومر إلى التوراة ، ( بغداد – 1987) ، ص 226 

(8) هاري ساكز : عظمة بابل . ترجمة عامر سليمان ( الموصل – 1979)، ص 53.

(9) فاضل عبد الواحد علي : من الواح  سومر الى التوراة ، ص 26 .

      سامي سعيد الاحمد : السومريون ، ص 6 .

      عامر سليمان، احمد الفتيان: محاضرات، ص 75. 

(10) فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة ، ص 26 .

(11) هاري ساكز ، عظمة بابل ، ص 53 .

(12) صموئيل نوح كريمر : من الواح سومر ، ص 355- ص 357 .

(13) من القائلين بهذا الراي :

  Frankfort, h: The Art and the architecture of the ancient orient. 1958. P.2.

Mackay, d: "Sumerian connection with ancient India" in JRAS .1925. P. 697.

(14) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص 53 .

فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة  ، ص 26 – ص 27 .

(15) ايكارد اونكر : إدبا واريدو ، ترجمة محمود الأمين ، مجلة سومر، مج 1، 1953 ، ص46 .

(16) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص 52 .

(17) صموئيل نوح كريمر  : من الواح سومر ، ص 241 .

(18) هاري ساكز : عظمة بابل ، ص 52 .

(19) فاضل عبد الواحد علي ، من الواح سومر الى التوراة ، ص 26 .

(20) م .ن. ص 27 .

(21) بينو لاندسبيركر : بدايات الحضارة في بلاد وادي الرافدين . ترجمة صالح حسين الرويح ، مجلة كلية التربية ، جامعة البصرة ع 1 ، 1979، ص 185 – ص 197 .

(22) م . ن . ص 185 .

23) لاندسبيركر : بدايات الحضارة ، ص 189) .

(24) م . ن . ص 186- ص 187 .

(25) لاندسبيركر: بدايات الحضارة ، ص 190 .

 (26) م . ن . ص 191 . 

(27) لاندسبيركر : بدايات الحضارة ، ص 194 .

(28) لاندسبيركر : بدايات الحضارة ، ص 194 ، ص 196 .

(29) Gleb : " Sumerians and Akkadians in their etnno – linguistic relationship " in aspects du cntact sumero – Akkadian ( Geneve 1960) . p.262.

(30)  فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة  ، ص 26 .

(31) م .ن . والصفحة .

(32) م . ن . والصفحة .

(33) م . ن. ص 27 .

(34) ماكس مالوان : حضارة عصر فجر السلالات في العراق . ترجمة كاظم سعد الدين ، دار الشؤون الثقافية ( بغداد – 2001 )، ص 68 .

(35) ادوارد كييرا : كتبوا على الطين . ترجمة محمود الامين ، مراجعة علي خليل ، ط2 ، دار المثنى ( بغداد – 1964 ) ،ص 103 .                                                        

(36) ايكارد اونكر : .أدبا واريدو ، ص 46 .

(37) للتفصيل ينظر: فاضل عبد الواحد علي : الطوفان في المصادر المسمارية ( بغداد – 1975) 

(38)  تذكر هذه الاديان اخباراً عن طوفان شامل وماثل لما ورد في النصوص المسمارية . للتفصيل ينظر . سامي سعيد الاحمد : السومريون ، ص 170 – ص 173 .

 (39) ورد اسم بطل الطوفان حسب الرواية السومرية باسم (زيوسدرا = ذو الحياة الطويلة) وبالصيغة البابلية ( اتراخاسيس = المتناهي في الحكمة ) اما الصيغة الاشورية في اللوح الحادي عشر من ملحمة كلكامش فهي( اوتو نابشتم = الذي أدرك الحياة ) طه باقر : ملحمة كلكامش .ط 4،(بغداد – 1980 ) ، ص 129 ، ص 203 ، ص 214 .         

(40) اختلفت الآراء حول اسم ومكان هذا الجبل فقد ذكرته المصادر المسمارية على انه جبل نصير. فمنهم من اعتبرة جبل الكوتيين والبعض الآخر عينه بجبل (بيره مكرون) اما حسب رواية الكاتب البابلي برعوشا =بيروسس ( القرن الثالث ق . م. ) فقد ورد اسم جبل ( كورديين ) أي جبل الأكراد . في حين ذكرته التوراة في سفر التكوين(8 : 4 ) بأنه جبل اورارطو ( أرمينيا القديمة ) ؛ اما القرآن الكريم والمآثر السريانية فتذكر ان الجبل الذي استقرت عليه سفينة نوح هو جبل ( الجودي ) . للتفصيل ينظر طه باقر : ملحمة كلكامش ، ص 158 ، هامش رقم 180 .   

(41) ينظر الصفحات اللاحقة حول هجرة الاموريين لبلاد الرافدين .

(42) فاضل عبد الواحد علي : من الواح سومر الى التوراة ، ص 59 .

(43) م. ن . ص 31 – ص 33. . 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).