المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



سهل بن مالك  
  
3479   08:50 صباحاً   التاريخ: 24-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص445-447
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016 2491
التاريخ: 24-3-2016 11740
التاريخ: 5-10-2015 3009
التاريخ: 2-3-2018 2054

هو سهل بن محمد بن سهل بن مالك الأزدي، من أسرة علمية غرناطية ذات جاه و ثراء، و فيه يقول ابن عبد الملك المراكشي: «كان من أعيان مصره و أفاضل عصره تفننا في العلوم و براعة في المنثور و المنظوم، محدّثا مجودا للقرآن متقدما في العربية، وافر النصيب من الفقه و أصوله، كاتبا مجيد النظم في معرب الكلام و هزله ظريف الدعابة مليح التندير» و يقول ابن سعيد في القدح المعلى: «لو لم تأت غرناطة إلا بهذا الجليل المقدار، لكان حسبها في العلم و الجود و الرياسة و جميع أنواع الافتخار، و برع في العلوم الحديثة و القديمة و بلغ بين نظرائه مبلغ الكمال» ، و صنّف في العربية كتابا مفيدا رتب الكلام فيه على أبواب كتاب سيبويه، و له تعليقات نافعة على كتاب المستصفي في الأصول للغزالي.

و لما ثار محمد بن يوسف بن هود الملقب بالمتوكل بمدينة مرسية سنة 6٢5 و ملك قرطبة و إشبيلية و غرناطة بلغه أن سهل بن مالك يتندر به و برجاله، و كان مطبوعا على النادرة ظريفا خفيف الروح، و لكن ابن هود لم يحتمله فغرّبه عن غرناطة بلدته إلى مدينة مرسية، و ظل بها حتى توفى ابن هود سنة 6٣5 و صارت غرناطة إلى الغالب باللّه محمد بن يوسف بن الأحمر مؤسس دولة بني نصر أو بني الأحمر في غرناطة فعاد إليها، و ظل في جاه بها و بلوغ أمنية حتى توفى سنة 6٣٩ للهجرة عن سنّ عالية و رثاه تلميذه ابن الجنّان رثاء حارا.

و كان سهل شاعرا كما كان ناثرا، و نثره يبذّ شعره و يدل على عمق فكره و اصطباغه بأصباغ الفلسفة. و كان من تلاميذ ابن رشد، و عنه أخذ العلوم القديمة، و كان شديد الشغف به و الإعجاب بفلسفته و فكره، فلما توفى سنة 5٩5 أظلمت الدنيا في عينيه و كأنما طعن في كبده فأمسك بالقلم و كتب إلى بنيه يعزيهم-و قد حزّ في نفسه الجزع و عضّها الوجع- تعزية ملتاع أضرمت اللوعة نارا في فؤاده، و فيها يقول:

«لا أقول كفى و لا أستشعر صبرا، و قد أسكن نور العلم قبرا، بل أغرق الأجفان بمائها، و أستوهب الأشجان غمرة(1)غمّائها، و أتهالك تهالك المجنون، و أستجير من الحياة بريب المنون، و أنافر السلوّ منافرة اليقين لوساوس الظنون. و هو الخطب الذي نفى الهجود (2)، و ألزم أعين الثّقلين أن تجود، و به أعظم الدهر المصاب، و فيه أخطأ سهم المنية حين أصاب، و الدهر يسترجع ما وهب، كان الصّفر (3)أو الذّهب، و لا غرو أن دهم )4)الرّزء، يؤود )5)الفلك الدائر منه الجزء. . و إنا للّه لفظة أوليها، و أتبعها زفرة تليها، و لقد بحثت الأيام عن حتفها بظلفها، وسعت على قدمها إلى رغم أنفها، حين أتلفت الواحد يزن مائة ألفها، فمن لبثّ الوصل و لرعى الوسائل )6)؟ و إلى من يلجأ في مشكلات المسائل؟ و من المجيب إذا لم يكن المسئول بأعلم من السائل؟ اللهم صبّرنا على فقد الأنس بالعلم، و أدلنا (7)من خفوف الوله بوقار الحلم، و أخلفه في بنيه و عامة أهليه بشبيه، ما أوليته في جوارك المقدّس و توليه»

و التعزية طويلة، و جميعها-على هذا النحو-توجّع و تفجع لهذا الرزء الفادح الذي نزل بالأندلس لفقد فيلسوفها العظيم منقطع القرين: ابن رشد. و كتب صديق لسهل يعزيه عن محنته بنفيه إلى مرسية و غربته، فردّ عليه برسالة يقول فيها:

«أنا أستوهب لك أيها الشيخ الأخ الجليل عافية لا تعفو (8)بألسن الحسّاد، و لا تقفو )9)موادّها أعين السعاة البغاة الذين ما لهم مقعد إلا بالمرصاد، و أثنى على كرم طباعك بوصول رسالتك التي طلعت على ليلى البهيم (10)صباحا، و أدارت علي من التسلّي و التعزّي أقداحا. . و يعلم اللّه أيها العلم علما و فهما، أني لولا مخاطبتك و مثالك (11) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١) غمرة غمائها: شدة شدائدها.

٢) الهجود: النوم.

٣) الصفر: النحاس.

4) دهم: فجأ. الرزء: المصيبة.

5) يؤود: يثقل و يجهد.

6) الوسائل: الصلات.

7) أدلنا: انصرنا.

٨) تعفو: تنطمس.

٩) تقفو هنا: تحيط بها.

١٠) البهيم: المظلم.

١١) مثالك: يريد مثال مخاطبه و شخصه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.