أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015
3531
التاريخ: 10-04-2015
2210
التاريخ: 26-06-2015
2491
التاريخ: 24-06-2015
2247
|
هو أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن الحداد القيسي من مدينة وادى آش في إلبيرة موطن بنى عقيل و غيرهم من القيسيين و شغف في صباه-كما يقول ابن بسام-بصبية نصرانية رمز إليها باسم نويرة، و سنعرض لغزله بها في حديثنا عن شعراء الغزل. و قد اشتهر بمعارفه الواسعة في الآداب العربية و العلوم الإسلامية و أيضا في الفلسفة و العلوم القديمة و لذلك ترجم له ابن سعيد كأحد العلماء في موطنه، و يذكر مترجموه أن له في العروض كتاب «المستنبط في علم الأعاريض المهملة عند العرب» و لا أرتاب في أنه لو وصل إلينا لكان دليلا قويا على ما قلته في حديثي عن الموشحات من أن الأعاريض المهملة التي ينظم فيها و التي أشار إليها ابن بسام و نقلناها عنه هناك إنما هي أعاريض العرب المهملة التي نصّ عليها الخليل في دوائره العروضية لا أعاريض أشعار رومانسية كما توهم «ريبيرا» و من تابعه، و قال مترجمو ابن الحداد إن له في العروض كتابا ثانيا باسم: «قيد الأوابد و صيد الشوارد» و كتابا ثالثا باسم: «الامتعاض للخليل» ردّ فيه على السرقسطي المنبوز بالحمار-و هو سعيد بن فتحون-مازجا فيه بين الأنحاء الموسيقية و الآراء الخليلية، و لا أرتاب في أن كتبه جميعا تؤكد ما ذهبت إليه في فهم كلمة ابن بسام عن نظم الموشحات في الأوزان المهملة التي أشار إليها الخليل في وضعه لدوائره العروضية، و هي مرسومة بدقة في كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه.
و كان يلزم المعتصم محمد بن معن بن صمادح التجيبى أمير المريّة التي بناها عبد الرحمن الناصر بالجنوب الشرقي للأندلس و أصبحت قاعدة للأساطيل الأموية، و قاد فيها المعتصم منذ أصبح أميرا لها في الثامنة عشرة من عمره سنة 44٣ حركة علمية و أدبية كبيرة طوال مدة حكمه التي امتدت إلى أكثر من أربعين عاما، و كان يخصص يوما في كل أسبوع لمناظرة الفقهاء و المحدثين بين يديه، و لزم حضرته كثيرون من الشعراء، منهم من المرية يوسف بن عبد الصمد و أبو حفص بن الشهيد و من غيرها الأسعد بن بلّيطة الطليطلي و القزاز محمد بن عبادة الإلبيري المترجم له بين الوشاحين و يوسف بن محمد الأشكركي و منهم-كما أسلفنا-شاعرنا ابن الحداد الذي عاش عنده أكثر حياته مما جعله يستنفد أكثر أشعاره و مدائحه فيه من مثل قوله في إحدى مدائحه:
و لو لا أبو يحيى ابن معن محمد لما كانت الأيام عندي ذخائرا
يحجّ ذراه الدهر عاف و خائف جموعا كما وافي الحجيج المشاعرا (1)
فزر مكّة مهما اقترفت مآثما و زر أفقه مهما شكوت مفاقرا (2)
تهيم بمرآه العصور جلالة و تحسد أولاها عليه الأواخرا
و الصورة في البيت الثاني رائعة، و كان يعرف كيف ينفذ إلى طرائف الصور و الأخيلة البديعة، كقوله في مدحة أخرى للمعتصم، استهلها بالمزج بين الطبيعة و الغزل على مألوف المدائح عند الأندلسيين و لم يلبث أن خرج من وصف نهر إلى المديح منشدا.
و يا لك من نهر صئول مجلجل كأن الثّرى مزن به دائم الرّعد (3)
كأن يد الملك ابن معن محمّد تفجّره من منبع الجود و الرّفد (4)
فمن جوده ما في الغمامة من حيا و من نوره ما في الغزالة من وقد (5)
و منك أخذنا القول فيك جلالة و ما طاب ماء الورد إلا من الورد
و قرن جلجلة ماء النهر في حصباء الثرى بصلصلة الرعد الدائم في السحاب الممطر في منتهى الروعة، و من نفس الطراز الصور في البيتين الثالث و الرابع.
و يبدو أن أخا له اقترف ذنبا اضطر المعتصم إلى اعتقاله سنة 46١ و أحس الشاعر بشيء من سخط المعتصم عليه، فغادر المرية موليا وجهه إلى المقتدر بن هود (4٣٨-4٧4 ه.) بسرقسطة، و كان شاعرا يقدر الشعر و أهله كما كان بطلا مجاهدا صاحب غزوات مشهورة، و استقبل ابن الحداد استقبالا حافلا، و أكثر من إسباغ عطاياه عليه، و أكثر ابن الحداد من التغني بانتصاراته على ابن ردمير حاكم أراجون، و له فيه من مدحة يصور فيها بسالته الحربية و بناءه حصن المدوّر في نحر العدو:
مساعيك في نحر العدوّ سهام و رأيك في هام الضلال حسام (6)
و لمحك يردى القرن و هو مدجّح و ذكرك يثنى الجيش و هو لهام(7)
كأنك لا ترضى البسيطة منزلا إذا لم يطنّبه عليك قتام (8)
كأنك خلت الشمس خودا فلم يزل يقنّعها بالنّقع منك لثام (9)
و واضح أنه أبدع في تصوير غزوات المقتدر المستمرة التي لا يزال يشنها على العدو حربا في إثر حرب، حتى ليتصوره ابن الحداد لا يتخذ له مسكنا في الأرض إلا ساحات القتال و قد شدّت عليه فيها أطناب القتام و غبار القتال الأسود الكثيف و يبعد في الخيال، فيظن المقتدر يخال الشمس فتاة جميلة، و كأنه يغار عليها، فلا يزال يثير غبار الحرب متخذا منه لها لثاما أو حجابا. و حنّ إلى المعتصم بن صمادح، فعاد إليه و إلى المرية، و هو يردّد.
واصل أخاك و إن أتاك بجفوة فخلوص شيء قلما يتمكّن
في كلّ شيء آفة موجودة إن السّراج على سناه يدخّن
و ذكرنا في صدر الحديث عنه أن كان مولعا بالفلسفة و علوم الأوائل، و لعل ذلك ما دفعه إلى نظم قصيدة سماها «حديقة الحقيقة» و ضاعت فيما ضاع من ديوانه، و كانت كبيرة كما يقول مترجموه، و أنشد منها ابن الأبار قوله:
ذهب الناس فانفرادي أنيسي و كتابي محدّثي و جليسي
صاحب قد أمنت منه ملالا و اختلالا و كلّ خلق بئيس
و لعله تناول فيها جوانب من أخلاق الناس بعد أن عاشرهم طويلا دون محاولة لسخط عليهم أو نقمة، و أخيرا لبىّ ابن الحداد نداء ربه بالمرية سنة 4٨٠.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) ذراه: حماه و كنفه عاف: طالب معروف.
2) مفاقر: وجوه فقر.
٣) صئول: شديد الهياج. المزن: السحاب الممطر.
4) الرفد: العطاء.
5) الحيا: الغيث و المطر. و الغزالة: الشمس.
6) هام: جمع هامة: الرأس.
7) اللهام: الجيش الجرار.
8) يطنبه: يغطّيه كالخيمة. القتام: الغبار.
9) الخود: الحسناء. النقع: غبار الحروب.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|