أقرأ أيضاً
التاريخ: 10/10/2022
1844
التاريخ: 16-8-2019
2172
التاريخ: 17-1-2022
2076
التاريخ: 2023-03-25
1233
|
أن الخوف لا يتحقق الّا بانتظار مكروه ، و المكروه إما ان يكون مكروها في ذاته كالنار و إما أن يكون مكروها لأنّه يفضي إلى المكروه كما تكره المعاصي لا دائها إلى مكروه في الآخرة و لا بد لكلّ خائف من أن يتمثل في نفسه مكروه من أحد القسمين و يقوى انتظاره في قلبه حتى يحترق قلبه بسبب استشعاره ذلك المكروه ، و مقام الخائفين يختلف فيما يغلب على قلوبهم من المكروهات المحذورة.
أما الخائفون ممّا يغلب على قلوبهم من المكروه لغيره لا لذاته.
فمنهم من يغلب عليه خوف الموت قبل التوبة ، أو خوف نقض التوبة ، أو خوف ضعف القوة عن الوفاء بتمام حقوق اللّه ، أو خوف زوال رقة القلب و تبديلها بالقساوة أو خوف الميل عن الاستقامة ، أو خوف استيلاء العادة في اتباع الشهوات المألوفة ، أو خوف أن يكله اللّه إلى حسناته التي اتكل عليها و تغرّر بها في عباد اللّه أو خوف البطر بكثرة نعم اللّه عليه ، أو خوف الاشتغال عن اللّه بغير اللّه ، أو خوف الاستدراج بتواتر النعم ، أو خوف انكشاف غوائل طاعته حتى يبدو له من اللّه ما لم يكن يحتسب أو خوف تبعات النّاس عنده في الغيبة و الخيانة و الغش و إضمار السوء ، أو خوف ما لا يدري أنّه يحدث في بقيّة عمره ، أو خوف تعجيل العقوبة في الدّنيا و الافتضاح قبل الموت ، أو خوف الاغترار بزخارف الدنيا ، أو خوف اطلاع اللّه على سريرته في حال غفلته عنه ، أو خوف الختم له عند الموت بخاتمة السّوء ، أو خوف السّابقة التي سبقت له في الأزل.
فهذه كلها مخاوف العارفين و لكل واحد منها خصوص فائدة و هو سلوك سبيل الحذر عمّا يفضي إلى المخوف ، فمن يخاف استيلاء العادة عليه فيواظب على الفطام عن العادة ، و الذي يخاف من اطلاع اللّه على سريرته يشتغل بتطهير قلبه عن الوساوس و هكذا إلى بقية الاقسام.
و أغلب هذه المخاوف على المتقين خوف الخاتمة ، فان الأمر فيه محظور و أعلى الاقسام و أدلها على كمال المعرفة خوف السابقة ، لأن الخاتمة فرع السّابقة تنفرع عنها بعد تخلل أسباب كثيرة فالخاتمة تظهر ما سبق في القضاء في ام الكتاب.
و إليه الاشارة بما رواه الصّادق (عليه السلام) قال: «خطب رسول اللّه (صلى الله عليه واله) النّاس ثمّ رفع يده اليمنى قابضا على كفه ثمّ قال : أتدرون أيّها النّاس ما في كفي؟ , قالوا : اللّه و رسوله أعلم ، فقال (صلى الله عليه واله): «أسماء أهل الجنّة و أسماء آبائهم و قبائلهم إلى يوم القيامة ، ثم رفع يده الشّمال فقال : أيّها النّاس أتدرون ما في كفي؟ قالوا : اللّه و رسوله أعلم فقال : أسماء أهل النّار و أسماء آبائهم و قبائلهم إلى يوم القيامة ثمّ قال : حكم اللّه و عدل حكم اللّه و عدل حكم اللّه و عدل فريق في الجنّة و فريق في السّعير»(1).
و عنه (عليه السلام) قال : «يسلك بالسّعيد في طريق الأشقياء حتى يقول الناس ما أشبهه بهم بل هو منهم ، ثمّ يتداركه السّعادة ، و قد يسلك بالشقي طريق السّعداء حتى يقول النّاس ما أشبهه بهم بل هو منهم ثمّ يتداركه الشقاء إن من كتبه اللّه سعيدا و إن لم يبق من الدّنيا إلا فواق ناقة(2) , ختم له بالسعادة»(3).
و أما الخائفون ممّا يغلب على نفوسهم من المكروه لذاته.
فمنهم من يغلب عليه سكرات الموت و شدته ، أو سؤال منكر و نكير ، أو عذاب القبر ، أو هول المطلع ، أو هيبة الموقف بين يدي اللّه و الحياء من كشف الستر و السؤال من النقير و القطمير ، أو الخوف من الصراط و حدّته و كيفية العبور عليه ، أو الخوف من النّار و أغلالها و أهوالها ، أو الخوف من الحرمان عن الجنة دار النعيم و الملك المقيم و من نقصان الدرجات أو الخوف من الحجاب عن اللّه و هو أعلاها رتبة و هو خوف العارفين و ما قبل ذلك خوف العابدين و الزاهدين و كافة العاملين.
و لا يخفى أن فضيلة الشيء بقدر اعانته على السعادة و لا سعادة كسعادة لقاء اللّه و لا وصول إليها إلا بتحصيل محبته و الانس به في الدّنيا ، و لا تحصل المحبّة إلّا بالمعرفة ، و لا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر، و لا يحصل الانس إلا بالمحبّة و دوام الذكر ، و لا يتيسر المواظبة على الذّكر و الفكر إلا بانقلاع حبّ الدّنيا من القلب ، و لا ينقلع ذلك إلا بترك لذات الدّنيا و شهواتها ، و لا يمكن ترك المشتهيات إلا بقمع الشهوات ، و لا تنقمع الشهوة بشيء كما تنقمع بنار الخوف.
فالخوف هو النار المقمعة للشّهوات فاذن فضيلته بقدر ما يحرق من الشهوة و بقدر ما يكفّ عن المعاصي و يحثّ على الطاعات ، و يختلف ذلك بحسب اختلاف درجات الخوف كما بينّاه.
_________________
1- انظر المحجة : ج 7 , ص 274 , و سنن الترمزي : ج 8 , ص 308 , و إحياء علوم الدين : ج 4 , ص 48.
2- وفي حديث عيادة المريض : العيادة فدر فواق ناقة ، الفواق كغراب و بالفتح ما بين الحلبتين من الوقت لانها تحلب فتترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب ، او ما بين فتح يدك و قبضها على الضرع م.
3- انظر المحجة : ج 7 , ص 274 , و إحياء علوم الدين : ج 4 , ص 148.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|