أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-3-2017
2255
التاريخ: 14-1-2019
2238
التاريخ: 2024-03-24
1024
التاريخ: 2024-08-29
305
|
مما لاشك فيه أن الطبيب يلتزم بموجب العقد الطبي بالحصول على رضاء مرضاه بأي تدخل طبي يقدمه علاجياً كان أم جراحياً ومتى أخلَّ الطبيب بالتزامه هذا تقام مسؤوليته تجاه مرضاه، لكن الصعوبة تثار فيما يتعلق بأثبات الرضاء وعلى عاتق مَنْ يقع، على الطبيب؟! أم على المريض خصوصاً أن موقف الفقه والقضاء متباين في هذه المسألة. فقد ذهب جانب من الفقه العراقي(1). والمصري(2). والفرنسي(3). إلى إلقاء عبء إثبات رضاء المريض على عاتق الطبيب على اعتبار أن الطبيب عندما يثبت ذلك، إنما يبرر العمل الذي قام به، فضلاً عن أن الأصل في المريض أنه إنسان حر وله حقوق مقدسة على جسمه لايجوز المساس بها بغير رضائه فكل اعتداء على حقوق المريض من شأنه أن تقام المسؤولية على المعتدي، فيقع عبء إثبات موافقة المريض على الطبيب ودليلهم في ذلك المادة (1315) مدني فرنسي والمقابلة للمادة الأولى من قانون الإثبات المصري التي تقضي بأنه: (على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه). في حين ذهب جانب آخر من الفقه العراقي(4). والمصري(5). والأردني(6). إلى إلقاء عبء الإثبات هذا على المريض وحده، إذ جعل عبء إثبات عدم حصول الطبيب على موافقة المريض مسألة يقع إثباتها على عاتق المريض، لأنه بمثابة الدائن فيقع عليه عبء إثبات عدم تنفيذ مدينه (الطبيب) لهذا الالتزام، فعليه أن يثبت استيفاء هذه المسؤولية لكل شروطها، لأن الأصل أن مدعي الضرر هو الذي يثبت ويقدم البينة على حصول الضرر(7). باعتباره الدائن كما يجوز لنائب المريض أو صاحب المصلحة المشروعة أن يثبت الضرر الذي أصابه عن عدم الحصول على الرضاء. كما أن محكمة النقض الفرنسية هي الأخرى ألقت عبء إثبات عدم الحصول على الرضاء بالتدخل الطبي على عاتق المريض، إذ قضت في قرار لها صدر في 29/5/1951 جاء فيه: (إن إثبات تقصير الطبيب بالتزامه بعدم الحصول على موافقة مريضه بالعملية مسألة تلزم الإثبات من المريض نفسه كي تقام المسؤولية على طبيبه(8). كما وقضت في قرارٍ آخر لها صدر في 26/5/1999 بما يأتي: (على المريض أن يثبت خطأ الطبيب بعدم حصوله على رضاه الحر باخضاعه للعلاج(9). هكذا نلاحظ أن بعض الفقه العراقي، والمصري، والقضاء الفرنسي قد ألقيا عبء إثبات عدم حصول الطبيب على رضاء مرضاه بالتدخل الطبي على المريض خلافاً للاتجاه السابق، والفارق بين الاتجاهين هو أن الاتجاه الأول سوغ موقفه بالقاء عبء إثبات الحصول على رضاء المريض على الطبيب بالاستناد إلى المادة (1315) من القانون المدني الفرنسي والمادة الأولى من قانون الإثبات المصري، في حين أن الاتجاه الثاني ألقى عبء إثبات عدم الحصول على رضاء المريض على الأخير دون أن يذكر لنا تسويغاً لموقفه هذا. ونحن أمام هذين الاتجاهين نجد صعوبة أمام تفضيل أحدهما على الآخر خاصةً وأننا ميزنا عند تحديد أساس المسؤولية بين الأحوال التي يكون فيها التزام الطبيب بالحصول على رضاء المريض التزاماً بوسيلة أو التزاماً بنتيجة. لذلك فان تحديد عبء الإثبات في هذه المسألة سيكون وفقاً للتفصيل الآتي: في الأعمال الطبية البسيطة والتي لا تنطوي على مخاطر والتي يكون التزام الطبيب بالحصول على رضاء مرضاه التزاماً بوسيلة نرى أن المريض هو الطرف الذي يقع عليه عبء إثبات قيام الطبيب بالعمل الطبي دون الحصول على رضاه. بينما في الأعمال الطبية الجراحية التي تنطوي على مخاطر على صحة الخاضع لها فنجد من الضروري إلقاء عب الإثبات على الطبيب لأن الطبيب في هذا الفرض سيثبت واقعة ايجابية ليسوغ لنا العمل الذي قام به خاصةً وأن مسألة الحصول على رضاء المرضى هي مسألة الزام والتزام في الوقت نفسه فهي من المسائل التي نص عليها القانون فضلاً عن انها إحدى الالتزامات التي يفرضها العقد الطبي ذاته والإثبات هنا غالباً ما يكون بالدليل الكتابي لأن المريض يوقع على استمارة الموافقة على العملية، أما في الفروض التي يحصل فيها الطبيب على الرضاء الشفوي للمريض، فالإثبات قد يكون بشهادة الشهود أو بالقرائن(10). التي يستمد منها أن المريض قد اتجهت إرادته ضمناً بالموافقة على التدخل الطبي وما ينتج عنه من مخاطر، ومن القرائن التي يعتد بها القاضي هي مكانة الطبيب والتزامه بآداب المهنة وما عرف عنه من ضرورة الحصول على موافقة المريض مسبقاً على العلاج، أما في الحالات التي يعفى فيها الطبيب من الحصول على رضاء المريض فهو يعفى من الإثبات فيها أيضاً. لذلك نأمل من مشرعنا ايراد نص بهذا الخصوص يقضي بما يأتي: (عبء إثبات عدم حصول الطبيب على رضاء مرضاه يقع على عاتق المريض في الأعمال الطبية البسيطة وما عداها يقع على عاتق الطبيب).
________________________________
- عبد الرحمن الطحان، المصدر السابق، ص367 مفنداً رأيه بما أوردته اللجنة العليا لنقابة الأطباء بالقول:
(لا مناص من رضا المريض عندما يكون في حالة يتمكن من تقديمه وليس بوسع الطبيب أن يتحدى رغبة المريض ويقع على عاتق الطبيب إثبات حصول الرضا بصورة من الصور سواءً كان ذلك كتابة أو بشهادة شهود أو بالظروف المحيطة بالعمل ...).
2- د. محسن عبد الحميد البيه، التزامات الأطباء المتصلة بواجباتهم الإنسانية والأخلاقية والأعمال الفنية، بحث منشور في العدد الخاص بأبحاث مؤتمر الطب والقانون الذي نظمته كلية الشريعة والقانون، ج1، 1998، ص598 ؛ د. عبد الناصر كعدان، المسؤولية الطبية بين التراث الطبي العربي الإسلامي والطب الحديث، 2003، بحث منشور على شبكة الأنترنيت على الموقع: a.kaadan@scs_net.org.
3-0 Jean Penneau, Op.Cit., P.42.
4- د. منذر الفضل، المسؤولية الطبية، بحث منشور في مجلة القانون، العدد 4، عمان- الأردن، 1994، ص18.
5- أ.د. أحمد شوقي محمد عبد الرحمن، مضمون الالتزام العقدي للمدين المحترف، المصدر السابق، ص69؛ د. عدنان ابراهيم سرحان، مسؤولية الطبيب المهنية في القانون الفرنسي، المصدر السابق، ص198؛ منير رياض حنا، المسؤولية الجزائية للأطباء والصيادلة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1989، ص92؛ د. بابكر الشيخ، المسؤولية القانونية للطبيب، ط1، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، 2002، ص87.
6- نائل عبد الرحمن صالح، المصدر السابق، ص154 ؛ د. محمد بشير شريم، الأخطاء الطبية بين الالتزام والمسؤولية، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان- الأردن، 2000، ص163.
7- د. أحمد شوقي محمد عبد الرحمن، النظرية العامة للالتزام- أحكام الالتزام والإثبات، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص343.
8 مشار إليه لدى:
- Jean Penneau, Op.Cit., P.40.
9- مشار إليه لدى:
- Corinne Daver, Op.Cit., P.532.
0- كما يمكن للقاضي أن يستفيد من وسائل التقدم العلمي في استنباط القرائن، ينظر تفصيلاً: أستاذنا
أ.د. عباس العبودي، شرح أحكام قانون الإثبات العراقي، ط2، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، 1997، ص244.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|