أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-05
310
التاريخ: 25-02-2015
5174
التاريخ: 12-10-2014
2310
التاريخ: 27-04-2015
2067
|
من المعلوم أن الدعوة الاسلامية بقيادة رسول الله (صلى الله عليه واله) قد مرت بمرحلتين : سرّية ، وكانت منذ بعثته (صلى الله عليه واله) وإلى عدة سنوات تلت ، وقد آمن بالرسالة ثلة من المسلمين الأولين كان طليعتهم علي (عليه السلام) وأم المؤمنين خديجة (عليها السلام) . تلتها مرحلة الدعوة العلنية بنزول قوله تعالى : {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } [الشعراء: 214] . وقد استمرت هذه المرحلة الى نهاية حياة الرسول (صلى الله عليه واله) .
وهذه المرحلة العلنية للدعوة مرت بمحطتين رئيسيتين : مرحلة الدعوة في مكة واستمرت حوالي العشر سنين ، أمر بعدها رسول الله (صلى الله عليه واله) بالهجرة الى المدينة ، ومن الطبيعي أن يزامن مسيرة الدعوة نزول القرآن على قلب رسول الله (صلى الله عليه واله) حسب الظروف والحيثيات التي كانت تمر فيها ، ولا ريب أن وجود ظروف مختلفة رافقت الدعوة في المدينة عن تلك التي أحاطت بها في مكة ، فضلا عما اقتضاه حال الدعوة في المدينة باعتبار أن المدينة كانت مهد الدولة الاسلامية وتشكيلاتها ، وتكاثر عدد المنضوين تحت راية الإسلام ، مما
اقتضى الشروع بسن القوانين والتشريعات الإلهية لتنظيم هيكلية هذه الدولة ، وحياة المسلمين من مختلف جوانبها الفردية والاجتماعية ، ولذا نجد نوعاً من التغير في الخطاب يبن ما كان عليه في مكة في المرحلة الأولى ، وبين ما صار اليه من المرحلة الثانية في المدينة ، مما حدا بالعلماء أن يطلقوا على قسم من القرآن ، وصف المكي ، وعلى قسم آخر منه وصف المدني ، ثم راحوا ينظرون لكل من القسمين تنظيرات لا نجد مقتضياً في ما يتعلق بمادة تاريخ القرآن للدخول فيها ومحاكمتها (1) .
بعض ما ذكر من ضوابط للتمييز بين القسمين
ولا بأس بالإشارة الى بعض ضوابط وضعت من قبل العلماء للتمييز بين القرآن المكي والقرآن المدني :
1- قال البعض إن ما كان الخطاب فيه مصدراً بقوله : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} أو {يَا بَنِي آدَمَ } فهو مكي . وما كان مصدراً بـ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا }، فهو مدني .
وهذا الضابط – في نظرنا غير صحيح- وذلك :
أولاً : لأننا نجد آيات ثبت كونها مدنية ، ومع ذلك صدرت بـ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ، ومنها قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21].
وقوله تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168]. وقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1]. وغيرها .
ثانياً : هنالك آيات لم يرد فيها خطاب لا بلسان : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ، ولا بلسان : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } . فهذا الضابط لا يفيد في تمييز المكي عن المدني .
2- أن ما ورد فيه تشريع فهو مدني ، وما لم يرد فيه ذلك فهو مكي .
وهذا الضابط ايضا غير صحيح ، لأننا نجد أحكاماً وتشريعات في سور مكية ، وإن كانت قليلة نسبياً ، منها قوله تعالى : {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ } [الأنعام: 72] . {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] . {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]. {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ } [الأنعام: 152]. وغير هذه الآيات مما ورد في سورة الأنعام ، أو ما ورد في سورة الأعراف وغيرها .
3- إن ما فيه كلمة (كلا) فهو مكي . وهذا الضابط صحيح الى حد بعيد ، حيث نجد في معجم ألفاظ القرآن الكريم كلمة (مكي) أمام كل آية ورد فيها اللفظ (كلا) .
ولكن يرد على هذا الضابط أنه لا يفيد في تشخيص مكية الآية أو مدنيتها مما لم يرد فيه كلمة (كلا) مع أنها كثيرة جداً ، فأين نصنفها ؟
وعلى ضوء ما ذكرناه من عدم سلامة هذه الضوابط ، ننبه على أن تمييز المكي من المدني لابد فيه من الرجوع الى المأثور ، وما نقل عن ثقة الصحابة ممن عرفوا بعلم القرآن ، وما نجده من روايات في ذلك عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) .
وما نرجح ونراه محققاً للغرض ، القول بأن القسم المكي من القرآن هو ما نزل قبلا لهجرة النبوية ، والقسم المدني هو ما نزل بعدها ، سواء نزل ذاك أو هذا في مكة أو خارجها ، أو في المدينة أو خارجها أثناء معارك الإسلام مع الشرك والكفر . والمشهور – بناء على رواية عن ابن عباس- أن عدد السور المدنية ثمان وعشرون سورة ، وعليه فيكون الباقي سوراً مكية ، وعددها ست وثمانون سورة بما فيها سورة الحمد ، لأنها كما عليه أكثر المفسرين نزلت بمكة ، وقد سقطت في قائمة ابن عباس .
وما ذكرناه من ضابط للمكي والمدني ، يجعلنا نميل الى الحذر مما نجده في كثير من المصاحف ، من استثناء بعض الآيات من سور مدنية على أنها مكية وبالعكس ، وذلك لعدم الدليل الموثوق على مثل هذا الاستثناء ، اللهم إلا اجتهادات وآراء لبعض الأشخاص ، ويساورنا الشك في أن بعض الكذابين أرادوا وربما بتدخل من بعض السلاطين – أمويين وبعاسيين- أن يحرفوا بعض الآيات عن سبب نزولها الحقيقي في علي (عليه السلام) – مثلا – ليجعلوها مزية لشخص آخر .
وأوضح شاهد يؤكد شكنا ويؤيد حذرنا ، هو ما نسب الى مقاتل والكلبي- وهما من مفتري أهل السنة- أنهما ذهبا الى استثناء آية واحدة في سورة الرعد التي هي سورة مكية بشهادة ابن عباس التي ينقلها عنه مجاهد ، وهذه الآية هي قوله تعالى :
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } [الرعد: 43] .
حيث ذهب مقاتل والكلبي أنها مدنية (2) ، لأنها نزلت في عبد الله بن سلام الذي أسلم بعد الهجرة ، فلا يمكن بزعمهما أن تكون مكية ، فاقتطعا هذه الآية من سورة كل آياتها مكية ، ليجعلوها مدنية ، وادعوا نزولها في شخص أسلم بعد الهجرة ليتم لهم ما أرادوا من حرفها عمن نزلت فيه في مكة وهو علي (عليه السلام) . كما دلت على ذلك جملة من الروايات وردت من طرق الشيعة ومن طرق أهل السنة . إذ وردت في بصائر الدرجات عن الإمام الباقر (عليه السلام) ، وفي الكافي وغيرهما ، كما وردت في كتاب المناقب لابن المغازلي الشافعي (3) ، وفي شواه التنزيل للحسكاني(4) ، وفي خصائص النسائي(5) ، وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(6) ، وفي ينابيع المودة للقندوزي(7) ، وفي تفسير الثعلبي . وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور ، عن ابن المنذر ، عن الشعبي أنه قال : (ما نزل في عبد الله بن سلام شيء من القرآن) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع في الضوابط التي أوردت لتمييز المكي عن المدني في القرآن الكريم كتاب البرهان للزركشي 1/187 – 205 .
(2) بل ادعى ابن تيمية إجماع العلماء على أنها مدنية وهو واضح البطلان .
(3) رقم الحديث/ 361 .
(4) الجزء 1/ 308 .
(5) صفحة/ 26 .
(6) 9/636 .
(7) طبع اسلامبول ، ص102 و105 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|