أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2016
7395
التاريخ: 21-12-2019
2682
التاريخ:
2542
التاريخ: 20-6-2018
4726
|
سنتطرق في هذا الموضوع إلى بيان موقف القانون المدني العراقي، والتعليق على بعض النصوص التي وردت فيه فيما يتعلق بتحديد موقفه من خيار المجلس، ثم نوضح موقفي القانونين المصري والأردني من المسألة مدار البحث، ثم نبين موقف المشرع الفرنسي بعد ذلك.
أولاً: موقف القانون المدني العراقي.
على الرغم من عدم وجود نص صريح في القانون المدني العراقي، يحدد موقف المشرع العراقي من خيار المجلس، إلا أنه يمكن استخلاص موقفه من فكرة خيار المجلس من خلال النظر في نص المادتين (82) و (87) منه(1). فالمادة (82)أعطت الخيار للمتعاقدين (خيار الرجوع وخيار القبول) في الفترة التي تسبق اقتران القبول بالإيجاب، إي في الفترة التي تسبق انعقاد العقد. فقد حددت الرجوع في الفترة التي تقع "....بعد الإيجاب وقبل القبول..." كما ورد في نصها. فلو أراد المشرع العراقي الأخذ بخيار المجلس لأعطى الخيار للمتعاقدين إلى ما بعد الانعقاد. وهذا هو مضمون خيار المجلس. كما أن المادة (87) بنصها بأنه "يعتبر التعاقد ما بين الغائبين (قد تم) في المكان والزمان ....." تدل على أن العقد ينعقد في لحظة العلم بالقبول وهو لحظة لزومه في نفس الوقت، فلم تفصل ما بين الانعقاد واللزوم، فعبارة "...قد تم..." الواردة في نص هذه المادة تدل على أن المشرع العراقي قد أراد أن يكون الانعقاد واللزوم في وقت واحد هو علم الموجب بالقبول، ولو أراد أن يفصل ما بين الانعقاد واللزوم لأستخدم عبارة (قد أنعقد) بدلاً من عبارة (قد تم). وبذلك فأن نص هذه المادة يناقض ما ترتبه فكرة خيار المجلس من أثر مباشر في العقد من منع اللزوم عنه. لذلك يمكن القول، بأن القانون المدني العراقي لم يأخذ بفكرة خيار المجلس التي قال بها فقهاء الشافعية والحنابلة. وهذا ما فُهم بشكل صريح عن طريق عدم النص على هذا النوع من الخيارات، كما فُهم بشكل ضمني من خلال استعراض مفهوم المادتين المشار إليهما أعلاه. ويبدو أن السبب في ذلك، هو تأثر المشرع العراقي بمجلة الأحكام العدلية التي لم تنص على خيار المجلس.
ثانياً: موقف القانون المدني المصري.
يتفق المشرع المصري مع المشرع العراقي من حيث عدم إيراده نص صريح ومباشر في تحديد موقفه من خيار المجلس. ومع ذلك فأن موقفه كان أكثر وضوحاً في هذه المسألة، والذي يمكن استخلاصه من خلال النظر في المواد (89)، و(91)، و(97) منه(2). فالناظر في المادتين (89،91) يجد أنهما يدلان على أن العقد يتم في لحظة العلم بالقبول، سواء أكان التعاقد بين حاضرين أو بين غائبين، ولم يفصل فيهما انعقاد العقد عن لزومه، وخاصة وأن المادة (89) قد عبرت عن تحديد لحظة العلم بالقبول بعبارة (يتم العقد) أي لم تعبر بعبارة (ينعقد العقد) التي من الممكن القول معها بتأويل الفصل ما بين الانعقاد واللزوم. وما قلناه بصدد هاتين المادتين ينطبق على المادة (97) التي وردت فيها عبارة (قد تم) مع مراعاة خصوصية هذه المادة لكونها تعالج لحظة انعقاد العقد بين غائبين. وبناءاً على ما تقدم فأن القانون المدني المصري لم يأخذ بفكرة خيار المجلس، وأن العقد ينعقد ويلزم من لحظة العلم بالقبول في المجلس، ولا يجوز لأحد المتعاقدين أن يستقل بفسخ العقد، ما لم يكن هناك شرط أو عيب أو خيار رؤية أو ما إلى ذلك.
ثالثاً: موقف القانون المدني الأردني.
سار المشرع الأردني على النهج الذي سار عليه المشرعان المصري والعراقي، فلم يورد نصاً خاص لمعالجة خيار المجلس. وهذا ما يؤكد على عدم الأخذ بخيار المجلس. فضلاً عن ذلك فأن موقفه يكون أكثر وضوحاً من خلال الإطلاع على نص المادتين (96)(3).و (101)(4). منه. فقد حددت المادة (96) الوقت الذي يجوز فيه للمتعاقدين الرجوع عن التعاقد، وحددته بالوقت الذي يكون فيه القبول لم يصدر أي بمعنى قبل انعقاد العقد، كما وأن المادة (101) منه التي عالجت لحظة تمام العقد في التعاقد بين غائبين في مجلس العقد الحكمي لم تفصل ما بين الانعقاد واللزوم. لذلك يتبين لنا أن المشرع الأردني لم يأخذ بخيار المجلس، كما فعل المشرعان العراقي والمصري من قبله، وكما فعلت مجلة الأحكام العدلية من قبل تلك القوانين المدنية، التي أستنبط منها مشرعوها أغلب الأحكام، واقتبسوا منها الكثير.
رابعاً: موقف المشرع الفرنسي.
يمكن استخلاص موقف المشرع الفرنسي من نص المادة (1102) والتي نصت على أنه "يعتبر العقد ملزماً للأطراف عندما يلتزم الأطراف بصورة متبادلة بينهما" وبذلك فأن المشرع الفرنسي، قد أعتبر بأن العقد ينعقد لازماً بمجرد اقتران القبول بالإيجاب. فالعقد يخلق حقوقاً نافذة بين الأطراف بمجرد أتفاق الأطراف على العقد نفسه(5). وبذلك فأن الانعقاد واللزوم يتمان في لحظة واحدة هي اللحظة التي تقترن بها الأرادتان(6). على أنه من الجدير بالذكر في هذا المجال، أن القوانين الفرنسية الحديثة قد اتجهت إلى حماية الطرف الضعيف في العقد عن طريق تصور قريب من فكرة خيار المجلس، فتعمد هذه القوانين الفرنسية إلى منح الطرف الذي تود حمايته، ليس مجرد مهلة للتفكير قبل أبرام العقد، بل تخوله (مهلة للانسحاب) من العقد، يستطيع خلالها الطرف الضعيف، الاستدراك والعدول عن العقد على الرغم من تمامه قبل هذا العدول، فمهلة الانسحاب تحاكي مدة (خيار المجلس) مع ملاحظة أن القائلين بخيار المجلس يمنحان الخيار للعاقدين على حد سواء(7). ونشير هنا إلى أن بعض الفقهاء(8). يطلق على مهلة الانسحاب تسمية (خيار الرجوع)، إلا أننا لا نتفق مع هذه التسمية، فهذه التسمية تطلق على الخيار الذي يمنح للموجب في الرجوع عن إيجابه قبل انعقاد العقد، بينما مهلة الانسحاب تكون لأحد الأطراف بعد انعقاد العقد.
ومن القوانين الفرنسية التي أعطت لأحد الأطراف في العقد مهلة للانسحاب(9):-
1-القانون الصادر في 12-7-1971م الخاص بالتعليم بالمراسلة، إذ منح المشرع الفرنسي من خلال هذا القانون لطالب العلم الذي يتلقى العلم عن طريق المراسلة، أن يرجع في تعاقده الذي سبق له أن أبرمه مع المؤسسة التعليمية، وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ بدء تنفيذ العقد وتسلم الطالب وسائل التعليم. وهذا الخيار متروك لمحض أرادة الطالب ولظروفه الخاصة، على أن يلتزم بتعويض المؤسسة التعليمية بمبلغ لا يزيد عن 30% من أجر التعليم.
2-القانون رقم(72-1137) الصادر في 22-12-1972م المتعلق بشأن البيع والترويج له بعيداً عن أماكن البائع. إذ أجاز للمشتري، الرجوع في تعاقده والتحلل منه خلال مدة سبعة أيام من تعاقده.
3-القانون رقم(78-22) الصادر في 10-1-1978م والذي منح بموجبه المقترض الحق في الرجوع عن عقده، خلال سبعة أيام من تاريخ أبرام العقد.
4-القانون رقم (88-21) الصادر في 6-1-1988م المتعلق حول البيع عبر المسافات، ويعطي هذا القانون للمشتري الحق في الرجوع خلال سبعة أيام كاملة.
5- القانون الصادر في 23-6-1989م، الذي أعطى بموجبه الحق في الرجوع عن العقد بالنسبة الى التعاقد الذي يتم بين زوجين خلال فترة سبعة أيام.
6-القانون الصادر في 31-12-1989م، الذي أعطى بموجبه الحق في الرجوع عن العقد بالنسبة الى المشتري غير الممتهن ، لعقار سكني ، خلال سبعة أيام التي تلي توقيع العقد.
يتبين لنا أن موقف القانون المدني الفرنسي من خيار المجلس، يتلخص بالنقاط الآتية:-
أ-لم يأخذ القانون المدني الفرنسي بفكرة خيار المجلس التي قال بها الفقه الشافعي والحنبلي على الإطلاق.
ب-أخذ المشرع الفرنسي في القوانين التي أصدرها والتي أدرجناها آنفاً بفكرة (مهلة الانسحاب) أو فكرة خيار الرجوع كما دعاها جانب من الفقه المدني، وهي فكرة تتشابه مع فكرة خيار المجلس في نواحي معينة، كما تختلف عنها في نواحي أخرى.
فهي تتشابه مع خيار المجلس في النواحي الآتية:-
1-إن الفكرتين تقومان على أن استخدام الخيار فيهما يتم بعد انعقاد العقد.
2-إن الفكرتين تقومان على أن أستخدامهما يقتصر على أنواع معينة من التعاقدات، فخيار المجلس لا يتحقق إلا في عقدي البيع والإيجار. (ومهلة الانسحاب) لا تتحقق إلا في العقود التي وردت في القوانين الخاصة دون غيرها.
كما ويختلفان في النواحي الآتية:-
1- خيار المجلس يعطي المتعاقدين فرصة الرجوع عن العقد، بينما أن (مهلة الانسحاب) تعطي لأحد المتعاقدين دون الآخر هذه الفرصة.
2- إن فترة خيار المجلس هي فترة غير محددة بزمن معين، أما مهلة الانسحاب، فأن المشرع الفرنسي حددها بزمن محدد.
3- إن خيار المجلس يقوم على أساس فصل انعقاد العقد عن لزومه، أما مهلة الانسحاب فهي تقوم على أساس مختلف، إذ يعطى من خلالها الحق لأحد الأطراف في الرجوع عن عقد لازم.
وأخيراً يمكن القول بأن فكرة (مهلة الانسحاب) لا تقوم عوضاً عن فكرة خيار المجلس. ولذلك فأن المشرع الفرنسي لم يأخذ بفكرة خيار المجلس، سواء في متن قانونه المدني، أو في القوانين الخاصة التي صدرت بعده، التي تعتبر أحكامها إلزامية، ولا يجوز الاتفاق أو الاشتراط على معارضتها، فتعتبر الشروط المعارضة لها ملغاة ولا عبرة بها(10).
______________________
1- إذ نصت المادة، (82) من القانون المدني العراقي على أنه:
"المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب إلى أخر المجلس. فلو رجع الموجب بعد الإيجاب وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الإعراض يبطل الإيجاب ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك ".
كما نصت المادة (87) منه على أنه:
"1- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول، ما لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
2- ويكون مفروضاً إن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان اللذين وصل إله فيهما.
2-إذ نصت المادة (89) من القانون المدني المصري على أنه:
"يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد".
كما نصت المادة (91) منه على أنه:
"ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ما لم يتم الدليل على عكس ذلك".
كما نصت المادة (97) منه على أنه:
"1- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين قد تم في المكان وفي الزمان اللذان يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
2- ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان وفي الزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول".
3- وهي تقابل المادة (82) من القانون المدني العراقي، وقد جاءت متطابقة معها تمام المطابقة بالمضمون وبالعبارات.
4- حيث نصت المادة (101) من القانون المدني الأردني على أنه:
"إذا كان المتعاقدان لا يضمهما حين العقد مجلس واحد، يعتبر التعاقد قد تم في المكان وفي الزمان اللذين صدر فيهما القبول، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك".
5-George Whitecross paton ; A Text – Book Of jurspradence ; op.cit ; P390 .
-6Code Civil ; 2003 ; DALLOZ ; Paris ; 2003 ; P.890 .
7- د.محمود وحيد الدين سوار، الشكل في الفقه الإسلامي، المصدر السابق، ص173-174.
8- د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص103 – د.طوني ميشال عيسى، التنظيم القانوني لشبكة الانترنيت، المصدر السابق، ص292.
9- مشار إلى هذه القوانين لدى: . Gorard Legior ; Droit Civil ; les obligations ; op.cit ;P.24
10-Gerard Legier ; Droit Civil ; Op. Cit . P.24 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|