أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2016
2364
التاريخ: 15-2-2016
27211
التاريخ: 11-3-2021
2495
التاريخ: 29-12-2016
2032
|
الفعل عن بعد ومجال القوة
أثبت تحليل نيوتن لحركات الكواكب وجود شد تجاذبي gravitational attraction يتناسب عكسيا مع مربع المسافة ، ويمكن استنتاج وجود هذه القوة من قوانين كبلر وحركات الأقمار والمقذوفات الأرضية الزحزحات المتبادلة للكواكب ، والتي تناولتها دراسات تفصيلية فيما بعد من علماء الفلك وعلماء الرياضيات .
ولكن ظلت هناك مشكلة أخرى معلقة – مشكلة ما إذا كان من الممكن إتمام نظرة أعمق في ظواهر الشد التجاذبي وفهم شد الجاذبية الأرضية gravity واشتقاقها من أسباب أخرى اساسية .
إن حقيقة ترك نيوتن لهذه المسألة مفتوحة دفعت كثيراً من الفيزيائيين البارزين حينئذ – خاصة هايجنر Huyghens - للشك في بنية الفكر النيوتوني برمته .
وبدون تفسير دقيق وأكثر عمقاً رفض هايجنر الاعتراف بصياغة نبوتن لقانون الجاذبية كصياغة مقنعة ، وعلى الطرف الآخر تقبل أتباع نيوتن هذا القانون على أنه قانون نهائي عالمي مستقل لا يحتاج لزيادة شرح ، وهم من هذا المنطق لم يعبروا عما يشعر به نيوتن نفسه من أنه لا ينكر أساساً ما يبرر إرساء قانونه على قواعد أرسخ ورغم أنه لم يؤكد ارتياحه بحتمية وجود هذا الشد التجاذبي والقانون الرياضي الذي يصفه وصفا كميا quantitative ، ولم يواصل التفكير في مصادره معبراً عن ذلك يقوله (نحن لا تقدم فروضا Hypotheses non fingo) . ومع ذلك فقد ظلت مشكلة سبب قوة الجاذبية معلقة ردحاً طويلاً من الزمن دون تقدم أكثر مما وصلت إليه وقتئذ ، بيد أن خطوة للأمام لاحت في الأفق لقانون مماثل عندما أوضح كولوم Coulomb التناسب العكسي لقوى التجاذب أو التنافر بين الشحنات الكهربائية مع مربع المسافة بينهما . ورغم الفارق المختلف المعروف بمعنى وجود نوعين من الكهربية موجبة وسالبة بحيث تتنافر الشحنات المتشابهة وتتجاذب الشحنات المختلفة ، فإن القانون الرياضي الذي اكتشفه نيوتن بشأن قوة الجاذبية ينطبق أيضاً في هذه الحالة ، فتقل القوة بازدياد المسافة . لقد نجح فيزيائيو القرن المنصرم في تحقيق فهم أعمق لآثار القوة الكهربائية هذه .
كيف المسافة بينهما ؟ إن هذا (الفعل عن بعد action at a distance) بمعنى تأثير أي نظام فيزيائي على نظام فيزيائي آخر مهما كانت المسافة بينهما كان يبدو مناقضا للحدس intuition الفيزيائي لدى الباحث . فهذا التأثير النائي لم يشعر أحد أنه أساسي بل يحتاج الى تفسير وربط مع الأساسيات مرجعة دون شك الى تأثير الفلسفة المادية materialistic philosophy على مسار التطور التاريخي ، هذه الفلسفة التي يعد أثرها العميق على تطور الفكر في مجال العلم الطبيعي الغربي حقيقة تاريخية صائبة إذ أنها تُعلِّم أن ما افترضته من ذرات مادية هي وحدها مصدر الفعل ، مشيرة الى أن الفعل العكسي للذرات من خلال الضغط والتصادم هو الفعل الوحيد المناسب لتفسير الظواهر الطبيعية .
وهكذا كان لابد من تفسير التأثيرات التي تبدو مستقلة عن بعضها الى حد بعيد ، وتتضمنها قوانين نيوتن وكولوم كنتائج تعتمد على ضغط تصادم الذرات بطريقة ما.
وبعيداً عن هذه الاعتبارات التي تمثل اليوم أهمية تاريخية ، فقد أدى الذكاء الفطري الحاد لدى علماء القرن الماضي الى الاعتقاد الراسخ بأن مبدأ (الفعل عن بعد) لابد وأن يختزل الى تأثير (مجال قوة field of force) بمعنى أن تأثيرات أي نظام فيزيائي لا يمكن أن تمتد بمفردها الى مسافات شاسعة ، وأن كل تأثير فيزيائي لابد وأن ينتشر من مكان لآخر في الفضاء على نحو متصل .
أكد هذه الاعتقادات الراسخة كل من فاراداي Faraday وماكسويل Maxwell . أما فراداي الفيزيائي التجريبي فقد سمح لأبحاثه أن تكون محكومة بتصورات (إدراكات ذهنية) conceptions أصلية جديدية طورتها وأكدتها اكتشافاته العملية بالغة الروعة ، ولقد تناقضت هذه التصورات جذرياً مع أفكار معاصريه المبنية على مبدأ (الفعل عن بعد) .
وأما ماكسويل فكان أول من عمم أفكار فاراداي لتشمل الصياغة الكمية quantitative والوضوح الرياضي مما كانت تفتقر إليها أصلا هذه الأفكار .
وتبعا لتصورات هذه النظرية في (مجال القوة) فإن التأثيرات المتبادلة بين الشحنات الكهربائية تنتشر في خلال الفضاء الذي يحتويها . وأوضحت تجارب فاراداي أن هذه التأثيرات المتبادلة للقوى كانت تتغير في وجود أي عازلات كهربائية dielectrics في أي مكان داخل الفضاء الوسيط ، وبات هناك اعتقاد منطقي راسخ بأن الفضاء بين الشحنات الكهربائية التي تتبادل التأثير على بعضها البعض ما هو إلا ناقل للجهود potentials والطاقات التي لا نحسها مباشرة وانما تبدو في صورة قوى تبعا لما وصفه قانون كولوم كمياً .
وبالتالي فإن الفراغ vacuum (الفضاء الخالي empty space) يعد ناقلا للجهود والطاقات ولا يتقيد وجوده بوجود المادة ، ومن هنا تبين أن قانون كولوم بتعبيره الرياضي (قانون تكاملي integral) أشتق رياضيا من قوانين (تفاضلية differential) ، وعليه يبدو كمحصلة نهائية للقوانين الأولية السابقة عليه التي تشير الى (المجال) ، اي : الفراغ المشغول بالجهود الكهربائية . ومن أجل دقة صياغتها وتفهمها تتطلب هذه القوانين الأبسط من حيث تفسيرها الفيزيائي وسائل رياضية أصعب كثيراً مما يتطلبه قانون كولوم البسيط من حيث التعبير عنه. وتأكيداً على مبدأ الاتصال continuity في هذا المقام ينبغي التسليم بمدى ارتباط حال المجال الكهرمغناطيسي عند نقطة ما معلومة ومدى التأثير على كل نقطة في الفراغ وفي مجاورتها المباشرة لإحداث تغييرات في الجهد مع الزمن في هذا المكان (معدل التغيير بالنسبة للزمن).
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|