المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

فدك في محكمة التاريخ
15-6-2017
الناس لا يثقون بي
6-2-2022
خبر الآحاد.
14-8-2016
نظام الكواكب السيارة عند السومريين
18-2-2022
استخدامات الطاقة الشمسية: الطهي المتزلي
7-7-2021
Semiconductor Transducers (X-ray Detectors)
14-4-2020


الآيات النازلة في أهل البيت (عليهم السلام)  
  
126362   09:49 صباحاً   التاريخ: 5-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج1, ص143-153.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

حفل الكتاب العظيم بآيات في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) الشاملة لسيّدهم الإمام أمير المؤمنين(عليه‌ السلام) وهذه بعضها :

١ ـ قال تعالى : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى: 23] ذهب جمهور المفسّرين والرواة أنّ المراد بالقربى الذين فرض الله مودّتهم على عباده هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم والمراد من اقتراف الحسنة ـ في الآية ـ هي مودّتهم وولائهم وهذه طائفة اخرى من الأخبار علّلت ذلك : أ ـ روى ابن عباس قال : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودّتهم؟ قال (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) :  عليّ وفاطمة وابناهما  .

ب ـ روى جابر بن عبد الله قال : جاء اعرابي إلى النبيّ فقال له : اعرض عليّ الإسلام فقال(صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) :  تشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله .

فانبرى الاعرابي قائلا : تسألني عليه أجرا؟

قال (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) :  إلاّ المودّة في القربى .

وطفق الاعرابي قائلا : قرباي أم قرباك؟

قال (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) : بل قرباي .

وراح الاعرابي يقول : هات ابايعك فعلى من لا يحبّك ولا يحبّ قرابتك لعنة الله .

وأسرع النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) قائلا :  آمين  .

ج ـ روى ابن عبّاس قال : لمّا نزلت آية المودّة قال قوم في نفوسهم يعني الحسد لأهل البيت: ما يريد إلاّ أن يحثّنا على قرابته من بعده فنزل جبرئيل على النبيّ وأخبره بأنّ القوم اتّهموه ومعه هذه الآية : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الشورى: 24] وأخبر النبيّ القوم فقالوا له : إنّك صادق فنزل قوله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25] احتجّت العترة الطاهرة بالآية الكريمة على لزوم مودّتهم وولائهم وهذا عرض لبعض ما أثر عنهم :

احتجّ الإمام (عليه‌ السلام) بالآية الكريمة على خصومه قال (عليه‌ السلام) :  فينا ال حم آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن  ثمّ تلا الآية : { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] .

وخطب سبط رسول الله وريحانته الإمام الحسن (عليه‌ السلام) خطابا بليغا عرض فيه إلى مكانة أهل البيت وسموّ منزلتهم ثمّ استشهد بالآية الكريمة قال (عليه‌ السلام) : وأنا من أهل البيت الّذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم قال تبارك وتعالى : { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] .

واحتجّ الإمام زين العابدين (عليه‌ السلام) بالآية الكريمة لمّا جيء به أسيرا إلى فاجر بني اميّة يزيد بن معاوية واقيم على درج دمشق ومعه حرائر الوحي سبايا انبرى إليه رجل من أهل الشام قد ضلّلته الدعاية الاموية بأنّ أهل البيت من الخوارج فقال للإمام بعنف : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة.

فنظر إليه الإمام فرآه مخدوعا مغفّلا فقال له بلطف : أقرأت القرآن؟ .

قال : نعم.

 قال (عليه السلام) : أقرأت ال حم؟ .

قال: قرأت القرآن ولم أقرأ ال حم!

 قال (عليه السلام) : ما قرأت : { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى: 23] فذهل الرجل ومشت الرعدة بأوصاله وسارع قائلا : إنّكم لأنتم؟

 فقال (عليه السلام) : نعم  .

وودّ الرجل أنّ الأرض قد ساخت به ولم يقابل الإمام بتلك الكلمات القاسية وتقدّم إلى الإمام طالبا منه العفو فمنحه الرضا والعفو.

إنّ الولاء لأهل البيت فريضة دينية يسأل عنها المسلم يوم يلقى الله تعالى.

يقول محمّد بن إدريس الشافعي :

يا أهل بيت رسول الله حبّكم                فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنّكم                 من لم يصلّ عليكم لا صلاة له .

ويقول شاعر الإسلام الأكبر الكميت الأسدي :

وجدنا لكم في آل حاميم آية                تأوّلها منّا تقيّ ومعرب

إنّ في مودّة العترة الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيرا أداء لأجر الرسول الأعظم (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) على ما عاناه من جهد وعناء في سبيل إنقاذ البشرية من الشرك والإلحاد وتطوير الحياة العامّة من حياة الصحراء الحافلة بالبؤس والشقاء إلى حياة متطوّرة تعمّها الرفاهية والأمن والرخاء وقد جعل الله تعالى عوض أتعاب رسوله المودّة والولاء لعترته.

٢ ـ قال تعالى : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61]

وأجمع المفسّرون ورواة الحديث أنّ الآية الكريمة نزلت في أهل بيت النبوة (عليهم السلام) وقد عبّرت الآية عن الأبناء بالحسن والحسين سبطي الرحمة وإمامي الهدى وعبّرت عن النساء بزهراء الرسول سيّدة نساء العالمين وعن سيّد العترة الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) بأنفسنا , نزلت الآية الكريمة في حادثة تاريخيّة بالغة الخطورة جرت بين الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) وزعماء النصارى الروحيّين وموجزها أنّ وفدا من النصارى ضمّ الزعماء الدينيّين منهم قدموا على رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) ليناظروه في الإسلام وبعد حديث دار بينهما اتّفقوا على الابتهال أمام الله تعالى ليحلّ عذابه ولعنته على الكاذبين وعيّنوا وقتا خاصّا للمباهلة ولمّا حان الوقت الموعود بينهم اختار النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) للمباهلة أفضل الخلق وأكرمهم عند الله تعالى وهم :

باب مدينة علمه وأبو سبطيه أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) ؛ بضعته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؛ سبطه الأوّل الزكي الإمام الحسن (عليه‌ السلام) ؛ سيّد شباب أهل الجنّة ريحانة الرسول الإمام الحسين (عليه‌ السلام) وأقبل بهم النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) إلى ساحة الابتهال وخرج وفد النصارى يتقدّمهم السيّد والعاقب ومعهم فرسان بني الحرث على خيولهم على أحسن هيئة واستعداد ولمّا رأت النصارى أنّ الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) قدّم للمباهلة أهل بيته وهم بهيئة تملأ العيون وتعنوا لها الجباه امتلأت نفوسهم رعبا وجثا النبيّ على الأرض مع أهل بيته فتقدّم إليه السيّد والعاقب قائلين : يا أبا القاسم بمن تباهلنا؟

فأجابهم النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) :  اباهلكم بخير أهل الأرض وأكرمهم عند الله وأشار إلى أهل بيته  .

وغمرتهما موجة من الفزع والدهشة وانبريا يقولان : لم لا تباهلنا بأهل الكرامة وأهل الشارة والكبر ممّن آمن بك واتّبعك؟ فانطلق الرسول يؤكّد لهم أنّ أهل بيته أفضل الخلق عند الله تعالى قائلا :  أجل اباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض وأفضل الخلق , وأيقنوا أنّ الرسول على حقّ وفزعوا مسرعين مذهولين إلى الاسقف زعيمهم فعرضوا عليه ما رأوه فأجابهم بدهشة قائلا : أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله ؛ وخاف الاسقف على النصارى من الهلاك والدمار إن باهل النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) وسارع قائلا وهو يرتعد : أفلا تنظرون محمّدا رافعا يديه ينظر ما تجيئان به وحقّ المسيح إن نطق فوه بكلمة لا نرجع إلى أهل ولا إلى مال , وملء قلبه رعبا وخوفا وهتف بقومه ثانيا قائلا : ألا ترون الشمس قد تغيّر لونها والافق تنجع فيه السحب الداكنة والريح تهب هائجة سوداء حمراء وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان لقد أطلّ علينا العذاب انظروا إلى الطير وهي تقيئ حواصلها وإلى الشجر كيف تتساقط أوراقها وإلى هذه الأرض كيف ترجف تحت أقدامنا.

لقد أيقن الاسقف بنزول الرزء القاصم وهلاك النصارى فمنع قومه من المباهلة وبادر الوفد نحو الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) طالبين منه أن يعفيهم من المباهلة قائلين : يا أبا القاسم أقلنا أقالك الله ؛ وخضعوا للشروط التي أملاها عليهم النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌).

والتفت النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) إلى أصحابه وإلى النصارى قائلا :  والذي نفسي بيده! أنّ العذاب تدلّى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر وما حال الحول على النصارى كلّهم  .

وأوضحت هذه الحادثة مدى الأهميّة البالغة لأهل البيت (عليهم السلام) عند الله تعالى ومن المؤكّد أنّه لو كان في الاسرة النبوية وسائر الصحابة من يضارعهم ويساويهم في الفضل لاختارهم النبيّ(صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) للمباهلة يقول الإمام شرف الدين نضّر الله مثواه : وأنت تعلم أنّ مباهلته (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) بهم والتماسه منهم التأمين على دعائه بمجرّده لفضل عظيم وانتخابه إيّاهم لهذه المهمّة العظيمة واختصاصهم بهذا الشأن الكبير وإيثارهم فيه على من سواهم من أهل السوابق فضل على فضل لم يسبقهم إليه سابق ولن يلحقهم به لا حق ونزول القرآن العزيز آمرا بالمباهلة بهم بالخصوص فضل ثالث يزيد فضل المباهلة ظهورا ويضيف إلى شرف اختصاصهم بها شرفا وإلى نوره نورا .

كما دلّت الآية بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) هو نفس رسول الله وهو من دون شكّ أفضل وأكمل من جميع خلق الله تعالى فعليّ كذلك بمقتضى المساواة بينهما , وقد أدلى بهذا الفخر الرازي قال : كان في الريّ رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي وكان معلّم الاثني عشرية يعني الإمامية وكان يزعم أنّ عليّا أفضل من جميع الأنبياء سوى محمّد (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : {وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ} ؛ إذ ليس المراد بقوله تعالى : {وَأَنْفُسَنا} نفس محمّد ؛ لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد غيرها وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان عليّ بن أبي طالب فدلّت الآية على أنّ نفس عليّ هي نفس محمّد (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) ولا يمكن أن يكون المراد أنّ هذه النفس عين تلك فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس وذلك يقتضي المساواة بينهما في جميع الوجوه تركنا العمل بهذا العموم في حقّ النبوّة وفي حقّ الفضل بقيام الدلائل على أنّ محمّدا (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) أفضل من عليّ فبقي ما وراء ذلك معمولا به ثمّ الإجماع دلّ على أنّ محمّدا (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) كان أفضل من سائر الأنبياء فيلزم أن يكون عليّ أفضل من سائر الأنبياء وهذا الرأي وثيق للغاية ليس فيه أي غلوّ بعد إقامة الدليل الحاسم عليه .

٣ ـ قال تعالى : {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } [الإنسان: 1] وذهب جمهور المفسّرين والرواة أنّ هذه السورة نزلت في أهل بيت النبوّة  ، أمّا السبب في نزولها فهو أنّ السبطين (سلام الله عليهما) مرضا فعادهما جدّهما مع كوكبة من الصحابة وطلبوا من الإمام (عليه‌ السلام) أن ينذر لله صوما إن عافا ولديه فنذر الإمام صوم ثلاثة أيام وتابعته الصدّيقة وجاريتها فضّة في هذا النذر ولمّا أبل الحسنان من المرض صاموا جميعا ولم يكن عند الإمام (عليه‌ السلام) شيء من الطعام ليجعله إفطارا لهم فاستقرض ثلاثة أصواع من الشعير وعمدت سيّدة نساء العالمين الصدّيقة (سلام الله عليها) في اليوم الأوّل إلى صاع فطحنته وخبزته فلمّا آن وقت الافطار وإذا بمسكين طرق الباب يستميحهم شيئا من الطعام فعمدوا جميعا إلى هبة قوتهم للمسكين واستمرّوا على صيامهم لم يتناولوا شيئا سوى ماء القراح وفي اليوم الثاني عمدت بضعة الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) إلى الصاع الثاني فطحنته وخبزته فلمّا حان وقت الافطار وإذا بيتيم يشكو الجوع فتبرّعوا جميعا بقوتهم ولم يتناولوا شيئا سوى الماء وفي اليوم الثالث قامت سيّدة النساء فطحنت ما بقي من الشعير وخبزته فلمّا حان وقت الغروب وإذا بأسير قد طرق الباب قد ألمّ به الجوع فسحبوا أيديهم من الطعام ومنحوه له ؛ سبحانك اللهمّ أي إيثار أعظم من هذا الايثار؟ إنّه لم يقصد به إلاّ وجه الله تعالى وابتغاء أجره , ووفد عليهم رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) في اليوم الرابع فرأى أجساما مرتعشة قد ذابت من الجوع فتغيّر حاله وطفق يقول :  وا غوثاه أهل بيت محمّد يموتون جياعا , ولم ينه النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) كلامه حتى هبط عليه أمين الوحي وهو يحمل لهم المكافأة العظمى وهي سورة هل أتى إنّها مغفرة ورحمة ورضوان من الله تعالى وخلود في الفردوس الأعلى ووسام شرف في الدنيا باق حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها إنّه يحمل هذه الآيات العظام {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} [الإنسان: 12 - 17] إنّه عطاء سمح لا نهاية له من الله تعالى على هذا الايثار الذي تجاوز حدود الزمان والمكان ولا يوصف بكيف ولا يقدّر بكم .

٤ ـ قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] أجمع المفسّرون والرواة على أنّ الآية المباركة نزلت في الخمسة أصحاب الكساء وهم سيّد الكائنات الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) وصنوه الجاري مجرى نفسه الإمام أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) وبضعته الطاهرة سيّدة نساء العالمين التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها وريحانتاه الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ولم يشاركهم أحد من اسرة النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) ولا من غيرهم من أعلام الصحابة في هذه الفضيلة ويؤيّد ذلك كوكبة من الأخبار الصحاح وهي :

أ ـ إنّ السيّدة الزكية أمّ المؤمنين أمّ سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي وفيه كانت فاطمة والحسن والحسين وعليّ فجلّلهم رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) بكساء كان عليه ثمّ قال :  اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا  يكرّر ذلك وأمّ سلمة تسمع وترى فقالت : وأنا معكم يا رسول الله؟ ورفعت الكساء لتدخل فجذبه منها وقال :  إنّك على خير  .

ب ـ روى ابن عبّاس قال : شهدت رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) سبعة أشهر يأتي كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول :  السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] الصّلاة يرحمكم الله  كلّ يوم خمس مرّات .

ج ـ روى أبو برزة قال : صلّيت مع رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) سبعة أشهر فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة (عليها السلام) فقال :  السّلام عليكم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] , إنّ قيام الرسول (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) بذلك إرشاد للامّة وإلزام لها باتّباع أهل بيته الذين هم الأدلاّء على كلّ ما ينفع الامّة في مسيرتها نحو التقدّم والتطوّر في حياتهم الدنيوية والأخروية .

د ـ احتجّ الإمام الحسن (عليه‌ السلام) بالآية الكريمة على اختصاصها بهم فقد قال في بعض خطبه :  وأنا من أهل البيت الّذي كان جبرئيل ينزل إلينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا ؛ لقد تظافرت الأخبار من طرق العترة الطاهرة وغيرها على اختصاص الآية بأهل البيت .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.