مخالفات علمية : وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (1) |
1961
05:43 مساءاً
التاريخ: 17-10-2014
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-6-2016
2291
التاريخ: 17-10-2014
1413
التاريخ: 27-11-2014
1377
التاريخ: 27-11-2014
1648
|
كانت العرب ولعلّ البشريّة جَمعاء ترى مِن القلب ـ ومَحلّه الصدر ـ مَركزاً للتعقّل والإدراك وكذا سائر الصفات النفسيّة ؛ وذلك باعتبار كونه منشأ الحيويّة في الإنسان ، فمِن القلب تنبثّ الحياة وتزدهر الحيويّة في الإنسان ، ومنها النشاط الفكري وتجوال الخواطر وسائر أحوال النفس من حبٍّ وبغضٍ وابتهاجٍ وامتعاض !
هذا مع العلم بأنّ البشريّة عرفت ـ منذ أُلوف السنين ـ أنّ مركز الإدراك هو المُخّ ومَحلّه الدِماغ من الرأس ، ومنه اشتقاق الرِئاسة لمركزيّة التدبير .
إذن لم تكن مركزيّة الدِماغ للإدراك ممّا تَجهله العرب وسائر الناس ، فما وجه التوفيق ؟
وقد رجّح ابن سينا أن يكون المُدِرك هو القلب وأنّ الدِماغ وسيلةٌ للإدراك ، فكما أنّ الإبصار والسَمع يحصلان في مراكزهما من المخّ وتكون العين والأُذُن وسطاً لهذا الحصول ، كذلك الدِماغ وسط للإدراك والتفكير (2) {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37] .
وبذلك يتلخّص الإنسان ـ في نشاطه الفكري والعلمي ـ في قلبه ، ويتّحد القلب مع النفس والروح في التعبير عن حقيقة الإنسان ذاته ، { قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] أي نفسي .
قال العلاّمة الطباطبائي : لَمّا شاهد الإنسانُ أنّ الشعور والحسّ قد يَبطل في الحيوان ، أو يغيب عنه بإغماءٍ أو صرعٍ ونحوهما ، ولا تَبطل الحياة مادام القلب نابضاً ، قطع بأنّ منشأ الحياة هو القلب وسرت منه إلى سائر الأعضاء ، وأنّ الآثار الروحيّة وكذا الأحاسيس المُتواجدة في الإنسان ـ مِن مِثل الشعور والإرادة والحبّ والبغض والرجاء والخوف ـ كلّها للقلب ، بعناية أنّه أَوّل متعلّق للروح ، وهذا لا ينافي كون كلّ عضوٍ من الأعضاء مبدأ لعملٍ يخصّه ، كالدماغ للفكر والعين للإبصار والأُذُن للسمع والرئتَين للتنفّس ونحو ذلك ، فإنّها جميعاً مَنزلة الآلات والوسط إلى ذلك .
قال : ويتأيّد ذلك بما وَجَدَته التجارب العلميّة في الطيور ، لا تموت بفقد الدماغ ، سِوى أنّها تفقد الشعور والإحساس ، وتبقى على هذه الحال حتّى تموت بفقد الموادّ الغذائيّة وإيقاف نبضات القلب .
والبحوث العلميّة لم تُوفّق لحدّ الآن للعثور على مصدر الأحكام الجسديّة أعني عرش التدبير في البدن ، إذ أنّها في عين التشتّت والتفرّق في بِنيَتِها ونوعية عملها ، هي مجتمعة تحت لواءٍ واحد ومؤتمرة بأوامر أميرٍ واحد ، وحدة حقيقية من غير انفصام .
وليس ينبغي زَعمُ التغافل عن شأن الدِماغ وما يَخصّه من أمر الإدراك ، وقد تنبّه الإنسان لِما عليه الرأس مِن الأهميّة في استواء الجسد مُنذ أقدم الزمان ، وقد جرى على ألسنتهم التشبيه بالرأس والاشتقاق منه حيثما يُريدون التعبير بالمبدئيّة في أيّ شيء .
ولكن مع ذلك نَراهم ينسبون الإدراك والشعور وكذا صفات النفس ـ ممّا للشعور فيه حظّ ـ إلى القلب المُراد به الروح الساطية على البدن والمُدبّرة له ، كما يَنسبونها إلى النفس بمعنى الذات ، فلا فرق بين أنْ يُقال : هَواكَ قلبي أو هَوتك نفسي . فأُطلق القلب وأُريد به النفس ؛ باعتبار كونه مبدأ جميع الإدراكات ( العقليّة ) والصفات ( النفسيّة ) ، وفي القرآن الشيء الكثير من ذلك : قال تعالى : { يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: 125] {يَضِيقُ صَدْرُكَ} [الحجر: 97] ، {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: 10] ، {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: 7] ، إلى غيرها من آيات (3) .
_____________
(1) الحجّ 22 : 46 .
(2) راجع : تفسير الميزان ، ج2 ، ص236 .
(3) تفسير الميزان ، ج2 ، ص234 ـ 235 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|