الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أسامة بن مُنقذ
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص393-397
26-1-2016
4579
كان بنو نصر بن منقذ الكنانيّ أصحاب قلعة شيزر (قرب حماة في الشام) ذوي إمارة على تلك الناحية، و كانوا فرسانا عارفين بالحرب و شجعانا أبطالا و أدباء شعراء.
و كان من أكابر آل منقذ أسامة بن مرشد بن علي بن مقلّد بن نصر ابن منقذ، و كان يكنى أبا المظفّر و أبا شامة و يلقّب مؤيّد الدولة و مجد الدولة.
ولد أسامة بن منقذ في شيزر يوم الاحد في 27 جمادى الآخرة سنة 488(25-6-1095 م) ، قبل حملة الإفرنج (الصليبيين) الاولى على الشام بنحو عام. و نشأ أسامة في شيزر و شارك أهله في الدفاع عن حصنهم و في قتال الإفرنج. و كان شجاعا بطلا متهوّرا، و قد لامه أهله برغم التوفيق الذي كان يصيبه في قتال الإفرنج.
ذهب أسامة إلى الموصل و دخل في جيش نور الدين زنكي (523 ه -1129 م) . ثم عاد الى شيزر بعد بضع سنين (532 ه) و كانت الامارة لعمّه عزّ الدين. و يبدو أنّ أسامة ظلّ، برغم انقضاء سني الشباب، على تهوّره القديم فنفاه عمّه فجاء الى دمشق و سكن الغوطة ثم نال حظوة عند الأتابك شهاب الدين محمود ابن تاج الملك بوري.
و في سنة 538 ه (1144 م) تعرّض «أسامة» في دمشق لعدد من المكائد فانتقل الى مصر و عاش في عزلة سوى أنه كان يذهب مرة بعد مرّة الى الصيد ليعتاض به عن خوض المعارك. غير أن الفرصة عادت فسنحت له فاشترك في الحملة على عسقلان (جنوب حيفا بفلسطين) سنة 544 ه (1150 م) . ثم عاد وجه الحياة يتجهّم له في مصر فرجع الى دمشق (549 ه) ، و كانت الشام قد صارت في ملك نور الدين. و بعيد عام 550 ه حدثت زلزلة شديدة هدمت شيزر فأعاد نور الدين بناءها.
و في 555 ه (1160 م) ذهب أسامة الى الحج. و بعد عامين اشترك مع نور الدين في الحملة التي استردّ فيها نور الدين مدينة حارم (قرب حلب) . ثم اتّفق له ما دعاه الى مغادرة دمشق فذهب إلى حصن كيفا (مدينة في شماليّ العراق) و نزل على صاحبها قره أرسلان و بقي هنالك عشر سنين عظم في أثنائها نشاطه الأدبيّ.
و في سنة 570 ه (1174 م) دعاه صلاح الدين الأيوبي الى دمشق ثم حدثت بينهما نفرة، فلمّا نقل صلاح الدين قاعدة ملكه الى مصر ظلّ أسامة في دمشق حتّى توفّي في 13 رمضان 584(6-11-1188 م) و دفن شرق جبل قاسيون.
أسامة بن منقذ فارس بطل و شاعر بارع و مؤلّف قدير و لاعب بالشطرنج، يضاف الى ذلك كلّه ثقافة واسعة و معرفة بفنون الحرب و عزّة نفس و كرم. و قد مدحه الشعراء. و له نثر أنيق في الترسّل متين في التأليف. و شعره كثير مطبوع جيّد؛ و الذي وصل إلينا منه مختارات اختارها أسامة بنفسه. و شعره جزل فخم متين السبك قليل التكلّف. أمّا أغراض شعره فهي الفخر و المدح و الرثاء و العتاب و في عتابه رقّة و رفق، و غزله عاديّ عامّ و لكنه عذب. و له وصف و أدب (حكمة) .
و لأسامة بن منقذ من الكتب: كتاب الشيب و الشباب-ذيل يتيمة الدهر (للثعالبي) - كتاب تاريخ أيامه - كتاب أخبار أهله - كتاب الاعتبار-كتاب البديع في البديع - كتاب العصا - كتاب المنازل و الديار-كتاب القضاء-تلخيص مناقب العمرين (1)لابن الجوزي. و له مجموع اسمه لاميّة (لبّاب؟) الأدب (فيه: كتاب الوصايا، كتاب السياسة، كتاب الكرم و إطعام الطعام، كتاب الشجاعة، كتاب الأدب، كتاب البلاغة، (كتاب ألفاظ من الحكمة في معان شتّى) . و له مجموع من شعره اختاره بنفسه.
مختارات من آثاره:
- لقي أسامة مصائب كثيرة و نزلت في قلبه الهموم فقال:
قالوا نهته الأربعون عن الصبا... و أخو المشيب يجور ثمّت يهتدي
كم جار في ليل الشباب فدلّه... صبح المشيب على الطريق الأقصد (2)
و اذا عددت سنيّ ثمّ نقصتها... زمن الهموم فتلك ساعة مولدي
- و قال في تبريز تهوّره:
لأرمينّ بنفسي كلّ مهلكةٍ... مخوفة يتحاماها ذوو الباس
حتّى أصادف حتفي، فهو أجمل بي... من الخمول و أستغني عن الناس
- و قال يرثي ولده عتيقا:
غالبتني عليك أيدي المنايا... و لها في النفوس أمر مطاع
فتخلّيت عنك عجزا، و لو أغـ...ـنى دفاعي لطال عنك الدفاع
و أرادت جميل صبري فرامت... مطلبا في الخطوب لا يستطاع (3)
- مدح أسامة بن منقذ صلاح الدين الأيوبيّ بقصيدة منها:
أنا جاره، و يد الخطوب قصيرة... عن أن تنال مجاور السلطان
خضعت له صيد الملوك، فمن برى... أقلامه غرر على التيجان (4)
يا ناصر الإسلام-حين تخاذلت... عنه الملوك-و مظهر الإيمان
بك قد أعزّ اللّه حزب جنوده... و أذلّ حزب الكفر و الطغيان
لمّا رأيت الناس قد أغواهم... الشيطان بالإلحاد و العصيان
جرّدت سيفك في العدى، لا رغبةً... في الملك بل في طاعة الرحمن
فضربتهم ضرب الغرائب واضعا... بالسيف ما رفعوا من الصلبان (5)
و غضبت للّه الذي أعطاك فصـ...ـل الحكم غضبة ثائر حرّان (6)
فقتلت من صدق الوغى (7) و وسمت من... نجّى الفرار بذلّة و هوان
- كتب القاضي الفاضل (8) الى أسامة بن منقذ رسالة، فردّ عليه أسامة برسالة طويلة جاء فيها:
«. . . . و ما عسى أن يقول مطريه و مادحه، و الفضل نغبة (9) من بحره الزاخر، و قطرة من سحابه الماطر: تفرّد به فما له فيه من نظير، و سبق من تقدّمه في زمانه الأخير. فتق عن البلاغة أكماما (10) تزيّنت الدنيا منها بالأعاجيب، و أتى بآيات فصاحة كادت أن تتلى في المحاريب؛ اذا استنطقت (11) ازدحمت عليها العقول و الأسماع، و وقع على الإقرار بإعجازها الاتّفاق و الإجماع. فسبحان من فضّله بالبلاغة على الأنام، و ذلّل له بديع كلام ما كأنه من الكلام: تعجز عن سلوك سبيله الأفهام و تحار في إدراك لطف معانيه الأوهام؛ هو سحر لكنّه حلال، و درّ إلا أنّ بحره حلو سلسال. . . (12)»
______________________
1) عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز.
2) جار: مال عن الطريق السوي، ضل. الأقصد: المعتدل: المستقيم.
3) أرادت جميل صبري: أرادت (المنايا) أن تسلبني صبري.
4) الصيد جمع أصيد: متكبر، ملك قوي. برى أقلامه (؟) . برى (بفتح الباء) : التراب. لعله يقصد برى (بفتح الباء و سكون الراء و بالياء) ؛ و لكن المعنى يظل غامضا. لعله يقصد من برى أقدامه: من تراب (غبار حوافر خيله في الحرب) .
5) الغرائب: الابل التي تشذ في المرعى عن القطيع تضرب بالحجارة (من بعيد) حتى تعود الى قطيعها في المرعى. وضع: هدم. رفع: بنى.
6) الحران: الشديد الحرارة (شديد الرغبة في الانتقام) .
7) من حارب بصدق و حماسة.
8) القاضي الفاضل كاتب منشئ بارع، راجع، تحت، ص 411.
9) أطرى يطرى: مدح. النغبة (بضم النون) : الجرعة (من الماء أو اللبن) .
10) الأكمام جمع كم (هنا) : كأس الزهرة (الاوراق الخضر التي تضم الزهرة قبل تفتحها) .
11) كادت أن تتلى في المحاريب (كاد الناس أن يقرؤوها في الصلاة-هذه مبالغة مذمومة) . استنطقت (بالبناء للمجهول) نطق بها.
12) السلسال (بفتح السين) : ماء عذب صاف يسهل مروره في الحلق. مع أن الدر (اللؤلؤ) يوجد في البحر (الماء المالح) .
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
