أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2014
![]()
التاريخ: 21/12/2022
![]()
التاريخ: 3-12-2015
![]()
التاريخ: 5-10-2014
![]() |
الإنسان بموته يتجرد بنفسه عن المادة فيعود موجودا مجردا مثاليا أو عقليا، و هاتان الرتبتان فوق مرتبة المادة، و الوجود فيهما أقوى من الوجود المادي، فمن المحال أن تتعلق النفس بعد موتها بالمادة ثانيا، و إلا لزم رجوع الشيء إلى القوة بعد خروجه إلى الفعل، و هو محال، و أيضا الإنسان أقوى وجودا من سائر أنواع الحيوان، فمن المحال أن يعود الإنسان شيئا من سائر أنواع الحيوان بالمسخ.
ثم إن لهذه الصورة أيضا أفعالا و أحوالا تحصل بتراكمها التدريجي صورة خاصة جديدة توجب تنوع النوعية الإنسانية على حد ما ذكر نظيره في النوعية الحيوانية.
إذا عرفت ما ذكرناه ظهر لك أنا لو فرضنا إنسانا رجع بعد موته إلى الدنيا و تجدد لنفسه التعلق بالمادة و خاصة المادة التي كانت متعلقة نفسه من قبل لم يبطل بذلك أصل تجرد نفسه فقد كانت مجردة قبل انقطاع العلقة و معها أيضا و هي مع التعلق ثانيا حافظة لتجردها، و الذي كان لها بالموت أن الأداة التي كانت رابطة فعلها بالمادة صارت مفقودة لها فلا تقدر على فعل مادي كالصانع إذا فقد آلات صنعته و الأدوات اللازمة لها فإذا عادت النفس إلى تعلقها الفعلي بالمادة أخذت في استعمال قواها و أدواتها البدنية و وضعت ما اكتسبتها من الأحوال و الملكات بواسطة الأفعال فوق ما كانت حاضرة و حاصلة لها من قبل و استكملت بها استكمالا جديدا من غير أن يكون ذلك منه رجوعا قهقرى و سيرا نزولياً من الكمال إلى النقص، و من الفعل إلى القوة.
فإن قلت: هذا يوجب القول: بالقسر الدائم مع ضرورة بطلانه، فإن النفس المجردة المنقطعة عن البدن لو بقي في طباعها إمكان الاستكمال من جهة الأفعال المادية بالتعلق بالمادة ثانيا كان بقاؤها على الحرمان من الكمال إلى الأبد حرمانا عما تستدعيه بطباعها، فما كل نفس براجعة إلى الدنيا بإعجاز أو خرق عادة، و الحرمان المستمر قسر دائم .
قلت: هذه النفوس التي خرجت من القوة إلى الفعل في الدنيا و اتصلت إلى حد و ماتت عندها لا تبقى على إمكان الاستكمال اللاحق دائما بل يستقر على فعليتها الحاضرة بعد حين أو تخرج إلى الصورة العقلية المناسبة لذلك و تبقى على ذلك، و تزول الإمكان المذكور بعد ذلك فالإنسان الذي مات و له نفس ساذجة غير أنه فعل أفعالا و خلط عملا صالحا و آخر سيئا لو عاش حينا أمكن أن يكتسب على نفسه الساذجة صورة سعيدة أو شقية و كذا لو عاد بعد الموت إلى الدنيا و عاش أمكن أن يكتسب على صورته السابقة صورة خاصة جديدة و إذا لم يعد فهو في البرزخ مثاب أو معذب بما كسبته من الأفعال حتى يتصور بصورة عقلية مناسبة لصورته السابقة المثالية و عند ذلك يبطل الإمكان المذكور و يبقى إمكانات الاستكمالات العقلية فإن عاد إلى الدنيا كالأنبياء و الأولياء لو عادوا إلى الدنيا بعد موتهم أمكن أن يحصل صورة أخرى عقلية من ناحية المادة و الأفعال المتعلقة بها و لو لم يعد فليس له إلا ما كسب من الكمال و الصعود في مدارجه، و السير في صراطه، هذا.
و من المعلوم أن هذا ليس قسرا دائما و لو كان مجرد حرمان موجود عن كماله الممكن له بواسطة عمل عوامل و تأثير علل مؤثرة قسرا دائما لكان أكثر حوادث هذا العالم الذي هو دار التزاحم، و موطن التضاد أو جميعها قسرا دائما، فجميع أجزاء هذا العالم الطبيعي مؤثرة في الجميع، و إنما القسر الدائم أن يجعل في غريزة نوع من الأنواع اقتضاء كمال من الكمالات أو استعداد ثم لا يظهر أثر ذلك دائما إما لأمر في داخل ذاته أو لأمر من خارج ذاته متوجه إلى إبطاله بحسب الغريزة، فيكون تغريز النوع المقتضي أو المستعد للكمال تغريزا باطلا و تجبيلا هباء لغوا فافهم ذلك، و كذا لو فرضنا إنسانا تغيرت صورته إلى صورة نوع آخر من أنواع الحيوان كالقرد و الخنزير فإنما هي صورة على صورة، فهو إنسان خنزير أو إنسان قردة، لا إنسان بطلت إنسانيته، و خلت الصورة الخنزيرية أو القردية محلها، فالإنسان إذا كسب صورة من صور الملكات تصورت نفسه بها و لا دليل على استحالة خروجها في هذه الدنيا من الكمون إلى البروز على حد ما ستظهر في الآخرة بعد الموت، و قد مر أن النفس الإنسانية في أول حدوثها على السذاجة يمكن أن تتنوع بصورة خاصة تخصصها بعد الإبهام و تقيدها بعد الإطلاق و القبول فالممسوخ من الإنسان إنسان ممسوخ لا أنه ممسوخ فاقد للإنسانية هذا، و نحن نقرأ في المنشورات اليومية من أخبار المجامع العلمية بأوربا و أمريكا ما يؤخذ جواز الحياة بعد الموت، و تبدل صورة الإنسان بصورة المسخ، و إن لم نتكل في هذه المباحث على أمثال هذه الأخبار، لكن من الواجب على الباحثين من المحصلين أن لا ينسوا اليوم ما يتلونه بالأمس.
فإن قلت: فعلى هذا فلا مانع من القول بالتناسخ.
قلت: كلا فإن التناسخ و هو تعلق النفس المستكملة بنوع كمالها بعد مفارقتها البدن ببدن آخر محال، فإن هذا البدن إن كان ذا نفس استلزم التناسخ تعلق نفسين ببدن واحد، و هو وحدة الكثير، و كثرة الواحد، و إن لم تكن ذا نفس استلزم رجوع ما بالفعل إلى القوة، كرجوع الشيخ إلى الصبا، و كذلك يستحيل تعلق نفس إنساني مستكملة مفارقة ببدن نباتي أو حيواني بما مر من البيان.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|