أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2017
3475
التاريخ: 27-7-2022
1920
التاريخ: 16-1-2021
2503
التاريخ: 16-1-2021
2712
|
أن التحقيق الابتدائي في القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة ومنها الشرطوية والعسكرية له ضمانات مقررة تكفل حياده ونزاهته والتوفيق بين مصالح الاشخاص الخاضعين لأحكام هذه القوانين مع مصلحة المجتمع، حتى لا يكون الاجراء المتخذ بحق رجل الشرطة او العسكري غير سليم مما يترتب عليه بطلان هذه الإجراءات، لذلك سنتكلم عن هذه الضمانات وفق الآتي:
اولاً: الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام.
ينصرف مفهوم سلطة الاتهام الى الجهاز الذي يتولى الدفاع عن الحق العام للمجتمع امام القضاء عموماً، وقد اختلفت التشريعات في تسمية هذا الجهاز بين مصطلحي الادعاء العام والنيابة العامة، الا أن هذا الاختلاف في التسمية لا يمس دلالة المصطلحين على انه هيأة إجرائية متخصصة تنوب عن المجتمع في مراقبة التطبيق السليم لأحكام القانون التي اسند اليها المجتمع مهمة مطالبة السلطة القضائية بأعمال احكام القانون ومتابعة هذه المطالبة لغاية صدور الحكم البات الكاشف عن وجود او عدم وجود حق للدولة في العقاب (1).
أن الأصل العام أن القوانين الجزائية الإجرائية اختلفت في تنظيم وظيفة القضاء الجزائي بخصوص الاختصاصات والصلاحيات التي تمنح لكل جهة من الجهات القضائية ويرجع ذلك الى تأثر قانون الإجراءات الجزائية لكل دولة بالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يحكم شكل الدولة وينظم علاقتها بالأفراد (2)، فذهب المشرع المصري والاماراتي الى تبني مبدأ الجمع بين سلطتي التحقيق والاتهام، في حين أن المشرع العراقي تبنى مبدأ الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام، فأوكل مهمة التحقيق الابتدائي الى قضاة التحقيق والمحققين بينما اوكل مهمة توجيه الاتهام الى الادعاء العام وفقاً لما ورد بالمادة (5/ اولاً) من قانون الادعاء العام العراقي رقم (49) لعام 2017 التي نصت على أن يتولى الادعاء العام المهام الآتية: اولاً: إقامة الدعوى بالحق العام وقضايا الفساد الإداري والمالي ومتابعتها .. فضلاً عن الجهات الأخرى التي حددها القانون (3).
وبطبيعة الحال أن المشرع العراقي أجاز للادعاء العام تولي مهمة التحقيق ومنحه صلاحية قاضي تحقيق في حالات استثنائية ووفقاً لهذا المبدأ يقتصر دور الادعاء العام على توجيه الاتهام وتحريك الدعوى الجزائية والرقابة على شرعية الإجراءات اما ممارسة سلطة التحقيق فتسند إلى قاضي التحقيق (4)، حيث أن من الضروري أن تتوافر صفة حياد السلطة المختصة بالتحقيق والا تقوم جهة واحدة بوظيفتي الاتهام والتحقيق فكثير من التشريعات الإجرائية العسكرية منها البلجيكي يقوم المدعي العسكري بوظيفة قاضي التحقيق ووظيفة الضبطية القضائية ووظيفة النيابة العسكرية، وهي ذات الخطة التي اتبعها قانون القضاء المصري، وعلى الرغم من أن محكمة النقض البلجيكية قد اكدت استقلال المدعي العسكري عند قيامه بوظيفة قاضي التحقيق، الا أن جانب من الفقه يرى أنّ هذا الاستقلال ليس الا استقلالاً نظرياً بحثاً، فالمدعي العسكري يخضع للنظام التدرجي خضوعاً كاملاً ويخضع ايضاً للمدعي العام فيما يتعلق بترقيته وتأديبه، وهذا غير صائب كونه يفقد ضمانة من ضمانات التحقيق، وقد تعرضت المحكمة الأوربية لحقوق الانسان لهذه القضية واعتبرت أن المدعي العام العسكري الهولندي الذي جمع بين سلطتي الاتهام والتحقيق لا تتوافر فيه ضمانات الاستقلال المتطلبة في القاضي أو أي قاضي مخول قانوناً ممارسة الوظائف القضائية (5). وعلى الرغم من أن النظام القانوني الذي تبناه المشرع العراقي في احكامه العامة فيما يخص مبدأ الفصل بين سلطتي التحقيق والاتهام الا اننا نجده يتخذ موقفاً مغايراً يناقض موقفه السابق في قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي فقد جمع هذا القانون بين سلطتي الاتهام والتحقيق في قبضة السلطات القائمة بالتحقيق الابتدائي وهذا ما تؤكده نص المادة (7) من قانون الأصول العسكري (6) الا أن قانون أصول قوى الامن الداخلي العراقي لم يعطي أي دور للادعاء العام امام سلطات التحقيق الابتدائي التي يخضع لها رجل الشرطة المتهم وهو في حد ذاته ما يخالف الاحكام العامة المنصوص عليها في قانون الادعاء العام السابق (الملغى) أو النافذ وقانون أصول المحاكمات الجزائية العام، وأن ذلك يشكل انتهاكاً خطيراً لمبدأ الشرعية الإجرائية التي تقوم على التوفيق بين العدالة الجزائية واحترام الحقوق والحريات الشخصية للأفراد التي تستلزم وجود رقابة فاعلة على الإجراءات التحقيقية بما يضمن عدم مخالفة سلطات التحقيق الابتدائي لقواعد الإجراءات الجزائية، وهو ما يؤكد على حتمية واهمية حضور الادعاء العام وبموجب نص القانون عند اجراء التحقيق في جناية أو جنحة وابداء ملاحظاته حول إجراءات التحقيق المتخذة وتقديم الطلبات القانونية التي يراها ضرورية والطعن في القرارات التي يراها مخالفة للقانون (7).
مما تقدم ذكره يمكننا القول أن المشرع العراقي في قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي قد جانب الصواب بحرمان رجل الشرطة المتهم من احد اهم سلطات الرقابة والاشراف على صحة وسلامة الإجراءات والقرارات الصادرة من سلطات التحقيق، وهو ما يشكل انتهاكاً خطيراً ومساساً كبيراً بحقوق رجل الشرطة المتهم وضماناته في المثول أمام محكمة قانونية عادلة قد توافرت فيها كافة الضمانات ويضاف الى ذلك أن الصياغة التشريعية بهذا الجانب تحديداً تثير إشكاليات قانونية خطيرة تتمثل ببطلان إجراءات التحقيق الابتدائي وخصوصاً في جرائم الجنايات والجنح.
ثانياً: الفصل بين سلطة التحقيق وسلطة الحكم.
يقصد بهذا المبدأ عدم الجواز لمن يتولى سلطة التحقيق الابتدائي أن يشترك في نظر الدعوى امام المحاكم المختصة (8)، وقد اخذت معظم التشريعات العسكرية بهذا المبدأ ومنها قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري العراقيين منها ماورد بالمادة (41/ثالثاً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري التي نصت على أن : (لا يكون رئيساً أو عضواً او مدعياً عاماً في المحكمة العسكرية الأمر بأحالة المتهم الى المحكمة العسكرية او القائم بالتحقيق في جريمة او الامر الذي رفع تقرير الجريمة عن المتهم) (9)، حيث أنّ من الضمانات الأساسية التي خير ما فعله المشرع في هذه القوانين هو الفصل بين سلطة التحقيق وسلطة الإحالة وسلطة الحكم فسلطة التحقيق تكون ملزمة عند الانتهاء من التحقيق في القضية تقوم بإحالتها إلى أمر الإحالة الذي بدوره يحيل القضية الى المحكمة للفصل فيها، فأذا كان أمر الإحالة او القائم بالتحقيق أو الأمر الذي رفع التقرير عن الجريمة هو نفسه يشكل رئيس المحكمة او عضو فيها او عضو الادعاء العام الذي يحضر في المحاكمة فهنا بالتأكيد ستكون سلطة الاتهام والتحقيق : ( وهو أمر الإحالة او القائم بالتحقيق او الامر الذي رفع تقرير الجريمة ) هي ذاتها سلطة المحاكمة (رئيس المحكمة او أي عضو فيها ) او الجهة الرقابية التي تتولى الاشراف والرقابة على عمل جهة المحاكمة، وهو امر يجعل مبدأ الحياد الذي يجب أن تتحلى به المحكمة في اصدار حكمها بعيداً عن الواقع اذ أن التحيز للرأي ستبعد القاضي او عضو المحكمة او عضو الادعاء العام عن ذلك الحياد المنشود. ومع ذلك عندما يجري أعضاء المجلس التحقيقي التحقيق مع المتهم فهو بحد ذاته أهمية خاصة منحوه الى المتهم الذي يجري التحقيق معه لكونهم يوفروا له قدر كبير من الضمانات مما قد يوفره امر الضبط او القائد في التحقيق مع المتهم، حيث تنفصل كل من سلطتي التحقيق والحكم في المجلس التحقيقي ومن ثم يوفر حيادية أعضاء المجلس التحقيقي في التحقيق والتي يمكن أن تعد ابرز مقومات التحقيق، كون المجلس التحقيقي يشكل من ثلاثة من الضباط ومن ثم يستطيعون تدارك الخطأ اذا صدر من احدهم عن طريق تصحيحه من بقية الأعضاء وخصوصاً اذا كان احدهم من الضباط الحاصل على شهادة القانون(10).
ويتضح مما سبق أن مرحلة التحقيق الابتدائي تكون مستقلة عن مرحلة التحقيق القضائي وهذا الاستقلال عبر عنه المشرع والقانون بمبدأ الفصل بين سلطتي التحقيق والحكم. اما الأثر المترتب على هذا المبدأ انه لا يمكن للقضاة الذين سبق لهم بالتحقيق بالدعوى الجزائية أن ينظروا في هذه الدعوى في مرحلة المحاكمة، فاذا ثبت قيام أحد القضاة الذين أجروا المحاكمة وأصدروا الحكم هم الذين سبق لهم أن اجروا التحقيق في هذه الدعوى فأن ذلك يكون الحكم باطلاً.
______________
1- ينظر : د. كاظم عبد الله الشمري، الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق، مجلة جامعة بابل، المجلد (6)، العدد (6)، حزیران 2002، ص 16 وما بعدها. مناف رحيم منديل، ضمانات رجل الشرطة المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية مجلد (29)، العدد (5) ، 2021، ص 265 وما بعدها.
2- للتفصيل ينظر: احمد لطفي السيد الشرعية الإجرائية وحقوق الانسان، مطبعة دار المدينة، الرياض، 2005، ص 45 وما بعدها.
3- للتفصيل ينظر: د فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ص 50 وما بعدها.
4- ينظر : عبد الرزاق حسين كاظم الفصل بين وظيفتي الاتهام والتحقيق في الدعوى الجزائية رسالة ماجستير، كلية القانون / جامعة بابل، 2007، ص 147 وما بعدها.
5- ينظر : د. عبد الرحيم صدقي، مشروعية القانون والقضاء العسكري، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، (بدون سنة)، ص 163.
6- لقد نصت المادة (7) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي على ان (للمدعي العام العسكري حق طلب اتخاذ الإجراءات القانونية في كل جريمة لحق علمه بها وله أن يتولى بنفسه التحقيق فيها بناءً على امر صادر اليه من مرجعه الأعلى وعندئذ يكتسب صفة المجلس التحقيقي ويمارس الصلاحيات المنصوص عليها في هذا القانون).
7- للتفصيل ينظر : حسن يوسف مقابلة دور الادعاء العام في تحقيق الشرعية الجزائية، ط1، دار الثقافة، عمان، 2014، ص 113.
8- ينظر: الأستاذ عبد الأمير العكيلي ود. سليم حرية، شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ج1 ط2 بغداد 1975، ص 202.
9- في ذات السياق تنظر: المادة (36/ اولا /ج) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي العراقي.
10- ينظر: سامي غازي كلف بطلان الإجراءات الجزائية، ط1 ، مكتبة القانون المقارن بغداد، 2020، ص 148.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
بالتعاون مع العتبة العباسية مهرجان الشهادة الرابع عشر يشهد انعقاد مؤتمر العشائر في واسط
|
|
|