في ضوء الدراسة السابقة للضغوط الجوية ، وتوزيع مناطقها وما يطرأ عليها من تغير بين الصيف والشتاء يمكننا أن نرسم صورة عامة لنظام الرياح السائدة على مختلف أجزاء العالم العربي فيما يلى : من الطبيعي أن تكون الرياح التجارية التي تهب من الاتجاهات الشمالية عموما هى أوسع أنواع الرياح العامة انتشارا في العالم العربي بسبب وقوع القسم الأكبر منه في نطاقها ، وهي في جملتها رياح منتظمة ذات تأثير ملطف وخصوصا في الصيف إلا أن تزحزج الجبهة الاستوائية ITCZ نحو الشمال في هذا الصيف ونحو الجنوب في فصل الشتاء يترتب عليه تغير في موقع الحد الجنوبى للنطاق الذى تسوده هذه الرياح من فصل إلى آخر ففى فضل الصيف تكون الجبهة الاستوائية ممتدة على شمال إفريقيا وغربى آسيا مع خط عرض 15 شمالا تقريبا ، ويكون هذا الخط هو الحد الجنوبي لنطاق الرياح التجارية والحد الشمالي لنطاق الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي كانت في الأصل تجارية جنوبية شرقية ثم انحرفت بعد عبورها لخط الاستواء أما في فصل الشتاء فيتغير الوضع حيث تأخذ الجبهة ITCZ في التزحزح تدريجيا نحو الجنوب حتى تصل إلى الجنوب من خط الاستواء، وهكذا فإن الحد الجنوبي لنطاق الرياح التجارية يتمشى فى هذا الفصل مع خط الاستواء تقريبا . بينما يتزحزح الضغط المرتفع الأزورى في نفس الاتجاه ويمتد على شمالى إفريقيا وغربي آسيا كما سبق أن بينا ، ونتيجة لهذا يدخل شمال الوطن العربى حتى خط عرض 29 شمالا تقريبا فى منطقة الانتقال بين الرياح الغربية والرياح التجارية ويكون معرضا للتقلبات التي يسببها النشاط الاعصاري على البحر المتوسط الذي يكون عندئذ مركزا لضغط منخفض . ولذلك فإن اتجاهات الرياح تكون متقلبة .

وبناء على التوزيع السابق للضغط الجوى والرياح يمكننا أن العربي على أساس اتجاهات الرياح السائدة إلى ثلاثة نطاقات هي :

1ـ النطاق الواقع شمالى خط عرض 29 شمالا عليه مدينة الكويت ويمر إلى الشمال من حائل وتبوك في المملكة العربية السعودية وبمدينة بنى سويف على نهر النيل وواحة سيوة بصحراء مصر . الغربية وواحات جغبوب وجالو وغدامس في شمال ليبيا . ففي كل المناطق الواقعة شمال هذا الخط تكون الرياح التجارية سائدة في فصل الصيف . ويتوقف اتجاهها على موقع المنطقة بالنسبة لمركز الضغط الأزوري في الشمال وللمنخفضات الواقعة على امتداد الجبهة الاستوائية ITCZ في الجنوب ، وأهمها منخفض السودان الموسمى ومنخفض الهند الموسمى ، إلا أن أغلبها يكون شماليا غربيا أو شماليا ، ففى مدينة الاسكندرية مثلا تكون النسبة المئوية للرياح الشمالية الغربية في شهر يوليو 52 والنسبة المئوية للرياح الشمالية 29٪ بينما لاتكاد تهب رياح تذكر من الاتجاهات الجنوبية أما في فصل الشتاء فتكون الرياح في هذا النطاق متقلبة الاتجاه وتكون موزعة على جميع الاتجاهات بنسب متقاربة مع ميل إلى زيادة نسب مرات الاتجاهات الشمالية والغربية . ويرجع ذلك إلى أن هذا النطاق يقع الهبوب في المنطقة الانتقالية بين النطاق الذى تسوده الرياح التجارية في الجنوب والنطاق الذي تسوده الرياح الغربية العكسية في الشمال ، وإلى أنه يتعرض في هذا الفصل لغزو كثير من المنخفضات الجوية التى تعبره من ناحية الغرم والتى تؤدى إلى تقلبات كثيرة فى اتجاهات الرياح .

النطاق المحصور بین خطی عرض 29 و 18 شمالا تقريبا ، وهو يضم معظم النطاق الصحراوى المدارى من الوطن العربي من الخليج العربي في الشرق حتى ساحل المحيط الأطلسي في الغرب، وفيه تسود الرياح التجارية التي تهب من الاتجاهات الشمالية بصفة دائمة تقريبا ، ومعظمها يهب من الشمال والشمال الشرق ، فإذا راجعنا اتجاهات الرياح في وادى حلفا نجد أن 32 ٪ منها اتجاهها شمالي، و 9 ٪ اتجاهها شمالی غربی، کما نجد أن نسب مرات السكون فى نفس الشهر مرتفعة جدا حيث تصل إلى 45٪ . ولا يتغير الوضع كثيرا في شهر يوليو عنه فى شهر يناير حيث تظل الرياح التجارية هي السائدة، إلا أن التغيرات التي تطرأ على توزيع مناطق الضغط الجوى الرئيسية فى الصيف تؤدى إلى زيادة مرات هبوب الرياح الشمالية الغربية والغربية على حساب الرياح الشمالية والشمالية الشرقية ، كما أن تزحزح الجبهة الاستوائية ITCZ نحو الشمال في هذا الفصل يؤدى إلى وصول بعض الرياح الجنوبية الغربية إلى الأجزاء الجنوبية من هذا الناطق في بعض الأحيان.

3ـ النطاق الواقع إلى الجنوب من خط عرض 18 شمالا حتى خط الاستواء ، وهو نطاق يتميز بنظامه الموسمى الذي يسببه انتقال الجبهة الاستوائية ITC نحو الشمال في الصيف ونحو الجنوب فى الشتاء ، ولهذا فإن الرياح الشتوية تهب كلها تقريبا من الاتجاهات الشمالية ، أما الرياح الصيفية فيهب أغلبها من الاتجاهات الجنوبية ، ففى مدينة الخرطوم مثلا نجد أن 56٪ من رياح شهر يناير تهب من الشمال و20 ٪ منها تهب من الشمال الشرقي و 13٪ الشمال الغربي ، بينما نجد في شهر يوليو أن 36٪ من الرياح تهب من الجنوب الغربي و 31 ٪ من الجنوب و  8 ٪ من الغرب ، بينما يندر هبوبها من الاتجاهات الشمالية.