أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-16
1222
التاريخ: 2024-08-23
336
التاريخ: 18-10-2016
902
التاريخ: 18-3-2020
2043
|
أن إخلاص الحبّ لله ليس بمعنىٰ التنكّر للفطرة ، وإنّما هو بمعنىٰ توجيه الحب والكره من خلال ما يحبّ الله تعالیٰ وما يكره. فالله تعالیٰ لا يريد من عبده وكليمه موسیٰ بن عمران (عليه السلام) أن ينتزع حبّ أهله من قلبه ، وإنّما يريد أن يكون حبّه لأهله من خلال حبّه ، وأن يكون حبّه هو المصدر الوحيد لكلّ حبّ في قلبه. وبتعبير آخر : إن الذي يطلبه الله تعالیٰ من عبده وكليمه موسیٰ بن عمران (عليه السلام) هو ربط كلّ حبّ بقناة حبّه تعالىٰ ، فيكون عندئذٍ حبّه لأهله تكريساً لحبّه تعالىٰ ، وهو معنىً دقيق ، واُسلوب رائع في التربية لا يناله إلّا من اختصّه الله تعالىٰ يحبّه واصطفاه. فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو من أكثر الناس خلوصاً وصفاءً ونقاءً كان يقول : « حُبّب إليّ من دنياكم : النساء ، والطيب ، وقرّة عيني في الصلاة » ([1]).
وليس من شكّ أن هذا الحبّ هو من الحبّ الذي يقع في امتداد حبّ الله. فإن أحبّ هذه الثلاثة إلىٰ قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصلاة ، فهي قرّة عينه. وليس من شك أن حبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لها يقع في امتداد حبّه لله تعالىٰ.
فليس في « إخلاص الحبّ لله » تخريب للفطرة وتشويش للطبيعة التي خلقها الله تعالىٰ ، وإنّما هو إعادة لتنظيم خارطة الحبّ والبغض في حياة الانسان بهذا الملاك الجديد الذي يطرحه الاسلام.
فيبقیٰ حبّ الانسان الطبيعي في مواضعه ، ولكن ضمن تنظيم جديد يكرّس حبّ العبد لله تعالىٰ بدل أن يضعفه ويشوّش عليه.
ولهذا السبب فقد ورد تأكيد بليغ في النصوص الاسلامية في قيمة « الحب لله وفي الله ». فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) : « المحبّة لله أقرب نسب » ([2]).
وعنه (عليه السلام) أيضاً : « المحبّة في الله آكد من وشيج الرحم » ([3]).
والتعبير دقيق ويعتمد علىٰ أصل فكري مهم ، فإن للناس في حياتهم أنساباً ووشائج من العلاقات. ومن أوثق هذه الوشائج وشيجة الرحم. والعلاقة بالله تعالیٰ آكد من وشيجة الرحم. وإذا ربط الانسان حبّه وتعلّقه بهذه الوشيجة ، وأحبّ من خلالها ، وأبغض من خلالها ، كان أكمل النسب وآكد الوشائج.
وإنّما يكون آكد الوشائج لأن الحبّ إذا كان لغير الله فقد يتغيّر وقد يختلّ ، وقد يتأثّر بالمؤثّرات التي تغيّر وجه الناس بعضهم لبعض. أما إذا كان حبّ الانسان لأخيه لله فإنّه آكد وأقوىٰ ، وأكثر ثباتاً تجاه المؤثّرات والعوامل المضادّة المختلفة.
وليس فقط إخلاص الحبّ لله لا ينفي التعلّقات الطبيعية في نفس الانسان ، وإنّما يؤكّدها أيضاً ويرسّخها بعد أن ينظّمها من خلال القناة الكبرىٰ ، التي تنظّم كلّ حبّ الصّديقين وأولياء الله. فيكون أفضل الناس عند الله أكثرهم حبّاً لأخيه المؤمن في الله. عن الصادق (عليه السلام) : « ما التقیٰ مؤمنان قطّ إلّا كان أفضلهما أشدّهما حبّاً لأخيه » ([4]).
وروي عنه (عليه السلام) أيضاً : « إن المتحابّين في الله يوم القيامة علىٰ منابر من نور، قد أضاء نور أجسادهم ونور منابرهم كل شيء حتىٰ يعرفوا به، فيقال : هؤلاء المتحابّون في الله » ([5]).
وروي أن الله تعالىٰ قال لموسىٰ بن عمران (عليه السلام) : « هل عملت لي عملاً ؟ قال : صلّيت لك وصمت ، وتصدّقت وذكرت لك ، فقال الله تبارك وتعالىٰ : أما الصلاة فلك برهان، والصوم جُنّة ، والصدقة ظلّ ، والذكر نور ، فأي عمل عملت لي ؟ قال موسىٰ (عليه السلام) : دلّني علىٰ العمل الذي هو لك. قال : يا موسىٰ ، هل واليت لي وليّاً وهل عاديت لي عدوّاً قط ؟ فعلم موسىٰ أن أفضل الاعمال الحبّ في الله والبغض في الله » ([6]).
والحديث دقيق ، فإن الصلاة يمكن أن يقدم عليها الانسان لحبّه لله ، ويمكن أن يقدم عليها لتكون برهاناً له في الجنّة. والصوم يمكن أن يقدم عليه الانسان حبّاً لله ، ويمكن أن يقوم به ليكون جُنّة له من النار. أمّا حبّ أولياء الله وبغض أعدائه فلا يكون إلّا حبّاً لله.
|
|
تأثير القهوة على الصحة.. ماذا تقول الدراسات الحديثة؟
|
|
|
|
|
ثورة تكنولوجية.. غوغل تطلق شريحة كمومية "تنجز عمليات معقدة" في 5 دقائق
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية توزع المساعدات الإنسانية للعائدين إلى لبنان
|
|
|