أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-05
1939
التاريخ: 2024-09-21
144
التاريخ: 2023-06-12
981
التاريخ: 2023-08-28
1000
|
صلاة الخوف
قال تعالى : {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102] ثمّ ابتدأ سبحانه ببيان صلاة الخوف في جماعة ، فقال (وَإِذا كُنْتَ) يا محمّد (فِيهِمْ) أي في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوّهم ، قاله في مجمع البيان وهو الذي يقتضيه اتصال الآية بما قبلها ، وسياقها في نفسها مع شأن نزولها ، فلا عموم لها حتّى يستدلّ به على جواز صلاة الخوف في الحضر أيضا كما في المنتهى.
وحيث شرط كونه (عليه السلام) فيهم ، ذهب بعض الجمهور إلى اختصاص الصلاة على هذا الوجه بحضوره (صلى الله عليه وآله) متعلّقا بالآية وأجيب بأنّه مفهوم المخالفة ، أو مفهوم اللقب ، والحقّ أنّ المفهوم مفهوم شرط لكنّه ليس مفاده عدم مشروعيتها بل أن لا تقوم الطائفة معه (صلى الله عليه وآله) إلخ ولا دلالة لهذا على عدم مشروعيتها بدونه ، نعم لا دلالة فيها على شرعيّتها مع غيره أيضا بل يثبت بدليل التأسي.
(فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) بحدودها وركوعها وسجودها عن الحسن ، وقيل أقمت لهم الصلاة بان تؤمهم (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) في صلاتك ، وليكن سائرهم في وجه العدوّ فلم يذكر ما ينبغي أن تفعله الطائفة غير المصلّية لدلالة الكلام عليه.
(وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) أى الطائفة المصلّية لظاهر السياق نظرا إلى ما قبل وما بعد ، فيأخذون من السلاح ما لا يمنع واجبا في الصلاة كالسيف والخنجر والسكّين ونحوها ، وجوبا لظاهر الأمر ، ولقوله آخرا {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 102] ، حيث نفى الحرج والإثم بشرط الأذى ، فيثبت مع عدمه ، وقال أبو حنيفة وأحمد والشافعيّ في قول استحبابا ، وعلى الأوّل لو كان السلاح نجسا لم يجز أخذه على قول ، وقيل بالجواز عملا بالعموم ، والوجه اعتبار الحاجة.
وقيل : بل المأمور الطائفة الّتي بإزاء العدوّ دون المصلّية عن ابن عباس ، وهو خلاف الظاهر ، بل هذه الطائفة تأخذ السلاح لانّ الحراسة انّما تكون بالسلاح ، فهو أمر معلوم يدلّ عليه الكلام وان لم يذكر (فَإِذا سَجَدُوا) اي الطائفة الأولى المصلّية معه (صلى الله عليه وآله) (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم مصافّين للعدوّ.
واختلف هنا [1] فعندنا أنّ الطائفة الأولى إذا رفعت من السجود وفرغت من الركعة يصلّون ركعة أخرى ويتشهّدون ويسلّمون والامام قائم في الثانية ثمّ ينصرفون إلى مواقف أصحابهم ويجيء الآخرون فيستفتحون الصلاة ويصلّى بهم الإمام الركعة الثانية ويطيل تشهّده حتّى يقوموا فيصلّوا بقيّة صلاتهم ثمّ يسلّم بهم الامام ، فيكون للأولى تكبيرة الافتتاح ، وللثانية التسليم ، وهو مذهب الشافعي أيضا.
وقيل : إنّ الطائفة الأولى إذا فرغت من ركعة يسلّمون ويمضون إلى وجه العدوّ وتأتي الطائفة الأخرى فيصلّي بهم الركعة الأخرى ، وهذا مذهب جابر ومجاهد وحذيفة وابن جنيد ومن يرى أنّ صلاة الخوف ركعة واحدة.
وقيل : إنّ الامام يصلّي بكلّ طائفة ركعتين فيصلّى بهم مرّتين ، عن الحسن وهذه صلاة بطن النخل ، ولا أعلم من أصحابنا أحدا حمل الآية عليها ، وإن جوّزها كثير.
وقيل إنه إذا صلّى بالطائفة الأولى ركعة مضوا إلى وجه العدوّ ، وتأتي الطائفة الأخرى فيكبّرون ويصلّي بهم الركعة الثانية ، ويسلّم الإمام خاصّة ويعودون إلى وجه العدوّ ، وتأتي الطائفة الأولى فيقضون ركعة بغير قراءة ، لأنهم لاحقون ، ويسلّمون ويرجعون إلى وجه العدوّ وتأتي الطائفة الثانية ويقضون ركعة بقراءة لأنهم مسبوقون عن عبد الله بن مسعود وهو مذهب أبي حنيفة.
فالسجود في قوله (فَإِذا سَجَدُوا) على ظاهره عند أبي حنيفة وعلى قولنا والشافعي بمعنى الصلاة أو يقدّر : وأتمّوا بقرينة ما بعده. وهو وإن كان خلاف ظاهره ، الا أنه أحوط للصلاة ، وأبلغ في حراسة العدوّ كما هو الظاهر ، وأشدّ موافقة لظاهر القرآن ، لأنّ قوله (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) ، ظاهره أنّ الطائفة الأولى قد صلّت ، وقوله (فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) مقتضاه أن يصلّوا تمام الصلاة ، فالظاهر أنّ صلاة كلّ طائفة قد تمّت عند تمام صلاته ، وأيضا الظاهر أنّ مراد الآية بيان صلاة الطائفتين ، وذلك يتمّ على ما قلناه بأدنى تقدير أو تجوّز بخلافه على قوله ، وقول حذيفة وابن الجنيد في ذلك كقولنا ، إذ لا بدّ بعد الركعة من التشهّد والتسليم ، نعم التجوّز حينئذ أقرب من التجوز على ما قلناه.
وربما يمكن حمل الآية على ما يعمّ الوجوه حتّى صلاة بطن النخل ، بأن يكون المراد فاذا صلّوا على ما بيّنت لهم ركعتين جماعة كما في بطن النخل ، أو منفردا في الأخيرة كما في ذات الرقاع أو مكتفيا بالأولى منفردا بالتشهّد والتسليم كما في قول ابن الجنيد ، لكنّه مخالف لظاهر الروايات مع عدم ظهور قائل به من الأصحاب فتأمل ، والحمل على ما يعمّ قول أبي حنيفة بعيد جدا كما لا يخفى.
ثمّ ههنا أمور :
الف ـ قد اشترط الشافعيّ كون كلّ طائفة ثلاثة فصاعدا ، لأن الطائفة كذلك ولقوله تعالى (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) ونحوه ، وأجيب بأنّ الطائفة يقع على الواحد أيضا فإنّه قد يسمّى طائفة ذكره الفرّاء ، وكذلك القطعة من الأرض يسمّى الطائفة أيضا ، والجمع للاثنين فما فوق شائع ، على أنه يمكن خروجه مخرج الأعمّ الأغلب فتأمل.
ب ـ ينبغي للطائفة الأولى الانفراد عند القيام إلى الثانية ، قاله الشيخ في المبسوط ، وفي الدروس أنّهم يفارقونه على الأقوى ، وظاهره وجود قول بعدم المفارقة فتأمل.
ج ـ ذكروا لهذه الصلاة شروطا منها كون العدوّ في خلاف جهة القبلة ذهب إليه علماؤنا أجمع ، على ما في المنتهى ، وربما دلّ عليه قوله تعالى (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) ، ومنها كثرة المسلمين بحيث يمكنهم الافتراق فرقتين ، يفي كلّ فرقة بمقاومة العدوّ لتحصل المتابعة بفعل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فإنه هكذا فعل ، ومنها قوة العدوّ بحيث يخاف هجومه ، ومنها كون القتال سائغا على قول ، ومنها عدم الاحتياج إلى الزيادة على فرقتين على قول ، وقال العلامة لو احتاج أن يفرقهم ثلاثا في المغرب أو أربعا على التمام في الحضر جاز ، إذا نوى المأموم المفارقة ، لأنها صلاة واجبة لم يخلّ بشيء من واجباتها ، وعلى هذا يختلّ أكثر الشرائط كما لا يخفى.
قوله (وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) أي الطائفة الثانية في صلاتهم كما هو الظاهر وقد جعل الحذر وهو التحرّز والتيقّظ آلة يستعملها الغازي ، فجمع بينه وبين الأسلحة في الأخذ ، وجعلا مأخوذين مبالغة ، ولام الأمر هنا وفي ما تقدّم ساكنة باتفاق القراء [2] ، والأصل بالكسر ، ويستثقل فيحذف استخفافا.
(وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي تمنّوا (لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) أي تحملون عليكم حملة واحدة ، وفيه تنبيه على وجه وجوب أخذ السلاح. وفي المجمع [3] في الآية دلالة على صدق النبيّ (صلى الله عليه وآله) وصحّة نبوّته وذلك أنّها نزلت والنبيّ (صلى الله عليه وآله) بعسفان ، والمشركون بضجنان [4] ، فتوافقوا فصلّى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأصحابه صلاة الظهر بتمام الركوع والسجود ، فهمّ المشركون بان يغيروا عليهم ، فقال بعضهم انّ لهم صلاة أخرى أحبّ إليهم من هذه ـ يعنون صلاة العصر ـ فانزل الله تعالى عليه ، فصلّى بهم العصر صلاة الخوف ، وكان ذلك سبب إسلام خالد بن الوليد.
هذا ، ولا يتوهّم من قوله والنبيّ (صلى الله عليه وآله) بعسفان أن يكون المراد بالآية صلاة الخوف المشهور بصلاة عسفان ، فإنّ أحدا لم يقل بالحمل عليها أصلا كما صرّح به في الكنز ، ولا الآية تحتملها كما لا يخفى ، بل لم ترو هذه الصلاة في طرقنا بل رواها الجمهور وأورده الشيخ ، فتبعه بعض ومنع بعض ، قال في المنتهي [5] ونحن نتوقّف في هذا لعدم ثبوت النقل عندنا عن أهل البيت (عليهم السلام) بذلك.
نعم في الذكرى : قلت هذه أي صلاة عسفان صلاة مشهورة في النقل كسائر المشهورات الثابتة وان لم ينقل بأسانيد صحيحة ، وقد ذكرها الشيخ مرسلا لها غير مسند ، ولا محيل على سند ، فلو لم يصحّ عنده لم يتعرّض حتّى ينبّه على ضعفها ، فلا تقصر فتواه عن روايته ، ثمّ ليس فيها مخالفة لأفعال الصلاة غير التقدم والتأخر ، والتخلف بركن ، وكلّ ذلك غير قادح في الصحّة اختيارا وعند الضرورة انتهى ، وفيه نظر لا يخفى.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) موضع (أَنْ تَضَعُوا) النصب بنزع الخافض أي في أن تضعوا ، فلما أن سقطت «في» عمل ما قبل أن فيها ، وعلى القول الآخر يكون موضعها جرا بإضمار حرف الجرّ.
رخّص لهم في وضع الأسلحة إن ثقل عليهم حملها بسبب ما يبلّهم من مطر أو يضعفهم من توقّع مرض ، وأمرهم مع ذلك بأخذ الحذر بقوله (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) لئلا يغفلوا فيهجم عليهم العدوّ ، ولما كان هذا يوهم شوكة العدوّ وغلبته واغتراره قال (إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) فوعدهم بالنصر لتقوى قلوبهم ، وليعلموا أن الأمر بالحذر ليس لضعفهم أو غلبة عدوّهم ، بل لأنّ الواجب القيام بأمر الجهاد ، وربط الجأش في القتال ، وتعوّد مراسم التيقظ والتدبّر ، متوكّلين على الله ، فإنه تعالى كثيرا ما يفعل الأشياء بأسبابها.
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]
(فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً) حال قيامكم (وَقُعُوداً) حال قعودكم (وَعَلى جُنُوبِكُمْ) أي مضطجعين في الكشاف [6] قيل : معناه فاذا قضيتم الخوف ، فاديموا ذكر الله مهلّلين مكبّرين مسبّحين ، داعين بالنصرة والتأييد في كافة أحوالكم من قيام وقعود واضطجاع ، فان ما أنتم فيه من خوف وحرب جدير بذكر الله ودعائه واللجإ اليه. وفي المجمع [7] أي ادعوا الله في هذه الأحوال لعلّه ينصركم على عدوّكم ويظفركم به عن ابن عباس ، وأكثر المفسرين ، وفي كون الذكر مطلقا دعاء نظر نعم كون الذكر يعمّ الدعاء قريب وكون ذلك على طريق التعقيب غير بعيد ، اما كون المراد به خصوص «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» على ما هو المستحبّ للمسافر عقيب كلّ صلاة مقصورة ، فلا يخلو من بعد ، وأبعد منه ان يكون المراد الأمر بالمداومة على الذكر في جميع الأحوال كما في الحديث القدسي : يا موسى اذكرني فإنّ ذكري حسن على كلّ حال.
وفي الكشاف : فاذا صلّيتم في حال الخوف والقتال فصلّوها قياما مسايفين ومقارعين ، وقعودا جالسين على الركب مرامين ، وعلى جنوبكم مثخنين بالجراح وكأنه على تضمين الإرادة والذكر بمعنى الصلاة أو بمعناه ، لكن بان يصلوا له ويمكن اعتبار حال الخوف مطلقا من غير اختصاص بحال القتال.
وقيل : إشارة إلى صلاة القادر والعاجز أي إذا أردتم الصلاة فصلّوا قياما إذا كنتم أصحاء وقعودا إذا كنتم مرضى لا تقدرون على القيام ، وعلى جنوبكم إذا لم تقدروا على القعود عن ابن مسعود.
وروي عن ابن عباس [8] أنه قال عقيب تفسير الآية : لم يعذر الله تعالى أحدا في ترك ذكره إلّا المغلوب على عقله ، وعلى هذا التفسير يستفاد الترتيب أيضا لكن لم أفز برواية الأصحاب لهذا التفسير لهذه الآية.
نعم روى ذلك في تفسير قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً) ولا يخفى أنّ عدم اعتبار الخوف يأباه قوله (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) فإنّ ظاهره إذا استقررتم بزوال خوفكم ، وسكنت قلوبكم ، فأتموا حدود الصلاة ، واحفظوا أركانها وشرائطها.
وقيل : معناه إذا أقمتم فأتمّوا الصلاة الّتي أجيز لكم قصرها ، وقد يجمع بين الوجهين وفيه نظر.
وقيل : إذا أمنتم فاقضوا ما صلّيتم في حال القلق والانزعاج ، ذكره الكشاف ذهابا إلى قول الشافعيّ من إيجاب الصلاة على المحارب في حال المسايفة والمشي والاضطراب في المعركة إذا حضر وقتها ، فإذا اطمأنّ فعليه القضاء ، وفيه بعد لا يخفى.
(إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) في المجمع قيل : أي واجبة مفروضة عن ابن عباس وجماعة ، وهو المروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) وقيل : معناه فرضا موقّتا أي منجما تؤدّونها في أنجمها عن ابن مسعود وقتادة وقد تقدّم في أول كتاب الصلاة.
{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 239]
صدر هذه الآية قد مضى القول فيه في أوّل كتاب الصلاة وأما البقية ، فإنه سبحانه لما قدّم الأمر بالمحافظة ، عقبه بذكر الرخصة عند المخافة فقال إن خفتم أي عدوّا أو سبعا أو غرقا ونحوها ، فلم تتمكنوا أن تحافظوا عليها وتوفّوا حقّها فتأتوا بها تامّة الأفعال والشروط (فَرِجالاً) هو جمع راجل مثل تجار وصحاب وقيام ، وهو الكائن على رجله واقفا كان أو ماشيا أى فصلّوا حال كونكم رجالا ، وقيل مشاة.
(أَوْ رُكْباناً) جمع راكب كالفرسان وكلّ شيء علا شيئا فقد ركبه ، أي : أو على ظهور دوابكم أي تراعون فيها دفع ما تخافون فلا ترتكبون ما به تخافون بل تأتون بها على حسب أحوالكم بما لا تخافون به : واقفين أو ماشين أو راكبين إلى القبلة أو غيرها بالقيام والركوع والسجود ، أو بالإيماء أو بالنية والتكبير والتشهّد والتسليم.
ويروى أن عليا (عليه السلام) صلّى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء وقيل بالتكبير وإنّ النبيّ صلّى يوم الأحزاب إيماء وبالجملة فيها إشارة إلى صلاة الخوف إجمالا والتفصيل يعلم من السنّة المطهّرة.
(فَإِذا أَمِنْتُمْ) بزوال خوفكم (فَاذْكُرُوا اللهَ) أي فصلّوا (كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) من صلاة الأمن ، وقيل اذكروا الله بالثناء عليه والحمد له شكرا على الأمن والخلاص من الخوف والعدو ، كما أحسن إليكم بما علمكم ما لم تكونوا تعلمون من الشرائع ، وكيف تصلّون في حال الأمن وفي حال الخوف ، أو شكرا يوازي نعمة وتعليمه ، ولعلّ هذا القول أظهر لظهور الذكر فيه ، وفهم صلاة الأمن من صدرها.
[1] قد ورد حديث صلاة الرقاع في أحاديث الشيعة مسندا انظر التهذيب ج 3 ص 172 الرقم 380 والفقيه ج 1 ص 293 الرقم 1337 والكافي ط 1312 ج 1 ص 127 والمنتقى ج 1 ص 568 واما صلاة بطن نخل فرواه ـ الشيخ عن الحسن عن أبي بكرة في المبسوط انظر ح 1 ص 167 ط المرتضوي واما صلاة عسفان فأرسله أيضا الشيخ في المبسوط انظر ص 166.
وقال الشهيد في الذكرى جوابا عن توقف العلامة في المنتهى تبعا للمحقق في المعتبر بعدم ثبوت النقل عن أهل البيت (ع) : قلت هذه صلاة مشهورة في النقل فهي كسائر المشهورات الثابتة وان لم تنقل بأسانيد صحيحة وقد ذكرها الشيخ مرسلا لها غير مسند ولا محيل على سند ، فلو لم تصح عنده لم يتعرض لها حتى ينبه على ضعفها فلا تقصر فتواه عن روايته انتهى ما أردنا نقله وتحامل عليه في البحار ج 18 ص 706 وفي الحدائق ج 11 ص 286.
واما أهل السنة فلهم في كيفيتها روايات انهوها إلى أربع وعشرين صفة انظر سنن ابى داود ج 2 من ص 15 الى ص 24 والام للشافعي ج 1 من ص 210 الى ص 229 وأحكام القرآن لابن العربي ص 491 الى ص 496 وسنن البيهقي ج 3 من ص 252 الى ص 264 والدر المنثور ج 2 من ص 211 الى ص 214 والقرطبي ج 5 من ص 364 الى ص 373 وتفسير ابن كثير ج 1 من ص 546 الى ص 549 والخازن ج 1 من ص 391 الى ص 393 ونيل الأوطار ج 3 من ص 336 الى ص 345.
ثم ذات الرقاع بكسر الراء وبطن نخل وعسفان على وزن عثمان أسماء لمواضع صلى رسول الله (ص) فيها صلاة الخوف انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج 1 ص 189.
[2] انظر نثر المرجان للاركانى ج 1 ص 654 لم ينقل فيه غير قراءة سكون اللام ثم الأصل في لام الطلب الكسر وتسكن عند الاتصال بالواو أو الفاء كما في هو وهي تقول فهو وهي بسكون الهاء واما بعد ثم فنقلوا إسكان اللام وكسرها على الأصل. ثم في لغة سليم يفتحون لام الطلب في غير ما يلتزم فيه السكون.
[3] انظر المجمع ج 2 ص 103
[4] قال البكري في معجم ما استعجم ص 856 ضجنان بفتح اوله وسكون ثانيه بعده نون والف على وزن فعلان جبل بناحية مكة على طريق المدينة.
[5] انظر ج 1 ص 402 وص 403.
[6] الكشاف ج 1 ص 561.
[7] المجمع ج 2 ص 103.
[8] هكذا في النسخ المخطوطة من مسالك الافهام وكتابنا هذا وزبدة البيان ص 123 ط المرتضوي وروح المعاني ج 5 124 ولكن الظاهر من كلام المجمع ج 2 ص 104 انه من كلام ابن مسعود والمروي في تفسير الطبري أيضا انه من كلام ابن عباس ج 5 ص 260 مع تفاوت يسير في اللفظ فلعل في كيفية أداء العبارة في المجمع تسامحا.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
البحرين تفوز بجائزة أفضل وجهة للمعارض والمؤتمرات
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|